تعرّض الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور لانتقادات واسعة بعد انتشار صور صادمة لغرق مهاجر سلفادوري وطفلته البالغة من العمر سنتين بينما كانا يحاولان عبور نهر للوصول إلى الولايات المتحدة، بينما حمّل أعضاء حاليون وسابقون ديموقراطيون في الكونغرس الأميركي الأربعاء الرئيس دونالد ترمب مسؤولية الحادثة.
"La odio", dijo @realDonaldTrump sobre la foto de los cuerpos de un migrante salvadoreño y su pequeña hija de dos años. "El padre... probablemente era un tipo fantástico".https://t.co/2fin9tmZPF
— La Jornada (@lajornadaonline) June 26, 2019
ضغوط أميركية
وكان الرئيس اليساري لوبيز أوبرادور تعهّد حماية حقوق المهاجرين لدى وصوله إلى السلطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكنّه وبعد تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية على البضائع المكسيكية، وافق هذا الشهر على التعامل بحزم مع مهاجري أميركا الوسطى الذين يعبرون بلاده في طريقهم إلى الولايات المتحدة.
واتّهم منتقدون، من بينهم أشخاص بارزون من حزب "مورينا" الذي ينتمي إليه لوبيز أوبرادور، الرئيس بدفع المهاجرين الضعفاء إلى وضع بالغ الخطورة عبر جعل عبورهم المكسيك إلى الولايات المتحدة لطلب اللجوء هناك، محفوفاً بالمخاطر.
وقال رئيس مجلس النواب المكسيكي بورفيريو مونوز ليدو العضو البارز في حزب "مورينا" إن "ما يحدث في هذا البلد غير مقبول. نحن نعامل (المهاجرين) مثل اللحم البشري بسبب ضغط القوة العظمى (الولايات المتحدة)".
في المقابل، ردّ الرئيس بأنّ "ضميره مرتاح". وقال في مؤتمر صحافي "نعتقد أنّه من الضروري الحفاظ على علاقات جيدة مع حكومة الولايات المتحدة لتجنّب حصول مواجهة. وسنبرهن قيمة اقتراحنا عبر تعزيز التنمية الاقتصادية في أميركا الوسطى".
"انتقادات ديموقراطية"
أما النائب الديموقراطي السابق عن ولاية تكساس والمرشّح للانتخابات التمهيدية إلى انتخابات 2020 الرئاسية بيتو أوروركي فقال في تغريدة على تويتر إنّ ترمب "مسؤول عن هذه الوفيّات". وأضاف أنه من خلال "منعه" المهاجرين من طلب اللجوء عند المعابر الحدودية بين المكسيك والولايات المتحدة فإن الإدارة الأميركية "تجبر العائلات على العبور بين هذه المواقع، مسبّبةً مزيداً من المعاناة والموت".
كذلك شجبت السناتور عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس، وهي مرشّحة للانتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطي إلى الانتخابات الرئاسية، السياسة "غير الإنسانية" التي ينتهجها ترمب في ما يخصّ الهجرة، معتبرةً إيّاها "عاراً على ضميرنا الأخلاقي".
ورأى النائب الديموقراطي عن ولاية تكساس يواكين كاسترو، وفق ما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز، أنّ صورة الأب السلفادوري وطفلته هي "النسخة" الأميركية من صورة إيلان كردي، الطفل السوري البالغ من العمر 3 سنوات الذي عُثر على جثّته ممددة على شاطئ في تركيا والذي أصبح رمزاً مأسوياً لأزمة الهجرة في العام 2015.
وتسبّبت صورة الطفل إيلان بصدمة في أوروبا ودفعت بعدد من حكومات الاتحاد الأوروبي إلى فتح حدودها أمام اللاجئين السوريين فترة من الزمن.
قالت النائبة الديموقراطية عن ولاية نيوجيرسي ميكي شيريل بدورها في تصريح لشبكة "سي أن أن" الإخبارية إنّ صورة الجثتين الطافيتين في مياه ريو غراندي "فظيعة"، مشدّدةً على أنّ كلّ الآباء الذين "يحاولون فعل كل شيء من أجل" أطفالهم "قلوبهم محطمة" الآن.
زعيم الأقليّة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر من ناحيته أعلن "أنه يمكننا فعل شيء ما إذا توقّف الرئيس عن لعبته السياسية" القائمة على تحميل الديموقراطيين مسؤولية أزمة الهجرة.
وصدرت انتقادات من جهات أخرى أكثر حدّة، إذ قال المذيع التلفزيوني المكسيكي الشهير سيرو غوميز ليفا إنّ موت الطاهي السلفادوري أوسكار ألبرتو مارتينيز (25 سنة) وطفلته فاليريا، كان نتيجة حتمية لنشر لوبيز أوبرادور آلاف الجنود لتعزيز حماية حدود البلاد. وأضاف في تغريدة "الآن نحن ندفع الثمن. حكومة لوبيز أوبرادور تجنّبت العقوبات الاقتصادية المكلفة التي فرضها دونالد ترمب. وفي المقابل، تركتنا مع هذه الصور المحزنة للغاية".
الأم شهدت المأساة
وشاهدت تانيا فانيسا أفالوس أرملة مارتينيز (21 سنة) زوجها وابنتها يغرقان أمام عينيها الاثنين الماضي، من دون أن تقوى على فعل شيء وهي على ضفة نهر ريو غراندي الذي يفصل مدينة ماتاموروس عن براونزفيل في تكساس.
وصرّح إنريكي ماسييل رئيس هيئة الهجرة في ولاية تاماوليباس المكسيكية "إنّها في حالة صدمة، فهي لا تزال صغيرة أمام معاناة كبيرة كهذه. إنّها متوتّرة، وهذا شيء مفهوم".
وأثارت صور الجثتين موجة غضب عارم في كل من السلفادور والمكسيك والولايات المتحدة. وتظهر في الصور الجثّتان تطفوان على بطنيهما وقد غطى الأب رأس طفلته داخل قميصه لحمايتها من التيارات العاتية التي انتصرت في النهاية على محاولته اليائسة وسلبته وطفلته الحياة.
ويحمي القانون الدولي حقوق المهاجرين غير النظاميين بعبور الحدود سعياً إلى اللجوء، كما أنّ المكسيك لم تكن تفعل الكثير لمنع المهاجرين غير النظاميين من عبور حدودها الشمالية إلى الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"الإخفاق واليأس"
من جهة أخرى، رأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الأربعاء أن صورة رجل وطفلته غارقين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك تجسد الإخفاق في التعامل مع يأسهما.
وذكرت المفوضية في بيان "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مصدومة بشدة لرؤية الصورة التي تفطر القلب لجثتَي أوسكار ألبرتو مارتينيث وطفلته فاليريا التي تبلغ من العمر 23 شهراً وهما من السلفادور، وقد جرفتهما المياه إلى ضفاف نهر ريو غراندي".
وتظهر جثة الأب وطفلته، في الصورة التي انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط الخيزران عند ضفة النهر.
وقال فيليبو غراندي المفوّض السامي لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة إنهما خاطرا بحياتهما لأنهما لم يتمكنا من الحصول على الحماية التي يكفلها لهما القانون الدولي. وأضاف في بيان "وفاة أوسكار وفاليريا تعكس الفشل في معالجة العنف واليأس اللذين يدفعان الناس إلى القيام برحلات خطيرة من أجل فرصة العيش بأمان وكرامة".
وشبّهت المفوضية صورتهما أيضاً بالصورة الشهيرة لجثة الطفل السوري إيلان كردي.