تتكبد القوات الأوكرانية خسائر هائلة إذ يتفوق سلاح القوات الروسية عليها بمقدار 20 على واحد في مجال المدفعية و40 على واحد في الذخيرة، وفقاً لتقرير استخباراتي جديد يرسم صورة حالكة ويائسة للصراع العنيف الدائر على الجبهة.
ويكشف تقرير أعده مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الأوكرانية والغربية أن الجنود الأوكرانيين يواجهون صعوبات كبيرة في الرد على القصف الروسي وهم يستعملون القذائف التي يمكن أن تصل حتى 25كم من المسافة، بينما تستطيع القوات الروسية المعادية القصف على مسافة يصل مداها إلى 12 مرة هذه المسافة.
ويشير إلى أن المعركة الطاحنة في شرق أوكرانيا "تؤدي إلى إحباط معنوي كبير في صفوف القوات الأوكرانية وتترك أثراً ملموساً تترجم بحالات الهروب من الجيش التي تزداد أسبوعياً".
يتزامن هذا التقرير مع استيلاء القوات الروسية على مزيد من الأراضي في الشرق وبسط سلطتها على المدن التي وقعت في قبضتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي هذه الأثناء، يضعف موقع كييف في المفاوضات بسبب التفاوت المتزايد في عدد الأسرى لدى كل طرف.
فقد انخفض عدد الجنود الروس المحتجزين في أوكرانيا من 900 أسير في أبريل (نيسان) إلى 550 أسيراً بعد سلسلة من تبادل الأسرى. وفي المقابل، تحتجز موسكو أكثر من 5600 جندي أوكراني أسهم في مضاعفة عديدهم استسلام 2500 جندي في ماريوبول من بينهم عناصر كتيبة آزوف.
تجري كييف وموسكو على حد سواء محاكمات علنية إلى أقصى الدرجات لأسرى الحرب.
وفي هذا السياق، دانت المحاكم الأوكرانية في كييف وتلك القريبة من خاركيف جنوداً روساً بتهم ارتكاب جرائم حرب وفرضت عليهم أحكاماً مطولة. وقالت المدعية العامة في البلاد، إيرينا فينيديكتوفا، الأربعاء، إنها رفعت 8 قضايا إضافية.
كما تجري محاكمة بريطانيين اثنين هما آيدن أسلين وشون بينر، ألقي القبض عليهما فيما كانا يقاتلان إلى جانب القوات الأوكرانية في ماريوبول، في جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية، حيث يقول المدعون العامون، إنهما يواجهان عقوبة الإعدام بتهم "الإرهاب" والعمل كـ"مرتزقة".
وأعلن الإعلام الرسمي الروسي، الأربعاء، أن أكثر من ألف أسير من أسرى ماريوبول نقلوا إلى روسيا "للتحقيق معهم". وهدد السياسيون في موسكو والجمهوريتين الانفصاليتين بإخضاع أسرى آزوف الذين يتهمونهم بالانتماء إلى النازية الجديدة إلى محاكمات "على نمط نورمبيرغ".
أثناء زيارته إلى الجبهة في دونباس، الاثنين، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الكرملين بتسليم أسرى ماريوبول. وقال إن المفاوضات جارية، ولكنهم وقعوا للأسف بيد روسيا الاتحادية التي لا يمكن الوثوق بها".
ويذكر التقرير الاستخباراتي بأن "الروس مصرون على مبادلة أسير بآخر. وهذا يعني أنه في ظل الوضع الراهن، قد يقبع 4500 أسير أوكراني في السجون الروسية إلى حين إبرام اتفاق سلام. ويرجح أن توظف موسكو هذا الأمر كوسيلة ضغط لزعزعة أوكرانيا داخلياً ما لم تؤمن الحماية الاجتماعية لعائلاتهم وتنشئ اتصالات واضحة".
وقد جمع هذا التحليل قبل إعلان الحكومة البريطانية نيتها إرسال عدد قليل من أنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق "M270"، ولكن بعد صدور تقارير عن عزم الولايات المتحدة إرسال أنظمة "هيمارس" الصاروخية العالية الحركة التي تثبت على عجلات.
لا ترسل بريطانيا في الوقت الحالي سوى ثلاث من هذه الأنظمة، فيما أرسلت واشنطن من جانبها أربعة، لكن المسؤولين الأوكرانيين يقولون، إنهم يحتاجون لعدد أكبر بكثير بغية إيقاف تقدم الروس، ناهيك باستعادة الأراضي التي فقدوها، وإنهم سيحتاجون إلى وقت لنشر الأنظمة في الجبهة، فيما يواصل الكرملين هجومه الشرس في دونباس.
ولفت أحد المسؤولين الأوكرانيين إلى التالي "نشعر بامتنان كبير بالطبع للدعم الذي يوليه لنا حلفاؤنا. ولا شك في أننا نرحب بالأسلحة الجديدة، ولكن ربما على الحكومات الغربية أن توضح لجمهورها عندما تعلن عن عزمها إرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا، ما الكميات الفعلية (لهذه الأسلحة)".
تؤكد أخبار المراسلين في الميدان مزاعم الخسائر الأوكرانية جراء قوة السلاح الروسي. شهدت صحيفة "اندبندنت"، الأسبوع الماضي، الخسائر التي تكبدها الجيش الأوكراني ونقص الأسلحة البعيدة المدى التي تسمح بالمقاومة، ولقي أحد الجنود الذين أجريت معهم مقابلات في ليسيشانسك مصرعه منذ ذلك الوقت، فيما أصيب ثلاثة آخرون بجراح.
ويذكر تقرير الاستخبارات أنه "من الواضح استحالة الفوز بحرب تقليدية في حال كان طرفك يمتلك أسلحة أقل بأضعاف من الطرف الآخر، بينما تصيب أسلحتك العدو ضمن مدى أقصر والذخيرة التي تمتلكها أقل بكثير من ذخيرة عدوك".
ويتابع بقوله، إن "الوضع التكتيكي على الجبهة كالتالي… أوشك مخزون الصواريخ المعدة لمنظومة إطلاق الصواريخ المتعددة من طراز سميرش وأوراغان على النفاد كلياً، وهي التي سمحت فعلياً بصد الهجوم الروسي خلال أشهر الحرب الأولى من مسافة (37 إلى 50 ميلاً)".
"أما اليوم، فأقصى مدى تبلغه نيران القوات الأوكرانية المسلحة هو (15.5 ميل). وهو المدى الذي يمكن أن تبلغه المدفعية من عيار 152/155 مليمتر فضلاً عن نظام قاذفة صواريخ غراد المتعددة الذي ما زال في الخدمة".
"وفي الوقت نفسه، يضرب العدو تجمعات القوات الأوكرانية من مسافة (186 ميلاً) باستخدام منظومة الصواريخ الباليستية التكتيكية إسكندر "Iskander" ومن مسافة (43 إلى 50 ميلاً) بواسطة منظومات الصواريخ المتعددة سميرش "Smerch" وتوشكا يو "Tochka-U" ومن مسافة (25 إلى 37 ميلاً) باستخدام منظومة الصواريخ المتعددة أوراغان "Uragan"".
ويتابع التقرير بقوله، "هذا ما يخلق حالة من انعدام المساواة الكلي في ميدان المعركة، من دون ذكر الهيمنة الكلية لسلاح جو العدو على الأجواء، التي يمكن موازنتها أحياناً عبر استخدام صواريخ أرض-جو ستينغر (Stinger) ومن خلال الأخطاء التي يرتكبها الطيارون الروس".
ويحذر التقييم من إدراك الروس التام لإرسال عدد ضئيل نسبياً من الأسلحة الغربية وبطء إيصالها إلى مواقع القتال. "يسعى الروس لاستغلال الأفضلية التي يمتلكونها خلال ما لديهم من وقت عبر استخدام المدفعية لمحاولة كسر الدفاعات الأوكرانية في منطقة دونباس"، كما يقول.
ويشدد على أن أنظمة "غافلين" و"أن أل أيه دبليو" (NLAW) المضادة للدبابات التي أرسلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أثبتت فعاليتها في ميادين القتال حول كييف وخاركيف وهي لا تزال فعالة في دونباس. كما ألحقت الطائرة المسيرة الهجومية من طراز "سويتش بليد" (Switchblade) أضراراً بالغة بالروس.
ولكنه يلفت مع ذلك إلى أن الأسلحة المضادة للدبابات "لا يمكنها التصدي للمدفعية وراجمات الصواريخ الروسية".
ويقول "يطوق العدو القوات الأوكرانية المتركزة في سيفيرودونتسك وليسيشانسك. وقد أصبح الدفاع عن هاتين المدينتين شاقاً للغاية نظراً لتركيز العدو 80 في المئة من نيران أسلحته على طرق نقل الإمدادات".
© The Independent