Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات الرئاسية في لبنان تقلق جميع الأطراف لكن لكل أسبابه

طالبت أكثر من جهة بالبدء بجلسات الاقتراع منذ نهاية سبتمبر المقبل

عون مستقبلاً وفداً من قيادة الجيش في قصر بعبدا، الجمعة 15 يوليو الحالي (دالاتي ونهرا)

بعد مضي 3 أشهر على الانتخابات النيابية وقبل 4 أشهر على انتهاء عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وبعد حوالى الشهر على تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة، لا يزال التأليف يسير ببطء ملحوظ، مقابل تسارع المساعي لبت الاستحقاق الرئاسي تجنباً لفراغ سبق وعانى منه لبنان في عهدين سابقين، الأول بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود والثاني بعد ختام عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، استمر عامين ونصف العام، عطل خلالها "حزب الله" وحلفاؤه جلسات البرلمان لانتخاب رئيس جديد حتى تمكن من إيصال حليفه عون إلى قصر بعبدا. فهل يتكرر سيناريو عام 2016 وينجح "حزب الله" مرة جديدة بإيصال رئيس يتحكم من خلاله بقرار البلاد؟ أم أن الدعوات إلى توحيد موقف المعارضة قد تثمر رئيساً سيادياً لا يدين بتوليه سدة الرئاسة إلى الحزب؟

الاتفاق على اسم واحد أو تعطيل النصاب

استبقت "كرسي البطريركية المارونية" في بكركي أي سيناريو محتمل للتعطيل وتخطت مرحلة الدخول في متاهات الأسماء وبازار التسويات فعاجلت إلى الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية في بداية المهلة الدستورية المحددة لانتخابه أي قبل شهرين على انتهاء الولاية، أي في بداية سبتمبر (أيلول) المقبل، علماً أن قرار تحديد موعد جلسات الانتخاب يعود وفق الدستور لرئيس مجلس النواب نبيه بري. وما دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي المدرك لإمساك الثنائي "حركة أمل" و"حزب الله" بقرار الجلسات، سوى تعبير واضح عن تخوفه من تكرار سيناريو التعطيل ودخول الموقع الماروني الأول في لبنان مرحلة فراغ ستطول. أما في مقلب القوى السياسية كان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وهو أحد المرشحين الطبيعيين للرئاسة، أول مَن أطلق رصاصة انطلاق السباق الرئاسي، واصفاً الاستحقاق الرئاسي بأنه "المفترق الأساس الذي سيحدد مصير لبنان للسنوات الست المقبلة"، ولفتت دعوة جعجع المعارضة إلى الاتفاق على اسم واحد، لم يشترط أن يكون اسمه هو، فقال "إن تعذر اتفاق المعارضة على اسم مرشح واحد سيسهّل على الفريق الآخر الإتيان برئيس محسوب عليه، ما يعني أننا سنعيش ست سنوات إضافية في جهنم أعمق وأصعب".  ومعلوم أن محاولات توحيد المعارضة من نواب أحزاب توصف بالـ "سيادية" ومستقلين وتغييريين، لم تنجح في الاستحقاقات السابقة، بحيث بدت منقسمة ومشتتة في انتخاب نائب رئيس المجلس وهيئة المكتب وكذلك في تسمية الرئيس المكلَّف، فهل تنجح في اختبارها الرابع.
بحسب المعلومات تنشط اللقاءات بين قوى المعارضة خصوصاً بين الأحزاب السيادية وبعض المستقلين وعدد من النواب الجدد. وتسجَل لقاءات ثنائية أسبوعية بين حزبَي "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" من جهة وبين "القوات" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، وبين النواب التغييريين والنواب المستقلين ومن بينهم أيضاً مرشحين لرئاسة الجمهورية كالنائب ميشال معوض والنائب نعمت افرام، إلا أن هذه الحركة لا تزال من دون أي بركة. وقد يكون من المبكر حسم نتائجها، علماً أن الساعين إلى تأمين أكثرية نيابية على اسم واحد من صفوف المعارضة يعملون أيضاً على خطة بديلة في حال فشلت الأولى، تنص على تأمين العدد الكافي من النواب لتعطيل نصاب الجلسات، وهو الخيار نفسه الذي استخدمه "حزب الله" وحلفاؤه لإيصال الرئيس ميشال عون. فبحسب المادة 49 من الدستور فإن رئيس الجمهورية يُنتخب بغالبية ثلثي مجلس النواب في الدورة الأولى من الاقتراع أي 86 نائباً، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. ويكفي أن تتكون مجموعة من 42 نائباً ولا تحضر الجلسات ليطير النصاب.

مواصفات الرئيس تسبق الاسم

من جهة أخرى أكد نائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان لـ "اندبندنت عربية" أن "كل الاحتمالات ستكون مفتوحة إذا لم تتمكن المعارضة من الاتفاق على اسم مرشح واحد لرئاسة الجمهورية" من دون أن ينفي أن يكون خيار تعطيل نصاب الجلسات أحد هذه الاحتمالات. وشرح عدوان موقف "القوات اللبنانية"، معتبراً أنه "كما يتم اختيار رئيس البرلمان، الشخصية الأقوى تمثيلاً في طائفتها، وكذلك رئيس الحكومة، يُفترض أن يتم اختيار الماروني الأقوى تمثيلاً رئيساً للجمهورية، إلا أن القوات اللبنانية وعلى الرغم من تمتعها بأكبر قوة تمثيلية عبر حصولها على أكبر كتلة نيابية، قررت مقاربة هذا الاستحقاق بشكل مختلف عندما دعت كل مكونات المعارضة إلى الاتفاق على اسم مرشح واحد حتى ولو لم يكن رئيس الحزب المسيحي الأقوى تمثيلاً أي سمير جعجع". وإذ جدد نائب رئيس حزب القوات الدعوة إلى "المستقلين والتغييريين والأحزاب السيادية إلى الاتفاق على شخص واحد"، أكد في المقابل على أن "الاسم الذي يجب الاتفاق عليه يجب أن يكون سيادياً ولديه برنامج واضح معلن، ولا يتغير بحسب الاتفاقات الثنائية مع القوى السياسية". وفي المواصفات المطلوبة برئيس الجمهورية المقبل، يطالب حزب "القوات اللبنانية" بحسب عدوان بأن "يكون مستعداً لتطبيق الدستور والقوانين، وأن يحافظ على سيادة لبنان ويكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة اللبنانية وحدها، وأن يكون قادراً على التغيير بالفعل لا بالقول فقط".
من جهته، حدد البطريرك الماروني مواصفات الرئيس المقبل قاطعاً بذلك الطريق على أسماء كثيرة يتم تداولها محذراً في الوقت ذاته من تعطيل جلسات الانتخاب. ولخص الراعي مواصفات بكركي بأن يكون "رئيساً متمرساً سياسياً وصاحب خبرة، محترماً وشجاعاً ومتجرداً ورجل دولة وحيادياً في نزاهته وملتزماً وطنيته، ويكون فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب ولا يشكل تحدياً لأحد، ويكون قادراً على ممارسة دور المرجعية الوطنية والدستورية والأخلاقية على جمع المتنازعين، للشروع في وضع البلاد على طريق الإنقاذ الحقيقي والتغيير الإيجابي".

في مقلب التغييريين لا موقف بعد

ويبدأ تكتل النواب الـ 13 الجدد أو "التغييريون" كما يُطلَق عليهم، اجتماعاتهم المفتوحة بدءاً من الثلاثاء المقبل للبحث في مقاربة واحدة للاستحقاق الرئاسي. وأكد أحد أعضاء هذا التكتل النائب ملحم خلف لـ "اندبندنت عربية" أن "الاستحقاق الرئاسي ذا أهمية كبرى، بالتالي الأمر يتطلب كثيراً من التمحيص والدراسة وأن تكون هناك مقاربة لوضع معايير محددة وعلى ضوئها تُحدَد الخيارات التي تشبه النواب التغييريين". ولكن هل هم مستعدون لتلقف دعوة "القوات اللبنانية" وغيرها من القوى السيادية للتنسيق والاتفاق على اسم واحد؟ أجاب خلف بأن "التنسيق والتعاون وفتح القنوات أمر ضروري لكن أهمية الاستحقاق الرئاسي تتطلب أخذ الوقت قبل عرض أي طرح أو أي اسم"، مشدداً أكثر من مرة على "ضرورة مقاربة هذا الموضوع خارج الاصطفافات"، وملمحاً إلى "خيار ثالث قد يطرحه التغييريون يمكن أن يجتمع عليه حتى الاضداد، بالتالي أي خيار جديد ليس بالضرورة أن يكون وفق الاصطفافات الحالية بل يمكن أن يكون بمقاربة جامعة".
لا اسم محدداً للتغييريين وفق النائب خلف، "فالمسألة ليست متعلقة بالأسماء بقدر ما هي مرتبطة باستعادة موقع رئاسة الجمهورية لتلعب دورها الكامل كحَكَم وجامع فالرئيس المقبل لا يمكن أن يكون طرفاً"، معتبراً أن "رئيس الجمهورية يجب أن يكون صمام أمان للمؤسسات وذا بعد خارجي وقادر على النأي بلبنان عن أي كباش خارجي"، داعياً إلى "التعاطي مع هذا الاستحقاق بعقلانية جديدة خصوصاً أنه يشكل حجر الزاوية لاستعادة الدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خيار تعطيل النصاب غير وارد

ولدى سؤاله حول ما إذا كان خيار تعطيل النصاب أمراً وارداً في مقاربة التغييريين للاستحقاق الرئاسي؟ رد النائب خلف سريعاً "نحن لسنا بتعطيليين ولن نقبل بأي شكل من الأشكال أن نسهم بتعطيل المؤسسات، فنحن جئنا لتأمين سير المؤسسات ولا يمكن أن نقبل بأي مقاطعة لأي استحقاق ولأي جلسة انتخاب رئيس للجمهورية وهذا أمر أساسي بالنسبة لنا"، منتقداً "خيار التعطيل الذي ساد في السنوات الماضية وأوصل البلاد إلى ما وصلت إليه". وشدد النائب التغييري على "أهمية عودة الحياة الديمقراطية وانتظام عمل المؤسسات بعد أن كان تكبيلها هو السائد".
وفي مقابل التريث في اتخاذ موقف واضح من مسألة التنسيق والاتفاق على اسم واحد بحجة الابتعاد عن الاصطفافات الحالية، يلتقي خلف مع المطالبين بالدعوة إلى جلسات انتخاب الرئيس في بداية المهلة الدستورية المحددة بدءاً من أول سبتمبر المقبل، حتى لا يصل 31 أكتوبر (تشرين الأول) موعد انتهاء العهد ولا يكون قد انتُخب رئيس جديد للبلاد.

في معسكر الحزب حركة لافتة

وفي مقابل المساعي النشطة لكن غير المضمونة لتوحيد المعارضة النيابية بهدف الذهاب إلى الاستحقاق الرئاسي بموقف واحد أو مرشح واحد، تنشط المساعي للغاية ذاتها على مقلب "حزب الله" وحلفائه في لقاءات معلنة وأخرى غير معلنة. ولم يعلن الحزب من جهته مرشحه بعد، وإن كانت مصادر مقربة منه تستبعد حسم الاسم، والمستغرب أن خيارات الحزب بحسب المصادر قد لا تكون محصورة فقط بالحليفَين اللدودَين رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، مع اعترافه بأن حظوظ باسيل قد تكون ضئيلة بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، إلا أنه يبقى الممر الإلزامي للرئيس المقبل كما تقول مصادر مقربة من "حزب الله" فيما الخيار سيعتمد أيضاً على مَن يملك القدرة على تأمين 65 صوتاً بعد الجلسة الأولى، وهو أمر صعب هذه المرة، حتى في معسكر "حزب الله" الذي سيكون بحاجة لكتلة "التيار الوطني الحر" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" ونواب مستقلين حتى يوصل مرشحه. وفي هذا الإطار برز اللقاء الذي جمع عضو "كتلة المردة" حليف فرنجية، النائب عن دائرة كسروان – جبيل فريد الخازن، بباسيل في منزل الأخير في منطقة اللقلوق. وعلى الرغم من تأكيد الطرفين أن اللقاء لم يتناول الاستحقاق الرئاسي إلا بشكل عابر ومن باب الحديث عن التحديات المقبلة وكيفية مقاربتها، وعلى الرغم من تأكيد أوساط الخازن أن الاجتماع هدف إلى البحث بشأن بلدية مدينة جونية وأن الخازن لم يكن مكلَفاً من قبل فرنجية، إلا أن كثيرين اعتبروا أنه لا يمكن فصل "اجتماع اللقلوق" عن "إفطار الضاحية" الشهير عندما جمع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الخصمَين اللدودين فرنجية وباسيل عشية الانتخابات النيابية. في المقابل، أكدت مصادر مقربة من "التيار الوطني الحر" لـ"اندبندنت عربية" أن الاتفاق مع فرنجية صار منجزاً بنسبة 85 في المئة وإن كان باسيل لم يلتزم شيئاً بانتظار إسقاط فكرة ترشحه نهائياً والاكتفاء بدعم مرشح آخر. وتقول المصادر إن الاتفاق بين الطرفين إن حصل سيشمل دعم باسيل لفرنجية للرئاسة مقابل حصول "التيار الوطني الحر" على نصف التعيينات المقبلة ونصف الوزراء في حكومات العهد.

المزيد من العالم العربي