ملخص
13.4 في المئة من #الأسر_المصرية تعولها #الأم، بمعدل 13 أماً من بين 100 يتكفلن بإعالة أسرهن بالكامل
في ظل استمرار تراجع الجنيه المصري أمام الدولار وتأثير ذلك في المواطنين من خفض للرواتب أو تسريح بعض العمالة، وأحياناً غلق بعض المشاريع أمام الخسائر المستمرة، تواجه نساء الطبقة المتوسطة المعيلات الأزمة على طريقتهن الخاصة في محاولة للحفاظ على مستوى معيشة الأسرة وعدم السقوط من الطبقة المتوسطة إلى الكادحة.
وبحسب دراسة أجراها المرصد المصري التابع للمركز المصري للدراسات الاستراتيجية فإن 70.3 في المئة من هؤلاء السيدات يتكفلن بإعالة أسرهن بعد وفاة الزوج، و16.6 في المئة منهن متزوجات، و7.1 في المئة مطلقات.
ولجأت السيدات إلى استثمار بيوتهن للبدء في مشاريع تدر عليهن دخلاً إضافياً، وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أرباح من خلال التسويق الإلكتروني ودعمها بفكرة معارض الـ "اليوم المفتوح" (Open Day) الشهرية لعرض المنتجات والمشاريع الصغيرة التي يعملن عليها في المنزل، وتستغل كل سيدة من خلالها ما تجيده من مهارات ومواهب حتى إن بعضهن لجأن إلى تحويل حبهن للطبخ وابتكار الأكلات والحلويات المشهورة في المجتمع المصري إلى مشاريع مربحة، وأيضاً المشغولات اليدوية مثل الديكورات الصغيرة والأكسسوارات، وحتى تصميم الملابس وعرضها بمعارض "اليوم المفتوح".
مقاتلات في الكواليس
3.3 مليون أسرة مصرية تعولها امرأة من إجمال 24.7 مليون أسرة في مصر، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أي أن هناك 13.4 في المئة من الأسر المصرية تعولها الأم، بمعدل 13 أماً من بين 100 يتكفلن بإعالة أسرهن بالكامل.
تقول ليلي راشد، وهي إحدى العارضات في "اليوم المفتوح"، إنها خريجة تجارة وتركت عملها منذ أشهر بسبب الخسائر التي أدت إلى إغلاق الشركة، مضيفة أن ارتفاع الأسعار وقلة الدخل كانا وراء مشاركتها مع العارضات للحصول على دخل إضافي يخفف أعباء المعيشة، بخاصة بعد نجاح مشروعها المنزلي في إعداد "الأكل البيتي"، معتمدة على مهارتها وتميزها في الطبخ.
وتضيف ليلى أن الهدف من مشاركتها في تلك المعارض هو بناء علاقات أكثر تماسكاً مع العملاء، وتوسيع دائرة الزبائن للوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم، فالتواصل على أرض الواقع لا يمكن الاستغناء عنه بالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي رغم أهميتهما في الترويج.
أما هالة سلطان، وهي إحدى العارضات وأرملة تعول ثلاثة أبناء، فترى أن ترويج المنتجات المنزلية من الوسائل المربحة التي تتناسب مع الأزمة الحالية، وهي تعمل على زيادة دخل أسرتها من خلال مشاركتها في المعارض بالمشغولات اليدوية من أكسسوارات ورسم على الماجات وتصنيع الشموع، مؤكدة أن معاش زوجها لم يعد يكفي طلبات الأولاد، كما أن عملها تأثر بشدة وتم خفض راتبها، ولم يكن لديها خيار سوى الاستمرار في البحث عن وسيلة إضافية تعوض الفارق، فقامت باستغلال هواياتها التي كانت تجيدها قبل الزواج وطورتها عبر كورسات "أون لاين"، وتعلمت كيف تحصل على الخامات بأقل كلفة من تجار الموسكي والعتبة (أحياء تجارية بالقاهرة)، لتحولها إلى قطع تصل مكاسبها إلى النصف تقريباً، مؤكدة أنها سعيدة بالربح واجتياز الأزمة وتوسيع مشروعها من خلال معارض "اليوم المفتوح" حتى أصبح لديها زبائن يعرفونها بالاسم.
تقول هالة، "بعد وفاة زوجي عانيت كثيراً، ولم يكن بوسع والدي ووالدتي الإسهام في توفير طلبات أبنائي وهم في مختلف المراحل العمرية، ولم أجد أمامي سوى مشروع المشغولات اليدوية ومحاولة تسويقها من طريق تلك المعارض أو عبر صفحات مواقع التواصل للعرض والطلب وكسب الزبون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤكد المتخصص في التسويق الإلكتروني أحمد عبدالرحمن جبر أن تلك المشاريع النوعية الصغيرة يمكنها أن تسهم بالفعل في الحد من التأثير السلبي للأزمة الاقتصادية على شريحة عريضة من المجتمع، لافتاً إلى أن الكلفة الباهظة لإيجارات المحال الثابتة وحاجتها إلى التجهيزات بموازنة ضخمة، ثم كلفة الدعاية كي تصل إلى عدد متواضع من الزبائن مع ضخ كميات كبيرة من المنتجات لتغطي مساحة المحل، كلها عوائق حقيقية تحتاج إلى رأسمال كبير لا يتمكن كُثر من تغطيته، لذا تعد فكرة معارض "اليوم المفتوح" منافساً شرساً للمحال الثابتة على كل الصعد.
وينصح جبر السيدات بضرورة تعلم ودرس فن التسويق الإلكتروني بدلاً من الاعتماد على شركات الدعاية والإعلان في عمل الحملات الترويجية، بخاصة في بداية مشروعهن لتوفير المبلغ المدفوع لشركات الدعاية، وتأجيل خطوة الاعتماد على الدعاية الاحترافية إلى ما بعد تحقيق نجاح أولي، لكنه يشدد على ضرورة درس التسويق بشكل جاد للتمكن من إنجاح حملات الترويج وعدم إهدار مبالغ بلا طائل في الإعلانات، مشيراً إلى أن دورات التسويق المجانية متاحة على الإنترنت بخلاف الكتب التي أصدرها أهم المتخصصين في هذا المجال.
وأكد جبر أن التسويق الإلكتروني يختلف باختلاف المنصة التي يتم التسويق من خلالها، فيجب على السيدات الإلمام الكامل بطرق وتكتيكات التسويق ليحققن أكبر عائد ممكن لمشاريعهن، موضحاً أن التسويق عبر الإنترنت يعد أحد أهم عوامل نجاح المشاريع الخاصة والاستثمارات الصغيرة، ويحتاج درساً وصبراً وممارسة لإتقانه، إذ ليس من المفضل الاكتفاء بمعلومات عامة في هذا المجال كما يفعل كثيرون.
ويتفق أحمد عبدالقادر، متخصص في مجال التسويق بواحد من المتاجر الإلكترونية العالمية، مع جبر في أن حملات الترويج لها إستراتيجيات دقيقة لتحقيق النجاح والأهداف المنتظرة منها، ولا يفضل الارتجال فيها من دون خبرة كافية لتجنب هدر جزء من الموازنة في تلك الحملات، لكنه يحذر أصحاب المشاريع الصغيرة من الاعتماد على نظام "اليوم المفتوح" وحده، الذي قد يحقق أرباحاً لكن دعمه بالتسويق الإلكتروني يساعد في نجاح المشروع ليصل إلى قطاع أكبر من العملاء خلال وقت أقل.
ينافس المحال بشراسة
بعد أن أنهت لبنى مخلوف عملها في القطاع الحكومي لدى الهيئة العامة لقصور الثقافة، قررت أن تتولى مشروعاً بسيطاً مشابهاً لتنظيم المعارض الرسمية التي كانت تتولاها بحكم وظيفتها، فقررت أن تقوم شهرياً بتأجير مساحة داخل أحد الأماكن العامة مثل النوادي أو المولات التجارية، وتحويلها إلى طاولات صغيرة ملونة وتأجير كل طاولة للعارضات في مقابل أجر رمزي.
تقول مخلوف إن إيجار المنضدة الواحدة بعد أن كانت تتراوح ما بين 300 و400 جنيه (13 دولاراً أميركياً) زادت الضعف تقريباً نظراً إلى ارتفاع الرسوم والتجهيزات والأسعار في كل شيء، مضيفة أنهن غالباً ما يقمن المعرض في نهاية الأسبوع ليتناسب مع مواعيد المدارس لأبناء السيدات المشاركات فيه، ويختلف حجم الإقبال على المعرض بحسب المنطقة.
وتضيف، "أهم العقبات والمشكلات التي تقابلنا في تنفيذ معرض اليوم المفتوح هي الإجراءات الرسمية والتصاريح الخاصة بتنفيذه، والتي قد تضطرنا إلى تأجيل موعده أحياناً، لكننا وجدنا وسيلة للتغلب على تلك العقبة بعمل يوم مفتوح مصغر في بيت أي منا ممن لديهن مساحة مناسبة تسمح بإقامته".
وأكدت مخلوف أنها استطاعت من خلال إنشاء صفحة على موقع "فيسبوك" الإعلان عن ذلك للسيدات اللاتي لديهن متاجر إلكترونية ويعملن في التسويق "أون لاين"، مؤكدة أن الاستفادة على الجانبين مجزية، فبعيداً من المكسب المادي اكتسبت صداقات كثيرة وعلاقات اجتماعية أكبر للتغلب على الوحدة بعد وفاة زوجها العام الماضي وزواج بناتها، بدلاً من الجلوس في المنزل بمفردها بعد التقاعد.
أما يارا حسن (20 سنة) إحدى العارضات، وهي طالبة في كلية الفنون الجميلة وتمتلك موهبة في التفصيل والتطريز وتصميم أرقى الموديلات لملابس المحجبات. فترى أن "اليوم المفتوح" أو التسويق على الطريقة الحديثة في أماكن كثيرة ومتنقلة أفضل من امتلاكها محلاً ثابتاً في مكان محدد، إذ تستطيع من خلال إقامة المعارض المتنقلة بجمهورها الواسع توصيل موديلاتها إلى زبائن كثر، لافتة إلى أنها تساعد والدتها في إعالة أسرتها بعد وفاة والدها، وهي تمارس ذلك العمل إلى جانب دراستها الجامعية.