Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه إسرائيل لحرب متعددة الجبهات؟

تل أبيب تقاتل لاستعادة السيادة على مناطق الغلاف ونتنياهو يتعهد بتغيير الشرق الأوسط

ملخص

مع تعقد الموقف في غزة بين "حماس" وإسرائيل لا يزال الغموض يحيط بما تحمله الأيام المقبلة ما بين اجتياح إسرائيلي أو حلول أخرى.

فوضى وإرباك وغضب شعبي على الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو والجيش أيضاً، بات هذا هو الوصف الذي أجمع عليه أكثر من مسؤول سياسي وأمني وكذلك الإعلام العبري.

كما أن عبارات على غرار "الجيش يقاتل من أجل إعادة السيادة على غلاف غزة" و"الجيش لا يسيطر على بلدات الجنوب"، هي كلمات لم يسمعها إسرائيليون منذ سنوات طويلة جعلت الخوف والقلق مضاعفين ليس فقط بين الجمهور إنما جهات سياسية وأمنية أيضاً.

في مقابل ذلك، تواصل سقوط الصواريخ من دون قدرة القبة الحديدية على تصديها فتعرضت مناطق في تل أبيب والمطار الدولي، بن غوريون، إلى رشقات صاروخية إلى جانب بلدات الجنوب، ما أدى إلى نشوب الكثير من الحرائق في مواقع متعددة.

أمام هذا الوضع وعدم اطلاع الجمهور الإسرائيلي على عدد ووضع الأسرى في غزة ولا حتى العدد الصحيح للقتلى يزيد الأمر تعقيداً، ففي حين أعلن صباح اليوم الإثنين أن العدد يقترب من ألف قتيل عاد وتم تصحيح العدد وتراجع حتى ساعات الظهر إلى سبعمئة فقط.

في الوقت نفسه، لم تعد مستشفيات الجنوب قادرة على استيعاب القتلى والمصابين، كما أن الوضع في تل أبيب ليس أفضل في أعقاب تعرضها لرشقات متتالية من الصواريخ ووقوع قتلى ومصابين ما اضطر مستشفى "رمبام" في حيفا، الذي امتلأ بالمصابين، إلى تحويل موقف السيارات إلى غرف طوارئ.

اختراقات عند الحدود

بحسب ما تسرب من مسؤولين في الجيش الإسرائيلي، تركز القوات العسكرية المنتشرة في جنوب البلاد على مواجهات مع المقاتلين الفلسطينيين، الذين ما زالوا يتحصنون في عدد من المراكز وهناك العشرات منهم منتشرين في 25 مستوطنة في غلاف غزة من دون قدرة الجيش على رصد أماكنهم ويبحث عن نفق متوقع أنه يخترق الحدود لمسافات ويصل من خلاله المقاتلون الفلسطينيون إلى ما بعد الحدود مع إسرائيل.

حتى ساعات ظهر الإثنين لم ينجح الجيش في السيطرة على المنطقة الحدودية حيث اخترقت الحدود طائرة مسيرة من غزة من دون تمكنه من معرفة مكان هبوطها كما لم يتمكن من رصد عدد المقاتلين الفلسطينيين الذين ينتشرون في منطقة الغلاف غير أنه أعلن عن وجود مئات القتلى الفلسطينيين داخل مستوطنات الجنوب بينهم تحت ردم الأبنية التي هدمتها قواته ضمن محاولاته الدخول إلى البيوت والأماكن التي تحصن فيها المقاتلون الفلسطينيون ومعهم أسرى إسرائيليون تواجدوا عند اقتحامها صبيحة أول من أمس السبت.

ثلاثمئة ألف احتياطي

الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيال هجاري، أعلن أنه لم يُتخذ حتى الآن قرار بموعد تنفيذ العملية البرية، موضحاً أنه تم تجنيد ثلاثمئة ألف جندي احتياط، خلال يومين.

ونبه إلى أن الخطة العسكرية الحالية تركز على القصف الجوي بحيث "يتم قصف غزة كل أربع ساعات بموجة كبيرة من الصواريخ تستهدف مئات الأهداف ضد حماس وقادتها والبنى التحتية"، مضيفاً "نشدد الحصار من دون كهرباء وماء وغاز حتى تجفيف غزة، وتبين أن كل قصف موقع يطلق طناً من المتفجرات.

 

 

في المقابل، تشهد إسرائيل نقاشاً عاصفاً حول سبل التعامل مع الأسرى الذين تحتجزهم "حماس". ففي أعقاب الاحتجاج الواسع من قبل عائلات المفقودين لمعرفة ما ستفعله تل أبيب لمعرفة مصيرهم وإعادتهم أعلن الجيش الإسرائيلي أنه حتى ثلاثة أيام، أي الخميس، سيتمكن من معرفة عدد الأسرى لدى الحركة ولن يعلن عن أسماء وتفاصيل فقط الرقم.

