Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين مفتقدا ترمب: معه كنا سنجد خطة سلام

قدم في أحاديثه الأخيرة كشف حساب للحرب الروسية - الأوكرانية ولوح باستخدام الأسلحة النووية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث المنتدي الاقتصادي السنوي في سان بطرسبورغ (أ ف ب)

ملخص

ماذا دار في لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المراسلين العسكريين في موسكو والمنتدى الاقتصادي السنوي بسان بطرسبورغ؟

إليكم التفاصيل

على مدى يومين أماط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللثام عن كثير مما خفي من أسرار "العملية العسكرية الروسية" في أوكرانيا، وما يتعلق منها بتوازن القوى بين قوات روسيا من جانب، وأوكرانيا من جانب آخر، حيث كان اللقاء الأول في موسكو مقصوراً على مجموعة من "المراسلين العسكريين" ممن يغطون أخبار العمليات والأوضاع على الجبهة والمناطق المتاخمة لها، بينما جاء اللقاء الثاني على هامش أعمال المنتدي الاقتصادي السنوي في سان بطرسبورغ، منقولاً على الهواء مباشرة، وشارك فيه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، ما استحق تقديراً خاصاً من بوتين أوجزه مقروناً بقوله "إن كل من تجشم عناء المجيء إلى هنا، والجلوس معنا (في مثل هذا التوقيت)، يدرك كل ما يعنيه ذلك من دلالات، هذه هي القيادة، وهذا ما تعنيه حماية مصالح المواطن"، ما لقي موجة من التصفيق الحاد، من جانب الحضور.

تفسيرات شفافة

ما كشف عنه الرئيس الروسي في اللقاءين، يبدو تفسيراً لما تموج به الساحة الداخلية من تساؤلات، وما يعتمل في النفوس من قلق بسبب استمرار العملية العسكرية لما يزيد عما كان متوقعاً من فترة طالت لأكثر مما ينبغي، بحسب تقديرات كثيرين، في الداخل والخارج على حد سواء، فضلاً عما تثيره تقارير "المراسلين العسكريين" التي تتوالى منذ الأيام الأولى لبداية الحرب، من تفاصيل و"قصص إنسانية" تظل حديث رجل الشارع لفترات طويلة، بكل ما تتسم به من تحفظ وغموض.

ومن هنا بدت أهمية حديث الرئيس الروسي، وما راح يكشف عنه من تفاصيل تدفقت على نحو أكثر وضوحاً وشفافية عن ذي قبل، وهو ما يعزوه مراقبون كثر إلى ما صارت تحققه القوات الروسية من تقدم على صعيد تنفيذ ما كان أعلنه بوتين من مهام، في مستهل "عمليته العسكرية"، على خلفية ما تصفه المصادر الروسية بـ"تعثر" الهجوم المضاد الذي بدأته القوات الأوكرانية من دون سابق إعلان، اعتباراً من مطلع الشهر الجاري.

وكان بوتين كشف عن "عدم وجود أي من ممثلي القوات الأوكرانية في مقاطعة بيلغورود الحدودية المتاخمة لمقاطعة خاركيف الأوكرانية"، واعترف الرئيس الروسي بأن "وصول الوافدين إلى أراضي المنطقة الحدودية الروسية أمر سيئ"، مشيراً إلى "أنه كان من الممكن افتراض أن العدو سيتصرف على هذا النحو"، لكنه عاد ليعترف بأنه كان من الأفضل الاستعداد، قبل أن يخلص إلى تحسن الأوضاع، مؤكداً أن المشكلة في سبيلها إلى الحل.

استعداد عسكري

وإذ أكد الرئيس الروسي أن أوكرانيا استنفدت ما لها من أسلحة ومعدات عسكرية "وطنية"، وأنها صارت تعتمد كلية على ما يرد إليها من أسلحة ودبابات ومدرعات من الخارج، تقوم القوات الروسية بتدميرها أولاً بأول. وقال إن قوات بلاده استطاعت تدمير خمسة من أنظمة الدفاع الأميركية المضادة للصواريخ من طراز "باتريوت"، وأنها على استعداد لتدمير أي مبنى في قلب العاصمة كييف، لكنها لا تفعل ذلك لأسباب لم يشر إلى أي منها.

