Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيفيك راماسوامي... هندي يحلم برئاسة أميركا

يحقق رجل الأعمال الهندي الأصل تأييداً ملحوظاً في أوساط الحزب الجمهوري يتخطى ما يحصل عليه سياسيون مخضرمون

فيفيك راماسوامي اسم جديد ينافس ترمب في السعي لرئاسة أميركا (أ ب)

هل الولايات المتحدة الأميركية على موعد مع وجه جديد يعيد للحلم الأميركي الذي يأفل يوماً تلو الآخر بريقه؟

هذا التساؤل بات يملأ الأرجاء في العقدين الأخيرين، لكن بعض الإشارات التي لا يمكن إغفالها، ومنها وصول البعض من قبل إلى البيت الأبيض من غير البيض الأنغلوساكسون، وحلم البعض الآخر بالوصول إلى المقصد ذاته عما قريب.

عام 2008، لم يكن أحد يتصور أن يصل السيناتور باراك أوباما صاحب الأصول الأفريقية إلى البيت الأبيض، لكنه "تجرأ على الأمل"، وفعلها، وإن اختلف الجميع حول تقييم فترتي رئاسته داخلياً وخارجياً.

هل يعيد التاريخ نفسه من خلال اسم جديد، "فيفيك راماسوامي" الهندي الجذور؟

أخيراً كتب السياسي البريطاني "نايجل فاراج"، عبر صحيفة "تليغراف" يقول، إنه التقى الشاب الأميركي، رجل الأعمال الناجح، صاحب الحلم السياسي الذي لم يواريه، وكان ذلك خلال مؤتمر العمل السياسي المحافظ الذي عقد في ولاية ميرلاند في مارس (آذار) الماضي. ورأى أنه يتحلى بمؤهلات تجعله قوة ضاربة في السياسة الأميركية.

أبعد من ذلك يضيف فاراج: "إلى الذين يتطلعون للعودة إلى الرأي الرشيد في الغرب أقول إنني أعتقد أنه يمكن أن يكون هذا الشاب أيضاً قوة للخير عموماً".

هل سيوفي الحلم الأميركي لراماسوامي من جديد، بعد أن أخلف كثيرون في السنوات الأخيرة، ومن هو راماسوامي هذا القادم من بعيد، والحالم بترشيح الحزب الجمهوري له يوماً قريباً أو في المدى الزمني المتوسط، وهل اللوبي الأميركي من أصل هندي- آسيوي يتقدم يوماً تلو الآخر ليجد لنفسه موقعاً وموضعاً في الداخل الأميركي، وإذا كان ذلك كذلك، فما الأدوات والآليات التي تمكنه من ذلك؟

الحلم الأميركي هل من بقية بعد؟

من دون إسهاب أو إغراق في الماضويات، مثلت الولايات المتحدة الأميركية أول الأمر، منفذاً ومهرباً لجموع من الأوروبيين، الذين عانوا من العسف والخسف الدوغمائيين ذات مرة، ذاك الذي ضرب جنبات قارتهم.

لم يعد الحلم الأميركي متعلقاً فقط بالوصول إلى "أرض كنعان" الجديدة فحسب، بل بالفرص التي تمتلئ بها تلك الأرض، لا سيما أن أول ما يقابل وجه المهاجر القادم عبر المحيط، وقبل أن تنشأ صناعة الطيران، كان وجه تمثال الحرية، ممثلاً للاستقلال والحرية الشخصية.

اعتبر الحلم الأميركي المكافئ الموضوعي للروح الوطنية لشعب الولايات المتحدة، والتي يرى من خلالها، أن هدف الديمقراطية هو الوعد بتحقيق الازدهار.

في ثنايا وخبايا الحلم الأميركي، يشعر المواطنون من كل الطبقات الاجتماعية بقدرتهم على تحقيق "حياة أفضل وأكثر ثراء وسعادة".

جاءت فكرة الحلم الأميركي مرسخة في الجملة الثانية من إعلان الاستقلال، التي تنص على أن "كل الناس قد خلقوا متساوين"، وأن لهم "بعض الحقوق غير القابلة للتغيير" والتي تضم "حق الحياة والحرية والسعي وراء تحقيق السعادة".

يشمل الحلم فرصة الأطفال في الحصول على التعليم، بالتالي فرص العمل المناسبة، ومن ثم اتخاذ القرارات الفردية من دون الاعتبار للقيود الطبقية أو الطائفية، الدينية أو العرقية.

ولعل صياغة التعبير تعود للكاتب "جيمس تراسلو أدامز" الذي أورد هذا المصطلح في كتابه "الملحمة الأميركية".

وعلى رغم أن هذا الحلم شابته ولا تزال الكثير من الشكوك، فإنه من الواضح أن الفتى راماسوامي قد خبر نجاحات بعينها في سياق هذا الحلم.

راماسومي... البدايات في سينسيناتي

في التاسع من أغسطس (آب) من عام 1985، ولد راماسوامي في مدينة سينسيناتي الأميركية بولاية أوهايو، لأبوين مهاجرين من الهند، وبالتحديد من ولاية كيرالا.

وجد الصبي نفسه مبكراً في أسرة تنتمي للبراهيميين الهنود، وتتحدث لغة "التاميل"، بجانب اللغة الإنجليزية، رغم المستوى العلمي المتقدم لوالده الذي عمل طبيباً نفسياً للمسنين.

ارتاد راماسوامي المعبد الهندوسي المحلي في مدينة دايتون بولاية أوهايو مع أسرته، غير أن شخصاً ما ترك في نفسه تأثيراً كبيراً، وقد كان هذا مدرسه المسيحي المحافظ، الذي علمه العزف على البيانو منذ المرحلة الابتدائية وصولاً إلى الثانوية.

شارك هذا المعلم في نشأة راماسوامي الاجتماعية، وزرع في عقله القيم الملتزمة، من غير تزمت أو تعصب، كما أن عديداً من الإجازات الصيفية التي قضاها في الهند مع والديه، قد ولدت في عقله رؤية جمعية عن البشر، واختلاف ثقافاتهم وتباين حضاراتهم، ما نزع عنه مبكراً جداً الميول العنصرية.

هل كانت سنوات تعليم الفتى راماسوامي موجهاً له في حياته العملية لاحقاً؟

مؤكد أن ذلك كذلك، سيما أنه قضى بالمدارس العامة حتى الصف الثامن الابتدائي، ثم التحق في المرحلة الثانوية بمدرسة "سانت كزافييه"، في مدينة سينسيناتي، وهي إحدى أهم مدارس النخبة، حيث تشرف عليها الرهبنة الكاثوليكية اليسوعية، ولا يقبل فيها غير المتميزين عقلياً، الذين لاحقاً يتلقون تكويناً نفسياً وروحياً، علمياً واجتماعياً متميزاً جداً، ما يؤهلهم للدخول إلى كبريات الجامعات الأميركية، التي يتخرج فيها غالباً نخبة القيادات الأميركية، وقد تخرج فيها بعلامات تفوق كطالب من جهة، وكلاعب تنس ناشئ على المستوى الوطني من جهة ثانية.

كان من الطبيعي أن يجد راماسوامي طريقه إلى واحدة من أهم الجامعات الأميركية الكبرى، جامعة هارفرد التي تخرج فيها عام 2007 بدرجة البكالوريوس في علوم البيولوجي بامتياز.

بدت ملامح اهتماماته السياسية تتجلى في داخل هارفرد، إذ اكتسب سمعة كليبرالي جريء وواثق، ليجد طريقه كعضو في اتحاد هارفرد السياسي، وتالياً يصبح رئيساً له.

في الوقت ذاته تبدت اهتماماته بالنقاشات المجتمعية الجادة، عطفاً على أنشطته الموسيقية الواضحة، فيما نال الجانب المالي والاقتصادي مساحة واسعة من فعالياته، فقد تدرب بشكل جدي في صندوق التحوط، والبنك الاستثماري في هارفرد.

كتب أطروحته العليا حول الأسئلة الأخلاقية التي أثيرت من خلال إنشاء كائنات خيالية بين الإنسان والحيوان وحصل على جائزة Bowdoin، وقد نشرت صحيفة "بوسطن غلوب" مقال رأي بقلم راماسوامي يلخص أطروحته، وأعيد نشره في "نيويورك تايمز".

في عام 2013، حصل على دكتوراه في علوم القانون من كلية الحقوق بجامعة ييل العريقة.

ولعله من المثير القول، إن راماسوامي، وخلال فترة تحضيره لدراسته العليا في الحقوق، كان يباشر أنشطة مالية، لا سيما عبر صناعات الأدوية والتكنولوجيا، الأمر الذي كفل له أن يحقق ثروة بلغت قبل نهاية دراسته وتخرجه في كلية الحقوق نحو 15 مليون دولار، ما جعل الجميع يتوقعون له مستقبلاً واعداً سواء على الصعيد الأكاديمي أو من الناحية العملية، وهو ما سيحدث بالفعل لاحقاً، إذ سيضحى أحد رجال الأعمال الأميركيين البارزين، لينضم إلى صفوة الهنود الأميركيين الذين باتوا يشكلون علامة صاعدة في مدارات الحياة السياسية الأميركية.

راماسوامي ورؤية لواقع المجتمع الأميركي

زاوج راماسوامي بين عقلية رجل الأعمال الناجح، وتوجه المفكر السياسي الناجع، ولهذا قال عنه نايجل فاراج، إنه لفت انتباه كثيرين في الداخل الأميركي من خلال نقده الحاد لتصاعد تيار اليسار، لا سيما داخل صفوف الحزب الديمقراطي، وجنوحه المغرق في المادية القريبة من الإلحاد.

يرى راماسوامي أن نتاج حصاد قرابة ثلاث سنوات من عمل إدارة الرئيس بايدن، قد أفرز تياراً يسارياً ديمقراطياً يأخذ أميركا إلى منطقة مجتمعية مغايرة عن المعروف والمألوف والموصوف، ما يعزز من صحوة يمينية متشددة في المقابل، ويقلص من مساحات اليمين الوسطي، الأمر الذي ينذر بأزمة كبرى عما قريب، وتحديداً خلال انتخابات الرئاسة القادمة 2024.

في كلمة ألقاها راماسوامي خلال حفل عشاء في مايو (أيار) الماضي، أظهر رؤية متشائمة تجاه الوضع الحالي في الداخل الأميركي، فقد قال "إننا نعيش مثل مجموعة من الخفافيش العمياء". أضاف "نحن أبناء الألفية، نحن الأميركيين، لم يعد بمقدورنا رؤية موطئ أقدامنا".

لماذا يعتقد الشاب الهندي الأصل الأميركي المواطنة، الثري، مثل هذا الاعتقاد؟

نراه حين يتحدث عن جيل الألفية الأميركي، يصفه بأنه: "جيل متعطش لقضية، متعطش لهدف ومعنى وهوية".

ويضيف "إننا في لحظة فارقة من تاريخنا الوطني اختفت فيها الأشياء التي اعتادت ملء هذا الفراغ، أشياء مثل الإيمان والوطنية، العمل الجاد والأسرة".

يؤمن راماسوامي، أنه بدلاً من تلك القيم النبيلة والجميلة، حلت أشياء مثل السم، وباتت السيادة والريادة لما يصفه بأنها "طوائف علمانية"، وربما طبقية.

يتعامل راماسوامي بجدية أيضاً مع المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير الحوكمة المنتشرة كالنار في الهشيم في الشركات الأميركية، التي أفضت إلى مشكلات كتلك التي صادفتها كيانات بنكية كبرى مثل بنك كوتس البريطاني، وبنك ناشيونال وستمنستر.

يعرف راماسوامي رائد الأعمال الناجح للغاية تمام العلم أنه إذا وظفت الشركات موظفيها على أساس طبقاتهم الاجتماعية أو أعراقهم أو جنسهم، فإنها بذلك تكف عن التركيز على مهامها الأساسية، وتشرع في معاملة عملائها وفقاً لنظرتها ضيقة الأفق للعالم.

هل يمكن اعتبار رامسوامي صاحب مشروع ما بعد سياسي للولايات المتحدة، أي مشروع له مسحة اجتماعية وقاعدة فكرية، تنتشل الأميركيين من وهدة الصراعات المجتمعية القائمة والقادمة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الطريق إلى سباق الرئاسة الأميركية

يوماً تلو الآخر يتحول فيفيك راماسوامي الجمهوري إلى نجم صاعد في سماوات الحياة السياسية الأميركية، وبخاصة في ظل الأزمات المتلاحقة التي يتسبب فيها الرئيس السابق دونالد ترمب، وإصراره على خوض سباق الترشح رغم المحاكمات المتعددة التي يتعرض لها.

فيما يصف الصحافي الأميركي "أندرو فاينبيرغ" الذي يغطي أخبار البيت الأبيض مشهد رامسوامي بقوله "لم يقض يوماً واحداً في وظيفة عامة، ولم يسبق له وأن ترشح لأي منصب عمومي من قبل، وهو هندوسي ملتزم يبلغ من العمر 38 سنة، ومع ذلك ينافس اليوم على الأصوات التمهيدية للرئاسة من ناخبين جمهوريين غالبيتهم الساحقة من كبار السن والبيض والمسيحيين".

ولعل المثير أن معظم استطلاعات الرأي في الأوقات الأخيرة، تظهر أن نسبة الدعم لراماسوامي تتفوق على أسماء سياسية أكثر شهرة وخبرة، بما في ذلك نائب الرئيس السابق مايك بنس، وثلاثة حكام سابقين، نيكي هايلي، وكريس كريستي، وأسا هاتشينسون، وكذا عضو مجلس الشيوخ تيم سكوت.

أما المدهش، الذي يمكن أن يبدل أوضاع سباق الجمهوريين الداخلي، فهو ما أظهرته نتيجة استطلاع رأي جرى في أواخر يوليو (تموز) الماضي، وكان بين الجمهوريين في ولاية أوهايو، وأصدرته جامعة أوهايو الشمالية، الذي كشف عن أن هذا الوافد الجديد بالكامل إلى عالم السياسة، والعملية الانتخابية، تجاوز أحد المرشحين الجمهوريين أصحاب الحظوظ الواسعة حتى الساعة، وهو رون دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا، الخيار الثاني للجمهوريين بعد ترمب، وربما الأول حال إزاحة الرئيس السابق.

والثابت أنه يوماً تلو الآخر تتزايد شعبية الفتى الهندوسي القادم من بعيد، ففي فعالية انتخابية للمرشحين الـ13 المتنافسين على ترشيح الحزب الجمهوري في ولاية أيوا في نهاية الشهر الماضي، حصل راماسوامي على واحدة من أكبر وقفات التصفيق بقطعه وعداً "بالثورة" بدلاً من "الإصلاح".

يتساءل كثير من المراقبين للمشهد السياسي الانتخابي الأميركي: "هل بات الناخبون متساهلين مع الخبرة السياسية، وربما مع فكرة الحتمية التاريخية لأن يكون المرشح للرئاسة الأميركية من الواسب" أي البيض الأنغلوساكسون البروتستانت ذوي الأصول الأوروبية؟

الشاهد أن هناك رئيساً سابقاً من أصول أفريقية وصل سدة البيت الأبيض ونجح في الفوز بولايتين انتخابيتين.

ثم جاء رجل آخر، مطور عقارات، وأيقونة لتلفزيون الواقع، دونالد ترمب، وفاز بولاية ويقطع بأنه كان الفائز بولاية ثانية، وأنه لم يخسر بل تعرض لمؤامرة وسرقت فرصته.

هنا يكون التساؤل، لماذا لا يفوز راماسوامي، وبخاصة إذا قدم لأميركا رؤية مغايرة، فقد يغض الأميركيون الطرف عن فكرة إيمانه الهندوسي، وبخاصة في ظل تراجع معدلات الإيمان التقليدية في الداخل الأميركي؟

يكاد راماسوامي يتبنى معظم منطلقات الرئيس السابق ترمب، تلك التي تظهر الكثير جداً من الخلل والعوار في الحياة السياسية الداخلية، من تلاعب الدولة العميقة بمقدرات الأميركيين، ومن تحكم رأس المال في بيع وشراء الناخبين، وفي إعلام ممجوج يؤلف يوماً تلو الآخر الأخبار الزائفة والكاذبة.

غير أن الجزئية التي تميز راماسوامي، هي أنه قادر على عرض كل تلك القضايا من دون غضب أو إظهار لروح العنف والاستياء التي تدفع الجماهير في طريق مزيد من العنصرية، إنه يفعل ما يريده ترمب، لكن بهدوء وبتهذيب بالغين، ويتعاطى مع أبسط الأميركيين غير المتعلمين، كما يعامل الإنتلجنسيا منهم.

عطفاً على ذلك يبدو أن راماسوامي قد وقر لديه قدرة الإعلام الأميركي على صناعة الصيف الانتخابي أو الشتاء، إذ لاحظ كثيرون أنه يسافر دوماً مع فريق إعلامي كامل يساعده على إنتاج بودكاست مرتبط بالحملة ويحافظ على إعداد أستوديو بسيط للغاية، على أهبة الاستعداد لتمكينه من الظهور في أي برنامج في أي وقت.

هل بدأ راماسوامي هجوماته الانتخابية على إدارة ترمب واتخذ منطلقات بعينها تدفعه في رحلته للفوز بترشيح الجمهوريين له؟

مهاجمة بايدن وأسرار التورط في أوكرانيا

في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الجاري، بدا واضحاً أن راماسوامي قد قرر خوض معركة سياسية حامية الوطيس، فقد شن هجوماً واضحاً وكاسحاً على الرئيس بايدن، وعلاقة الولايات المتحدة بما يجري في أوكرانيا.

خلال حديث راماسوامي مع شبكة "أن بي سي"، أشار إلى أن تورط واشنطن في الصراع الأوكراني سببه المؤكد هو حالة التورط والفساد داخل عائلة بايدن، والعلاقات التي ربطتها مع الحكومة الأوكرانية.

اتهامات راماسوامي لبايدن مرتبطة بأزمة الكمبيوتر الخاص بهانتر نجل الرئيس، الذي وجدت عليها أدلة تفيد بعلاقات مالية بينه وبين الأوكرانيين، حين كان والده نائباً للرئيس أوباما، والتي تجري من حولها تحقيقات قضائية في الفترة الأخيرة.

نكأ الشاب الواعد جرحاً كبيراً في الجسد الأميركي، بحديثه عن القوات المسلحة الأميركية، وكيف أنه يتوجب عليها البقاء بعيداً من مناطق الصراعات التي لا تفيد أميركا الوطن الأم.

"الغرض من الجيش الأميركي هو تعزيز المصالح الأميركية، وحماية الوطن، وليس شن صراع عشوائي بلا هدف"، كما قال.

يضيف راماسوامي: "قد يكون الموقف الأميركي من أوكرانيا، هو تعويض عن رشوة خاصة بقيمة خمسة ملايين دولار من شركة بوريسما تلقاها أحد أفراد عائلة رئيس الولايات المتحدة الحالي بايدن".

لاحقاً تساءل راماسوامي: "هل أعتقد أن هذا له علاقة بموقفنا تجاه أوكرانيا؟" يجيب: "أعتقد أنه من المرجح أن تكون الإجابة نعم".

الجواب المتقدم يعطي انطباعاً عن رؤية المرشح الجمهوري الجديد ذو الأصول الهندية، للتحديات الحقيقية التي تجابه الولايات المتحدة في العقود المقبلة.

في يونيو (حزيران) الماضي قال راماسوامي، إنه من الضروري تفكيك التحالف الروسي – الصيني، لأنه أكبر تهديد عسكري لواشنطن.

وفي مقابلة له مع شبكة "فوكس نيوز"، علق بالقول: "أعتقد أننا في حاجة إلى التركيز على تفكيك التحالف الصيني – الروسي"... لماذا هذا الموقف المتشدد؟

لأنه في تقدير راماسوامي، يمنح جمهورية الصين الشعبية  الثقة في أفعالها ضد تايوان، لأن بكين تعتقد أن واشنطن لن تتصرف في وقت واحد ضد قوتين نوويتين عظميين.

وجه راماسوامي لطمة قاسية لبايدن قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، لتضاف ضربته إلى أوضاع بايدن المتردية، سواء صحياً أو شعبياً، لا سيما أن غالبية استطلاعات الرأي تظهر تراجعاً واضحاً لدعمه، ما يختصم من فرص الديمقراطيين الذين لا يبدون بدورهم راضين عن ترشيحه لفترة رئاسية ثانية.

وفي كل الأحوال فإن صعود الفتى راماسوامي يطرح علامة استفهام واسعة حول الحضور الهندي في الداخل الأميركي، وهل هو دور متصاعد سيفرز عما قريب مرشحاً فاعلاً على صعيد الداخل الأميركي؟

اللوبي الهندوسي الأميركي وتقدم للأمام

تشير الإحصاءات إلى أن الأميركيين الهنود، وهم مواطنو الولايات المتحدة من أصل دولة الهند الآسيوية، تمييزاً لهم عن الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأميركية الأصليين، يصل عددهم قرابة الثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، وهم ثالث أكبر جماعة آسيوية الأصل، بعد الأميركان الصينيين والأميركان الفيليبينيين.

على أن ما يميز هذه الجماعة العرقية بنوع خاص، هو الحرص على تلقي أبنائهم تعليماً عالياً، فتبلغ نسبة الحاصلين على البكالوريوس أو الدرجات العليا 67 في المئة من الهنود، والحاصلين على درجة الدكتوراه على 40 في المئة، ويتوقف الكاتب الأميركي الشهير توماس فريدمان بشكل واضح في كتابه "العالم مسطح" أمام ظاهرة هجرة العقول من الهند إلى الولايات المتحدة.

هل ينعكس هذا المستوى التعليمي على حياة الأميركيين الهنود بشكل خاص؟

نعم، وهذا ما أوضحه التعداد السكاني لعام 2010، الذي أظهر مستويات الدخل العالية بينهم، مقارنة بجميع الجماعات العرقية في الولايات المتحدة.

وبحسب مركز بيو للأبحاث، فإن 51 في المئة من الأميركيين الهنود يعتبرون أنفسهم هندوساً، و18 في المئة مسيحيين (بروتستانت 11 في المئة وكاثوليك 5 في المئة، ومسيحيين آخرين 3 في المئة)، إضافة إلى 10 في المئة يقدمون أنفسهم كمسلمين، و5 في المئة كسيخ، و2 في المئة كجاين، و10 في المئة غير منتمين.

في مارس (آذار) الماضي، نشرت مجلة "جاكوبين" الأميركية تقريراً عن تصاعد نفوذ اللوبي الهندوسي داخل البلاد، ووصول التأثير إلى داخل الكونغرس بنوع خاص.

المجلة تقول في تقرير لها، إن جماعات الضغط اليمينية في أميركا التي تدعي أنها تمثل الهنود الأميركيين، تحاول خنق الأصوات التي تنتقد سياسات رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، التي يعتبرها البعض الآخر "هندوسية متطرفة".

التقرير يشير إلى أن تلك الجماعات تحاكي في عملها جماعات الضغط الموالية لإسرائيل مثل "إيباك"، والمثير أن التقرير يخلص للقول إن تلك الجماعات تمكنت من تشكيل تحالفات تعتمد على التعصب والعداء للإسلام.

وتبرز المجلة كيف أن مجموعات الضغط الهندية في أميركا، التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي، تصور نفسها على أنها أكبر جهة تمثل الجالية الهندية في الولايات المتحدة، وأنها ومنظمات قومية هندوسية عديدة أنشئت لتجعل اسم الهند مرادفاً لـ"الهندوتفا"، وهي قومية ثقافية ظهرت منذ نحو قرن تسعى لجعل الديانة الهندوسية تهيمن على غيرها من الديانات في الهند، ويعد "مودي" أحد أبرز زعمائها وحزبه "بهاراتا جاناتا" (حزب الشعب الهندي) من التنظيمات الداعية لها.

إضافة لذلك سلطت المجلة الأميركية الضوء على النفوذ المتنامي للوبي الهندوسي في أروقة صنع القرار الأميركي، لا سيما عبر استخدام فائض الأموال في دعم أعضاء الكونغرس وحكام الولايات وبقية المناصب القيادية.

وبناء على ما سبق، ربما لا يكون راماسوامي هو الرئيس الأميركي الجمهوري في الغد، لكن وفي كل الأحوال فإن الشاب ينتظره مستقبل سياسي واسع، مع نمو للحضور الهندي داخل النخبة السياسية الأميركية.

المزيد من تقارير