قال وزراء ومسؤولون سعوديون، إن الرياض تشهد تحولاً اقتصادياً كبيراً، مع الالتزام بالإسهام في تشكيل اقتصادات المستقبل وتسريع رحلة التحول الاقتصادي بما يتماشى مع مرتكزات رؤية 2030، مؤكدين أن جهود الحكومة السعودية مستمرة بقوة في خطط التنويع الاقتصادي، وأن العوائد النفطية ستساعد في بلوغ هذه الأهداف.
جاء حديث المسؤولين في الجلسة الحوارية "السعودية.. نظرة مستقبلية" حول آفاق الاقتصاد السعودي التي نظمت اليوم الأربعاء، على هامش اليوم الثالث من منتدى دافوس المنعقد في سويسرا، واستعرضت الخطط التي تسير عليها الرياض لنمو الاقتصاد في ظل برامج متمكنة تتطلع إلى المستقبل بثقة.
أمور أساسية
وزير المالية السعودي محمد الجدعان، قال خلال الجلسة، إن السعودية وفرت للمستثمرين 3 أمور أساسية تتضمن المصداقية، والقدرة على التنبؤ بالأحداث، والشفافية، مضيفاً أن المصداقية جاءت من خلال عدد من الإصلاحات، موضحاً أن الرياض بدأت تتقدم في القدرة على التنبؤ بالأحداث مقارنة بالسابق، كما أن الشفافية تتضمن فتح البيانات للجمهور للاطلاع عليها.
وتابع "فكرة رؤية 2030 كانت تخص تنويع الاقتصاد بشكل كبير واتخذنا قرارات صعبة جداً، وتواصلنا مع القطاع الخاص والجمهور ووفرنا الدعم المناسب، ولم نفقد تركيزنا أو انضباطنا"، مشيراً إلى أن تلك الرؤية مكنت السعودية من تنويع الاقتصاد لمواجهة كورونا وانهيار أسعار النفط، بينما أسهمت الإجراءات الحكومية في رفع الثقة بالاقتصاد المحلي خلال فترة الجائحة.
ورداً على سؤال بشأن المنافسة الإقليمية، قال الجدعان، إن "التحرك" السعودي خلال السنوات الأخيرة "انعكس إيجاباً على المنطقة التي تشهد زيادةً في النشاط الاقتصادي". وأضاف أن بلاده ستواصل الاستثمار في الولايات المتحدة، في ظل علاقات قوية على عكس ما تتناوله وسائل الإعلام.
الاستثمارات الأجنبية
وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إن الاستثمار الأجنبي المباشر هو المحفز الأساس لإجمالي الاستثمارات، ويساعد السعودية على جلب التكنولوجيا والشركاء العالميين، مشيراً إلى أن الرياض تستهدف جذب 175 مليار دولار استثمارات أجنبية سنوياً من 20 ملياراً بنهاية 2021، مضيفاً "السعودية ماضية في خطتها وتقدمت في عديد من المؤشرات المتعلقة برؤية 2030، وتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي مستوى التريليون دولار لأول مرة، ويسير في اتجاه 1.6 و1.8 تريليون دولار لتصبح الرياض من أكبر 15 اقتصاداً في العالم".
وأشار الفالح إلى إصدار الاستراتيجية الوطنية للاستثمار الوطني التي جمعت جميع اللاعبين ووفرت جميع الفرص والمدخلات التي تقود إلى اقتصاد متنوع مع إطلاق قطاعات جديدة.
ورداً على سؤال بشأن المنافسة الإقليمية، قال الفالح، إن "المد السعودي سيدفع كل سفن المنطقة معه، والتكامل الإقليمي مهم جداً"، مؤكداً أن صعود الاقتصاد السعودي يرفع التنافسية في المنطقة. وأضاف أن "30 في المئة من سكان السعودية من الوافدين، ويلعبون دوراً مهماً في الاقتصاد، وعددهم ونوعيتهم سيزيدان على مدى الأعوام المقبلة".
وتابع الوزير: "أحدث السيارات الكهربائية سيكون تجميعها في المملكة بعد توقيع اتفاقية تأسيس مصنع لشركة "لوسيد"، ومن المتوقع أن تشكل 30 في المئة من السيارات، وستكون واحدة من بين 3 وحدات لتجميع السيارات الكهربائية في السعودية".
وأشار وزير الاستثمار السعودي، إلى أن بلاده تخطط حالياً لتصبح أكبر مستثمر للهيدروجين الأخضر في العالم في 2050.
وبسؤاله عن العلاقات بين الرياض وواشنطن، قال الفالح، "العلاقات متينة، والاستثمارات الأميركية ما زالت تتدفق بقوة إلى الرياض، وهي الأكبر في السعودية، لكن ذلك لا يحول دون تنويع استثماراتنا في مختلف دول العالم".
تعاف كلي للسياحة
وقالت مساعدة وزير السياحة في السعودية، الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود، إن قطاع السياحة السعودي تعافى كلياً من جائحة كورونا، بفضل السياحة الداخلية بشكل أساس. وأضافت، "مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسياحة في 2018 بدأنا بـ41 مليون زيارة في عام 2019، بما فيها الزيارات الدينية كزيارات أساسية، وانتهينا في 2021 بـ63 مليون زيارة خلال 2021، تلك الأرقام تثبت أن السعودية لم تشهد تعافياً فقط، بل شهدت تعافياً وتحسناً، بخاصة في السياحة المحلية".
