ملخص
هذا ما ورد في مذكرات 5 شخصيات إسرائيلية عن الساعات الأولى للحرب
متابعة لخمسينية "حرب أكتوبر"، أضاءت مجلة "المجلة" على ما ورد في مذكرات خمس شخصيات إسرائيلية كانت تتولى زمام القرارين السياسي والعسكري، وهي الرئيس الإسرائيلي إفرايم كاتسير ورئيسة الوزراء غولدا مائير، وكل من إسحاق رابين وموشيه ديان وشمعون بيريس.
غولدا الجاهلة
فمن جهته لم يعف الرئيس الإسرائيلي إفرايم كاتسير رئيسة الوزراء غولدا مائير من المسؤولية، واتهمها بــ "الجهل العسكري" مضيفاً أنها "امرأة لا تعرف الفرق بين الكتيبة والسرية، واعتمدت على خبراء عسكريين أبعدوها من طريق الصواب".
أما مائير فكانت لها مقاربة أخرى، فهي تعتبر أن إسرائيل انتصرت "في حرب يوم الغفران، وأنا مقتنعة بأن القادة السياسيين والعسكريين في كل من سوريا ومصر يعرفون في قلوبهم أنهم هزموا على رغم مكاسبهم الأولية".
وشددت على عملها الدؤوب من أجل إقناع واشنطن ببدء الجسر الجوي لإمداد إسرائيل بالمعدات العسكرية، وتقول "أذكر أنني مرة اتصلت بسمحا دينيتز (سفير إسرائيل لدى واشنطن) في الساعة الثالثة صباحاً بتوقيت واشنطن، وقلت لا يهمني كم هو الوقت الآن، اتصل بـ (وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري) كيسنجر حالياً في منتصف الليل وقل له إننا بحاجة إلى مساعدة اليوم لأن غداً ربما يكون الوقت قد فات".
موقف رابين
إسحاق رابين الذي كان رئيساً سابقاً للأركان حينها، لم ينكر التخبط الإسرائيلي خلال الساعات الأولى للحرب واعترف بأنه لم يكن يتصور أن الحرب قادمة، أما وزير الدفاع موشيه ديان فلاحقته اتهامات وملاحقات عدة أدت إلى استقالته عام 1974، وتتابع "المجلة" ما ورد في مذكراته أنه
"في الساعة الرابعة من صباح يوم السبت 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973 استيقظت على رنين الهاتف الأحمر بجوار سريري، ولم يكن هذا خارجاً عن المألوف، ولا تكاد تمر ليلة من دون مكالمتين أو ثلاث من هذا النوع، ولكن هذه المرة كان الاتصال لإبلاغي أنه وفقاً للمعلومات التي تلقيناها للتو فإن مصر وسوريا ستشنان حرباً علينا قبل غروب الشمس".
ديان: حرب مختلفة
اجتمع ديان مع غولدا مائير في مكتبها وعرض عليها شن ضربة استباقية "على سورية فقط، ليس على الجبهة ولا على المضادات، بل على القواعد الجوية داخل سوريا، ولكن هذا لم يكن ممكناً قبل الظهيرة".
ويشرح ديان ما واجهه في تلك الأثناء بقوله "أنا شخصياً لم أتخيل قط أن المصريين سوف يتصالحون مع وجودنا على طول قناة السويس، أو أن السوريين سيتقبلون احتلالنا لمرتفعات الجولان، وشعرت بأن وجودنا هناك سيعني الحرب عاجلاً أم آجلاً".
ويضيف، "استندت الخطة إلى افتراض أنه سيكون هناك تحذير مسبق لأكثر من 24 ساعة، فتكون التعزيزات الكبيرة من جنود الاحتياط قد وصلت إلى الجبهات مع بدء الحرب"، ولكن تقييمه كان أن هجوم "قوات العدو حصل بكفاءة أكبر بكثير مما كان متوقعاً".
