Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سوق الضيعة" نبت الطبيعة وإنتاج الأيدي السورية

ملتقى تجاري يجمع بين المنتج المحلي الأصيل والمستهلك الواعي من دون وسيط

يعرض سوق الضيعة منتجات طبيعية خالية من الأسمدة والمبيدات (اندبندنت عربية)

ملخص

أمام تفشي الأمراض وكثرة تناول الأدوية، خرج بعض الشباب السوريين بفكرة العودة إلى الطبيعة واستهلاك موادها، ولكن كيف؟

لم تستطع الصيدلانية زينة وليد ومعها بعض الأصدقاء أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تفشي الأمراض وكثرة تناول الأدوية، فخرجوا مجتمعين بفكرة العودة إلى الطبيعة الأم عبر استهلاك المواد الطبيعية بعيداً من المواد الكيماوية، ولكن كيف؟!

قرروا البحث في ريف الساحل السوري "طرطوس-بانياس-اللاذقية" عن أشخاص ما زالوا يعتمدون في حياتهم على زراعة الأرض من دون أسمدة، وغرس البذور التي التقطوها بأيديهم وغير المعدلة وراثياً، وكان الاتفاق معهم بإقامة سوق أسبوعية يعرضون فيها منتجاتهم مباشرة للمستهلك، فكان ما سمي جمعية "سوق الضيعة".

من الطبيعة للمستهلك

تقول "بدأنا سوق الضيعة في مدينة اللاذقية عام 2006، وكان هدفنا نشر الوعي البيئي والصحي والغذائي والمحافظة على الأرض، وهو لقاء القرية مع المدينة".

وتعتبر السوق بحسب مؤسسيها مكان للقاء يجمع بين المنتج المحلي والمستهلك الواعي مباشرة من دون وسيط، حيث يوجد فيه الخضراوات والفواكه والحبوب والبقول الطبيعية الخالية من الأسمدة والمبيدات، وكذلك منتجات الحرف اليدوية، إضافة إلى المأكولات المنزلية والحلويات المصنوعة من أجود أنواع الدقيق والخمائر والخالية من السكر والمصنوعة بإتقان وعناية ونظافة، وغير ذلك من مختلف المنتجات التي تحافظ على صحة الإنسان.

 

 

وعن هذا تحدثت منال التي تقصد السوق، "أحب الوجود في هذا المكان، إذ أسرق بعض الوقت لأكون هنا وأبتاع لبيتي بعض المأكولات الطبيعية أو المصنوعة بطريقة شعبية وتراثية، التي فقدناها مع زحف المدينة وسرعة الحياة".

وعن الأنواع التي تحرص على شرائها من السوق قالت منال "أشتري الحليب وبعض المأكولات والخضراوات الريفية، وكذلك ماء الزهر والدبس بأنواعه، وفي كل مرة أزور السوق لا أخرج من دون شراء ولو قطعة واحدة من الحلويات الصحية المصنوعة بمواد طبيعية وخالية من السكر".

منتجات أصيلة

تفتح سوق الضيعة أبوابها كل سبت وثلاثاء من الساعة الـ11 صباحاً إلى الساعة الثالثة ظهراً بالتوقيت المحلي، وكان يوجد سابقاً في حديقة البطرني بمدينة اللاذقية السورية قبل أن ينتقل منذ عام إلى حديقة أخرى مواجهة لما يعرف بالكورنيش الغربي لنفس المدينة، وبني له مكان يحميه من حر الشمس والمطر في الشتاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل وصول رواد السوق يتجمع أصحاب المنتجات في الحديقة لعرض بضائعهم كل على طاولته، حيث يجد الزائر القمح والشعير الكامل، والعسل الطبيعي والحلويات المصنوعة من دون سكر، وكذلك التمر المجفف والدبس بأنواعه، كما يجد الزائر المناقيش المصنوعة على التنور، إذ تعمل سيدتان على إشعال الحطب بعد أن تجهزا مناقيش متعددة منها ما هو بالزعتر أو الجبن أو "المحمرة" و"السلق"، التي تعد من أكثر الأماكن التي تجذب الزوار إذ لا يستطيعون الخروج من السوق من دون تذوق ولو منقوشة واحدة مصنوعة من القمح الكامل.

بخلاف الخضراوات والمأكولات يجد زائر السوق المنتجات الحرفية ومنها الصابون البلدي والفخار والأدوات الخشبية المبتكرة للاستعمال الشخصي، التي تساعد على تدليك مسارات الطاقة في الجسم.
الجانب الإنساني لم يغب عن ذهن مسؤولي السوق، إذ استحدثت طاولة عرض خلال فترة الحرب سميت "طاولة الخير"، يعرض خلالها بعض الأشخاص ما لديهم من ثياب وأحذية وكتب مجاناً، ويتم توزيعها على من يحتاج إليها.

المشاركة في السوق

للمشاركة في السوق يتوجب على كل بائع جديد أن يتبع شروطاً محددة، وهي أن تكون كل المنتجات مزروعة أو محصودة أو مخبوزة أو منتجة من قبل المنتج نفسه ليكون هو المسؤول الأول عنها، إضافة إلى ضرورة أن تكون المنتجات الزراعية عضوية وخالية من الأسمدة.

ويقول المهندس الزراعي بسام يوسف وهو أحد المنتجين، "التحقت بالسوق بعد عام من إنشائها، وذهبت إلى مناطق باقي المنتجين لفحص التربة وخلوها من الأسمدة في مديرية الزراعة التي أتبع لها"، متابعاً "أنا نحال وأصنع بعض الصابون البلدي المعصور على البارد، وهو ما يأخذ مزيداً من الوقت والعمل، ولكنه أفضل للاستعمال البشري".

كذلك "أم علاء" حالها كحال بسام فقد كانت من الأوائل الذين انضموا إلى سوق الضيعة. وقالت "طلبت من أخي وهو من المؤسسين الأوائل أن أنضم لسوق الضيعة وأعرض منتجاتي"، لافتة إلى أن الزائر يجد عندها ما يريد من البقوليات والحلويات والقمح ومشتقاته وكل شيء من منتجات الأرض العضوية.

 

 

أما نهلة فانضمت إلى سوق الضيعة بعد أن شاركت في مهرجان خاص بالسوق منذ ثماني سنوات، فطلب منها أحد المؤسسين الانضمام لهم، وما زالت حتى اللحظة كل سبت وثلاثاء تأتي إلى الحديقة وتحمل معها منتجاتها.

وعلى رغم أن سناء أم لطفل صغير وترعاه دوماً فإنها لم تتوان في رفد السوق بالأشغال اليدوية، إذ تقدم بعض المنتجات التي ترغب الفتيات باقتنائها، كحبكات الشعر المصنوعة إما من الصوف أو من مواد أخرى تمنح القطعة شكلاً جميلاً.

استنهض حواسك
في موقعهم على الإنترنت يضع المشرفون على السوق سؤالاً، وهو لماذا الإنتاج المحلي؟ ويجيبون عن هذا التساؤل بالقول "جميع الناس تكتشف الآن فوائد شراء حاجاتهم من أسواق المنتجين، فذلك يضمن الحصول على كل شيء طازج بالتالي يكون محافظاً على خواصه الغذائية ونكهته المميزة أكثر من أي منتج آخر موجود في الأسواق، إضافة إلى أنك تشجع عائلات المنتجين على البقاء في أراضيهم والاستمرار في إنتاج أفضل المنتجات، كما تعمل على تخفيف التلوث الناتج من نقل البضائع عبر البلدان، الذي يشكل أكثر أنواع التلوث في عالمنا هذا.

إذا زرت يوماً ما "سوق الضيعة" فلا بد أن تعجب بالجو العام الموجود هناك، وستشعر أنك عدت فعلاً لأحضان الطبيعة، فرائحة الزعتر والنعناع البري ستشق طريقها إلى رأسك من دون استئذان، ومنظر اللحم المصنوع من القمح الكامل سيغريك لتجرب ما لم يعتد عليه عالمنا في هذا الوقت، وهناك سر صغير فيها، فالطعم لذيذ وشهي ويستطيع استبداله باللحوم الحيوانية من يريد أن يصبح نباتياً، كذلك ستمتع ناظريك بمنظر البحر الذي يستقبل السفن المحملة بالمواد التي تفرغ حمولتها مباشرة أمام السوق، وقد تحظى بصباح مميز في هذا المكان، لذلك تذكر إن زرت سوق الضيعة في اللاذقية ما عليك سوى أن تستنهض حواسك الخمسة والسادسة تأتي تحصيل حاصل.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات