Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من دافنشي إلى ديغا: كيف أثر ضعف النظر على فنانين مشهورين

عانى ديغا من ضعف في النظر من العام 1860 إلى العام 1910، حيث أصبح أسلوبُه أكثر خشونة مع تفاقم مرض عينيه

حول ليوناردو دافينشي ربما ساهم في تحسين جودة أعماله كلوحة موناليزا الشهيرة (إي بي أي)

هل ساهم ضعف البصر في عبقرية ليوناردو دافنشي؟ هذا ما يقترحه بحثٌ جديد.

بعد تحليل وجه رسام عصر النهضة من خلال تفحص عدد من اللوحات والرسومات والمنحوتات، تبين أنه ربما عانى من نوع من الحوَل، المعروف طبياً بـstrabismus.

يُعتقد أن دافنشي قد عانى أحد أنواع الحوَل الذي يُطلق عليه اسم "الحوَل الوحشي المتقطع"، وهي حالة تؤدي إلى توجه إحدى العينين أو كليهما إلى الخارج، وتصيب شخصاً واحداً من كل 200 شخص.

اقترح الباحثون أن هذا الاضطراب ربما ساعد دافنشي، إذ إنه كان يمنحه القدرة على الانتقال إلى رؤية أحادية، بحيث تستخدم كلتا العينين بشكلٍ منفصل، مما يتيح له التركيز على الأسطح المستوية القريبة.

يقول عالم الأعصاب البصرية البروفيسور كريستوفر تايلر إنه "من الصعب معرفة أيُّ من العينين كانت مصابة بالحوَل من خلال النظر إلى اللوحات". يضيف: "لكن من المحتمل أن هذا الحوَل قد ساعده جزئياً على رؤية كامل المشهد صحيحاً من الناحية الهندسية".

في دراسته التي نُشِرَت في مجلة "جاما لطب العيون"، تفحص تايلر الصور المتبقية لدافنشي، وهي قليلة جداً. وشملت هذه الدراسة لوحة الرجل الفيتروفي ومنحوتة ديفيد البرونزية، التي أُشِيعَ بأنها تمثل صورة عن دافنشي في شبابه.

في كل الحالات، وبعد تفحص ستة أعمال فنية لدافنشي، تم التكمن من قياس انحراف العين، ولم يكن شديداً، إذ لم يتجاوز معدل الانحراف 10.3- درجة عن موقع العين في وضعية التركيز. وهذا الرقم السلبي يعني أن العين تبدو كأنها تتجه إلى الخارج. ويقول البروفيسور تايلر إنَّ حوَل دافنشي ربما لم يكن يظهر عندما يقوم بالنظر والتركيز باهتمام على شيءٍ ما، لكنه يظهر عندما يسترخي ليبدأ بالرسم- مما يمنحه أفضل ما في العالمين.

وقال: "الأدلة المتقاربة تشير إلى أن دافنشي كان مصاباً بحَوَل وحشي متقطع منحه القدرة على الانتقال إلى الرؤية الأحادية". أضاف: "لعل هذا ما يفسر موهبته في التصوير ثلاثي الأبعاد للوجوه والأشياء في العالم، وتلاشي العمق البعيد للمشاهد الجبلية".

وقامت دراسات متعددة، نشرت على مدى العقود الأربعة أو الخمسة الماضية، بتقييم كيف أن حالة العيون والنظر غيّرت أعمال الرسامين الكبار في سنوات عمرهم المتأخرة، وأبرزها دراسات الدكتور مايكل مارمور، الذي ألّف العديد من الكتب حول هذا الموضوع.

 

أسماء بعض الفنانين البارزين الذين تأثرت أعمالهم بالحالة الصحية لأعينهم:

ديغا

عانى ديغا من قصور في النظر خلال الفترة الممتدة بين العامين 1860 و1910، وهي الفترة التي أصبح أسلوبه خلالها أكثر خشونةً، خصوصاً مع تطور مرضه.

في العام 2006، استنتج الدكتور مارمور أن رؤية ديغا المركزية، التي تتمركز فيها حدة البصر، قد ضعفت خلال سنوات حياته الأخيرة. ومع ازدياد ضبابية العين مع مرور الوقت، أصبح أسلوبه في الرسم خشناً، وفقد رقة أعماله الأولى.

ويظن مارمور أن أعمال ديغا المتأخرة بدت له أكثر سلاسة وطبيعية، مقارنة برؤيتها من قبل شخص عادي يتمتع بنظر سليم، إذ تمت تصفيتها من خلال مشكلته البصرية.

رامبرانت

في العام 2014، لاحظ عالما الأعصاب مارجريت إس ليفنجستون وبيفيل أر كونواي من كلية الطب في جامعة هارفارد أن عيني الرسام الهولندي، الذي عاش في القرن السابع عشر، كانت غالبًا غير متماثلة في لوحاته الذاتية، حيث بدت إحدى عينيه تنظر مباشرة إلى المشاهد، بينما كانت الأخرى تنظر إلى الجانب.

وإذ افترض ليفنغستون و كونواي أنّ رامبرانت رسم نفسه بدقّة عالية، فإن ذلك يعني أن لديه نظراً ضعيفاً، الأمر الذي ساعده لأنّه كان يجد صعوبة في إدراك العمق باستخدام الإشارات المجسّمة.

يسهم العمى الفراغي، أو عدم القدرة على استخدام التنقل الأفقي بين العينين، لرؤية ثلاثية الأبعاد، في مساعدة الفنانين على الرسم في بعدين.

مونيه

في العام 1914، كتب كلود مونيه عن إحباطه المتزايد من ضعف بصره، مشيراً إلى أنّ الألوان لم تعد لها الكثافة نفسها. وقال: "اللون الأحمر بدا كالطين. وأصبحت لوحاتي تسودّ شيئاً فشيئاً".

وفي العام 1923 خضع مونيه لجراحة إزالة المياه البيضاء، التي مكّنته من العودة إلى استخدام أسلوبه الأساسي في رسم اللوحات، حتّى أنه تخلّص من كثيرٍ من أعماله الفنية التي رسمها خلال فترة السنوات العشر التي عانى فيها من مرض في عينيه.

جورجيا أوكيفي

اشتهرت هذه الفنانة الأمريكية في القرن العشرين بلوحاتها التي تصوّر الأزهار وجماجم الحيوانات والمناظر الطبيعية في مناطق في جنوب شرق آسيا.

وقد عانت أوكيفي من التنكس البقعي، وهي حالة طبية يمكن أن تؤدي إلى غباش الرؤية أو عدم الرؤية من مركز المجال البصري، إلّا أنّها أكملت آخر لوحة زيتية لها من دون مساعدة في العام 1972.

ومع ذلك لم تؤثر رؤيتها المتناقصة على إرادتها في صنع الفن. وعندما كانت عمياء تقريباً، عادت إلى الفن بمساعدة العديد من المساعدين، وخلقت العناصر البصرية المفضلة من ذاكرتها ومن خيالها المذهل.

وفي العام 1977، قالت الفنانة ذات التسعين عاماً: "أستطيع أن أرى ما أريد رسمه. فالشيء الذي يجعلك ترغب في خلق شيء ما، لا يزال موجوداً".

© The Independent

المزيد من ثقافة