ولم يتطرق الجيش أو أي مسؤول حول تعامل إسرائيل مع الأسرى أو مفاوضات "حماس" إلا أن النقاش المحتدم حالياً "إذا ما ستكون هناك خطة حربية ضد غزة، جواً وبراً وبحراً، صحيحة من دون الأخذ بالحسبان وجود الأسرى الذين يتجاوز عددهم 130 إسرائيلياً أم يتوجب العمل بطرق تضمن عدم إلحاق الضرر بهم من قبل النيران الإسرائيلية".

تحرير الأسرى أم تجفيف غزة

عدم إطلاق إسرائيل العملية البرية، بعد، لا يقتصر على خطورة مثل هذه العملية أو لعدم إمكانية تنفيذها قبل إنهاء المرحلة الأولى من هذه الحرب وهي إنهاء المعارك التي تدور داخل غلاف غزة، إنما أيضاً في ظل نقاش في تل أبيب حول سبل استمرار هذه الحرب في ظل وجود الأسرى لدى "حماس".

الصوت الأعلى هو الداعي إلى جباية ثمن باهظ وتجفيف غزة والقضاء على "حماس" ثم طرق ملف الأسرى. فالجنرال احتياط تمير هايمن يرى أن هناك ثلاثة مسارات من الناحية الاستراتيجية يتوجب تنفيذها أولاً قبل التطرق إلى ملف الأسرى وهي، (القضاء على "حماس" واستبدالها، وتدمير القدرات العسكرية لـ"حماس" والتي سمحت بالعملية التي نفذتها، وفي المسار الثالث خلق الظروف التي تسمح بتحرير الأسرى).

وبرأي هايمن فإن الاستمرار في تكثيف الهجمات الجوية ومن ثم وقف إطلاق النار مع "حماس" لن يؤدي إلى إنجاز يتم بعده استبدال حكمها، كما أن احتلال كامل لقطاع غزة وتطهيره يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً لضمان إبادة الذراع العسكرية للحركة.

ويوضح أن "أحد أهداف إسرائيل في هذه الحرب هو عدم الانجرار إلى حرب متعددة الجبهات، الأمر الذي من شأنه أن يشتت ويضعف العملية حيال غزة، وعليه يتوجب التفكير جيداً بكل خطوة تتخذ تجاه الجبهة الشمالية".

ويضيف، "محظور علينا التعامل مع أي نار من الشمال بهستيريا كحرب متعددة الجبهات، هذا أمر متوقع ويجب الاستعداد لذلك لتحسين الدفاع لدينا وخلق وجود رادع دائم في المنطقة".

قطع التواصل بين غزة ومصر

من جهته، يرى الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، جنرال احتياط غيورا إيلاند، أن الإخفاقات التي كشفت عنها عملية "حماس" تشير إلى وضع لا شك فيه بأن منظومة القيادة العسكرية قد انهارت. ومع هذا، يقول "الوضع الذي تشهده إسرائيل في أعقاب هجوم حماس يضعها أمام وضع لا يمكن التنازل عنه وهو عدم إنهاء الحرب من دون انتصار على الحركة فما هو دون ذلك سيكون أمراً رهيباً لإسرائيل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذهب إلى ضرورة "العمل بشدة وقوة وعدم وقف الحرب قبل انهيار حكم حماس ومن ثم التوصل إلى احتمال، ولو كان ضئيلاً، لعودة الرهائن الإسرائيليين... تل أبيب تسيطر على الوقود والكهرباء والماء والغاز ومعابر للقطاع وعليها منع تزويد غزة بأي من هذه الحاجات ولا السماح بنقل أي دعم خارجي لها بل يجب العمل على قطع التواصل بين غزة ومصر".

ولم يكتف إيلاند بذلك بل دعا إلى استهداف منشآت تحلية المياه في غزة لتجفيفها من كل شيء، مضيفاً "تبقى النقطة الأكثر حساسية في غزة، وهي الماء، مياه غزة تصل من آبار مياه مالحة وغير صالحة للشرب ولديهم منشآت لتحليتها لذلك على إسرائيل استهداف جميع هذه المنشآت. وعندما يقول العالم كله إنه جن جنوننا وهذه كارثة إنسانية، سنقول نحن إن هذا ليس الهدف، إنه الوسيلة".

