Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبطين الترع في مصر... حفظ للمياه أم إهدار للمال؟

الحكومة تعيد تقييم المشروع وسط انقسام حول جدواه ومطالب بتغيير الاستراتيجية

كان مشروع إعادة تأهيل الترع في مصر حظي باهتمام رئاسي وتم وصفه بـ"المشروع القومي" (مواقع التواصل)

بعد نحو عامين على إطلاقه، شرعت #الحكومة_المصرية في إعادة تقييم المشروع القومي لتبطين الترع على ضفتي #نهر_النيل.

وكانت الحكومة أعلنت أن تنفيذ المشروع يوفر خمسة مليارات متر مكعب من المياه لدولة تعاني عجزاً مائياً كبيراً يزداد وقعه كل عام بفعل الزيادة السكانية، فضلاً عن التحدي الذي يمثله سد النهضة الإثيوبي على مياه النيل، المصدر شبه الوحيد للمياه لنحو 105 ملايين مصري.

وبدأت وزارة الري المصرية في نهاية 2020 تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع المخطط أن يجرى على مرحلتين، وأن يشمل تأهيل ترع بإجمالي 20 كيلو متراً في 20 محافظة، على أن ينتهي المشروع بالكامل عام 2024، بتكلفة 80 مليار جنيه وفق تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2021.

إلا أن الوزارة أعلنت في مطلع العام الحالي تشكيل وحدة لإعادة تقييم ومراجعة العمل في تأهيل الترع، وأعقب ذلك جلسة برلمانية في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي شارك فيها وزير الري المصري هاني سويلم، أفاد خلالها بوجود بعض المشكلات في المشروع، كما أقر بأنه لا يمكن التعامل مع كل الترع بطريقة استخدام الخرسانة نفسها، واصفاً تبطين جميع الترع بتلك الطريقة دون تمييز بأنه "إهدار للمال العام".

مشروع قومي

والترعة هي مجرى مائي محفور لنقل المياه من نهر النيل للأراضي الزراعية في الوادي والدلتا، ويعني "تبطين الترع" إكساء السطح الترابي للقناة المائية لمنع تسرب المياه، وذلك عبر طرق متعددة، سواء بطبقة من الأحجار بسمك 30 سنتيمتراً، وفوقه طبقة من الخرسانة العادية بسمك 10 سنتيمترات، أو باستخدام خرسانة مسلحة وخرسانة عادية تعلوها طبقة من الرمال المثبتة، ومن المفترض أن تحديد نوع التبطين يكون وفقاً لطبيعة التربة المارة بها الترعة.

وحظي مشروع إعادة تأهيل الترع باهتمام رئاسي ووصف بـ"المشروع القومي"، ففي 27 سبتمبر (أيلول) 2021، قال الرئيس المصري خلال كلمته أثناء افتتاح النسخة الرابعة من أسبوع القاهرة للمياه، إن "كمية المياه التي تصل إلى مصر ليست بكثيرة، ولن تتغير، بالتالي فإن علينا تحسين جودة وكفاءة نظم الري، مؤكداً أن تطوير القطاع الزراعي يمكننا من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاستيراد، كما أن الرقعة الزراعية ستزيد بفضل استخدامنا الجيد للمياه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلال السنوات الماضية كانت تظهر شكاوى في مناطق عدة بعدم وصول المياه إلى الأراضي الزراعية في نهايات الترع، إما بسبب سوء حالة الترع أو ممارسات خاطئة في الري الذي ما زال معظمه بطريقة غمر الأرض بالمياه، التي يستخدمها المصريون منذ عهد الفراعنة.

وأشار السيسي إلى أن الهدف من المشروع تحسين وصول المياه إلى الأراضي الزراعية، حتى لا يقل إنتاجها ويخسر المزارع، ونبه إلى أن نقص المياه بسبب سوء الاستخدام يؤدي إلى تبوير الأراضي الزراعية ونقص مساحتها.

مواجهة العجز المائي

ووفق موقع الهيئة العامة للاستعلامات، وهي هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية، فإن مشروع إعادة تأهيل وتبطين ترع الري أحدث المشروعات المصرية لمواجهة أزمة العجز المائي، حيث يستهدف الحفاظ على كميات المياه المهدرة بعد تسربها إلى التربة الطينية، موضحاً أنه من المتوقع توفير نحو خمسة مليارات متر مكعب من المياه التي كانت تهدر بطول مجاري الشبكة المائية في جميع أنحاء الجمهورية، كما تسهم صيانة الترع وقنوات الري في الحد من كمية البخر للمياه، وتقليل نسب الشوائب التي تصل إلى نهاية الترع وتقلل من كفاءتها، فضلاً عن ضمان وصول المياه بصورة أسرع دون أعطال للأراضي الزراعية، وتقليل تكاليف الصيانة السنوية للمجاري المائية.

ومن بين فوائد المشروع، بحسب الموقع الحكومي، إنهاء ظاهرة المياه الراكدة في الترع، التي تسبب أمراضاً مثل البلهارسيا التي تنتقل للإنسان وتؤثر في الصحة العامة، كما أن فقد المياه في باطن الأرض ما بين 30 و40 في المئة، ما يضر الأراضي المجاورة لها ويجعلها لا تصلح للزراعة، وبجانب عدم وصول المياه إلى نهايات الترع، فإن عدم التأهيل يضر بكميات المحصول الزراعي.

كان رئيس مصلحة الري سابقاً، محمود السعدي، قد أكد في تصريحات لصحف محلية عند إطلاق المشروع أن هدفه التعامل مع شكاوى عدم وصول المياه للمزارعين في نهايات الترع، مشيراً إلى أن الزيادة السكانية التي تفوق   مليوني نسمة سنوياً قادرة على التهام موارد المياه المقدرة بـ55 مليار متر مكعب، وفق اتفاقية عام 1959 مع السودان.

وأشار إلى أن قطاع الترع عانى لسنوات من وجود الحشائش والمخلفات التي أعاقت المياه من الوصول إلى الأراضي الزراعية، لذا بدأ المشروع بالترع التي وصفها بالمتعبة بخاصة في محافظة بني سويف (جنوب القاهرة) التي لطالما عانت معظم قراها من ندرة المياه، مضيفاً أنه مهما كانت تكلفة المشروع فإنه يوفر على مصر ملايين الجنيهات التي كانت تنفق ثلاث مرات سنوياً لتنظيف الترع من الأشجار والحشائش وكذلك النفايات المتراكمة داخلها، والتي كانت تعوق المياه.

حجم الأعمال المنفذة وصل إلى تأهيل 6517 كيلو متراً من الترع، وفق بيان لوزارة الري صدر في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي، وأوضح أنه يجري العمل في 3855 كيلو متراً أخرى، وطرح 1664 كيلو متراً للتنفيذ.

وحسب تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تشمل خطة العام المالي 2022/2023 استهداف تأهيل 5759 كيلو متراً من المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع، حيث خصصت 24 مليار جنيه للمشروع خلال ذلك العام، من بين إجمالي المشروع الذي يشمل تبطين 20 ألف كيلو متر خلال الفترة من العام المالي 2020/2021 إلى 2023/2024.

الاعتراف بالأخطاء

وبعد مرور أقل من عامين على انطلاق المشروع وتسلم وزارة الري للترع المؤهلة، ظهرت شكاوى من بعض الأهالي على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين نشروا صوراً لشروخ في ألواح الخرسانة واختلاف أطوالها بعد أسابيع من انتهاء تأهيلها، إضافة لتراكم القمامة في عدد من الترع، وانخفاض منسوب المياه في بعضها الآخر، ما يصعب من وصول المياه إلى الأراضي الزراعية.

واعترف المتحدث باسم وزارة الري محمد غانم بوجود أخطاء فنية في مناطق قليلة، موضحاً أنه جرى إحالة بعض الحالات للتحقيق لمعاقبة المخطئ، إذ يعد مهندس الري في المنطقة هو المسؤول عن التأكد من سلامة الأعمال قبل تسلمها من مقاول التنفيذ، مشيراً في تصريحات تلفزيونية إلى أن المقاول سيعيد تنفيذ العملية على نفقته الخاصة في حال ثبوت مخالفات.

وأضاف أن الوزارة أصدرت دليلاً استرشادياً لمواصفات المشروع، وأن نسبة الأخطاء قليلة و"لا تذكر" والحديث عنها من باب الشفافية، ولا تقلل من حجم مشروع بلغت تكلفته حتى الآن 18 مليار جنيه، مشدداً على المضي قدماً فيه وفق الدليل الإرشادي، وأنه ليس بالضرورة التبطين بالخرسانة، بل سيقتصر التأهيل في بعض الحالات على التطهير من المخلفات والحشائش والمهم تحقيق هدف إعادة الترعة لتأدية وظيفتها الأساسية وهي نقل المياه بالكفاءة والكميات المطلوبة للأراضي الزراعية.

هجوم النواب

بدوره، قال وزير الري المصري هاني سويلم، خلال إحدى الندوات إنه لن يقبل أي أعمال تأهيل بمستوى متدن في الجودة، بخاصة أن مهندس الري هو المسؤول عن تسلم الأعمال من المقاول باعتباره التابع للجهة المالكة وهي وزارة الموارد المائية والري، مشيراً إلى أنه وجه بضرورة مرور مهندسي الوزارة على أعمال التأهيل لمتابعتها أثناء التنفيذ لضمان جودتها.

وخلال جلسة لمجلس النواب المصري، منتصف الشهر الماضي، واجه سويلم هجوماً حاداً من كثير من النواب، حيث قدم 54 طلب إحاطة وسؤالين للوزير، ركز كثير منها على ما وصفه النواب بالآثار السلبية للمشروع وتسليمه غير مطابق للمواصفات، فيما دعا آخرون الوزير لشمول المشروع الترع في دوائرهم الانتخابية، لكن الوزير وصف تبطين كل الترع بالخرسانة بأنه "إهدار للمال العام"، مؤكداً أن وزارته تفعل ما بوسعها لإزالة المخلفات من قنوات وترع الري، وفق ما نقلته مواقع صحافية محلية.

ومن بين طلبات الإحاطة ما قدمته النائبة هالة أبو السعد، وأوضحت خلاله أن مشروع تبطين الترع أضر ببعض المنازل في عدد من القرى بسبب عدم وجود وسيلة للصرف الصحي ما أدى لتخزينها أسفل المنازل التي تصدع بعضها، وطالبت بإيجاد حل سريع لتلك المشكلة.

مسمى خاطئ

وبرأي وزير الري السابق محمد نصر علام، فإن طرح مشروع تبطين الترع جاء في ظل ضغوط أزمة سد النهضة واتجاه الدولة لزيادة كفاءة استخدام المياه قدر المستطاع، وكتب عبر حسابه على "فيسبوك" أن "المسمى قد يكون خاطئاً والأصح تسميته (إعادة تأهيل شبكة الترع)". واعتبر أن ما يتردد من توفير خمسة مليارات متر مكعب من فواقد المياه بالرشح من قبيل "المبالغة" في أهداف المشروع، موضحاً أن مجموع فواقد الرشح من نهر النيل وكافة الترع نحو ثمانية مليارات متر مكعب من المياه سنوياً، تدخل إلى مخزون المياه الجوفية في دلتا ووادي النيل وتستخدم مرة أخرى في أغراض الشرب والزراعة.

وأضاف علام أن الهدف الأساسي للمشروع قد يكون حل المشكلات البيئية والتلوث في الترع، بخاصة قرب التجمعات السكنية في القرى والمدن، وحل بعض مشكلات الاختناقات المائية، مشيراً إلى أن الأطوال الكبيرة والاتساعات المختلفة للترع يجعل إعادة تأهيلها باستخدام الخرسانة المسلحة يستغرق سنوات طويلة وميزانيات هائلة لا يمكن تدبيرها، بينما لا توجد كميات كافية من الطين لاستخدامها في إعادة تشكيل الترع بدلاً من الخرسانة.

ولفت إلى أنه في عهد الرئيس السابق حسني مبارك (1981-2011) كانت وزارة الري تقوم بتغطية بعض الترع (نقل المياه في مواسير) بدلاً من التبطين. ودعا الوزير السابق إلى تحديد أولويات تنفيذ المشروع وهل هي سياسية أم فنية أم اقتصادية، ومعرفة هل هناك بدائل أخرى لإعادة تأهيل الترع بتكلفة أقل.

دراسة مسبقة

من جهته، قال أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن هناك بعض الترع والقنوات لم تكن تحتاج لتبطين، مشيراً إلى وجود أنواع مختلفة من التربة والترع تحتاج إلى دراسة دقيقة قبل بدء تنفيذ مشروع التبطين وتعميمه بنموذج معين.

وأضاف شراقي لـ"اندبندنت عربية" أن هناك بعض الترع كانت فيها أزمات نتيجة ممارسات خاطئة وإلقاء مخلفات وغيره، قد لا تحتاج لتبطين ولكن يمكن علاج أزمة وصول المياه فيها من خلال تنقيحها بالكراكات ووقف الممارسات الخاطئة فقط، لافتاً إلى أن اتساع عرض بعض الترع نتيجة عوامل الزمن والتعرية لها الأولوية في التبطين.

وتابع شراقي أن المياه المهدرة بسبب الري بالغمر تؤول إلى الآبار وتتحول إلى مياه جوفية، ويمكن استرجاعها واستخدامها مرة أخرى من خلال التوسع في حفر الآبار وتعديل شبكة الصرف في الحقول الزراعية وليس شبكة الري والترع، مضيفاً أن حجم الفاقد من المياه بسبب الترع قد لا يتجاوز نصف مليار متر مكعب فقط سنوياً، قائلاً "لا أعتقد وجود أي دراسة تثبت تسريب الترع لأربعة مليارات متر مكعب من المياه".

وطالب أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بالاكتفاء بما نفذ من المشروع وهو ما يقرب من سبعة آلاف كيلو متر، بخاصة مع ارتفاع الكلفة في ظل الأزمة الاقتصادية وتحرير سعر الصرف، وتحويل المشروع لإعادة تأهيل ترع الري وليس تبطين جميع الترع مع تحديد النوع المناسب من التبطين لعلاج المشكلات.

تغيير الوزير

في المقابل، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة نادر نور الدين، أن السبب الرئيس في إعادة الحكومة المصرية النظر بمشروع تبطين الترع ومدى جدواه في الحفاظ على الموارد المائية هو تغيير الوزير، إذ عين الوزير الحالي هاني سويلم في أغسطس (آب) 2022، خلفاً لمحمد عبد العاطي الذي تبنى فكرة المشروع وعمل على تنفيذه خلال توليه الحقيبة الوزارية.

وقال نور الدين لـ"اندبندنت عربية"، "في مصر الوزارة تعني الوزير وتغييره يعني بالطبع تعديلاً في الأولويات ونظرة مختلفة لمشروعات وتوجهات وسياسات الوزارة بحسب وجهة نظره"، مشيراً إلى أن مشروع التبطين أوصي به سابقاً من الاتحاد الأوروبي وعدد من المنظمات الدولية المانحة لمصر في إطار تحسين سياسات الري واستخدام الموارد المائية.

وأوضح نور الدين أن وزير الري الحالي يرى عدم إمكان وضع كود ثابت لجميع الترع في مصر، ويجب بحث كل منها بشكل منفرد، موضحاً أن تطبيق وجهة النظر الجديدة يشكل صعوبة كبيرة، في ظل امتلاك مصر ما يقرب من 60 ألف كيلو متر من الترع، ودراستها بشكل منفصل سيحتاج 100 سنة لتنفيذ المشروع.

وبرأي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، فإن "المشروع يمثل اتجاهاً قومياً لدى الدولة المصرية، جرى تنفيذه بناءً على توجيهات رئاسية، بالتالي من الخطأ وقفه أو إعادة النظر فيه في منتصف عملية التنفيذ، داعياً الوزير الحالي لإعادة النظر في تصريحاته وأفكاره والبعد عن انتقاد سياسات من سبقه في إدارة الوزارة، ما يخلق حالة من البلبلة يستغلها البعض ضد الدولة المصرية".

وأكد نور الدين أن المشروع سيوفر لمصر ما لا يقل عن سبعة مليارات متر مكعب من المياه كانت تهدر في مسام التربة الطينية، وسيؤدي لسرعة وصول المياه للمزارعين، مشدداً على أن "تصريحات الوزير عن المشروع أمام البرلمان فهمت بشكل خاطئ، فهو لم يتحدث عن إهدار المال العام في المشروع ككل، لكن حديثه كان في سياق الرد على سؤال حول تبطين جميع الترع الكبرى بالكامل، وهو محق في ذلك".

وعن ظهور بعض المشكلات الفنية في الترع المبطنة، قال نور الدين، إن الأزمات والعيوب في المشروع ليست بسبب الوزير، لكن يُسأل عنها المقاول المكلف التنفيذ واللجنة الفنية المنوط بها التسلم، وبالفعل أحيل بعض المهندسين للتحقيق، وكلف مقاولون إعادة التنفيذ وإصلاح العيوب على نفقتهم الخاصة، لافتاً إلى أن المشروع متوقف حالياً بشكل مؤقت بسبب الأزمة الاقتصادية وسيمنح ذلك الوزير فرصة لإعادة تقييم ما تم تنفيذه.

أزمة المياه

وتصل احتياجات مصر من الموارد المائية سنوياً إلى نحو 114 مليار متر مكعب، وتستورد 30 مليار متر مكعب سنوياً مما يسمى المياه الافتراضية، وهي منتجات غذائية زراعية وحيوانية، كانت ستستهلك تلك الكمية من المياه في حال إنتاجها محلياً، وبحسب وزارة الري يبلغ إجمالي الموارد المائية لمصر نحو 60 مليار متر مكعب، وتتضمن حصتها من مياه النيل وتبلغ 55.5 مليار متر مكعب، 85 في المئة منها تأتي من الهضبة الإثيوبية، ونحو 2.1 مليار متر مكعب من المياه الجوفية العميقة، إضافة إلى مياه الأمطار والسيول بواقع 3.1 مليار متر مكعب، وتحلية المياه المالحة بكمية قدرها 350 مليون متر مكعب سنوياً (وفق تقديرات عام 2016). ويعني ذلك وجود عجز مائي يقدر بأكثر من 20 مليار متر مكعب، ويزداد كل عام نظراً إلى الزيادة المطردة في عدد السكان، وهي الفجوة التي تحاول الدولة المصرية سدها عبر مشاريع تنقية مياه الصرف الزراعي والصحي والصناعي.

وفي عام 2017 قدر نصيب المواطن في مصر من مياه النيل بنحو 585 متراً مكعباً، ما يجعله تحت "خط الفقر المائي" وتصنف مصر ضمن الدول التي تعاني ندرة المياه، بخاصة أن النقطة الحرجة لحصة الفرد عالمياً محددة عند ألف متر مكعب.

وذكرت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات أن توقعات البنك الدولي والأمم المتحدة تشير إلى أن مصر عام 2025 ستصل إلى مرحلة "أزمة المياه المطلقة" التي يكون فيها نصيب الفرد أقل من 500 متر مكعب، مع استمرار الاعتماد على نهر النيل كمصدر شبه وحيد للمياه (يمثل نحو 80 في المئة من الموارد المائية)، وثبات حصة مصر فيه منذ اتفاقية حوض النيل عام 1959، وفي الوقت نفسه معدلات نمو سكاني تفوق اثنين في المئة سنوياً.