وكان بوتين كشف عن أن خسائر القوات الروسية أقل كثيراً عن مثيلاتها الأوكرانية بما يقرب من 10 أضعاف. أضاف أنها بلغت خلال الأيام القليلة الماضية 160 دبابة، منها دبابات "ليوبارد" الألمانية (مقابل 54 دبابة من الجانب الروسي)، و360 مركبة مدرعة، بما يعادل نسبة تتراوح بين 25 و30 في المئة مما تسلمته أوكرانيا من الخارج، وذلك ما سارع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إلى دحضه بقوله إن "روسيا هي التي تعاني من خسائر فادحة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأهم يتمثل في ما قاله بوتين في منتدى سان بطرسبورغ، تعليقاً على مدى احتمالات استخدام روسيا الأسلحة النووية، في حال عدم قدرة قواتها التصدي للقوات الأوكرانية، وتنفيذ ما حددته من مهام، وبنبرة تعكس كثيراً من الثقة بالنفس، أجاب بوتين على مثل هذا التساؤل بقوله إن "استخدام الأسلحة النووية ممكن نظرياً إذا كان هناك تهديد لوجود دولتنا أو سلامة أراضينا، لكننا لسنا في حاجة إلى استخدامه، إضافة إلى ذلك، فإن المنطق نفسه حول هذا الموضوع يقلل من عتبة استخدامها، لدينا أسلحة أكثر من دول الناتو، وهم يعرفون ذلك ويريدون تقليص عددها".

وكشف بوتين أن ذلك ما تملكه روسيا من تميز وفرادة، ومضى ليعلن أنه ناقش مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو نقل بعض هذه الأسلحة إلى أراضي بلاده. أضاف قوله إن "ذلك حدث بالفعل، لقد تم نقل الشحنات الأولى من الأسلحة النووية إلى أراضي بيلاروس، ويتواصل ذلك حتى لا ينسى كل من يفكر في أن يلحق بنا هزيمة استراتيجية".

ردع ورعب

ولمزيد من الصراحة والشفافية، ورداً على سؤال في شأن أنه في حال "لم ينجح الردع، هل يصبح من الواجب القيام بكل ما تتطلبه الظروف؟"، تساءل بوتين عما إذا كان من المطلوب بث الرعب في نفوس العالم، ليضيف قوله "لا يمكن استخدام الوسائل المتطرفة، إلا إذا كانت الدولة الروسية تتعرض للخطر والتهديد"، ليخلص إلى تأكيد "إننا في هذه الحالة، سنستخدم كل القوى والوسائل"، وهو قول عميق المغزى بعيد الدلالات!

وإمعاناً في استعراض الرئيس الروسي لإمكانات بلاده، في مواجهة أوكرانيا التي نضب معينها وقدرات مؤسساتها الصناعية العسكرية المحلية، قال بوتين إن المصانع الروسية تعمل ليل نهار بموجب ورديتين، وأحياناً ثلاث ورديات في اليوم، فضلاً عما عاد ليتطرق إليه من اعترافات، منها أن روسيا تملك من الأسلحة النووية التكتيكية ما يفوق كل قدرات البلدان أعضاء الناتو التي لا تكف عن طلب الجلوس للتفاوض حول تقليص هذه الأسلحة، وهو ما لن يحدث.

عقوبات ونجاحات

 وكان الرئيس بوتين أكد كذلك أن بلاده نجحت في احتواء سلبيات العقوبات التي توالى فرضها ضد روسيا خلال السنوات القليلة الماضية، معيداً إلى الأذهان أن بلاده تظل عند المركز السادس في قائمة الدول الـ10 الأقوى اقتصاداً، بعد كل من الصين والولايات المتحدة واليابان والهند وألمانيا، كما كشف عن أن القوات الروسية، وفي حال ما إذا استمرت قوات أوكرانيا في قصف المناطق الروسية المتاخمة للحدود المشتركة، ستكون مضطرة إلى التفكير في فرض مساحات عازلة، بما يعنى ضمناً "الاستيلاء على أراض أوكرانية جديدة في المناطق المتاخمة للحدود".

رسالة للروس

وفي رسالة إلى مواطنيه ممن سبق واختاروا الرحيل عن روسيا والإقامة في الخارج، لا سيما من ذوي التخصصات التقنية عالية الدقة، قال بوتين إن نحو 50 في المئة من أولئك الذين سارعوا إلى السفر عادوا إلى الوطن إعلاء لامتيازات العيش بين الأهل والأصدقاء ومراتع الصبا والشباب، فضلاً عما عادت الدولة إلى توفيره من امتيازات للإقامة والعمل والدراسة، أما عن أولئك الذين لا يريدون العودة قال بوتين، "دعهم يعيشون حيث يريدون، هذه العملية إيجابية أكثر من سلبية، فذلك سيساعدنا على إقامة روابط مع الدول الأخرى من أجل تطوير الاتصالات الإنسانية والاقتصادية".

وعلى رغم تكرار التساؤلات حول تقدير بوتين لقدرات رؤساء عدد من البلدان الأوروبية بالمقارنة مع نظرائهم السابقين، اكتفى الرئيس الروسي بقوله، إنه لا يريد التورط في مثل هذه الأحكام في شأن نظرائه الحاليين، وإن أشار إلى بعض مما تبادل في شأنه الرأي مع نظيره الفرنسي الراحل جاك شيراك الذي قال إنه عزا "تدني المستويات والقدرات" في إيجاز، وبلغة روسية سليمة "إلى افتقاد الثقافة"، أما عن الموقف من الرئيس الأميركي جو بايدن وماهية الدرس الرئيس الذي يجب أن يستخلصه مما طرحه في منتدى سان بطرسبورغ قال بوتين "إنه سياسي وخبير وليس لي أن أعلمه، دعه يفعل ما يراه مناسباً، أما نحن فسنفعل ما هو في مصلحة روسيا، وسيتعين على الجميع أخذ هذا في الاعتبار"، ولم يغفل بوتين الإشارة إلى الدور الذي سبق ولعبه رئيس الوزراء الإيطالي الراحل سلفيو بيرلسكوني من دور مهم في تصحيح العلاقات بين الناتو وروسيا، وطلب من الحضور الوقوف دقيقة حداداً وتقديراً للزعيم الإيطالي الراحل.

افتقاد ترمب

وعن تقديره للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ومدى الاحتمالات التي كان من الممكن معها تجنب ما احتدم من صراع، لو كان في موقعه السابق في البيت الأبيض، طالب بوتين بضرورة عدم نسيان أن ترمب كان وراء كثير من العقوبات ضد روسيا، ومع ذلك فإنه لا يستبعد أنه لو كان موجوداً، لكان الأمر يمكن أن يختلف، ولكان العالم وجد "نوعاً من خطة السلام" التي تخلت عنها الإدارة الأميركية الحالية.

وإذ اعترف الرئيس الروسي بعدم وجود أي اتصالات أو حوار بناء مع الإدارة الأميركية، أبدى استعداد بلاده للحوار في حال وجود مثل هذه الرغبة من جانب واشنطن. أضاف أن روسيا لا ترفض ذلك، لكنهم استبدلوا الحوار بالانتقال إلى "مجال إمداد أوكرانيا بالسلاح"، وسخر من ذلك بقوله "دعونا نحرق كل ما يرسلونه، ثم نرى ما سنفعله بعد ذلك، نحن لم نغلق الأبواب في وجه الغرب أبداً، إنهم الذين أغلقوها"، وخلص في ختام تقديراته إلى أنه "سيكون من الأفضل لو سلكوا طريقاً مختلفاً، وبحثوا عن الوسائل السلمية. حتى وصل الأمر إلى هذا الحد، إنهم يريدون هزيمتنا في ساحة المعركة، دعهم يحاولون، وسنرى ما سيحدث، لكن من غير المرجح أن ينجحوا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات