ملخص
قضت #المحكمة_الدستورية في الكويت اليوم ببطلان انتخابات #مجلس_الأمة الحالي واستعادة المجلس السابق سلطته الدستورية "كأن الحل لم يكن"، في خطوة تترتب عليها آثار قانونية وسياسية عدة.
استجابت المحكمة الدستورية في الكويت لعشرات الطعون التي قدمت إليها بعد حل مجلس أمتها الماضي، وقضت اليوم الأحد ببطلان الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر (أيلول) "كأن لم تكن"، وحكمت لصالح إعادة البرلمان السابق الذي تم حله، بعد انسداد الأفق السياسي في البلاد.
ووفقاً لوكالة الأنباء الرسمية في البلاد، فإن قضاء المحكمة ببطلان الانتخابات والآثار التي أنتجتها، كانت بسبب "وجود تناقضات في مرسوم حل البرلمان السابق".
وحصلت "اندبندنت عربية" على نص الأحكام النهائية التي أصدرتها المحكمة، وهي ثلاثة أحكام، حملت منطوقاً متقارباً، بنت فيها الدستورية قرارها ببطلان الانتخابات على أساس واحد، هو مخالفة حل البرلمان السابق للدستور الكويتي، إذ كان الإشكال بين الحكومة في ذلك العهد والبرلمان، أما بعد قبول استقالة الحكومة وتعيين أخرى مكانها، فإن حل المجلس لم يكن له ما يبرره، بحسب المحكمة.
وقالت في مسوغاتها للحكم الذي أصدرته "كان الواضح أن الحل جاء استناداً إلى المادة 107 من الدستور بسبب ما ثار من خلاف بين الحكومة السابقة ومجلس الأمة، الذي أفضى إلى ما وصفه مرسوم الحل بعدم التوافق وعدم التعاون والاختلاف، فإن لازم ذلك أن يكون هذا الحل بناء على طلب الوزارة التي ثار الخلاف بينها وبين مجلس الأمة، فإذا كانت هذه الوزارة قد قبلت استقالتها بكاملها وتم تعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء قام بتشكيل وزارة جديدة وصدر مرسوم بها، فإن الخلاف وعدم التعاون بين مجلس الأمة والحكومة السابقة يكون قد انتهى أمره وزال أثره".
ليس هناك ما يبرر الحل
ومضى نص الحكم في تسبيب قرار الإبطال، مشيراً إلى أن "الوزارة الجديدة استهلت أعمالها في اليوم التالي لتشكيلها بطلب حل مجلس الأمة من دون أن تتبين موقف ذلك المجلس منها ومدى إمكان التعاون بينها... فإن الحل يكون بذلك مفتقداً للسبب المبرر له مخالفاً الضوابط الدستورية... وبالترتيب على ما تقدم يكون إجراء هذا الحل قد جاء مشوباً بالبطلان مستوجباً عدم الاعتداد به وترتيب آثاره".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلصت الجهة التشريعية الأعلى في الإمارة الخليجية، إلى أنه تبعاً لتلك الأسباب التي دونتها باستفاضة في حكمها الذي حصلت "اندبندنت عربية" عليه فإنها قضت بـ"إبطال عملية الانتخاب برمتها التي أجريت بتاريخ 29 سبتمبر 2022 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من أعلن فوزهم فيها، لبطلان حل مجلس الأمة وبطلان دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، التي تمت على أساسها هذه الانتخابات، مع ما يترتب على ذلك من آثار".
وحتى لا تترك المحكمة أي مجال للتأويل شددت على أن أخص تلك الآثار "أن يستعيد المجلس المنحل من تاريخ صدور الحكم بقوة الدستور سلطته الدستورية كأن الحل لم يكن".
وأثيرت بعض التساؤلات عن قانونية قرار المحكمة الدستورية والشبهات التي أدت إلى إبطال مرسوم الحل لمجلس 2020 ومرسوم البطلان لمجلس 2022.
واستطلعت "اندبندنت عربية" آراء بعض الخبراء والمحللين السياسيين والقانونيين الدستوريين في شأن ما أصدرته المحكمة الدستورية بعودة مجلس 2020 بأعضائه إلى سابق عهده.
حل البرلمان مخالف لقانون
يقول الخبير الدستوري أستاذ القانون في جامعة الكويت إبراهيم الحمود لـ"اندبندنت عربية" أن "مرسوم الحل جاء مخالفاً كونه مرسوماً وزارياً طلبه رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف الصباح لوجود عدم تعاون بين الحكومة والنواب وحينها لم يقسم رئيس الحكومة اليمين لا شكلاً ولا موضوعاً أمام المجلس، وعليه كل الآثار التي ترتبت على العملية الانتخابية أدت إلى إبطال مرسوم الحل، واستتبعه بطلان الدعوة للانتخاب واستتبع ذلك بطلان نتيجة الانتخاب وجميع الآثار التي ترتبت على العملية الانتخابية برمتها".
وأشار الحمود إلى أن "المحكمة الدستورية تصدت لهذه المراسيم لأنها محكمة طعون انتخابية تستمد اختصاصها من المادة الأولى من قانون إنشائها وفقا للمادة (95) من الدستور التي منحت مجلس الأمة الحق بأن يعهد اختصاصها الأصيل بفحص الطعون الانتخابية للجهة القضائية، وأسند إليها المجلس هذا الدور منذ عام 1974".
وحول الإشكالات القانونية التي قد يثيرها أعضاء المجلس المبطل، أوضح الحمود أن سببه "عدم تعاون الوزراء الجدد مع أعضاء المجلس القديم، وقد يكون هناك خلاف جديد يحصل بعد القسم من جانب النواب على أثره يرفع الأمر للأمير لحل مجلس الأمة، وهذا المناط الوحيد الذي قد يملكه المجلس".
وختم الحمود، "نحن في دولة قانون ونتبع ما نص عليه الدستور بأن قرارات المحكمة الدستورية ملزمة ونافذة".
حكم نهائي
وحول قرار المحكمة الدستورية الذي يعتبر حكماً نهائياً لا يقبل الطعن فيه، قال المحلل القانوني عبد السلام العنزي لـ "اندبندنت عربية " في شأن النظرة القانونية والآثار المترتبة على قرار المحكمة الدستورية بعودة مجلس 2020، "إن جميع أعمال مجلس 2022 أعمال صحيحة وتنتج آثارها، وإن كان هناك رأي يقول ببطلان تلك الأعمال".
وأضاف، "يبدأ مجلس 2020 أعماله من تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية وتحسب المدة إضافة إلى المدة الباقية حتى يتم أربع سنوات".
وأكد العنزي في تصريحه أنه "لا يوجد أي سبيل قانوني يمكن للأعضاء الحاليين المبطلين لمجلس 2022 أن يسلكوه، فهم من اليوم يعتبرون أعضاء تم إبطال عضويتهم وليس أعضاء سابقين".
دوامة قانونية
بدوره قال المحلل السياسي عايد المناع لـ "اندبندنت عربية" إنه ترتب على حكم المحكمة الدستورية لمجلس الأمة 2022 استعادة مجلس الأمة المنحل 2020 سلطته الدستورية وكأنه لم ينحل، ومن الناحية الدستورية فالبطلان يعنى عودة المجلس لأن الحل شابه عوار قانوني ووفقاً للمادة (107) من الدستور".
وتساءل المناع، "هل ستقدم الحكومة الجديدة نفسها الى المجلس حتى تصبح عضواً؟ أم أن أعضاء المجلس السابق الذين كانوا محتجين على الحكومة السابقة ويحدثون ضوضاء، وقد يؤدي إلى حل مجلس الأمة 2020 وإجراء انتخابات جديدة، والمهم تجنب ما يمكن الطعن فيه دستورياً".
وحول كونها أزمة حقيقية شدد المناع بقوله، "نعم نحن أمام أزمة كبيرة بسبب مثل هذه الإجراءات التي باعتقادي شخصياً ليس لها مبرر، فما الذي يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بالعملية الانتخابية التي أجريت واستجاب الشعب لها بالدعوة الأميرية التي وجهها الأمير من خلال ولي العهد في الـ 22 من يوليو (تموز) الماضي وذهب الشعب إلى الاقتراع على إثرها".
وحول سابقة تاريخية في إبطال المجلس أضاف عايد المناع، "نعم حصل الإبطال لمجلس 2012 وكان برئاسة أحمد السعدون إذ أُبطل وعاد مجلس 2009، ثم حل وأجريت انتخابات أخرى، ومجلس علي الراشد الذي انبثق عنه إبطال المجلس لعدم انطباق الضرورة على الهيئة الانتخابية التي أشرفت على الانتخابات".
وختم المناع، "نحن في دوامة قانونية ودستورية وأرى ألا مبرر لها ما دام هناك ذوو اختصاص ومستشارون، ويجب أن يكون هناك حذر شديد في الحل أو الإبطال".
ما مصير القوانين؟
أما القوانين والقرارات التي أصدرها المجلس الحالي الذي قضت المحكمة ببطلانه، فإن المحكمة أوضحت أنها "تظل سارية ونافذة إلى أن يتم إلغاؤها أو يقضي بعدم دستوريتها".
وكانت المحكمة قد قررت بتاريخ الثامن من مارس (آذار) الجاري حجز الطعون الانتخابية في جميع الدوائر الانتخابية للحكم في 19 من الشهر نفسه، بحسب الوكالة الكويتية.
وفازت المعارضة الكويتية بـ28 من مقاعد مجلس الأمة الـ50، وعادت المرأة إلى المجلس في الانتخابات التشريعية التي جرت في سبتمبر 2022، بعد شهرين من حل البرلمان في الدولة الخليجية النفطية التي تشهد حياة برلمانية استثنائية، قلبت استقرارها السياسي في تقدير بعض المراقبين رأساً على عقب.
وشاركت في هذه الانتخابات، وهي السادسة في 10 سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد، مثل رئيس البرلمان الحالي أحمد السعدون.
وتهز هذا البلد الواقع على مقربة من إيران والعراق أزمات سياسية متكررة تتعلق بالحكومة وشخصيات سياسية وبرلمانية.