أحدثت سلسلة من الفيضانات الجارفة دماراً هائلاً في إحدى أكثر المناطق هشاشة وفقراً في باكستان، مما ألحق ضرراً بحياة الناس والممتلكات.
وأظهرت مشاهد التقطتها طائرة مسيرة من مقاطعة بلوشستان جنوب غربي البلاد آلاف المنازل المدمرة، فيما تهافت السكان على إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأدت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى مقتل 136 شخصاً على الأقل ونزوح آلاف.
وما زال عشرات الأشخاص مفقودين، فيما اضطر آلاف إلى العيش في العراء في الحر الشديد، مما يثير المخاوف من ارتفاع حصيلة الوفيات.
وتقع بعض أكثر القرى تضرراً على تخوم عاصمة الإقليم كويتا، بيد أن المسعفين يجدون صعوبة في الوصول إلى الأشخاص الموجودين داخل المنطقة الجبلية التي تفتقر إلى المواصلات اللائقة.
كما دمرت الفيضانات البنى التحتية والمرافق الأساسية كالمستشفيات والمدارس والجسور والطرقات، بما في ذلك تلك التي تربط تلك المناطق بمدينة كويتا والمقاطعات المجاورة.
وانحسرت المياه في المنطقة، بيد أن العاملين في الأرصاد الجوية توقعوا هطول مزيد من الأمطار خلال الأسابيع المقبلة، مما يزيد المخاوف من وقوع كارثة أكبر في المنطقة.
وتظهر المشاهد والصور التي التقطتها الطائرات المسيرة التابعة للإغاثة الإسلامية، وهي وكالة إغاثة دولية، التضاريس الوعرة مليئة بالحطام والوحل. واستحالت المنازل الطينية أنقاضاً، فيما دُمرت البنى الأسمنتية بشكل لا يمكن التعرف عليه.
وتُرك سكان المنطقة الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر في حال من الذهول والصدمة جراء الكارثة ويندفعون للحصول على مواد الإغاثة الأساسية.
في حين تشكل الفيضانات الخاطفة ظاهرة سنوية تشهدها المنطقة، إلا أن الفيضانات هذا العام كانت أكثر كثافة من المعتاد، وغالباً ما تتفاقم حدة الفيضانات والسيول المفاجئة بفعل غياب البنى التحتية المناسبة والمنازل الهشة المبنية من الطين والحجارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى غرار الفيضانات في بنغلاديش وأجزاء من شمال شرقي الهند في وقت سابق من العام الحالي، لعبت الأزمة المناخية التي تسبب بها الإنسان دوراً في زيادة الفيضانات في بلوشستان سواء من خلال جعل الأمطار أكثر غزارة أو أكثر جرفاً.
وفي هذا السياق، يقول الضحايا إنهم لم يشهدوا أبداً مثل هذه الفيضانات خلال عقود بعد أن أغرقت الأمطار الغزيرة قريتهم خلال ساعات وجرفت السيول المنازل وتركتهم يتهافتون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقتنياتهم.
ويقول المزارع الثمانيني عبدالقادر "تأثرت منطقتنا بشح المياه وانخفاض هطول الأمطار، والآن هطلت الأمطار بغزارة لساعات وجرفت كل شيء حتى آمالنا أيضاً".
وقال نسيب الله وهو أحد السكان الذي دمر منزله بالكامل لوكالة الإغاثة الإسلامية "تُعتبر الأمطار نعمة في منطقتنا، ولكن هذه كانت مرعبة".
وقالت خان بيبي، وهي معمرة في بلدة ميان خانزاي، تبلغ من العمر 105 سنوات، "خلال الأعوام الـ100 الماضية، لم يسبق لي أن رأيت أمطاراً غزيرة بهذا الشكل في بانجباي".
وتقول المنظمة التي تساعد هؤلاء المتضررين إن غالبية السكان اضطروا إلى إخلاء منازلهم من دون أي طعام أو حاجات أساسية. ويواجهون الآن تحدي إعادة بناء منازلهم على الرغم من توقع هطول مزيد من الأمطار قريباً.
وأمضى عديد من السكان لياليهم في العراء لأنهم أصبحوا مشردين، ولكن بعد الأمطار عادة ما ترتفع درجات الحرارة، مما يطرح مشكلة إضافية للسكان المعرضين للخطر.
وعادة ما تشهد المنطقة ذات الكثافة السكانية الضئيلة هطول أمطار غزيرة على مدى فترات طويلة من هبوب الرياح الموسمية، بيد أنه بحسب مبادرة "سببية الطقس العالمي" World Weather Attribution (WWA)، تسببت الأزمة المناخية في زيادة وتيرة الفيضانات والأمطار الغزيرة في بعض المناطق.
وأشار تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أن منطقة جنوب آسيا معرضة بشدة لخطر الفيضانات المتكررة بشكل كبير.
وفي سياق متصل، قال طفيل حسين مدير الإغاثة الإسلامية في المملكة المتحدة "مع توقع أن تشهد باكستان مزيداً من الفيضانات خلال الأيام المقبلة، ستتأثر بعض أكثر المجتمعات ضعفاً وهشاشة. إنه سباق مع الوقت لمساعدة الأشخاص الذين خسروا منازلهم وسبل عيشهم".
نُشر في اندبندنت بتاريخ 6 أغسطس 2022
© The Independent