Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ينعاد علينا" مسرحيّة موسيقيّة عن العائلة وخلافاتها

ممثلون يؤدون ادوراهم بين الرقص والغناء والمواجهة الدرامية

مشهد من المسرحية الموسيقية "تنعاد علينا" (خدمة العرض)

ملخص

"ينعاد علينا" #مسرحيّة_لبنانية موسيقيّة شابّة تشبه بأفرادها وأخبارهم وخصالهم عائلات كثيرة، تنطلق من الواقع وتصبّ في الفنّ وتحمل معها للجمهور أطرف المواقف وأظرفها

تُعرض حاليًّا على خشبة مسرح مونو مسرحيّة لبنانية تنتمي إلى المسرح الموسيقيّ أو الميوزيكال بعنوان "ينعاد علينا" كتابة وإخراج سامر حنّا. ويُعدّ هذا الشكل من الأشكال الفنّيّة المسرحيّة الذي يجمع بين التمثيل والغناء والرقص قليل الحضور بعض الشيء في مسارحنا اليوم، لما فيه من صعوبة ومغامرة. فإلى جانب النصّ والحوار هناك أغانٍ يجب أن تُغنّى ورقصات يجب أن تؤدّى، وهو أمر يتطلّب الكثير من التمرين والتحضير والدقّة. فعلى الرغم من البساطة التي قد يبدو عليها هذا المسرح، ليس سهلاً تحويل نصّ وأغانٍ ورقصات إلى لوحة متناسقة متكاملة، خاصّة وأنّه يجب أن ينجح الأداء في تحويل كلمات الحوار وكلمات الأغاني إلى مشهدية جميلة لا تقلّل من قيمة الحبكة الدراميّة الأساسيّة للنصّ.

يتطلب هذا النوع من المسرح من صنّاعه مجهوداً على المسرح من ناحية الممثّلين عدا عن كونه نوعاً صعباً وقد يقع بسهولة في الخفة وقد لا ينال إعجاب الجمهور.

يواجه المخرج والكاتب المسرحيّ اللبنانيّ الشاب سامر حنّا هذه التحدّيات بشجاعة وعناد متسلّحاً بعلمه وثقافته ومعرفته، ويقدّم مسرحيّة "ينعاد علينا" وهي مسرحيّته الموسيقيّة الثالثة والتي يمكن أن يقال عنها أنّها مسرحيّة شابّة منعشة شيّقة مثيرة للفضول، لا تخلو لحظة منها من الإضحاك والسخرية. وسامر حنّا الذي يمثّل أيضاً على خشبة المسرح يؤدّي دوره إلى جانب ممثّلين ماهرين خفيفي الظلّ، يبدو جليّاً أنّهم يتقنون أدوارهم ويستمتعون بتأديتها. وقد تكون ماغي بدوي في دور تيريز ربّة العائلة، وهاغوب درغوكاسيان بدور سمير الأب، إلى جانب ليال الغصين وماريا بشارة وجوليان شعيا وجو رميا، بتمثيلهم وخفّتهم وبراعتهم من أبرز أسباب نجاح هذا العمل. فهُم، بدقّة تأديتهم لنصوصهم ورقصاتهم وبقدرتهم على البقاء في جلد شخصايّتهم طيلة الساعة والخمس وأربعين دقيقة التي يستغرقها العرض، منحوا الجمهور متعة ومادّة جميلة.

لعب على الكلمات

تدور أحداث هذه المسرحيّة حول عائلة مؤلّفة من أب وأم منفصلين وثلاثة أولاد يجهلون بأمر انفصال والديهما، ويملك كلّ واحد منهم حفنة أسرار يحتفظ بها هو الآخر. ويجتمع أفراد هذه العائلة في بيتهم ليحتفلوا بعيد ميلاد ابنهم الوحيد طارق، فتحضر أوّلاً الفتاتان ريما ومارينا المتعارضتان والمضادتان على مختلف المستويات، فتاتان شقيقتان مختلفتان في الطبع والشكل والتفكير ونمط العيش وإلى ما هنالك. ويظهر بعدهما حبيب كلّ واحدة منهما بخصاله وشخصيّته وهفواته.

ومع مرور الدقائق ومع تبلور مظاهر حياة هذه العائلة عبر الأغاني والحوار تتّضح خصائص شخصيّة كلّ فرد من الحاضرين على الخشبة. فالأمّ ملتزمة دينيّاً وتصلّي وتعلّق الأيقونات في مختلف زوايا البيت، وتضغط على أفراد عائلتها للتمثّل بها والصلاة معها، وذلك طبعًا بشكل كاريكاتوريّ جميل. أمّا الأب، فبتعابير وجهه وظرافته وتعامله بسهولة مع أمور الحياة يتحوّل إلى حضور لطيف يُضحك بسبب ما يشكّله من مفارقة مع شخصيّة الأمّ. كذلك الأولاد، كلّ بطبعه وبعالمه وبكلماته وبحركاته يقدّم نموذجاً عن أبناء العائلة اللبنانيّة. فهناك الابنة الخجول المنطوية على نفسها، وهناك الابنة القويّة الجميلة المبتهجة، هناك الشقيق الدائم الانهماك بسهراته وأصدقائه وهاتفه. وجوه وشخصيّات مستلّة من الواقع وموضوعة بإطار موسيقيّ فنّي جميل ومفاجئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبدو النصّ محكم الوضع، خفيف النكتة إلى جانب الأغاني المكتوبة بفنّيّة وسهولة وعامّيّة مضحكة تقرّب الجمهور من حالة الممثّلين. ومن اللافت أنّ العنوان يحمل هو نفسه لعبة كلمات ذكيّة. فـ"ينعاد علينا" تُقال في العامّيّة اللبنانيّة لتمنّي أن يعود العيد على أهله وأن يظلّوا بخير في كلّ مرّة يعود فيها. إنّما الـ "ينعاد علينا" في هذا النصّ المسرحيّ، تحمل معنى آخر أيضاً، وهو تكرار الأحداث نفسها في اليوم التالي إنّما بانقلاب الأدوار. هذا الانقلاب في الأدوار والشخصيّات والخصال وخصائص كلّ شخصيّة هو من أبرز عناصر الإضحاك في هذا العمل.

لعب على المسرح

يقدّم ممثّلو هذا العمل أداء مميّزاً ومتماسكاً في إطار ديكور داخليّ منزليّ هادئ مريح ينقل الجمهور إلى عقر دار تيريز وسمير، بيت يشكّل جزءًا من هويّتهما وماضيهما وعائلتهما بما فيه من أدوات وأشياء وصور وأيقونات. وبمجرّد أن ينظر المتفرّج إلى عناصر الديكور حتّى يتمكّن من تحديد خصائص أفراد هذه العائلة وطباعهم وحالتهم الاجتماعيّة والمادّيّة والدينيّة. وبالإضافة إلى الديكور ترافق الموسيقى العمل وتساعد في بلورة الشخصيّات وترسيخ معالمها ويظهر واضحاً من خلال الرقص المتقن والمتناسق أنّ الممثّلين قد تمرّنوا بشكل محترف ودؤوب، فهم دائماً متوافقون مترافقون على وقع الموسيقى والكلمات وتكاد تخلو حركاتهم من أيّ خطأ أو زلّة.

"ينعاد علينا" مسرحيّة سامر حنّا الموسيقيّة الجديدة، مسرحيّة منعشة شابّة تشبه بأفرادها وأخبارهم وخصالهم عائلات لبنانيّة كثيرة، تنطلق من الواقع وتصبّ في الفنّ وتحمل معها للجمهور أطرف المواقف وأظرفها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة