دعا سياسيو المعارضة في العاصمة الروسية أنصارهم إلى احتجاجات لإجبار الكرملين على التراجع، عن قرار استبعادهم من المشاركة في انتخابات المجلس البلدي لمدينة موسكو، مع أن السلطات الروسية العليا تكاد لاتعود عن قراراتها نهائياً.
وكان جميع المرشّحين المستقلين ممن قدّموا طلبات المشاركة في الانتخابات، قد أُبلغوا ظهر الثلاثاء الماضي أنّه لن يُسمح لهم بخوض الانتخابات.
في المقابل، تُعتبر الغالبية الساحقة من المرشّحين البالغ عددهم 216 الذين مُنحوا الضوء الاخضر للمشاركة، من مؤيّدي الرئيس فلاديمير بوتين. ومن المستبعد أن تؤدّي قرارات إضافية كان من المقرر أن تصدر لاحقاً عن لجان الانتخابات إلى تغيير الصورة العامة.
وكانت السلطات الروسية قد اعتمدت، قبيل الانتخابات المزمع إجراؤها في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل، أنظمة جديدة للترشّح ليس من السهل تلبية متطلباتها الكثيرة. و سيتحتّم للمرّة الأولى على المرشّحين المستقلين الذين لاترد اسماؤهم على لوائح الاحزاب، أن يجمعوا تواقيع 3 % من مجموع ناخبيهم. وبفعل القواعد الجديدة ، فإن المرشحين الذين تُعتبر 10% من التواقيع التي جمعوها غير صالحة لسبب او آخر، يواجهون الاستبعاد بشكل تلقائي.
في هذه الاثناء، اتُهم الكرملين بأنّه تعمّد إحداث هذه التغييرات لإعاقة نجاح معارضيه. ونتيجة لهذه التعديلات، لم يعد يحق لاشهر مرشحي المعارضة جميعاً، بمن فيهم إيليا ياشين الصديق المقرّب لبوريس نيمستوف المعارض الذي اغتيل ؛ وليوبوف سوبول، وهو محامٍ وصديق مقرّب من أليكسي نافالني خصم الكرملين وأشهر زعماء المعارضة، بالإضافة إلى ديميتري غودكوف العضو السابق في مجلس الدوما وأحد النواب الاربعة الذين صوتوا ضدّ ضمّ جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014. علماً أنّ لهؤلاء الثلاثة حظ وافر بالفوز في الانتخابات.
ومن المتوقّع أن يُستبعد ايضاً المعارض جينادي، والد غودكوف، من الترشح بذريعة عدم أهليته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصف غودكوف الأب، الذي كان يتحدث لصحيفة " اندبندنت"، الاستبعاد بأنه عبارة عن عملية "تطهير" للمعارضين. وأضاف "اعتقدوا أنّ بوسعهم إيقافنا بواسطة التواقيع، ولكن عندما فشلوا في ذلك، عمدوا إلى استخدام تدابير أكثر قمعية. لقد أدركوا أن ليس بوسعهم الفوز فوزاً نظيفاً. ولهذا نشهد اليوم على اغتصابهم الإجرامي للسلطة."
وتشمل عملية التدقيق في التواقيع نقل البيانات يدوياً من اللوائح المكتوبة باليد إلى قواعد البيانات الرسمية. وبعد ذلك يجري التحقّق منها من خلال مقارنتها بالقوائم الانتخابية. وقال كثير من المرشّحين الذين رُفضت ترشيحاتهم بأنّ الاخطاء افتُعلت عمداً من جانب طاقم اللجنة الانتخابية في هذه المرحلة.
في إحدى الحالات، رفضت إحدى اللجان المحلية توقيعاً من فيكتور شاينيس، وهو عالم سياسي عُرف بمشاركته في كتابة الدستور الروسي. وفي حادثةٍ أخرى، قررت اللجنة بأنّ توقيع غودكوف لدعم ياشين كان مزوّراً فيما أصرّ الرجل أنّه توقيعه. واستُبعد ياشين من الترشّح أوائل الاسبوع الماضي بعدما رفضت السلطات 11,4 % من التواقيع التي جمعها.
ولم يكن متوقعاً أن تتحول انتخابات المجلس المحلية إلى معركة سياسية حامية نظراً إلى صلاحيات النواب المحدودة نسبياً. وبوسع أعضاء المجلس المصادقة على الموازنات السنوية او رفضها ولكن ليس بوسعهم مراقبة صفقات العقارات أو خطط التطوير الكبرى. كما يمكنهم إرسال طلبات رسمية لهيئات الدولة ولكن حصولهم على الإجابات ليس أمراً مضموناً. ولذا تساءل معارضون مّا إذا كانت انتخابات المجلس البلدي تستحقّ هذه المعركة التي تدور رحاها حالياً.
من جهته، اتهم غودكوف هذا التحليل بقصر النظر، قائلاً إن وجود السياسيين المعارضين في أيّ سلطة تشريعية هو أمر بغاية الأهمية ، وخصوصاً في العاصمة الروسية. وأضاف "تتمتع الانتخابات في العاصمة دائماً بأهمية كبرى. حين تنجحون بإيصال ممثليكم إلى المجلس، سيكون بوسعكم التأثير على جدول الأعمال، وبالتالي التأثير على التلفزيونات والصحف. تذكّروا أنّ العواصم هي مهد الثورات."
من ناحيته، رفع ياشين صوته بالتحدّي أمام تجمّع انتخابي ضمّ 300 شخص في وسط موسكو الاسبوع الماضي. وقال "لن أستسلم من دون مواجهة. إذا سلّمنا بالأمور وسكتنا، سنُدمّر جميعنا."
ومن المتوقّع أن تُستأنف الاحتجاجات في وقت لاحق وسط إصرار سياسيّي المعارضة بأنّهم لن يهدأوا حتى يُسمح لهم بخوض الانتخابات.
© The Independent