Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا أجور لموظفي القطاع العام في لبنان... فهل تعود الإضرابات؟

تواصل الإدارات الرسمية "تقنين الدوام" وخفض حضور العاملين لأيام محددة أسبوعياً وشهرياً

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مستقبلاً وفداً أسترالياً في السراي الحكومي في بيروت (دالاتي ونهرا)

ملخص

دخل القطاع العام في لبنان مرحلة ضبابية بسبب عدم تأمين الحكومة الاعتمادات المالية لدفع الأجور بدءاً من شهر يونيو

لن يتمكن موظفو القطاع العام في لبنان من قبض رواتبهم بنهاية شهر يونيو (حزيران) الجاري بسبب عدم توافر الاعتمادات لدى وزارة المالية، مما يضع 300 ألف موظف في الخدمة الفعلية و113 ألف موظفاً متقاعداً أمام مصير مجهول.

لا أموال في الخزانة

خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء أبلغ وزير المال يوسف خليل الحكومة بأن الاعتمادات المالية اللازمة لأجور العاملين في الأسلاك المدنية والعسكرية غير متوافرة، بالتالي لن تتمكن المالية من صرف أجور الموظفين في الإدارة العامة والقوى المسلحة والمعلمين، إضافة إلى المتقاعدين والأجراء والمتعاقدين.
وتؤكد أوساط وزارة المالية أن الاعتمادات التي كانت متوافرة في السابق صرفت بالكامل بعدما رفعت الحكومة المساعدة الاجتماعية لموظفي القطاع العام وأقرت أربعة رواتب كـ "بدل إنتاجية"، لا تدخل في أساس الراتب، فيما تشير إلى ضرورة اللجوء إلى "سلفات الخزانة" من أجل الحفاظ على استمرارية عمل المرفق العام إذا لم يوفق مجلس النواب في إقرار الاعتمادات اللازمة لدفع الأجور.

بوادر تحركات

وأدى هذا القرار إلى حال من الإرباك في أوساط موظفي القطاع العام وبدأت التحركات على الأرض. فعلى مستوى الأسلاك العسكرية اعتصمت مجموعات من أهالي وعائلات العسكريين في محافظتي عكار وبعلبك، وخلال إحدى التظاهرات شكت زوجات العسكريين وأطفالهم من تراجع نوعية حياتهم بعدما أصبحت قيمة أجر الجندي دون الـ 50 دولاراً، مطالبين الدولة بدرء شبح الجوع عنهم. كما قطع العسكريون المتقاعدون الطرقات في طرابلس (شمال لبنان) مطالبين بانتظام دفع الأجور وتحسين الخدمات الصحية والاجتماعية.
في المقابل عادت بوادر الإضراب إلى الظهور ولا تستبعد رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر "إعلان الإضراب مجدداً بعدما تحدثت المالية صراحة عن عدم تأمين المعاشات للموظفين". كما جاء التهديد من أساتذة التعليم الرسمي بمقاطعة امتحانات الشهادة الرسمية المقرر حصولها في الأسبوع الأول من شهر يوليو (تموز) المقبل.

شهر حاسم

ويعيش القطاع العام في لبنان أشهراً حاسمة، في وقت تواصل الإدارات العامة "تقنين الدوام" وخفض حضور الموظفين لأيام محددة أسبوعياً وشهرياً.
وتؤكد نوال نصر "في العادة لا تعجز الحكومة عن اجتراح الحلول والتسويات لأي نفقة تريدها حتى لو لم تكن ضاغطة، أو مهمة. وعوّدتنا في السابق تأمين الحلول بسحر ساحر"، واضعة "الإعلان عن عدم دفع الرواتب لموظفي القطاع العام" في خانة قيام السلطة باستنزاف الموظفين معيشياً ومعنوياً، "فهي لا تعدم وسيلة للضغط عليهم وهي بدلاً من القيام بالإصلاح الحقيقي للقطاع العام تلجأ إلى إنهاكه وإنهائه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتمسك نوال نصر بعدم السكوت عما أسمته "جريمة العبث بحقوق الموظفين ومصيرهم وبحياة عائلاتهم"، متعهدة "مواجهتها بكل الأساليب المتاحة" لموظفي القطاع العام.
إلى ذلك تسود مشاعر الخذلان في أوساط القطاع التعليمي بعدما عاد الأساتذة للتعليم بدوام كامل وتكثيف الدروس من أجل إنجاز المنهاج الدراسي تمهيداً لإجراء امتحانات الشهادة الرسمية. وتحدث أمين سر رابطة التعليم الثانوي حيدر خليفة عن جهد جماعي بين مختلف مكونات القطاع العام، إذ تعقد اجتماعات أسبوعية ودورية من أجل الخروج بموقف جماعي في مواجهة الحكومة، إذا ما أخلّت بوعودها، مشيراً إلى أنه "بعد التواصل مع مجلس النواب أبلغنا بأن هناك توجهاً لعقد لجان مشتركة وقد يبدأ وضع مشروع قانون فتح الاعتمادات في الأسبوع المقبل".

وتطرق خليفة إلى ملف الأساتذة، "إذ إن هناك بعض النقاط العالقة مع وزارة التربية، فمن جهة هناك الحوافز البالغة 125 دولاراً شهرياً للأستاذ وبدلات النقل المحددة بـ 450 ألف ليرة يومياً، وكذلك تقاضي بدل الإنتاجية خلال العطلة الصيفية السنوية"، وأوضح أن "الحكومة ربطت بدل الإنتاجية بـ 14 يوم دوام، فيما الأساتذة لا يداومون خلال الصيف، لذلك يستند المعلمون إلى موقف مجلس الخدمة المدنية الذي يعتبر العطلة الصيفية عطلة قانونية"، مضيفاً "بعد مراجعة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزيري التربية والمالية ومجلس الخدمة المدنية سمعنا مواقف تؤكد أحقية الأساتذة ببدلات الإنتاجية، ولكن لم يصدر حتى الساعة أي تعميم يؤكد ذلك. ولا يمكن معاقبة القطاع العام المنتج في التعليم والعسكر بسبب انهيار ليست لهم يد فيه".

الشهادة على المحك

وتتوجه أنظار موظفي القطاع العام إلى بداية شهر يوليو المقبل، ويشير حيدر خليفة إلى أنه "في حال لم يتم إنصاف الأساتذة، ربما نضطر إلى الضغط من خلال ورقة الامتحانات الرسمية وإعلان المقاطعة لها".
في سياق متصل أصدر وزير التربية عباس حلبي قراراً فتح من خلاله الباب أمام أساتذة القطاع الخاص للمشاركة في أعمال المراقبة والتصحيح. وهذا الأمر يقودنا إلى سؤال ممثل رابطة التعليم الثانوي عن إمكان الاستغناء عن أساتذة القطاع الرسمي، فأجاب خليفة، "من الناحية القانونية يمكن لأساتذة القطاع الخاص المراقبة والتصحيح، ولكن لا يمكنهم أن يكونوا رؤساء مراكز الامتحانات، أو تولي منصب مقرري لجان وضع الامتحانات، أو ترؤس مراكز التصحيح، أو تولي مهمة المراقب العام"، وعليه، "في حال مقاطعة القطاع الرسمي لا يمكن للقطاع الخاص إدارة الامتحانات الرسمية". واستدرك خليفة "مطالبنا ليست مستحيلة لذلك لا يفترض أن تكون الامتحانات الرسمية مهددة"، مشيراً إلى أن "المدارس الخاصة تستثمر في ضبابية الرؤية المستقبلية للمشهد التربوي بسبب استهتار الدولة وبدأ بعضها بفتح أقسام ثانوية للمرة الأولى في مسيرتها".
ووصف خليفة ما تقوم به الحكومة من إقرار مساعدات اجتماعية بـ"الترقيعات ريثما يستقر الوضع السياسي والمالي، وصولاً إلى تصحيح الرواتب والأجور"، رافضاً تحميل موظفي القطاع العام وسلسلة الرتب والرواتب مسؤولية الانهيار لأن "ما يجنونه شهرياً من منصة صيرفة يساوي المعاشات السنوية للقطاع العام"، كما أن "الحكومة لم تعمل على تأمين مصادر التمويل سواء في ميدان الأملاك البحرية، أو حل مشكلة الكهرباء ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي".

معاناة المتقاعدين

ولا تتوقف المعاناة عند موظفي القطاع العام العاملين وإنما تمتد إلى المتقاعدين منهم، فطالب ممثل المجلس التنسيقي لمتقاعدي القطاع العام الأستاذ عزيز كرم بإعطاء المتقاعدين حقوقهم كاملة تحت طائلة خطوات تصعيدية سيقوم بها المتقاعدون في الأسلاك الإدارية والعسكرية والتربوية والدبلوماسية في حال لم تنصفهم الدولة وقال إنه "ليس صحيحاً أن الدولة تعطينا الأجور من جيبها الخاص لأن المعاشات التقاعدية هي من نتاج الاقتطاعات التي كانت تأخذها الدولة من الأجور، إذ إن القانون كان يمنع استخدامها أو إدخالها إلى خزانة الدولة ولكن ما حصل هو خلاف ذلك وهدرت الأموال كافة".
في سياق متصل تتزايد شكوى القطاع العام من العجز عن تأمين بدلات الطبابة والاستشفاء ومن أجل تحسين أوضاعهم جزئياً، أصدر مدير عام تعاونية موظفي الدولة يحيى خميس قراراً عدّل بموجبه التعرفات للأعمال الطبية إلى 50 ضعفاً عما كانت عليه عام 2021 على أن يعمل بهذا القرار بدءاً من أول يونيو الجاري. وتمنت التعاونية على المستشفيات كافة التزام تطبيق هذه التعرفات وعدم تقاضي أي فروقات من المرضى زيادة على النسب المحددة في النظام الاستشفائي للتعاونية تحت طائلة فسخ العقود المبرمة معها.
ورحب المجلس التنسيقي بهذا القرار، معتبراً أنه يخفف جزئياً الأعباء الطبية والاستشفائية، وبحسب عزيز كرم فإن "الخطوة هذه لا تعيد الأمور لسابق عهدها ولكن تبقى أفضل من لا شيء".

المزيد من متابعات