أمرت وزارة الدفاع السريلانكية، الثلاثاء 10 مايو (أيار)، قواتها بإطلاق النار مباشرة على الأشخاص المتورطين في عمليات نهب أو تخريب للممتلكات، بعد يوم من استهداف مجموعات من المتظاهرين منازل سياسيين من الحزب الحاكم.
وقالت الوزارة، "صدرت أوامر إلى قوات الأمن بإطلاق النار مباشرة لدى رؤية أي شخص ينهب ممتلكات عامة أو يضر بحياة" أشخاص.
تحدي حظر التجول
وخرجت تظاهرات جديدة في العاصمة السريلانكية الثلاثاء، في تحدٍّ لحظر تجول فرضته الحكومة غداة مقتل خمسة أشخاص في أعمال عنف هي الأسوأ خلال أسابيع من الاحتجاجات على الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة.
ولم يُبدِ المتظاهرون أي مؤشرات إلى التراجع عن تحركهم، على الرغم من إصابة العشرات منهم بجروح عندما نُقل أنصار الحكومة على متن حافلات إلى كولومبو الاثنين وهاجموا محتجين بالعصي والهراوات.
ومع تصاعد التوتر حول الحادثة، استقال رئيس الوزراء ماهيندا رجاباكسا، ولكن حتى ذلك لم يساعد كثيراً في تهدئة الغضب الشعبي.
واقتحم آلاف المتظاهرين الغاضبين مقر إقامة رجاباكسا ليلاً، وتدخل الجيش لإنقاذه في عملية قبيل فجر الثلاثاء. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وعيارات تحذيرية.
وقال مسؤول أمني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية، "أطلقت عشر قنابل حارقة على الأقل على المجمع".
مهاجمة قائد شرطة
وأعلنت السلطات أن متظاهرين غاضبين هاجموا قائداً في الشرطة وأحرقوا سيارته قرب مقر إقامة رئيس الحكومة في كولومبو الثلاثاء.
وذكر مسؤول بارز في الشرطة أن نائب المفتش العام ديشابندو تيناكون، أعلى الضباط مرتبة في كولومبو، "احتاج لعلاج طارئ وعاد إلى المنزل". وكان الضابط مسؤولاً عن الترتيبات الأمنية في العاصمة الاثنين عندما هاجم أنصار الحكومة متظاهرين سلميين كانوا يطالبون باستقالة الرئيس.
وقال المتظاهر شامال بولواتاغي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "مزيداً من الأشخاص يتوافدون إلى موقع التظاهرة بعد إعلان حال الطوارئ وحظر التجول". وأضاف الشاب البالغ 25 سنة، "الناس غاضبون إزاء الهجمات التي استهدفتنا أمس. على الرغم من حظر التجول منذ بعد ظهر أمس، جاء عدد من المتطوعين إلينا حاملين الطعام والماء". وقال، "لن نغادر قبل أن يتنحى الرئيس".
اندلاع العنف
ومنذ أشهر، تهز حكومة راجاباكسا التي تضم أفراداً من أسرته، احتجاجات على انقطاع الكهرباء ونقص السلع في أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلال سريلانكا عام 1948.
لكن الهجمات على المتظاهرين الاثنين تمثل نقطة تحول بعد أسابيع من التحركات السلمية. وقال شاهد عيان طالباً عدم الكشف عن اسمه، "استُهدفنا كما استُهدفت وسائل إعلام ونساء وأطفال".
واستخدمت الشرطة الاثنين الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الحشود، وأعلنت على الفور حظر تجول في كولومبو، في إجراء تم توسيع نطاقه ليشمل كل مناطق الدولة الواقعة في جنوب آسيا والبالغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.
وقالت السلطات إن حظر التجول سيُرفع صباح الأربعاء، فيما طُلب من المكاتب الحكومية والخاصة والمتاجر والمدارس إغلاق أبوابها الثلاثاء.
وأصدر قائد الشرطة شاندنا ويكراماراني أمراً بـ"اعتقال كل من يقف وراء التحريض على أعمال العنف بغض النظر عن مواقفهم السياسية".
العنف والشغب
ودانت الأمم المتحدة أعمال العنف المتصاعدة ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه السلطات للحؤول دون وقوع مزيد من الاضطرابات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعبّرت باشليه في بيان الثلاثاء، عن "القلق العميق إزاء تصاعد أعمال العنف في سريلانكا بعد أن هاجم أنصار رئيس الوزراء متظاهرين سلميين في كولومبو يوم أمس التاسع من مايو، وما أعقب ذلك من أعمال عنف من جانب حشود ضد أعضاء من الحزب الحاكم".
وعلى الرغم من حظر التجول، اندلعت أعمال عنف في كولومبو وأنحاء أخرى من البلاد، طاولت محتجين وأنصار الحكومة على حد سواء.
وأضرمت حشود غاضبة النيران في منازل تعود لـ41 سياسياً موالين لراجاباكسا، وأحرقوا عدداً من سياراتهم، فيما استُهدفت أيضاً حافلات وشاحنات استخدمت لنقل أنصار الحكومة.
وأحرق عدد من المنازل التي تعود إلى أفراد عائلة راجاباكسا في مختلف أنحاء البلاد، فيما تم تخريب متحف للعائلة في قرية أجداد الأسرة، يتضمن تماثيل من الشمع لآبائهم.
سقوط قتلى
وفي ضواحي كولومبو، أطلق النائب عن الحزب الحاكم أماركيرثي أتوكورالا، النار على شخصين، ما أدى إلى مقتل رجل يبلغ 27 سنة، وذلك بعد أن حاصره حشد من المتظاهرين المناهضين للحكومة، وفق الشرطة.
وقال مسؤول في الشرطة في اتصال هاتفي، إنه بعد ذلك "أطلق النار على نفسه بمسدسه وقتل".
وعثر على الحارس الشخصي للنائب ميتاً في مكان الحادثة، وفق ما أعلنت الشرطة.
كما أطلق سياسي آخر من الحزب الحاكم لم يُكشف عن اسمه، النار على متظاهرين فأردى اثنين وجرح خمسة في جنوب الجزيرة، وفق الشرطة.
وتدخل أطباء في مستشفى كولومبو الوطني لعلاج جرحى من مؤيدي الحكومة، فيما خلع جنود بوابات موصدة لنقل المصابين.
وصاح أحد الأطباء بوجه حشد سدّ مدخل الطوارئ في المستشفى، "قد يكونوا قتلة، لكن بالنسبة إلينا هم مرضى يتعين تقديم العلاج لهم أولاً".
حكومة وحدة
وفي مؤشر آخر إلى تدهور الأمن، قطعت مجموعات من المتظاهرين الثلاثاء الطريق الرئيس المؤدي إلى مطار كولومبو وأوقفت كل السيارات للتأكد مما إذا كان أي من أنصار راجاباكسا يحاول مغادرة الجزيرة، وفق شهود عيان.
وعلى الرغم من الهجوم على مقر إقامته، قال نجل ماهيندا راجاباكسا إن والده لن يفر، معتبراً تصاعد الغضب الشعبي ضد عائلته "مرحلة صعبة".
وأعلن راجاباكسا (76 سنة) أنه يستقيل ليمهد الطريق أمام حكومة وحدة. لكن لم يتضح إذا ما كانت المعارضة ستنضم إلى أي إدارة يتربع عليها الرئيس غوتابايا راجاباكسا.
وبموجب النظام السياسي في سريلانكا وحتى مع حكومة وحدة جديدة، يمسك الرئيس بسلطة تعيين وزراء وإقالتهم، وكذلك القضاة، كما يتمتع بحصانة من الملاحقة القضائية.
التخلف عن سداد الديون
وقالت أحزاب معارضة الثلاثاء إنها تتراجع عن إجراء محادثات مع الحكومة عقب تفجر أعمال العنف.
غير أن مصادر سياسية أكدت استمرار المحاولات لترتيب لقاء عبر الإنترنت يجمع الرئيس وجميع الأحزاب السياسية.
وأوضح أكبر الأحزاب المعارضة أنه لا يزال يدرس خياراته.
وتأتي التظاهرات عقب جائحة سددت ضربة قوية لعائدات الجزيرة من السياحة وتحويلات الرعايا في الخارج، ما حرم البلاد من العملة الأجنبية الضرورية لسداد دينها، وتسبب بنقص حاد في المواد الضرورية، وارتفاع التضخم وانقطاع الكهرباء لفترات طويلة.
في أبريل (نيسان)، أعلنت سريلانكا تخلّفها عن سداد دينها الخارجي البالغ 51 مليار دولار. وتجري الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن صفقة إنقاذ.