مع اقتراب موعد بدء المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، أواخر الشهر الحالي، يناقش الإسرائيليون أبعاد وانعكاس هذه المفاوضات على المنطقة، مع اختلاف في التوقعات بينهم، خصوصاً حول مساهمتها في فرض الهدوء في المنطقة ومنع تدهورها إلى حرب ثالثة بين لبنان إسرائيل، وبين أن تكون خطوة تشعل حرباً، خصوصاً أن تل أبيب ترفض أن تشمل المفاوضات مزارع شبعا والحدود البرية، التي تشكل خلافاً جوهرياً بين البلدين. ثمة من يرى أن هذه المفاوضات ستمنع حرباً مقبلة، ويشير إلى استعداد الحكومة في بيروت لإجراء محادثات مباشرة على الحدود البحرية بعد سنوات من معارضة ذلك، والسبب اقتصادي بحت، فاستيعاب مئات آلاف اللاجئين السوريين ألقى على لبنان عبئاً ثقيلاً، واكتشاف الغاز يمكن أن يخففه. ويوضح الخبير عاموس هرئيل أن إجراء المحادثات تتناقش بشكل كبير، مع الخطاب العلني للجيش الإسرائيلي وحزب الله، الذي يتركز في تبادل الاتهامات. وبرأيه ما كان يمكن أن تجري المفاوضات من دون ضوء أخضر من حزب الله، الذي وافق عليها للأسباب ذاتها. أما الاستخبارات الإسرائيلية فترى أن الدعم المالي الإيراني لحزب الله تقلص من مبلغ مليار دولار سنوياً إلى 600 مليون دولار بسبب تأثير العقوبات الأميركية.
خيار هام مقابل المواجهة العسكرية
ويوضح الخبير هرئيل، أن الظروف تغيرت في السنة الأخيرة، كون معظم مقاتلي حزب الله عادوا من سوريا بعد انتصار النظام في الحرب الأهلية السورية، وما زالت المحادثات على ترسيم الحدود البحرية والإمكانية الضخمة للتنقيب عن الغاز تعبر عن خيار هام مقابل خيار مواجهة عسكرية أخرى، قد تصيب اقتصاد لبنان بأضرار كبيرة. ويضيف "لا يزال خطر الحرب موجوداً لكن بطريقة غير مباشرة، كالتوتر بين إيران والولايات المتحدة في الخليج، والمعركة التي تديرها إسرائيل ضد الوجود الإيراني في سوريا، كما أن إسرائيل تذكر كثيراً بالخطر الذي يكمن في إنشاء مصانع تطوير الدقة لصواريخ حزب الله في لبنان. لكن اختيار القناة العلنية تحديداً، ضمن أمور أخرى في خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، يدل على أنها تفضل رفع التهديد من خلال الضغط الدبلوماسي". أما الجهات المتخوفة من أن تسبب المفاوضات حرباً بين إسرائيل ولبنان، ترى أن حزب الله لن يقبل بالتنازل عن مزارع شبعا، والسكوت على حقيقة قبول الشرط الإسرائيلي في تحييد شبعا والحدود البرية يشكل ضربة للحزب.
خطة رئيس الأركان
تحت عنوان "زخم"، أعد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، خطة عمل عسكرية للحرب المقبلة تجاه حزب الله وغزة، منح الضوء الأخضر للجيش لقتل مدنيين، وتنفيذ عمليات تدرج ضمن "جرائم الحرب". ورفع كوخافي بنك أهداف جيشه في الحرب. ويشير خبراء إلى أن خطته أصابته بحالة هوس، فهي لا تتناول إبادة العدو العسكري، بل أيضاً استهداف مدنيين في قطاع غزة ولبنان. وتختلف خطة كوخافي عن خطة رئيس أركان الجيش السابق غادي أيزنكوت، التي كانت تهدف إلى تعزيز سلاح البرية وقدرة الردع وتنفيذ عملية عسكرية، غايتها ضرب قدرات العدو، مثل الغارات المتتالية ضد مواقع إيران وحزب الله في سوريا، أما خطة كوخافي الجديدة فتتحدث بشكل واضح عن إبادة منهجية للعدو والوحدات المقاتلة.
مطار بيروت في خطة كوخافي
وتتناول الخطة ضربة قاضية في الجولة الأولى، ما يعني تصفية جسدية عنيفة، خلال وقت قصير بوتيرة مئات القتلى يومياً وبحيث تكون النتيجة واضحة لجميع الأطراف. وستتولى مهمة التدمير وحدة عسكرية تدخل مواقع تابعة لحزب الله، كإنجاز مطلوب، وهذا الجانب من الخطة ينطبق على غزة أيضاً. وتطالب خطة كوخافي الحكومة بعدم التدخل في مجرى الحرب بعد اتخاذ قرار بشنها، ومما جاء في الخطة عدم التدخل السياسي في الحرب من قبل الحكومة الإسرائيلية، ما يتسبب بفقدان الخطة العسكرية مفعولها. واستكمال المهمة مشروط بممارسة قوة كبيرة ثابتة على فترة من الزمن، وإلا فإن الإنجاز المطلوب، أي تدمير فعلي لقوة العدو الأساسية، لن يتحقق. ويصف كوخافي حركة حماس وحزب الله بـ"الجيوش الإرهابية"، أي ليست منظمات أو ميليشيات. وبحسب أقواله فإن الفجوة بين حماس وحزب الله تتضاءل، لأن العدو يواصل تطوير واستغلال أفضلياته النسبية في مجال الاختفاء داخل سكان مدنيين وتحت الأرض، ويبني قوة هجومية، ويحسن كميات ودقة القذائف الصاروخية ويستخدم أسلحة جديدة نسبياً، مثل الطائرات الصغيرة المسيرة والطائرات من دون طيار". ويشير كوخافي إلى أن "لبنان معرّف كدولة عدو، وقسماً كبيراً من البنى التحتية للحكومة اللبنانية تخدم مباشرة قدرة حزب الله القتالية. لذلك، فإن محطات توليد الكهرباء التي تزود حزب الله ستُدمر، وإذا كان مطار بيروت يخدم تسلح حزب الله، فإنه سيُدمر. ومنذ بدء الهجوم، أي بيت يخرج منه مقاتلون سيُدمر".