تتوسع دائرة الثقوب السوداء المعروفة في الكون، مع إعلان فريق من علماء الفيزياء الفلكية اكتشاف أول ثقب أسود "خامد" الكتلة النجمية يدور حول نجم آخر في مجرة مجاورة.
وبينما يعتقد أن هذه الثقوب السوداء شائعة في الكون، ثبت أنه من الصعب العثور عليها.
وقال عالم الفيزياء الفلكية في جامعة أمستردام تومر شينار، المعد الرئيس للدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة "نيتشر أسترونومي"، إن الفريق الدولي عثر على "إبرة في كومة قش".
وكان الفريق يبحث في السماء عن جسم تبين في النهاية أنه ثقب أسود ثنائي، يدور فيه ثقبان أسودان حول بعضهما البعض بعد ابتلاع نجومهما في انفجار مستعر أعظم (سوبرنوفا).
وقال شينار لوكالة الصحافة الفرنسية "وجدنا نجماً هائلاً يزن 25 مرة كتلة شمسنا ويدور حول شيء لا نراه".
ويعتقد الباحثون أن النجم الأزرق، الموجود في مجرة سحابة ماجيلان الكبيرة التي تجاور درب التبانة، يتلازم باستمرار مع ثقب أسود كتلته تسعة أضعاف كتلة شمسنا.
وعادة ما تكتشف هذه الأنواع من الثقوب السوداء بواسطة أشعة سينية تصدرها أثناء جمع المواد من النجم المرافق لها.
لكن هذا النظام الثنائي، المعروف باسم "في أف تي أس 243"، يوصف بأنه "خامد" لأنه لا يصدر أشعة سينية، إذ إنه ليس قريباً بما يكفي لامتصاص المادة من نجمه.
100 مليون ثقب أسود
وقال عالم الفيزياء الفلكية في جامعة "كي يو لويفن" في بلجيكا أوغ سانا إن مجرة درب التبانة وحدها يعتقد أنها تحتوي على نحو 100 مليون ثقب أسود ذات كتلة نجمية، وهي أصغر بكثير من إخوتها الكبيرة فائقة الكتلة.
لكن سانا، المشارك في إعداد الدراسة، أوضح أنه تم العثور على عشرة فقط من هذه الثقوب السوداء.
وقد يعود ذلك إلى أن كثيراً من هذه الثقوب تبقى في حالة سبات، وتأخذ وقتاً طويلاً لابتلاع نجمها المصاحب في النهاية.
وأشار سانا إلى أن مراقبة هذه الثقوب كانت أشبه بمشاهدة شخصين يرقصان في غرفة مظلمة، أحدهما يرتدي الأبيض والآخر يرتدي الأسود. وقد يكون أحدهما مرئياً فقط، لكن الآخر موجود أيضاً.
وقال شينار لوكالة الصحافة الفرنسية "لم نكتشف قط مثل هذه الأنظمة من قبل"، مضيفاً "كانت هناك ادعاءات قليلة في الأعوام الماضية، لكن تم دحضها بشكل أو بآخر".
في الواقع، كان أعضاء في فريقه بين من رفضوا اكتشافات سابقة لثقوب سوداء، من خلال وضع فرضيات بديلة لما يمكن أن تشير إليه البيانات.
ولهذا السبب، قال شينار إنه وأعضاء فريقه يتوقعون مزيداً من التدقيق في الاكتشاف.
ولفت إلى أن أعضاء الفريق أسقطوا كل الاحتمالات الأخرى بدقة، حتى اقتنعوا بأنهم "إما أمام كائن فضائي بدين غير مرئي، أو ثقب أسود". ثم استعان الباحثون بأشهر كاشف للثقوب السوداء يعرفونه.
وأوضح شينار أن كريم البدري من مركز "هارفارد سميثسونيان" للفيزياء الفلكية كان "يكشف عن الثقوب السوداء واحداً تلو الآخر" على مدار العامين الماضيين، وأطلق عليه لقب "مدمر الثقوب السوداء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "أرسلت له البيانات وقلت له، إسمع، وجدنا هذا الشيء - أثبت لي أني مخطئ".
قال البدري الذي انضم إلى الفريق وأجرى عمليات المحاكاة الخاصة به "كانت لدي شكوك، لكنني لم أجد تفسيراً معقولاً للبيانات لا يربط ذلك بالثقوب السوداء".
يمكن أن يعطي هذا الاكتشاف لمحة حول كيفية تشكل الثقوب السوداء.
ويعتقد أن الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية ولدت أثناء موت نجم كبير، في انفجار مستعر أعظم (سوبرنوفا).
وتؤدي قوة الانفجار إلى إحداث ثقوب سوداء في نظام ثنائي في مدار بيضاوي الشكل بدلاً من مدار دائري.
مع ذلك، فإن مدار "في أف تي أس 243" له مدار دائري تماماً أيضاً.
وقال شينار "هذا يعني أن النجم اختفى على الفور في الثقب الأسود"، مضيفاً "هذا له كثير من الآثار في ما يتعلق بكيفية تشكل أزواج الثقوب السوداء هذه"، بالتالي فإن نجم "في أف تي أس 243" يمكن أن ينهار في النهاية بطريقة مماثلة.
وأوضح عالم الفيزياء الفلكية في الجامعة المفتوحة في بريطانيا أندرو نورتون، الذي لم يشارك في الدراسة، أن "هذا دليل مهم على أن كل هذه النجوم قد لا تنهي حياتها في انفجارات سوبرنوفا".
وقال شينار إنه رحب بعلماء آخرين يحاولون دحض الادعاءات في هذا الشأن.
وأضاف "إذا جاء شخص ما وكشف زيف هذا الأمر أيضاً، فأنا متأكد من أنه سيكون لديه تفسير رائع، بما يشبه (فرضية) الكائن الفضائي البدين".