Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدولة الفلسطينية... حلم بوطن دائم قوضه الاستيطان المستمر

إسرائيل تتبع سياسة توسعية بتسليح المستوطنين اليهود والهيمنة على 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية

المستوطنات لم تبق من أراضي الضفة الغربية ما يصلح لإقامة دولة مستقلة (اندبندنت عربية)

ملخص

بينما تفتت مستوطنات الضفة الغربية حلم الفلسطينيين في دولة مستقلة نجد أن عدد المستوطنين الإسرائيليين ارتفع من 115 ألفاً إلى 500 ألف مستوطن منذ "اتفاق أوسلو" عام 1993.

من بين جميع النزاعات في الشرق الأوسط كان الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ولا يزال الأكثر صعوبة وتعقيداً على الإطلاق، فمع تعمق عثرات مسار التسوية بين الجانبيين ظلت وتيرة الاستيطان في تصاعد إلى حد بات معه الحديث عن حل الدولتين أمراً يكاد يكون عبثياً، فالمستوطنات والبؤر الاستيطانية لم تبق من أراضي الضفة الغربية ما يصلح لإقامة دولة مستقلة لطالما حلم بها الفلسطينيون على مدى عقود.

ومنذ سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية والقدس عام 1967 زاد الاستيطان بصورة جنونية وغير مسبوقة، واستثمرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة موارد كبيرة في إنشاء وتوسيع المستوطنات، ووفق الإحصاءات السكانية التي يصدرها جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي زاد عدد المستوطنين في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية منذ التوقيع على "اتفاق أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 من 115 ألف مستوطن، ليصل نهاية العام الماضي الى أكثر من 500 مستوطن يسكنون في 158 مستوطنة بالضفة الغربية، بما في ذلك 24 في القدس الشرقية، إضافة الى ما يقارب 200 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية إسرائيلية غير قانونية يسكنها نحو 25 ألف مستوطن.

وبحسب معطيات مجلس المستوطنات تعتبر "موديعين عيليت" و"بيتار عيليت" و"معاليه أدوميم" و"أريئيل" التي يقطنها أكثر من 214 ألف مستوطن الأكبر في الضفة الغربية، إذ يشكلون 42 في المئة من مجمل المستوطنين، فيما تعد "كفار عتصيون" أول مستوطنة إسرائيلية شيدت في الضفة الغربية عام 1967.

ووفقاً للقانون الإسرائيلي تعتبر هذه البؤر الاستيطانية الآن مناطق سكنية قانونية، على رغم أنها لا تزال تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، مثلها مثل جميع المستوطنات الأخرى في الضفة الغربية، إذ ينص البند (49) من "اتفاق جنيف" الرابع بمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها، وإضافة إلى ذلك تنص "أنظمة لاهاي" على منع الدولة المحتلة من إجراء تغيرات دائمة فى الأراضي المحتلة باستثناء التغيرات الضرورية لحاجات عسكرية أو لمصلحة السكان المحليين.

توسع الاحتلال

وعلى رغم أن إسرائيل التزمت بتجميد الاستيطان خلال اجتماع بمشاركة السلطة الفلسطينية بمدينة العقبة الأردنية في الـ 26 من فبراير (شباط) الماضي، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة الأميريكية والأردن ومصر، وجددت التزامها في اجتماع مماثل في مدينة شرم الشيخ المصرية في الـ 19 من مارس (آذار) الماضي، إلا أن الوقائع على الأرض كما يقول مراقبون تثبت أن حكومات إسرائيل تمضي نحو تكريس المشروع الاستيطاني للحيلولة دون تطبيق حل الدولتين.

 

 

وتشير أرقام منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية اليسارية إلى أن الاستيطان شهد نمواً تجاوز 240 في المئة مقارنة بما كان سائداً قبل عام 1993، إذ يمتد بناء المستوطنات اليوم على مساحة 600 مليون متر مربع تشكل نحو 12 في المئة من مساحة الضفة، يضاف إليها نحو ملياري متر مربع تعتبر مساحة مناطق نفوذ المجالس الإقليمية للمستوطنات و تشمل 6.9 في المئة من مساحة الضفة الغربية، غالبيتها غابات شاسعة لا تدخل في منطقة العمران والبناء، وبذلك تبلغ مساحة الأراضي الفلسطينية الواقعة تحت سيطرة المستوطنات مباشرة نحو 40 في المئة من مجمل مساحة الضفة الغربية.