وتابعت "لم نعدل من مستهدفاتنا الطموحة لقطاع السياحة في رؤية 2030 بعد الجائحة، لا سيما أن جميع البيانات والأرقام تشير إلى تحسن الوضع، ونحن متأكدون من أننا سنصل لهذه المستهدفات"، وأشارت إلى أن السعودية احتلت المرتبة الثانية في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي حول التقدم السياحي، الذي أطلق أمس الثلاثاء، ووصلت إلى المرتبة 33 عالمياً من بين 100 دولة.
وذكرت مساعدة وزير السياحة في السعودية، أن هناك عديداً من المجالات الرئيسة التي حققت فيها الرياض أداءً جيداً، من بينها تحسين بيئة الأعمال، وأضافت، "تمكنا من تعديل القرارات والسياسات، ونحن الآن بين أفضل 10 دول في بيئة الأعمال والسفر والسياحة".
وأضافت أنه على سبيل المثال، "كان الأمر يتطلب أسبوعين للحصول على رخصة لمزاولة أي نشاط سياحي في السعودية، الآن يتطلب الأمر 120 ثانية فقط عبر الإنترنت، هذا إلى جانب التأشيرة الإلكترونية التي تتطلب خمس دقائق للحصول عليها، إضافة إلى التأشيرة عند الوصول". وأشارت إلى أن الإصلاحات مستمرة في قطاع السياحة، ليس فقط على صعيد السياسات والمبادرات، لكن أيضاً على صعيد البنية التحتية.
وقالت مساعدة وزير السياحة السعودي، إن 42 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة مملوكة للنساء، مضيفة أنه من المنتظر إطلاق 33 برنامج تدريب جديداً للوظائف السياحية بالشراكة مع كبرى مدارس الضيافة العالمية لمواكبة الطلب المرتفع في القطاع على الكوادر البشرية المؤهلة.
وقالت الأميرة هيفاء، رداً على سؤال عن السماح بالكحول في السعودية، "سنواصل تطبيق قوانيننا الحالية ويمكننا تحقيق الكثير سياحياً دون إدخال أمور جديدة".
استمرار جهود التنويع الاقتصادي
من جهته، قال وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، إن جهود الحكومة السعودية مستمرة بقوة في خطط التنويع الاقتصادي، وإن إيرادات النفط ستساعد في بلوغ هذه الأهداف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الوزير السعودي أن بلاده حققت أعلى نمو فصلي في الناتج المحلي الإجمالي منذ 2011، وذلك خلال الربع الأول من العام الحالي بمعدل 9.6 في المئة، مشيراً إلى أن الطلب على الطاقة سيستمر وفق ما يؤكده الخبراء، وسترفع السعودية قدرات الإنتاج، مؤكداً أن مناصرة قضايا التغير المناخي لا تتناقض مع الأمر.
وتابع "آخر ما نرغب به هو التركيز على التغير المناخي دون ضمان أمن الطاقة والتطور الاقتصادي"، مشيراً إلى أن الرياض لديها أرخص تكلفة للطاقة الشمسية في العالم بواقع 0.9 سنت للكيلوواط/ساعة.
وأضاف، "ما ينقصنا هو الترابط بين الصناعة والابتكار الأكاديمي، ونحن من أول خمس دول عالمياً في الإنفاق الدفاعي"، مشيراً إلى أن صعود الرياض الاقتصادي يرفع التنافسية في الشرق الأوسط، بالتنسيق في السياسات مع دول المنطقة.
معدلات نمو هائلة في التحول الرقمي
وقال وزير الاتصالات السعودي، عبدالله السواحة، إن بلاده حققت معدلات نمو هائلة في ما يتعلق بالتكنولوجيا والتحول الرقمي، وأصبحت سوقاً بقيمة تريليون دولار، كواحدة من أكبر الأسواق التكنولوجية والرقمية، وحتى خلال أصعب عام واجهته البشرية في التسعين عاماً الماضية، أثنى المنتدى الاقتصادي العالمي على التطور التكنولوجي الكبير في السعودية.
وتابع السواحة، "نسعى للوصول إلى المراتب العشر الأولى عالمياً في جميع القطاعات المتعلقة بالتكنولوجيا، وبفضل المواهب، حيث نعد في المرتبة التاسعة عالمياً، يمكننا التقدم في كل المناحي التكنولوجية".
وأشار الوزير إلى النمو الهائل الذي حققته بعض قطاعات التكنولوجيا، مثل التقنية المالية، التي نمت بنسبة 200 في المئة خلال عام 2021، والسعودية تحتل المركز الأول عالمياً في النمو الرقمي.
وقال السواحة، إنه في إطار تحسين الشمول والنمو والاستدامة، تحرص السعودية على عدالة النمو في القطاعات الرقمية"، مضيفاً "فخورون برفع نسبة تمكين النساء في التكنولوجيا من 7 إلى 29 في المئة حالياً، وهي أعلى من المتوسط لمجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي، وفي وادي السيلكون، فإن النسبة أقل وتبلغ 27 في المئة فقط".
ودعا وزير الاتصالات السعودي الحضور لزيارة مقار شركتي "أرامكو" و"سابك"، اللتين لديهما واحدة من أقل معدلات الانبعاث الكربوني بفضل الاعتماد على التكنولوجيا في كل من قطاعات النقل والإنتاج والتكرير.