أكدت شركة بي إيه إي سيستمز (BAE Systems) البريطانية للصناعات الدفاعية أنها "ملتزمة بالوفاء بعقود التسليح المبرمة مع السعودية، وأنها تدعم موقف الحكومة في اتفاقاتها الدفاعية مع الرياض"، وذلك في أعقاب حكم محكمة الاستئناف البريطانية القاضي بتجاوز قانوني لإجراءات ترخيص عقود بيع سلاح بريطاني للسعودية.
وقالت الشركة، المصنعة سلاح التصدير للسعودية بنحو خمسة مليارات جنيه إسترليني، إنها "ستواصل تأييد توفير المعدات والدعم والتدريب في إطار الاتفاقات الحكومية بين المملكة المتحدة والسعودية".
وجاء بيان الشركة الرئيسية للصناعات العسكرية في بريطانيا بعد الحكم الذي صدر عن المحكمة العليا، وقضى بأن "وزراء مسؤولين عن ترخيص عقود تصدير الأسلحة تجاوزوا الالتزام بصرامة الإجراءات القانونية التي تتطلب تمحيصاً أكثر دقة لإمكانية استخدام تلك الأسلحة من قبل المستورد في أعمال عسكرية تعد خرقاً لقانون حقوق الإنسان الدولي".
وعلّق وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير على القرار بقوله "الحكم البريطاني مسألة إجرائية وشأن داخلي، إلا أن وقف مبيعات السلاح للسعودية يصب ببساطة في مصلحة إيران".
وأضاف الجبير، في تصريحات للصحافيين بلندن، "التحالف حليفٌ للغرب، ويخوض حرباً شرعية دعماً للحكومة الشرعية لمنع إيران والجماعات الموالية لها من السيطرة على بلد مهم استراتيجياً".
تعليق تراخيص جديدة
وأعلنت الحكومة البريطانية أنها "ستعلق إصدار تصاريح تصدير سلاح جديدة" حتى تعديل الإجراءات المتبعة من قبل الوزراء. وكان حكم المحكمة اعتبر أن وزيري التجارة الدولية والخارجية "تجاوزا" إجراءات التدقيق الصارمة في استخدامات السلاح المصدر في انتهاك القانون الإنساني الدولي.
واعتبر الإعلام البريطاني ذلك انتقاداً من القضاء لوزير الخارجية السابق بوريس جونسون، والحالي جريمي هانت، المتنافسين الرئيسيين على زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لرئيسة الوزراء تيريزا ماي الشهر المقبل.
ويعني تعليق إصدار تصاريح تصدير جديدة استمرار التزام الحكومة البريطانية بالعقود المبرمة بالفعل لتوريد السلاح وقطع الغيار والتدريب بين بريطانيا والسعودية، وتنفذ أغلبها شركة بي إيه إي سيستمز.
وتعهّد وزير التجارة الدولية ليام فوكس أمام البرلمان بمراجعة إجراءات الحكومة في عقود تصدير السلاح خلال أسابيع، هذا مع استئناف الحكومة حكم المحكمة، وتقديم دفاعها حول التزامها بإجراءات ترخيص عقود تصدير الأسلحة.
وقال فوكس، في بيان عاجل لنواب مجلس العموم، إن المحكمة لم تقرر "أخلاقية" بيع السلاح للسعودية، إنما الحكم "يتعلق بسلامة الإجراءات المتبعة لاتخاذ القرار".
وأضاف، "الحكومة ستفعل ذلك للتأكد من أن أي سلاح تصدره إلى السعودية وحلفائها لا يُستخدم في الحرب باليمن".
المعروف أن أغلب عقود تصدير السلاح البريطاني للسعودية وحلفائها ضمن "تراخيص مفتوحة"، لذلك هي مستمرة، لأن قرار المحكمة المطالب بالمراجعة القانونية لا يتعلق بتلك العقود.
حملات النشطاء
في 2017 رفعت "الحملة ضد تجارة السلاح" (CAAT) دعوى على الحكومة البريطانية أمام القضاء البريطاني مطالبة بمراجعة قانونية مبيعات الأسلحة للسعودية. واستندت الدعوى إلى المادة (2 ج)، وهي من المعايير الصارمة، التي تقضي بأن لا تمنح تراخيص تصدير السلاح "إذا كان هناك خطر واضح من أن تستخدم تلك المواد في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي يوليو (تموز) 2017 رفضت المحكمة العليا دعوى وقف تجارة السلاح، لكن محكمة الاستئناف منحت نشطاء الحملة حق استئناف حكم المحكمة العليا أمامها في أبريل (نيسان) من العام الحالي.
وكانت الحكومة البريطانية ردّت أكثر من مرة على النشطاء وبعض تقارير منظمات تابعة للأمم المتحدة بتأكيد أنها "لا تشارك في الحرب باليمن، لكنها ملتزمة بتصدير السلاح لدول التحالف، مفنّدة اتهامات انتهاك القانون الإنساني الدولي".
وفي سبتمبر (أيلول) 2018 قال وزير شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية أليستر بيرت "التحالف يتصرف دعماً لحكومة شرعية، وتتعرض دوله لقصف صواريخ يستهدف المدنيين في بلدانهم، ولا أرى مبرراً سياسياً لوقف توريد أسلحتنا".
قضايا سابقة
يذكر أن الحملة ضد تجارة السلاح كانت أيضاً رفعت دعوى أمام القضاء على الحكومة البريطانية تتهمها بوقف التحقيق في صفقة طائرات مقاتلة للسعودية عام 2008. ورغم أن المحاكم قضت بعدم قانونية وقف حكومة رئيس الوزراء العمالي وقتها، توني بلير، لتحقيق "مكتب الفساد الخطر" فإن تلك الأحكام غير الملزمة لم تفض إلى شيء عملي في النهاية.
وكان مكتب تحقيقات الفساد في 2004 فتح تحقيقاً في صفقة "اليمامة" التي أبرمتها حكومة المحافظين برئاسة مارغريت تاتشر منتصف الثمانينيات مع السعودية بقيمة تزيد على 40 مليار جنيه إسترليني. وعلى مدى عامين من تحقيق تكلّف ملايين الجنيهات حاول المكتب توثيق الاتهام بأن الحكومة دفعت رشاوى لمسؤولين سعوديين لإتمام الصفقة. وشهدت تلك الفترة حملات إعلامية هائلة على الرياض في بريطانيا واتهامات للحكومة البريطانية أيضاً، وفي نهاية 2006 قرر المحامي العام للحكومة وقف التحقيق.
وتعمل تلك الجماعات مثل "الحملة ضد تجارة السلاح" و"تحالف أوقفوا الحرب" (يترأسه جريمي كوربن زعيم حزب العمال المعارض الآن) على المطالبة بمراجعات قانونية لسياسات الحكومة الخارجية كل حين.
إلا أن تلك القرارات من المحاكم، التي تفرض "مراجعة قانونية" ليست صارمة، ولا تدين الحكومة، إنما تعمل الحكومة على الالتزام بها بتعديل إجراءاتها، حتى تتوفر للنشطاء فرصة أخرى لرفع دعوى جديدة أمام القضاء مطالبة بمراجعة جديدة.