تعمل أحزاب التحالف الرئاسي التي برزت حول الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، على تغيير القيادات بعد سجن أربعة قادة سابقين (جمال ولد عباس، أحمد أويحي، عمار غول وعمارة بن يونس)، لكنها تقدم زعامات جديدة من المحيط السابق ذاته.
ومع استمرار البرلمان وجميع المجالس المنتخبة وعددها 48 في المحافظات، و1541 في البلديات، تحافظ أحزاب التحالف سابقاً على الغالبية، بما يناقض شعارات الحراك الشعبي وأهدافه منذ البدايات.
ورفع الجزائريون شعارات متكررة تستهدف أولاً، جبهة التحرير الوطني، وبدرجة أقل الأحزاب الثلاثة الأخرى، التجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية.
في المقابل، منحت وزارة الداخلية اليوم الأحد، تزكية للتجمع الوطني الديمقراطي، تعتمد من خلالها نتائج دورة استثنائية للمجلس الوطني للحزب، التي منحت الأمانة العامة المؤقتة لوزير الثقافة السابق عز الدين ميهوبي، خلفاً للأمين العام المسجون أحمد أويحي، علماً أنّ التجمع هو ثاني أكبر الأحزاب الجزائرية من حيث التمثيل في المجالس المنتخبة (البرلمان، المجالس البلدية والمجالس الولائية).
وجه من النظام السابق يروج للتغيير
حاول معارضون لنهج الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، فرض أمين عام جديد من خارج المحيط السابق، في إشارة إلى مقربين من الأمين العام أحمد أويحي، لكن تلك المحاولات فشلت لصالح تيار آخر، صوّت لعز الدين ميهوبي.
وميهوبي ثاني أمين عام في أحزاب التحالف السابق، من دائرة النظام بحسب مراقبين، بعد وصول محمد جميعي إلى الأمانة العامة لجبهة التحرير الوطني، في حين يتصارع طرفان داخل تجمع أمل الجزائر قبل انتخاب رئيس جديد، يخلف عمار غول الذي يقضي فترة سجن في سياق تحقيق قضائي حول الفساد.
ويعتبر مراد عروج، رئيس حزب تأسس قبل أسابيع فقط (أحزاب ما بعد الحراك الشعبي)، أن "هذه الأحزاب المحسوبة على منظومة حكم سابقة، اشتغلت على تجديد الواجهة بشكل سريع من دون أن يمس هذا التغيير عمق هذه الأحزاب أو أسباب وجودها من الأصل".
ويضيف "أعتقد أن الهدف من هذه التغييرات واحد: تحضير ذاتها لتقديم الولاء للرئيس المقبل، ومثلما كان الحال عليه سابقاً، ستحاول أحزاب السلطة سابقاً استشعار من هو الرئيس المدعوم أو رجل الإجماع وستكون أول من يعلن مساندته، مع أن دعمها في ظروف ما بعد الحراك، سيكون نقمة على أي مترشح للرئاسيات، إذ إن ولاءها لا يمنحه أي شرعية شعبية، بل العكس".
إسلاميون وديمقراطيون
أما في تجمع أمل الجزائر "تاج"، فقد تعثر انتخاب رئيس جديد، بدعوى عدم اكتمال أعضاء المجلس الوطني، وأعلن الحزب تأجيل تزكية عبد الحليم عبد الوهاب لسبب تنظيمي، لكن مصادر حزبية كشفت عن خلافات بين تيارين على الأقل، يتنازعان على خلافة عمار غول، ما أدى إلى تأجيل العملية برمتها.
ويُحسب عبد الوهاب على التيار الإسلامي في الحزب، وهو مناضل سابق في حركة مجتمع السلم، التي ناضل في صفوفها عمار غول أيضاً في بداياته، أما التيار الثاني فيتشكل من "الديمقراطيين" القادمين من التجمع الوطني الديمقراطي، ويقودهم أحمين العمري، منسق الحزب في محافظة سطيف.
بحث عن أعذار جديدة
في سياق متصل، لا تخجل أحزاب التحالف الرئاسي سابقاً، من رفع "اعتذارات" مستمرة للجزائريين، فكما يردد جميعي على رأس جبهة التحرير الوطني أن "الحزب فقد بصيرته في وقت سابق وأنه يسعى إلى إصلاح ذاته"، شرع ميهوبي في تسويق خطاب شبيه "يعتذر" فيه عن ممارسات حزبه لسنوات.
وأضاف أن "التجمع مقيّد بدين سياسي تجاه الشعب، وسيعمل على استعادة المصداقية، وتحسين السلوك السياسي واستعادة موقع الحزب مع فتح الأبواب أمام جيل جديد من الشباب، وسنتبنى ثقافة جديدة للاقتراب أكثر من المواطن، لتفادي الوقوع في الأخطاء السابقة".
لا يبدو أن الخطاب الجديد للتحالف، أقنع عدداً من المراقبين في الساحة السياسية. ويقول الإعلامي حسان زهار "إن ما يحصل ليس سوى عملية ترميم وتحسين في واجهة جبهة التحريرالوطني وحلفائها السابقين. البناء الحقيقي يتم الآن على مستوى الأساس لقوى وطنية جديدة تعمل بصمت لإبراز طبقة سياسية جديدة ومختلفة بالكامل".
ويضيف "جميعي وميهوبي ليس لهما مكان إذا تحققت الديمقراطية التي ننشدها، أما إذا فشلنا في تحقيق الحلم، وعادت ممارسات التزوير، فمن الطبيعي أن يعود هؤلاء إلى الواجهة ليحكمونا مجدداً، وحينها لن تشرق شمس الجزائر قريباً".