Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"فاغنر" والهجوم المضاد: أخطاء في ورطة حرب

إلى أي حد تستطيع موسكو وعواصم الغرب تحمل الاستنزاف المتبادل الهائل؟

العالم كله يدفع ثمن حرب لا يعرف أطرافها متى وكيف بماذا تنتهي (رويترز)

ملخص

تمرد يفغيني بريغوجين ومرتزقة "فاغنر" أحدث هزة داخلية في روسيا كان يمكن أن تكون زلزالاً سياسياً وعسكرياً في الكرملين

حرب روسيا وعليها في أوكرانيا تجاوزت 500 يوم من دون ضوء في نهاية النفق الطويل، الرئيس فلاديمير بوتين لا يزال يسميها "عملية عسكرية خاصة"، والرئيس فولوديمير زيلينسكي يراها معركة الدفاع عن "الأمن والديمقراطية" في أوروبا والعالم، وقادة الغرب الأميركي والأوروبي يجدون فرصة لإلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا تمنعها في المستقبل من غزو أي بلد، وخسائر كل من روسيا وأوكرانيا، بحسب تقدير الاستخبارات الغربية، في حدود 200 ألف قتيل، والأسوأ، بصرف النظر عن المبالغة أو عدم المبالغة في الأرقام، هو أن الحرب صارت حرب استنزاف متبادل، موسكو يتم استنزافها دماً ومالاً وسلاحاً، وكييف يتم استنزافها دماً ودماراً، والغرب يتم استنزافه سلاحاً ومالاً، ما جرى تقديمه لأوكرانيا، حتى اليوم، يقترب من 100 مليار دولار، وما دفعته روسيا في الحرب وخسرته في الاقتصاد أكثر.

تمرد يفغيني بريغوجين ومرتزقة "فاغنر" أحدث هزة داخلية في روسيا كان يمكن أن تكون زلزالاً سياسياً وعسكرياً في الكرملين، والتحديات أمام زيلينسكي ليست فقط استعادة الأراضي المحتلة في بلاده بل أيضاً استعادة سكانها إلى المدار الأوكراني، ذلك أن الرئيس الأوكراني يشكو في حديث مع مجلة "تايم" الأميركية من أن "شعب الدونباس جرى غسل دماغه. فكل ما لدى السكان هناك يومياً هو فضاء الإعلام الروسي"، والمهمة الصعبة هي "إعادة تعليم الناس هناك بعد أن أفسد الروس عقولهم" كما يقول رئيس الاستخبارات العسكرية كيريلو بودانوف. الجنرالات يميلون إلى سياسة "العصا والجزرة"، وزيلينسكي يعتقد أنه لا يزال قادراً على مخاطبة الذين تحت الاحتلال وكسب عقولهم والقلوب. فالروس، في رأيه، لم يربحوا في خيرسون "لأن أهلها لا يدعمون روسيا"، وهو كان عليه أن يواجه الدعاية الروسية عبر التلفزيون بوسائل تلفزيونية ليست في يده، فمعظم شبكات التلفزيون في أوكرانيا مملوكة من القطاع الخاص وملوك المال الذين بعضهم ضد زيلينسكي وبعضهم الآخر حليف موسكو، وأول ما فعله زيلينسكي هو إقفال ثلاث شبكات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والرئيس الروسي الذي صدمه أداء جيشه من حيث تصور أن تحديثه ناجح، يعتمد في نظامه، كما تقول خبيرة روسية، على ركيزتين: الدعاية الإعلامية والأجهزة الأمنية، لكن تجربة "فاغنر" أضرت بالركيزتين، فمن جهة سيطر إعلام بريغوجين، ومن جهة أخرى تخاذلت أجهزة الأمن عن مقاومة التمرد، وصار فضلها الذي امتدحه بوتين هو أنها لم تنضم إلى التمرد.

وفي البدء كان الخطأ، خطأ مزدوجاً، خطأ موسكو في الاتكال على مرتزقة "فاغنر" في الحرب وتمويلها بالمليارات لتخوض معركة باخموت وتسليمها للجيش بعد الاستيلاء عليها، وخطأ كييف في الإعلان عن هجوم مضاد كبير قبل أشهر من بدئه، بما سمح للقوات الروسية بتحصين دفاعاتها وزرع الأرض بالألغام، وهذا ما أدى إلى بطء الهجوم المضاد وإحراز القليل من التقدم بكثير من الثمن والتضحيات، ولا يبدل في الأمر محاولة المسؤولين في كييف تدارك الغلطة بالقول إن ما جرى حتى الآن هو تمهيد للهجوم المضاد الذي "ليس موسماً في مسلسل على نتفليكس".

والسؤال بعد 500 يوم في حرب لا سرية فيها حتى في خططها وأنواع الأسلحة التي يقدمها الغرب، التي تستخدمها روسيا هو: إلى أي حد تستطيع موسكو وعواصم الغرب تحمل الاستنزاف المتبادل الهائل، ما تأثير خروج "فاغنر" وبطء الهجوم المضاد على الحرب، ومن يصرخ أو يتعب أولاً؟ موسكو توحي أنها ذاهبة إلى النهاية، وأنه لا تأثير لخروج "فاغنر" على العمليات العسكرية، عواصم الغرب تقول إنها لن تتراجع عن دعم أوكرانيا بكل ما يجب، وكييف التي لا خيار أمامها سوى مقاومة الغزو الروسي تراهن على دخول سريع في الاتحاد الأوروبي، كما على ما يصعب الحصول عليه قبل نهاية الحرب، وهو الانضمام إلى "الناتو"، أما حياد أوكرانيا الذي كان احتمالاً وارداً قبل الحرب، فإنه صار مهمة مستحيلة. والعالم كله يدفع ثمن حرب لا يعرف أطرافها متى وكيف بماذا تنتهي. وحتى الآن، فإن قمة الأطلسي في ليتوانيا جعلت أوكرانيا قريبة من "الناتو"، و"مجموعة السبع" أعطتها ضمانات أمنية وقررت دعمها لتصبح أقوى براً وبحراً وجواً، وبوتين استقبل في الكرملين بريغوجين وقادة "فاغنر" على مدى ثلاث ساعات. فمن يطبخ لمن؟

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل