الذكاء الاصطناعي يدخل المصممين عصراً جديداً من الإبهار

لم يكن من الممكن أن يظل عالم التصميم بمعزل عن التقنيات التي تقدمها ثورة الذكاء الاصطناعي، إذ بدأ سباق المنصات والبرامج والتطبيقات الخاصة بالتصميم في دمج تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي لتوفر لمستخدميها تجربة جديدة تتماشى مع سرعة التطبيق التي تقدمها هذه الثورة، موفرة الوقت والجهد من جهة ومانحة المصمم مساحة واسعة لتجسيد ما يدور في خياله بكبسة زر.

"فاير فلاي" (Firefly)

وكانت في مقدمة الشركات "أدوبي" (Adobe)، شركة إنتاج برامج الغرافيكس والأنيمايشن، التي خرجت بعناصرها الإبداعية المتسقة مع الذكاء الاصطناعي، لتعلن أنها على الطريق لمنح المبدعين قوى خارقة جديدة للعمل بسرعة خيالهم وزيادة مساحة التعبير الإبداعي والإنتاجية، وهي الرائدة في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع برامجها. إذ وفرت لعملائها في وقت سابق قدرات ذكية مبتكرة في برامجها مثل الفلاتر العصبية في "فوتوشوب"، لتمكنهم من إنشاء وتحرير وقياس وتحسين ومراجعة أجزاء المحتوى بقوة ودقة وسرعة عالية.

وكشفت "أدوبي" أواخر شهر مارس (آذار) الماضي عن إصدار تجريبي من "فاير فلاي "Firefly، وهو واحد من نماذج الذكاء الاصطناعي الإبداعية، الذي يركز أولاً على توليد الصور وتأثيرات النص، ويمنح المستخدمين على اختلاف مستوى خبراتهم ومهاراتهم إنشاء صور عالية الجودة بتأثيرات نصية مذهلة بقوة كبيرة ودقة عالية وسرعة وسهولة، والأهم أنه قابل للتطبيق تجارياً بعد أن درب نموذجه الأول على صور "أدوبي ستوك"(Adobe Stock)  والمحتوى العام والمرخص للمشاع الإبداعي.

ميزات جديدة

في إصدارها التجريبي لـ"فاير فلاي" لم تقدم "أدوبي" لمستخدميها قوة النتائج نفسها التي يولدها "ميدجورني"، إلا أنها تتميز عنه بالسرعة والتحكم العاليين عن طريق مجموعة واسعة من الإضافات للتعديل على الصورة بسلاسة حتى الوصول إلى التفضيلات الخاصة بكل مستخدم، مثل تحويل النص إلى صورة والتعديل على مقاسات الصورة وتموضعها وتغيير نوع المحتوى بين صورة عادية وغرافيكس وفنية، إضافة إلى تطبيق ثيمات خاصة على الصورة مثل الكارتون والفيكتور والثري دي وغيرها، وإضافة تأثيرات (Effects) على الصورة أو التحكم بالألوان والإضاءة ودرجتهما، والتركيب الخاص بالصورة مثل زاوية الصورة واتساعها وعمقها والقرب والبعد ودرجة الوضوح والتمويه وعمق الحقل. كما أن هناك مجموعة أخرى من التقنيات الذكية قيد الإعداد التي تعد "أدوبي" بها عملاءها من خلال وضع عبارة  coming soon على مجموعات أخرى مغلقة في الوقت الحالي.

وتحذر "أدوبي" أثناء تحميل الصورة من استخدمها لأغراض تجارية، واضعة شعار "أدوبي" عليها لتأكيد الحقوق.

تعديلات بكبسة زر

سابقاً كانت تتطلب التعديلات من المصمم القيام بخطوات عدة وتجريب طرق كثيرة حتى يصل إلى الطريقة الأنسب لكل التصميم. اليوم أصبح بإمكان المصمم الوصول إلى النتيجة التي يرغب فيها بمجرد تزويد البرنامج بها كتابياً، مثلاً توفر النسخة التجريبية من "فوتوشوب"، محرر "أدوبي" الرسومي الأول، أداة (Generative Fill) المزودة بإمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي يملكها "فاير فلاي"، ومن خلالها يمكن لفوتوشوب عمل أي شيء حرفياً، فقط إطلاق المستخدم العنان لخياله والبدء بكتابة أي شيء يخطر على باله ليحوله فوتوشوب بأداته الجديدة إلى حقيقة أمامه. على سبيل المثال يمكن استبدال أي جزء من الصورة بجزء يختاره المستخدم عبر تزويد البرنامج به نصياً، بحيث يحول فوتوشوب النص إلى عنصر بديل يضاف إلى الصورة، كما أنه من الممكن استكمال أي جزء منقوص من الصورة باحترافية عالية، إضافة إلى تحديد آلي ذكي لجزء معين في الصورة أو حذف الخلفية من الصورة باحترافية، فبمجرد تحديد مساحة معينة من الصورة يظهر مربع الأداة ومعه مستطيل النص الذي يفتح خيارات لا نهاية لها.

التطور في ظل الذكاء الاصطناعي

وأصبح بإمكان المصمم اليوم العمل على تحسين جودة التصاميم وتوجهها من خلال ما تقدمه تقنيات الذكاء الاصطناعي من اقتراحات تدعم عمل المصمم وتصل بتصميمه إلى نقطة انسجام تكاد تتسم بالكمال، إضافة إلى التزام الذكاء الاصطناعي بالمطلوب منه بشكل دقيق جداً بحيث يقدم في نهاية المطاف صورة تنتمي إلى نمط وأسلوب تصميم محدد بعيداً من تعدد الأنماط التي تشوش رسالة التصميم في أحيان كثيرة، والأهم من هذا كله ما تزوده الصور المخرجة بالذكاء الاصطناعي من إبداع وخيال وتجسيدات مبتكرة تلهم المصممين وتزودهم بأفكار مختلفة عن السائد من حولهم.