أشار النوّاب إلى أن وزارة الداخلية ألغت عشرات الآلاف من تأشيرات الطلاب الأجانب، استناداً إلى أدلّة "مضللة وغير مكتملة وغير آمنة".
وتجاهلت الوزارة نصيحة الخبراء واعتمدت على أدلّة "متحايلة" عندما اتهمت ما يقارب 34 ألف طالب بالغشّ في اختبارات اللغة الانكليزية في 2015 بحسب تقريرٍ جديد نشرته "المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب" حول "اختبار اللغة الإنكليزية بغرض التواصل الدولي".
ولأنهم لا يملكون حقوقاً كافية لتحدي ذلك القرار، أُخبِر أولئك الطلاب بأن دراساتهم أُنهيت، ولا يحقّ لهم البقاء في المملكة المتحدة. واحتُجِزَ بعضهم في مراكز ترحيل وخسروا وظائفهم وتُركوا في العراء نتيجةً لذلك، على الرغم من دخولهم إلى البلاد بشكلٍ قانوني.
وتعرّض الطلاب للاستهداف بعدما أجرت هيئة "بي بي سي" تحقيقاً في 2014 حمل عنوان "بانوراما"، عرضت فيه عمليات الغش المنظم في بعض الكليات التي أجري فيها "اختبار اللغة..." لطلبة يسعون إلى تجديد تأشيراتهم. ويُعدّ هذا الاختبار واحداً من الاختبارات التي بوسع الطلاب الأجانب الخضوع لها لإثبات الكفاءة في اللغة الانكليزية، التي تشكل إحدى متطلبات الحصول على التأشيرة.
وعلى أساس الأدلّة التي جُمِعَتْ من طلاب تأثُروا بالقرار وخبراء قانونيين وتقنيين، أفاد التقرير أنّ مسؤولي وزارة الداخليّة أنفسهم قالوا أنّهم غير واثقين إذا ما كانت الأدلّة التي استُخدمت ضدّ الطلاب متينة إلى حد تقديمها إلى المحاكم. وتساءل التقرير عما إذا كان متوجباً "دعمها بأدلة اخرى" أو "إعادتها من جديد".
وأفاد التقرير أنّ ذلك حدث بعد أن اتخاذ إجراءات ضدّ آلاف الطلاب على أساس تلك الأدلّة، غير أنّ وزارة الداخلية تجاهلت نصيحة الخبراء في ذلك الاجتماع ولا تزال ترفض الإقرار علناً حتى بمجرد حدوث ذلك الاجتماع.
كما أثارت الدراسة الشكّ حول أدلّة أُخِذَت من تقرير يعود إلى العام 2016 اعتمدت عليه وزارة الداخلية بشكلٍ واسع أثناء التحرّك ضدّ الطلاب، وقد خلُص ذلك التقرير إلى أنّ نسبة الطلاب الذين اتّهِموا زوراً بالغشّ لم تتجاوز الواحد في المئة.
ونقل البروفسور بيتر فرانش الذي كتب تقرير الأدلّة، إلى "المجموعة البرلمانية..." أنّ ذلك الرقم لا يكون صحيحاً إلا إذا ثبتت صحّة النتائج التي زُوّدت بها وزارة الداخليّة من قبل "مركز خدمات الاختبارات التربوية" (مقرّه الولايات المتحدة)، علماً بأن تقييمه للغشّ يوصف بأنّه "غير آمن وغير موثوق".
وأخبر أحد المحامين الذين تعاملوا مع حوالى مئة قضية مرتبطة بـ"اختبار اللغة..."، النوّاب أنّ الحكومة "استنبطت عمليّة صعّبت إلى أقصى حد ممكن" على المتهمين بالتزوير في "اختبار اللغة..." العمل على تبرئة أنفسهم ممّا يتركهم "من دون حل فاعل".
كذلك وجدت "المجموعة البرلمانية..." أنّ بيتر ميلينغتون، مسؤول في وزارة الداخلية يترأس مجموعة عمل مخصصة لمساندة الطلاب المتأثرين بتلك المزاعم، قد رفض بعث رسالة من أعضاء المجموعة تعبر عن المخاوف بشأن نقص الدعم المقدّم إلى الطلاب، عازياً السبب إلى "عدم إمكانية أن يكتب مثل تلك الرسالة إلى مديره".
وأشار أعضاء في البرلمان إلى أنّ الطلاب الذين ربحوا قضاياهم ما زالوا ممنوعين من الدخول إلى المؤسسات التعليمية في المملكة المتحدة، إذ يُنظر إلى سجلاتهم في دائرة الهجرة بوصفها تهديد لرُخَص تلك المؤسّسات التعليمية.
تعتبر آسيا غول إيرام من الأشخاص الذين طاولتهم تأثيرات تلك القضية، إذ تواجه اليوم خطر الترحيل مع ابنتيها للعودة إلى زوجها الذي يعنّفها في باكستان، نتيجةً لاتهامها بالغش، وذلك ما تنفيه بشدّة.
وفي مثالٍ آخر، ما زال نامزول شودهوري، وهو مواطن من بنغلادش، يصارع من أجل تبرئة اسمه بعد أربع سنواتٍ من اتهامه، وقد أنفق على الرسوم القانونية اللازمة لذلك الغرض أكثر من 7000 جنيه استرليني (8730 دولار).
وتحدّث النائب ستيفان تيمز، رئيس "المجموعة البرلمانية..."، عن مسألة ""اختبار اللغة..."، مشيراً إلى إنّه "من الأمور التي صدمتني أثناء جلسات الاستماع هي أنّ الأدلّة المقدمة من "مركز خدمات الاختبارات التربوية"، التي تشكّل القاعدة الأساسية في رفض تأشيرات آلاف الطلاب الأجانب مع ما يخلّفه ذلك آثار كارثية في غالب الأحيان، لا يمكن الاعتماد عليها بكلّ بساطة."
وأضاف، "تمكّن بعض الطلاب، مقابل تكاليف باهظة جداً، من تبرئة أسمائهم. ولكن، ما زالت الجامعات تعتبرهم خطراً بسبب طبيعة الادعاءات التي طاولتهم. مع استمرار الأمور على ما هي عليه، وفي غياب كل مساعدة من الحكومة، أرى أنّ مستقبلهم سيبقى قاتماً. ويرسي ذلك التقرير خطواتٍ حاسمة نعتقد أنّه يجدر بالحكومة اتخاذها."
يأتي ذلك عقب إصدار "مكتب التدقيق الوطني" تقريراً في مايو (أيار) وجد أنّ بعض المتأثرين بالاتهامات وُصفوا "بأنهم غشاشين، وخسروا تكاليف دراساتهم، ورُحّلوا من المملكة المتحدة، من دون أن يرتكبوا الغشّ أويُمنحوا الفرصة المناسبة لتبرئة أسمائهم."
وتحدّثت تلك الهيئة الرقابية عن ترحيل 2468 شخصاً من المملكة المتحدة جرّاء الفضيحة، مشيرة إلى أن العدد مستمرّ في التزايد، و4157 شخصاً متهماً بالغشّ مُنحوا إجازة بقاء مع وجود المئات ممّن ما زالوا يخوضون معارك قانونية.
وأوضح متحدث بإسم وزارة الداخلية أنّ "التقرير لا يعكس ما توصّلت إليه المحاكم التي وجدت دائماً إنّ دليل الغشّ ليس كافياً بالنسبة لنا كي نتحرّك. وبحسب ما أشار "مكتب التدقيق الوطني" أخيراً، تعرّض نظام "تأشيرة الطلبة" لإساءة استخدام واسعة النطاق في 2014، ومعظم الذين شاركوا في الغشّ تقريباً كانوا مرتبطين بكلياتٍ خاصة سبق لوزارة الداخلية أن أثارت مخاوف ملحوظة بشأنها. كما كان "مكتب التدقيق الوطني" واضحاً بشأن نطاق سوء الاستخدام وطبيعته المنظّمة الأمر الذي أثبته وجود 25 شخصاً سهّلوا عملية الغش وتلقّوا إداناتٍ جنائية."
© The Independent