حرب إقليمية

اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، إسحق بريك، أوضح بدوره أن "الوضع الحالي وتدهوره يشير إلى احتمال حرب متعددة الجبهات، حرب إقليمية، لكن في حال وقعت فإنني سبق وحذرت من عدم جاهزية الجيش، ولن يكون على استعداد لذلك فسنقع في مأزق أخطر من المأزق الذي نواجهه اليوم"، مضيفاً "المطلب الآني في إسرائيل التخطيط بشكل مدروس وشن هجوم مع إبقاء الاحتمال الأكبر أن تتدهور الحرب في القطاع إلى حرب شاملة في خمس جبهات ونشوب حرب إقليمية".

وفي توقعاته للحرب المقبلة، يقول بريك إنها "ستكون حرباً خطرة وقاسية حيث ستتعرض البلدات الإسرائيلية إلى آلاف الصواريخ يومياً وسيتكرر اختراق عناصر حماس للحدود، إذ سنشاهد مئات المحاولات من تسلل واختراق للحدود من مختلف الجبهات".

وحذر من أن قوات الاحتياط "ليست فقط غير مستعدة لحرب متعددة الجبهات بل إن العناصر الموجودة في جيش الاحتياط لا تملك عدداً وقوة لمواجهة حرب على عدة جبهات بالتوازي"، منوهاً إلى أن أي خطوة إسرائيلية متهورة سترتبط بتوجيه ضربة استباقية ضد "حزب الله" وبرأيه "مثل هذه الضربة لن تحقق الإنجاز المطلوب بل ستأخذ المنطقة برمتها إلى حرب قد تشارك فيها إيران والميليشيات الموالية لها، وهذا وضع في غاية الخطورة".

نتنياهو يطمئن الجنوب

وإزاء استمرار سقوط الصواريخ والإعلان عن تسلل مزيد من المقاتلين الفلسطينيين إلى مستوطنات غلاف غزة، اليوم الإثنين، وسقوط الصواريخ أيضاً على بلدات الشمال، أصدرت الجبهة الداخلية تعليمات لسكان المنطقتين بالبقاء داخل الملاجئ ومناطق آمنة وعدم فتح الباب لأي شخص غير معروف الهوية، كما دعتهم إلى التزود بجميع الحاجات الضرورية لتكفي لأيام طويلة.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فتحدث مع رؤساء السلطات المحلية في الجنوب، مؤكداً دخول بلاده في حالة حرب محاولاً طمأنتهم بعدم استمرار الوضع عما عليه وأن الحكومة والجيش يعملان على مدار الساعة للدفاع عن أمنهم.

وقال نتنياهو، "الأمر ليس سهلاً ويتطلب وقتاً طويلاً وتضامناً من قبل السكان... إسرائيل ذاهبة إلى حرب ليست كأي حرب بل إنها ستغير وجه الشرق الأوسط".

 

 

وفي واحدة من التسجيلات التي وصلت إلى سكان الجنوب، تحدث مسؤول عسكري سابق في الجيش، تجند للاحتياط، إلى إحدى العاملات في شركته، قائلاً "إن وجود الأميركيين في إسرائيل ليس صدفة إنما لأننا ذاهبون إلى حرب لأيام طويلة سنكون فيها من دون كهرباء ولا إنترنت وعليكم التزود بالحاجات لتكفي لمدة أسبوع في الأقل".

شمالاً وعلى الحدود مع لبنان سقطت رشقات صاروخية على أكثر من بلدة، ثم بعد وقت قليل وقعت مواجهات بين خمسة مقاتلين وقال الجيش الإسرائيلي أنهم تسللوا من الحدود الشمالية. وبحسب الجيش فقد قتل اثنان فيما لم ينجح في تعقب هرب اثنين آخرين أما الخامس فقد عاد إلى لبنان.

رفض التفاوض

وفي أعقاب معلومات تحدثت عن وساطة قطرية لتحرير الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس"، أعلنت إسرائيل عن أنها لن تفاوض حولهم. وقال وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهر، إن تل أبيب لن تفاوض حول الأسرى لا بوساطة قطر ولا أي دولة أخرى.

وأضاف "الهدف المركزي لدى الحكومة اليوم هو الانتصار على حماس والجهاد والأمر يتطلب وقتاً طويلاً"، حيث كان يتحدث في أعقاب اقتراح إعادة الإسرائيليات الأسيرات لدى "حماس" مقابل الإفراج عن الفلسطينيات الأسيرات في السجون الإسرائيلية.

موقف زوهر يضاف إلى مواقف مسؤولين آخرين في الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية الذي يؤكدون رفض تل أبيب بشكل مطلق لأي مفاوضات حول الأسرى، مهما كان وضعهم وعددهم.

المزيد من تقارير