ملخص
إلغاء #مزاد بيع #مخطوط نادر للأمير #عبد_القادر "مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة" كان مقرراً عرضه في #فرنسا
انتقلت معركة الذاكرة بين الجزائر وفرنسا من المستوى السياسي الرسمي إلى النخبوي الشعبي بعد أن تمكنت حملة جزائرية من إلغاء مزاد بيع مخطوط نادر للأمير عبد القادر، "مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة"، كان مقرراً عرضه في فرنسا.
حملة شعبية وصمت رسمي
وبين من اعتبر أن الخطوة جاءت نتيجة حملة جزائرية عبر مواقع التواصل تعارض بيع المخطوط، ومن أشار إلى أن الأمر يتعلق بضغوطات من أعلى سلطات البلدين، أُلغي مزاد لبيع مخطوط نادر للأمير عبد القادر الجزائري، كان من المقرر تنظيمه في مدينة فان الفرنسية.
وذكرت صفحات محسوبة على الجالية الجزائرية بالمهجر وبعض النخب، أنه "بفضل تكاتف جهود الجزائريين في فرنسا، سُحبت مخطوطة إسلامية تعود إلى الأمير عبد القادر من المزاد"، وأوضحت أن مسؤول دار المزادات قال في اتصال: "سأضمن تسليم هذا المخطوط إلى القنصلية الجزائرية في مدينة نانت الفرنسية حتى ينتهي به المطاف في متحف بالجزائر".
في المقابل، تلتزم الجهات الرسمية في الجزائر وباريس الصمت، ولم يصدر أي تصريح بالخصوص، ما أثار غضب فئات واسعة من رواد الفضاء الأزرق، الذين اعتبروا أن تجاهل الخطوة من الجزائر إنما يؤكد عدم الاهتمام بتاريخ البلاد، بينما هو تهرب من تحمل المسؤولية من طرف باريس.
سحب الوثيقة من المزاد
وكانت دار المزادات "أنتير أونشير" في مدينة فان الفرنسية، تنوي عرض المخطوط وفق موقعها، لكنها عادت وحذفت البلاغ الذي جاء نصه قصيراً. وجاء في النص أن المخطوط المقصود كان لدى قبيلة جزائرية من أتباع الأمير عبد القادر، وأن القبيلة كانت ترعى أغنامها حين أغارت عليها القوات الفرنسية بقيادة الجنرال تيوديل شانغارنيي عام 1842، واستولى أحد الضباط الفرنسيين على المخطوط، وهو الملازم بلانري من جيش أفريقيا، وقال إنه أرسله هدية إلى باريس في 29 أغسطس (آب) 1842.
وفي كتاب للجنرال الفرنسي، شانغارنيي تيوديل، منشور بباريس في 1849، يشير إلى العديد من الغزوات التي قادها عام 1842، منها واحدة في منطقة الجزائر والتيطري، وغزوة كبيرة عام 1842 ضد قبيلة "بني وراغ" في أعالي جبال "الونشريس". وذكر أن حصيلة هجومه 50 قتيلاً، وثلاثة آلاف أسير من أفراد القبيلة، كما أشار إلى غزوة أخرى مباشرة بعد الأولى، أسفرت عن غنيمة كبيرة تمثلت في الاستيلاء على 15 ألف جمل و300 حصان وبغل وبين 15 إلى 16 ألف رأس غنم، وكل البغال كانت محملة بكمية كبيرة من الغنائم.
والمخطوط فقهي لمؤلفه الهادي أبو سرور ابن عبد الرحمن العبادي الشافعي من القاهرة، تم إنجازه في شهر أغسطس 1620، وتم نسخه في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1659 من طرف محمد ابن محمد ابن قاسيم ابن عيسى ابن محمد الغبريني الهادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ليس حدثاً فريداً؟
وفي السياق، يرى أستاذ علم الاجتماع، عبد السلام فيلالي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن الأمر ليس حدثاً فريداً، ويجب إدراجه ضمن إطار "استرجاع الأرشيف الجزائري الموجود في فرنسا"، وقال إن أول ما يجب القيام به كجزائريين، شعباً وحكومة، هو جرد محتوياته المعلنة والمخفية، مشدداً على أن "هذا الهدف لو تحقق سيعد بمثابة استرجاع حق تاريخي وتصحيح مسار ظلم تعرضت له الذاكرة الجزائرية".
ويتابع فيلالي: "إننا نتصور مئات الأطنان من هذا الأرشيف لمكتبات الجزائريين"، وختم أن المهمة الأكبر، وهذا ما يطالب به الجزائريون في الحوار مع الفرنسيين في ما يخص ملف الذاكرة، هي "استرجاع أرشيفنا".
ممارسات من شأنها التأثير سلباً في العلاقات
من جانبه، يرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، أن "القوانين والأعراف الدولية أقرت مجموعة من الضوابط في المعاملات الدبلوماسية والثقافية، بخاصة في ما يتعلق بالقانون الصادر عام 1972 الذي يقضي بإرجاع أية مادة تراثية أو أثرية تم الاستيلاء عليها في الفترات التاريخية السابقة، سواء في الفترة الاستعمارية أو لها علاقة بعملية تهريب دولية". وقال إن "ما أقدمت عليه فرنسا أخيراً يخالف كل القوانين الدولية والذي من شأنه المساس بملكية الشعوب وحقها في استرجاع تراثها وآثارها، بعد محاولة بيع مجموعة من المخطوطات تعود الى عام 1620، وحتى بعد هذا التاريخ، ونعني بذلك مخطوطة تم الاستحواذ عليها خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية للجزائر".
ويواصل حبيب، أن نجاح الحملة التي شنها بعض الجزائريين في إلغاء بيع المخطوطات التاريخية في المزاد العلني في فرنسا، خطوة مهمة جداً نحو استرجاع بقية التراث والمخطوطات، مشدداً على أن مثل هذه الممارسات من شأنها التأثير سلباً في العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الجزائر وبقية الدول، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتراث وتاريخ أمة. وختم أنه "حان وقت استرجاع كل ما له علاقة بتاريخ علماء الجزائر وتراثهم وتاريخهم".