أوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم"، إمدادات الغاز إلى بلغاريا وبولندا بسبب عدم سداد البلدين مدفوعات الوقود بالروبل، في أقوى رد حتى الآن من الكرملين على العقوبات المشددة التي فرضها الغرب بسبب غزو أوكرانيا. وبولندا وبلغاريا هما أول دولتين يتم قطع إمدادات الغاز عنهما من قبل المورد الرئيسي لأوروبا منذ حرب أوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير (شباط) وأودى بحياة الآلاف وتسبب في تشريد الملايين وأثار مخاوف من نشوب صراع أوسع. وقالت "غازبروم" في بيان "علقت غازبروم بالكامل إمدادات الغاز إلى بولغارغاز "بلغاريا" و"بي جي أن آي جي" "بولندا" بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل". إلى ذلك ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية في تعاملات اليوم بعد القرار الروسي، مما يصعد التوترات الإقليمية. وارتفعت العقود الآجلة في هولندا بنسبة 24 في المئة لتصل إلى 127.50 يورو ( 134.65دولار) لكل ميجاواط في الساعة، وهو أعلى مستوى منذ الأول من أبريل( نيسان) ، حسب بيانات "بلومبرغ".
خرق للعقد
كما حذرت "غازبروم" من أن عبور الغاز عبر بولندا وبلغاريا سيتوقف إذا تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية. وقالت وارسو وصوفيا "إن وقف الإمدادات يعد خرقاً للعقد من جانب غازبروم أكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم". وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تدفع الدول الأوروبية ثمن الغاز بالروبل بعد أن جمد الغرب الأصول الروسية وعزل موسكو إلى حد كبير عن النظام الاقتصادي الغربي بسبب الحرب في أوكرانيا. وطالب بوتين الدول التي يصفها بأنها "غير صديقة" بالموافقة على خطة تفتح بموجبها حسابات في "غازبروم بنك" وتسدد مدفوعات واردات الغاز الروسي باليورو أو بالدولار الذي يمكن تحويله إلى روبل. وقالت "غازبروم"، "يجب سداد مدفوعات الغاز الذي تم توريده اعتباراً من أول أبريل (نيسان) بالروبل باستخدام تفاصيل المدفوعات الجديدة، والتي تم إبلاغ الأطراف المعنية بها في الوقت المناسب".وأكدت بولندا مراراً أنها لن تدفع مقابل الغاز الروسي بالروبل وتعتزم عدم تمديد عقد الغاز مع "غازبروم" بعد أن ينتهي في نهاية هذا العام.
وينقل خط أنابيب يامال-أوروبا الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر بولندا، على الرغم من أنه كان يعمل في معظم الوقت بصورة عكسية هذا العام، حيث كان ينقل الغاز شرقاً من ألمانيا. وبلغاريا هي بلد عبور إمدادات الغاز إلى صربيا والمجر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الطاقة البلغاري ألكسندر نيكولوف إن بلاده دفعت تكاليف شحنات الغاز الروسي لشهر أبريل وإن وقف إمدادات الغاز سيكون خرقاً لعقدها الحالي مع "غازبروم".وأضاف نيكولوف "لأننا نفذنا جميع الالتزامات التجارية والقانونية، فمن الواضح أنه في الوقت الحالي يتم استخدام الغاز الطبيعي كسلاح سياسي واقتصادي في الحرب الحالية".
إلى ذلك قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين "إن إعلان شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم التوقف من جانب واحد عن تسليم الغاز لبعض العملاء في أوروبا هو محاولة أخرى من جانب روسيا لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز". وأضافت فون دير لاين في بيان "هذا غير مبرر وغير مقبول. ويظهر مرة أخرى أن روسيا مورد للغاز غير جدير بالثقة".
الاتحاد الأوروبي "مستعد" لتوقف الغاز الروسي
إلى ذلك أكد الاتحاد الأوروبي أنه "مستعد" لتعليق موسكو إمدادات الغاز إلى الكتلة التي تضم 27 بلداً، ويخطط لرد "منسق" بعدما قطعت "غازبروم" إمداداتها عن بولندا وبلغاريا.وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على "تويتر" أن "إعلان غازبروم مسعى آخر من روسيا لابتزازنا بالغاز. نحن مستعدون لهذا السيناريو. ونقوم بإعداد رد الاتحاد الأوروبي المنسق". وأضافت "يمكن للأوروبيين أن يثقوا في وقوفنا متكاتفين ومتضامنين مع الدول الأعضاء المتأثرة" بالخطوة.وتابعت "عملنا على ضمان إمدادات بديلة وأفضل مستويات تخزين في أنحاء الاتحاد الأوروبي".
بولندا وبلغاريا تحصلان على غاز من الجيران
ومن المنتظر أن تحصل بولندا وبلغاريا حاليا على الغاز من جيرانهما الأوروبيين بعد أن قطع عملاق الطاقة الروسي غازبروم إمداداته، على ما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبي أورسولا فون دين لايين الأربعاء. وأكدت رئيسة المفوضية في كلمة مقتضبة أمام الصحافة "سنعمل على أن يكون لقرار غازبروم أقل تأثير ممكن على المستهلكين الأوروبيين".