وأظهر تقرير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) أن حكومات تل أبيب تعمد لفرض سيادة تامة في مناطق "ج" التي تخضع لسيطرتها، إذ يوجد نحو 1.2 مليون متر مربع مصنفة أنها "أراضي دولة" تشكل نحو 22 في المئة من مجمل أراضي الضفة.

وأوضحت مراراً في توثيقاتها أن بناء المستوطنات يمس حقوق الفلسطينيين المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الإنسان، وينتهك حقهم بتقرير المصير والمساواة والملكية والحركة والتنقل، والحق لمستوى لائق للحياة.

المستوطنات الفتية

وبحسب معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" فقد كانت ذروة انتشار البؤر الاستيطانية خلال الفترة الممتدة من عام 1998 وحتى عام 2007، إذ أقام المستوطنون الإسرائيليون خلال هذه الفترة ما يقارب 50 في المئة من البؤر القائمة حالياً والتي انتشرت في محافظات الضفة الغربية كافة، وكان العدد الأكبر في محافظات رام لله والبيرة ونابلس والخليل التي يقع على أراضيها مجتمعة نحو 64 في المئة من البؤر، والتي أصبحت وفق محللين ورقة مساومة في غاية الأهمية لتشكيل الائتلافات الحكومية الإسرائيلية، وآخرها انضمام عضو الكنيست المتطرف عن حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير إلى حكومة بنيامين نتنياهو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 بعد التوافق على بنود عدة ومن ضمنها خطة قدمها بن غفير يتم بموجبها مصادرة مزيد من الأراضي الفلسطينية لتطوير البؤر الاستيطانية وأشير إليها في الخطة باسم "المستوطنات الفتية".

 كما تنص الخطة على المصادقة على شرعنة 60 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، وتوفير الموازنات والعوامل والمعدات من أجل تبييض جميع البؤر والمستوطنات خلال 18 شهراً من تشكيل الحكومة، إذ ستخصص أكثر من 53 مليون دولار لتطوير البنية التحتية في تلك البؤر.

وأظهرت بيانات ومعطيات جمعتها منظمة "يش دين" الحقوقية الإسرائيلية وجود ارتباط وثيق بين ما يسمى "البؤر الاستيطانية غير القانونية" وعنف المستوطنين، إذ تبين أن 63 في المئة من بين 1256 حالة عنف وأكثر وقعت إلى جوار تلك البؤر العشوائية التي استمرت في التوسع والتطور من دون تدخل السلطات.

وشملت تلك الحالات الاعتداءات الجسدية على الفلسطينيين والإضرار بالممتلكات والمحاصيل الزراعية إلى جانب الاستيلاء على الأراضي وأخذها بالقوة.

وبحسب تقرير لهيئة تنسيق المساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية التابع للأمم المتحدة فقد شهد النصف الأول من العام الحالي وقوع أكثر من 680 حادثة "احتكاك" في مقابل 950 على امتداد العام الماضي.

تسليح متسارع

ولتعزيز قوة المستوطنيين أكثر داخل تلك البؤر بحجة ارتفاع وتيرة العمليات الفلسطينية خلال الآونة الأخيرة، صادق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير مطلع يوليو (تموز) الماضي على إجراءات تسرّع منح تصاريح حمل السلاح لليهود، ومنع مصادرة أسلحة مطلقي النار على منفذي العمليات، وحظر التحقيق معهم أو مساءلتهم أمام القضاء الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق ما أفادت به صحيفة "إسرائيل اليوم" فستمنح هذه التعليمات رخص الأسلحة لـ 30 ألف إسرائيلي سنوياً، بخاصة وأنها تجيز لكل من بلغ 21 سنة فما فوق أن يقدم طلباً للحصول على رخصة حمل سلاح، بعد أن كان الأمر يتطلب سابقاً عمر 27 سنة كحد أدنى، واقتصارها على من خدم في الجيش الإسرائيلي والوحدات القتالية.

وينص قانون الأسلحة في إسرائيل على أن الإسرائيليين الذين يعيشون في الضفة الغربية أو يعملون هناك أو في مجال ينطوي على خطر محتمل أو احتكاك مع فلسطينيين يمكنهم شراء أسلحة.

خطة بن غفير

ووفق تقديرات "جمعية حقوق المواطن" في إسرائيل فإن خطة بن غفير تؤدي بصورة غير مسبوقة إلى توسيع العدد المتوقع لحاملي تراخيص السلاح بمقدار 600 ألف شخص إضافي، وبحسب إحصاءات وزارة الداخلية الإسرائيلية فإن نحو 200 ألف إسرائيلي لديهم رخصة لحمل السلاح، إضافة الى 35 ألفاً يحملها متطوعون في سلك الشرطة والأجهزة الأمنية.