وفي مقارنة بين الحروب التي خاضها يقول ديان، "كانت هذه رابع حرب أخوضها في حياتي، ففي الحرب الأولى، حرب الاستقلال عام 1948، كنت في الـ 25 من عمري وكنت أقود كتيبة كوماندوز وكان الأمر سهلا بالنسبة إلي يومها، وعندما أنتهي من مسؤولياتي كان بإمكاني لف كوفيتي حول وجهي والغرق في نوم عميق، وحملة سيناء عام 1956 لم تكن صعبة ولا حرب الأيام الستة عام1967، حين تعرض يومها المصريون للضرب فهربوا، ولم يكن لدى السوريين صواريخ أرض - أرض ولم يكن لدى الأردنيين أية قوة جوية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب ديان فقد بلغ عدد القوات العربية "مليون جندي مقاتل، في حين أنهم جميعاً عام 1967 لم يتجاوزوا 300 ألف، وأن دباباتهم وصلت إلى 5 آلاف عام 1973 عوضاً عن 1700 عام 1967، مع 1000 طائرة حربية مقارنة بـ 350 في الماضي و4800 بندقية ميدان في مقابل 1350 عام 1967".
"الأيام الأولى كانت صعبة"، كما وصفها ديان، "خسائرنا من الرجال لم تكن خفيفة"، وعن الجبهة السورية يقول "تمكنت قواتنا من منع تقدم السوريين في اختراقهم، ودفعت بهم إلى ما وراء خطوط التماس وإلى قلب سوريا، ولكن حتى عندها كان السوريون لا يزالون يخوضون معركة عنيدة من أجل المواقع الرئيسة، وعندما وصلت وحداتنا إلى المواقع المهيمنة على تل شمس على طريق القنيطرة - دمشق وجدناها محمية بشدة، وتعرضت قواتنا إلى إطلاق نار من سلاح الجو السوري الذي دكها بالصواريخ".
ماذا عن الجبهة المصرية؟
"كانت صعبة وبطولية ومحبطة"، فقد تعرضت المعاقل الإسرائيلية الـ 16 على طريق قناة السويس، والتي كانت تُعرف بخط بارليف، إلى هجوم كبير وناجح للغاية من القوات المصرية، "وكانت كل واحدة منها جزيرة منعزلة تخوض صراعاً كبيراً ويائساً، صراع حياة أو موت، ولا أعرف إذا كان من الممكن أن نحدد بدقة مدى صمود الحصون في وجه العدو، ولو ليوم واحد أو يومين".
وأخيرا يعترف ديان بأن العرب "لم يهربوا من مواقعهم، ففي الماضي كان الفرار سمة مشتركة للجيوش العربية، ليسوا كلهم وليس على الفور، ولكن بقدر ما يمكن للمرء أن يعمم فإنه يمكن القول إنهم عندما تعرضوا لضربات شديدة وكسرت جبهتهم على نطاق واسع كانوا يرفعون أيديهم وأعقابهم، ولكن ليس هذه المرة".
مذكرات شمعون بيريس
شمعون بيريس الذي أصبح وزيراً للدفاع بعد استقالة موشي ديان من منصبه يذكر أنه "بعد كارثة حرب الغفران تخلى عن موشي ديان من كانوا في الماضي القريب من أشد المعجبين به، وبصقوا عليه أثناء زيارته إحدى المقابر العسكرية وشتموه في الاجتماعات والصحف، ولم يعد ديان الرجل نفسه بعد حرب يوم الغفران".
وكتب بيريس متسائلاً، "حتى يومنا هذا من الصعب أن نفهم ما حدث لنا عام 1973، وكيف يمكن لشعبنا أن يفشل في قراءة الكتابة على الجدران التي كانت واضحة وجريئة للغاية؟".
ويشير إلى أن الحرب أعطت أنور السادات ما يكفي من انتصار ليشعر بأنه قادر على التفاوض مع إسرائيل، ولكنها في المقابل ألحقت به ما يكفي من هزيمة ليدرك أن مصر لا تستطيع فرض إرادتها على إسرائيل بطرق عسكرية. "مصر فشلت في تحقيق نصر عسكري وإسرائيل لم تحقق نصراً سياسياً".