واعتبرت أن "الإجراء الذي اتخذته روسيا سيؤثر على روسيا نفسها. الكرملين يضر بالاقتصاد الروسي لأنهم يحرمون أنفسهم من مردود كبير".
خطوة أحادية
ونددت بالخطوة الأحادية الروسية ووصفتها بـ"غير المبررة وغير المقبولة"، معتبرة أنها "تؤكد مرة أخرى عدم الوثوق بروسيا كمورّد للغاز". وأكدت "انعقاد اجتماع لمجموعة تنسيق الغاز في هذه الأثناء".
روسيا: ليس هناك ابتزاز سياسي
في الوقت ذاته نفى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الاتهامات بأن موسكو تستخدم إمدادات الغاز الطبيعي كأداة للابتزاز بعد أن أوقفت شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم" صادرات الغاز إلى بولندا وبلغاريا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن إعلان غازبروم كان محاولة أخرى من جانب روسيا لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز.
وأكد بيسكوف أن روسيا مورد موثوق للطاقة وليست ضالعة في أي ابتزاز. ورفض الكشف عن عدد الدول التي وافقت على التحول إلى دفع ثمن الغاز بالروبل تماشياً مع مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي.
مخاطر حقيقية
وفي تقرير لـ"بلومبيرغ" ذكر أن كابوس قطع روسيا لإمدادات الغاز عن أوروبا في التحول إلى حقيقة، فالوقت ينفد أمام تنفيذ طلب الكرملين الخاص بضرورة دفع عملاء روسيا في أوروبا بالروبل مقابل الوقود، الذي تعتمد عليه المنطقة في توليد خمس الطاقة لديها. وتتوقع كاتيا يافيمافا، كبيرة الباحثين الزملاء في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، أنه في حالة رفض أوروبا شروط الدفع الخاصة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واختبارها لمدى صدق وعيده بوقف ضخ الغاز، فإن المشترين الأوروبيين "سيواجهون مخاطرة حقيقية للغاية بقطع الإمدادات عنهم".
انهيار مقبل
وبحسب التقرير فإنه قد يظهر تأثير قطع الإمدادات فوراً على سوق الغاز الطبيعي الأوروبية، فالتداول بات مهدداً بالفعل، مع تضاعف الأسعار 5 مرات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وقد يزداد الأمر سوءاً. وفقاً لكوشال راميش، كبير محللي الغاز والغاز الطبيعي المسال في "ريستاد إنيرجي" (Rystad Energy)، في حالة تعطل الإمدادات يمكن أن ترتفع العقود الآجلة بأكثر من 3 أضعاف، لا سيما إذا دخلت أوروبا الشتاء المقبل وهي مستنفدة المخزونات.
ترشيد أوروبي
إلى ذلك، أطلقت ألمانيا خطة طوارئ، تجتمع بموجبها فرقة عمل يومياً لمراقبة الاستهلاك والمخزونات. وتجري هيئة تنظيم الطاقة في الدولة مسحاً للشركات حول استخدامها للمساعدة في تحديد كيفية توزيع الإمدادات. وستوفر الدولة حماية للمستهلكين لأطول فترة ممكنة، وهذا يعني أن القطاع سيتحمل العبء الأكبر من خطة الترشيد. ويشكل هذا مخاطرة هائلة على أكبر اقتصاد في أوروبا، إذ تعتمد الدولة على روسيا في 40 في المئة من إمداداتها من الغاز، وهذا الوقود ضروري للعمليات في صناعات الكيماويات والمعادن.
ألمانيا تخفض توقعات النمو الاقتصادي
وخفضت وزارة الاقتصاد الألمانية توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2022 إلى 2.2 في المئة من توقعاتها في أواخر يناير (كانون الثاني) بنمو يبلغ 3.6 في المئة، حيث أثّر الهجوم الروسي على أوكرانيا والعقوبات وارتفاع أسعار الطاقة على الإنتاج.وتتوقع الوزارة أن ينمو الاقتصاد 2.5 في المئة في عام 2023 ارتفاعاً من 2.3 في المئة كانت متوقعة سابقاً.
سويسرا جمدت 9 مليارات دولار
وفي تطور متصل ذكرت صحيفة "نويه تسورشر تسايتونغ" أن حجم الأصول الروسية المجمدة بموجب العقوبات التي فرضتها سويسرا ارتفع إلى حوالى تسعة مليارات فرنك سويسري (9.34 مليار دولار)، من دون أن تذكر مصادرها. ولم ترد الوكالة الحكومية المسؤولة عن تطبيق العقوبات حتى الآن على رسالة بريد إلكتروني تطلب التعليق على التقرير.
وفي انحراف حاد عن الحياد التقليدي للبلاد، تبنت سويسرا عقوبات الاتحاد الأوروبي على الروس المتورطين في هجوم موسكو على أوكرانيا. وتقول روسيا إنها شنت "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا. وترفض كييف وحلفاؤها الغربيون ذلك باعتباره ذريعة لشن حرب أودت بحياة الآلاف وشردت ربع سكان أوكرانيا.