Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يفعل سكر الجزائريين في مخازن مواد البناء؟

ضبط كميات كبيرة داخل مستودعات شركات الخرسانة وجدل حول استخدامه في أعمال الإنشاءات أو تخزينه للمضاربة

كميات ضخمة من السكر كانت مخبأة في مستودعات شركة لأعمال الخرسانة (مواقع التواصل)

ملخص

ذكرت أطراف أن الحادثة مرتبطة بشركات البناء، إذ إن السكر يستعمل كبديل لمادة كيماوية تدخل في صناعة الخرسانة.

ما علاقة السكر بورش البناء؟ سؤال عاد ليشغل بال الجزائريين من جديد بعد ضبط كميات ضخمة من تلك السلعة المهمة داخل مخازن لمواد الإنشاءات، وفي حين يؤكد أطراف أن السكر بات أحد أهم المواد التي تستعمل في إنجاز أعمال البناء والخرسانة، استنكرت أطراف أخرى ذلك واستبعدته تماماً معتبرة أن الأمر لا يتعدى كونه مضاربة واحتكاراً لسلعة تدعمها الدولة، مما يخلق ندرة في الأسواق ومن ثم شحن المواطن ضد الحكومة.

ضبط 11 طناً

وأعلنت عناصر فرقة حماية البيئة التابعة لجهاز الدرك في الجزائر عن حجز كميات ضخمة من السكر كانت مخبأة في مستودعات شركة متخصصة في الإنتاج الصناعي للخرسانة، وقالت في بيان إن العملية جاءت في إطار المراقبة العامة للإقليم ومن أجل مكافحة ظاهرة المضاربة بالسلع الأساسية ذات الاستهلاك الواسع وحماية المستهلك.

وأضافت أن عملية المداهمة أسفرت عن ضبط أكثر من 11 طناً من مادة السكر و34 ألف لتر من مادة المضاف الخرساني المصنوع من السكر مع توقيف أربعة أشخاص متورطين في القضية.

وبحسب المصدر ذاته، فإن الموقوفين يواجهون تهماً عدة، من بينها المضاربة غير المشروعة بما فيها تخزين مواد كثيرة الطلب لإحداث ندرة في السوق وإنجاز معاملات تجارية خارج الدوائر الشرعية.

قضية تثير الجدل

وأثارت القضية جدلاً واسعاً، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تحدثت جهات عن محاولات "تحريك" الشارع عبر إحداث ندرة في المواد الغذائية كثيرة الاستهلاك ورفع أسعار بعضها، بخاصة أن السلع المستهدفة مدعمة من طرف الدولة وتعتبر أساسية لدى معظم المواطنين وبشكل أكبر بالنسبة إلى المعوزين.

في المقابل، ذكرت أطراف أن الحادثة مرتبطة بشركات البناء، إذ إن السكر يستعمل كبديل لمادة كيماوية تدخل في صناعة الخرسانة، على اعتبار أن حبيبات السكر الكريستالية الشكل مادة غنية بالكربوهيدرات يمكنها الإحاطة بجزئيات المياه ومنعها من الاختلاط بعناصر مادة الأسمنت، مما يؤخر تصلب الخرسانة المسلحة، لا سيما في حالات ورشات البناء البعيدة، مما يحد من إتلافها وفقدان جزء من قوتها وقوامها الزمني والهندسي.

في السياق، يقول عضو جمعية "المستهلك" جمال الدين بن وناس في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن "حجز كميات ضخمة من مادة السكر داخل ورشات البناء لا علاقة له بما يتداول من أنه يسهم في منع تصلب الخرسانة"، متسائلاً "هل العلم لم ينتبه إلى أهمية هذه المادة في مجال البناء؟ وعليه فالتأويل لا أساس له من الصحة". وأضاف أن "الأمر يتعلق بشبكات المضاربة والاحتكار التي باتت تشكل خطراً على البلاد بعدما لجأت إلى اختراع كل الحيل والممارسات من أجل الربح السريع وزعزعة استقرار الشارع".

ويتابع بن وناس أن "اللجوء في كل مرة إلى المواد المدعمة أمر يثير الاستياء ويعتبر استغلالاً مقصوداً لقوت الجزائريين، بخاصة المعوزين، بالتالي فإن الحكومة مدعوة إلى الضرب بيد من حديد"، موضحاً أن إعادة النظر في سياسة الدعم أصبحت أكثر من ضرورة لمنع وضع المواطنين رهائن لدى شبكات الاحتكار والمضاربة وحماية القدرة الشرائية.

سلوك غريب

من جهته اعتبر المهندس سليم قاسمي أن ظاهرة خلط الخرسانة بمادة السكر سلوك غريب وغير مفهوم وغير طبيعي، وقال إنه "إذا تعلق الأمر بإبطاء عملية تصلب الخرسانة، فهذا اختراع مذهل، وأنا بصفتي خريج هندسة مدنية لم أسمع بهذا الأمر"، مشيراً إلى أن "قطاع البناء هو مجال تقني بحت وحساس ولا مجال فيه للتجارب العشوائية وغير المدروسة علمياً وكل إشكال لديه حلول تقنية، فمثلاً لا يمكن أن يعوض زيت الزيتون دواء الإنسولين"، وأبرز أن "جميع مشاريع البناء في الجزائر تخضع للمراقبة من طرف هيئات تقنية، بخاصة نوعية الخرسانة المستعملة، وعليه أستبعد فرضية استعمال السكر في الخرسانة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي كانت له قراءة أخرى، فشرح في تصريح مقتضب أن "ظاهرة استعمال السكر في الخرسانة تقليدية وليست وليدة اليوم، ويلجأ إليها أصحاب شركات تصنيع الخرسانة لكلفتها المريحة مقارنة بالمواد الكيماوية التي تتطلبها الخرسانة من أجل منع تصلبها، ثم أيضاً بسبب عدم توافر هذه المواد في السوق".

وقال إن كل ذلك ليس مبرراً لتحويل مادة مدعمة من طرف الخزانة العمومية وموجهة للاستهلاك البشري إلى الاستعمال الصناعي، مبرزاً أن ما حصل يعتبر في قانون محاربة المضاربة، مضاربة كاملة الأركان تعرض صاحبها لعقوبات شديدة وقاسية.

وليست المرة الأولى التي يتم ضبط كميات كبيرة من السكر داخل ورشات صناعة الخرسانة، إذ تمكن أعوان الرقابة بالتعاون مع الدرك في مارس (آذار) 2023 من حجز 5 آلاف كيلوغرام من هذه المادة داخل ورشة في العاصمة كانت ستستعمل للخلط مع خرسانة البناء، وشدد بيان لوزارة التجارة على أن التحقيقات الأولية أسفرت عن اقتناء المتهم لأكثر من 10 أطنان من مادة السكر خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى الـ14 من مارس 2023.

جهود لمواجهة الندرة

وتواجه الجزائر حالات ندرة مستمرة، لا سيما في المواد ذات الاستهلاك الواسع والمدعمة من طرف الدولة، الأمر الذي يتسبب في مشكلات تؤرق المواطنين الذين يدخلون في رحلة بحث لا تنتهي إلا بطوابير طويلة في كثير من الأحيان، مما يستدعي في كل مرة تدخل الحكومة من أجل توفير السلع وضمان وصولها إلى المواطنين.

وأكد وزير التجارة وترقية الصادرات الطيب زيتوني أن مشكلة الندرة على مستوى المواد الأولية واسعة الاستهلاك غير موجودة في الجزائر، معتبراً أن الخلل والإشكال كان حول عملية التوزيع وتنظيمها، وكشف عن اعتماد الوزارة جملة من التحسينات على خطة العمل من أجل بلوغ الأهداف التي وضعتها الدولة لضمان وفرة الإنتاج وحسن التوزيع وضبط السوق الجزائرية.

المزيد من تقارير