حذر مسؤولون أمنيون إسرائيليون من وضعية جهاز الأمن في حال نشوب حرب، سواء تجاه لبنان في الشمال أو غزة في الجنوب. وأكدوا أن الجيش الإسرائيلي لن يكون قادراً على مواجهة مختلف السيناريوات التي يتحدث عنها متخذو القرار في إسرائيل، في وقت كُشف أن الجهاز الصحي، الذي يتفاخر المسؤولون بتحسين وضعيته وخدماته وقدراته على حماية المصابين وتقديم العلاج لهم أثناء الحرب، لن يكون هو الآخر جاهزاً إذا تحققت التوقعات بتعرض إسرائيل لقصف بمئات الصواريخ يومياً، وسقوطها في مختلف البلدات شمالاً وجنوباً وفي المركز.
هذه التقارير جاءت في اليوم نفسه الذي أنهى فيه الجيش الإسرائيلي واحدة من أكبر مناوراته العسكرية في منطقة الشمال، وتدرب فيها على سيناريوات الحرب المتوقعة مع "حزب الله" في لبنان. وقد وصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الخميس، إلى موقع المناورة ليطلع عن كثب على التدريبات، وكعادته تفاخر بقدرة جيشه على خوض أخطر الحروب والخروج منها منتصراً خلال مدة قصيرة.
وفي ختام اللقاء، أعلن نتنياهو أنه يخرج من هذه المناورة وكله قناعة بأن وضعية الجيش وجاهزيته تحسنتا. وأضاف، مهدداً الطرف الآخر، "لا تجربونا. كل يوم أسمع جيراننا في الشمال والجنوب والشرق يهددون بتدميرنا. أقول لأعدائنا: جيشنا يملك قوة تدميرية كبيرة للغاية. لا تجربوا قوتنا".
جهاز أمني ضعيف وصحي عاجز
هذه ليست المرة الأولى التي تحرص فيها جهات أمنية وسياسية على كشف تقارير جديدة ومعطيات تتناقض مع تصريحات مسؤولين في المؤسستين السياسية والعسكرية، وبشكل خاص نتنياهو.
وبحسب التقارير التي نشرت أخيراً، فإن جهازي الأمن والصحة غير جاهزين بالشكل الكافي، بحيث ستكون عملية إخلاء الجنود المصابين أكثر تعقيداً من الحروب السابقة.
هذه التقارير تنذر باحتمال اختطاف جنود مصابين، في حال وقعت المعركة في الدول المجاورة، مثل لبنان أو سوريا أو غزة.
وتبين أن معظم المستشفيات غير قادرة على حماية المرضى، والأخطر أن الجبهة الداخلية تواجه نقصاً في أهم معدات الإنقاذ خلال الحرب، مثل سيارات الإسعاف. أما بالنسبة إلى الجانب الصحي لدى الجيش، فهناك نقص بحوالى 30 في المئة من سيارات الإسعاف العسكرية، في حين أن 20 في المئة من وظائف الأطباء داخل الجيش شاغرة، ما سيعيق تقديم العلاج ونقل المصابين.
عدم القدرة على الإخلاء
التقرير الإسرائيلي الجديد يشير إلى أن غرف الطوارئ لن تكون قادرة على استيعاب عدد المصابين، المتوقع وصولهم للعلاج، ليس بسبب نقص المعدات فحسب، بل بسبب نقص القوة البشرية أيضاً.
على صعيد الجبهة الداخلية، ستكون المشكلة الأساسية في عدم القدرة على إخلاء المصابين. وقد حذر مسؤول كبير في جهاز الأمن من خطر الضعف الذي يعاني منه جهاز الأمن، قائلاً "لن يسمح أحد منا بانتظار الأطفال والنساء تحت الأنقاض لأن الجيش يريد توفير سيارات إخلاء للجنود من أرض المعركة. في الوضعية الحالية، سنصل إلى وضع يضطر المسؤولون فيه إلى التنازل عن واحد من اثنين، فإما إخلاء الأطفال والنساء أو إخلاء الجنود". وأضاف المسؤول الأمني "هذه واحدة من القضايا التي يتم بحثها في كل مرة من جديد، لكن المسؤولين لا يأخذون الأمر على محمل من الجدية، ولا يوجد أي شخص يعالج ذلك".
هذا الجانب تطرق إليه التقرير الأخير لمراقب الدولة السابق يوسف شبيرا، عندما حذر من أنه يجب على الطائرات المروحية العسكرية ملاءمة نفسها مع عمليات إخلاء الجنود، إزاء التهديدات الإقليمية.
طائرات وسيارات مسيرة
إزاء هذه التحذيرات والوضعية الموجودة، وعلى الرغم من عدم اعتراف الجيش بالضعف والنقص، إلا أن القيادة العسكرية تبحث في إمكان التخفيف من عدد المصابين والقتلى في صفوف الجنود، من خلال إدخال أكبر عدد من المعدات والآليات العسكرية من طائرات أو مدرعات مسيرة عبر أجهزة تديرها وحدة خاصة في الجيش بعيداً من أرض المعركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد بدأ الجيش منذ أكثر من ثلاث سنوات بصناعة بعض الآليات، وبحسب مسؤولين في أجهزة الأمن يتم فحص استخدام الطائرات والسيارات المسيرة أيضاً في نقل المصابين من أرض المعركة. لكن هذه الوسائل بعيدة من أن تكون عملية، وهي لا تتناسب مع عدد المصابين الكبير المتوقع في حرب متعددة الجبهات، بحسب التقرير الإسرائيلي.
في أعقاب تقرير مراقب الدولة، كتب المسؤول السابق عن شكاوى الجنود الجنرال الاحتياط إسحق بريك، أنه إضافة إلى الصعوبة في إشغال المناصب يوجد ارتفاع في عدد الأطباء الذين يريدون التسريح من الجيش. وقال "في الجيش وضعوا أعباءً غير متوقعة على فرق المعالجة التي أدت إلى تقليص عددهم وإلحاق أضرار كبيرة في الخدمة المقدمة للمعالجين. نحن الآن بصدد واحدة من الأزمات الصعبة التي واجهتها وحدة الخدمات الطبية في الجيش".
سيارات إسعاف قديمة
أما في المستشفيات الكبيرة، المعدة لاستيعاب المصابين، خصوصاً في الشمال "رمبام"، وفي حيفا وصفد ونهاريا، فسيتم إخلاء أقسام بأكملها من المرضى لاستيعاب المصابين، خصوصاً مستشفى "رمبام"، الذي يستقبل في الحروب الجنود المصابين.
وإذا تمكنت المستشفيات من تجهيز نفسها لاستيعاب المصابين، فإن المسؤولين لم يوفروا حلاً لمشكلة نقل المصابين، حتى الآن. فقد كشف التقرير الإسرائيلي الأخير أن عدد سيارات الإسعاف العسكرية زادت في السنتين الماضيتين، إلا أن الجيش لا يزال يحتاج إلى عشرات منها من أجل تلبية المستوى، الذي حددته جهات الطوارئ القومية، في حين أن عدداً غير قليل من سيارات الإسعاف الموجودة قديم جداً.