 وتشير البيانات الرسمية إلى أنه خلال الربع الأول من العام الحالي منحت 12 ألف رخصة حمل سلاح لإسرائيليين، بزيادة قدرها 280 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن مستوطنات "أدورة" في جنوب جبل الخليل و"كريات نتافيم" و"نغوهوت" توجد فيها أعلى نسبة من حملة السلاح، إذ إن ثلث ساكنيها يملكون السلاح المرخص. وأوضحت أن مستوطنة "أريئيل" شمال الضفة الغربية تتصدر نسبة حاملي السلاح بنحو 9.2 في المئة، ومستوطنة "معاليه أدوميم" جنوباً بنسبة ستة في المئة.

 

 

وقالت الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني (حشد) إن تسهيلات حمل السلاح للمستوطنين والمواطنين الإسرائيليين ستسهم في تصاعد وتيرة جرائم القتل والإعدام تجاه الفلسطينيين، وسيسهل على المستوطنين تنفيذ عمليات قتل يومية بزعم الحفاظ على حياتهم.

ووفقاً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية) فقد قتل منذ بداية العام الحالي 17 فلسطينياً برصاص مستوطنيين، وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن فلسطينياً ونجله قتلا أمس الخميس برصاص مستوطنين في الضفة الغربية أثناء تشييع قتلى جنوب نابلس الأربعة الذين قتلوا أيضاً على يد مستوطنين مسلحين في قرية قصرة قرب المدينة شمال الضفة الغربية.

تخوفات فلسطينية

وفي خضم الحرب المشتعلة بين إسرائيل وحركة "حماس" منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، صرّح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قبل أيام بأن وزارته تشتري 10 آلاف بندقية لتسليح المستوطنين خشية امتداد القتال إلى مناطق أخرى.

ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن بن غفير قوله إن وزارته اشترت بالفعل 10 آلاف بندقية لتسليح المستوطنين في الضفة الغربية، إضافة إلى خوذ وسترات واقية من الرصاص سيجري توزيعها مع الأسلحة النارية، في حين أوصى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أخيراً بتزويد المستوطنين قرب السياج الأمني الفاصل مع قطاع غزة بالأسلحة.

 

 

بدورها حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من الدعوات الإسرائيلية المتصاعدة في شأن توزيع مزيد من السلاح على المستوطنين في الضفة الغربية، واعتبرت ذلك بمثابة "دعوات إسرائيلية إلى إطلاق يد عناصر المستوطنين التخريبية لارتكاب مزيد من الاعتداءات والجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين".

وقالت الوزارة في بيان رسمي إن "حماقات وجرائم المستوطنين تساعد في توتير الأوضاع وتفجيرها في الضفة الغربية المحتلة"، وطالبت بتدخل دولي عاجل لوقف حرب الاحتلال المفتوحة، والضغط على الحكومة الإسرائيلية للجم عناصرها الاستعمارية التخريبية.

مؤشرات وأرقام

وتشير بيانات المركز الفلسطيني للدراسات والبحوث المسحية التي صدرت الشهر الماضي إلى أن نحو ثلثي الفلسطينيين يصفون الوضع اليوم بأنه أسوأ مما كان قبل "أوسلو" عام 1993، فيما يقول الثلثان أنه أضر بالمصلحة الفلسطينية، ويعتقد ثلاثة أرباع الجمهور المستطلعة آراؤهم إن إسرائيل لا تقوم بتطبيق ذلك الاتفاق، فيما تؤيد الغالبية التخلي عنه، على رغم أن نحو النصف يتوقعون أن يؤدي ذلك إلى انهيار السلطة وعودة الإدارة المدنية الإسرائيلية.

وبلغة الأرقام يعتقد 71 في المئة من الفلسطينيين أن حل الدولتين لم يعد عملياً بسبب التوسع الاستيطاني، في حين يرى 76 في المئة أن فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل خلال الأعوام الخمسة المقبلة ضئيلة أو ضئيلة جداً. وبينت النتائج أن 58 في المئة من الفلسطينيين يؤيدون العودة للمواجهات والانتفاضة المسلحة، فيما أشار ما نسبته 52 في المئة من المستطلعين أنهم يؤيدون حل السلطة الفلسطينية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير