جاء إعلان الإغلاق في شنغهاي بمثابة مفاجأة، بعد أن قاومت سلطات المدينة مراراً دعوات لإغلاق شامل للسيطرة على "كورونا"، فيما كافحت المدينة لاحتواء انتشار الفيروس في الأسابيع الأخيرة باستخدام نهج مستهدف لتقييد التنقل في أحياء محددة لتجنب تعطيل أوسع نطاقاً. وعلى الرغم من أن معظم حالات" كوفيد-19" الجديدة لا تظهر عليها أعراض، إلا أن حكومة شنغهاي عكست مسارها وقررت فرض إغلاق شامل على مرحلتين، إذ تم إغلاق نصف المدينة لاختبارات الفيروس، اعتباراً من الإثنين ولمدة أربعة أيام، فيما سيتم إغلاق النصف الآخر لأربعة أيام من يوم الجمعة.
ومن المرجح أن يوجه إغلاق شنغهاي الشامل ضربة قوية للشركات التي تعتمد على الإنفاق الاستهلاكي، على الرغم من أن الاقتصاديين يقولون إن القطاع الصناعي في المدينة يمكن أن يتحمل إلى حد كبير الاضطراب، مما يخفف من التهديدات لسلسلة التوريد العالمية.
وقد يؤدي الإغلاق التام لمدة ثمانية أيام في شنغهاي البالغ عدد سكانها 25 مليون نسمة إلى خفض ما يصل إلى 0.4 نقطة مئوية من النمو الاقتصادي للصين خلال الربعين الأول والثاني من العام الحالي 2022، مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لـ "بلومبيرغ" نقلاً عن تقديرات ليو بيكيان، الاقتصادي الصيني في "نات ويست غروب بي إل سي".
وتهدد عمليات الإغلاق الصارمة في شنغهاي الإنتاج في مئات المصانع في المناطق الصناعية القريبة التي تعتمد على التدفق المستمر للمعادن من أكبر مركز تجاري للسلع في الصين.
وكان نقل المعادن الأساس مثل النحاس والزنك توقف داخل المستودعات في شنغهاي وخارجها، بما في ذلك الموجودة في مناطق الإعفاء من الرسوم الجمركية، حيث فرضت حكومة المدينة قيوداً مشددة على حركة الأشخاص والمركبات، وفقاً للتجار ومديري الخدمات اللوجستية.
وأمر المركز المالي والتجاري الواقع على الساحل الشرقي للصين بإغلاق على مرحلتين لمحاربة موجة من متحورة "أوميكرون"، وقال الناس إن ذلك عطّل الخدمات اللوجستية من خلال خلق نقص في سائقي الشاحنات وموظفي المستودعات.
اختناق إمدادات المعادن
وتعد شنغهاي نقطة الدخول الرئيسة للمعادن التي تتجه إلى أكبر مستورد في العالم، وعادة ما تحتوي مستودعاتها على مئات الآلاف من الأطنان، وتنقل المعادن المكررة بالشاحنات من موانئ المدينة إلى المقاطعات المجاورة حيث تعالج أولاً قبل استخدامها في كل شيء، بدءاً من شبكات الكهرباء إلى مكيفات الهواء إلى السيارات، كما أنها مركز لتجارة وتخزين الإنتاج المحلي ومدعومة بأكبر بورصة للعقود الآجلة للمعادن في الصين وشبكة مستودعات مترامية الأطراف.
وقال ستة من أصل 12 مصنعاً لقضبان النحاس في المقاطعات المجاورة التي شملها مسح سوق شنغهاي للمعادن، إنهم إما أوقفوا أو يخططون لإيقاف الإنتاج اعتباراً من نهاية هذا الأسبوع.
ويؤكد الاختناق على إمدادات المعادن تحرك شنغهاي المفاجئ لتصعيد المعركة مع "أوميكرون"، مما يضيف رياحاً معاكسة للانتعاش الاقتصادي الهش للبلاد، فضلاً عن التسبب في اضطرابات للسكان.
وكان نشاط المصانع الصينية قد شهد انكماشاً في مارس الماضي وفقاً لبيانات رسمية تستند إلى مسح أغلق بتاريخ الـ 25 من مارس، أي قبل ثلاثة أيام من إغلاق حي بودونغ في شنغهاي، المنطقة الشرقية التي تستضيف محطات الحاويات الخاصة بها.
ويتوقع أن يظهر مؤشر مديري المشتريات (مؤشر مديري من أهم المؤشرات الاقتصادية ويقدم نظرة عامة عن حال الاقتصاد في قطاع الصناعة والخدمات ويعبر عن ظروف التشغيل والعمل في القطاع الخاص غير النفطي) لشهر أبريل (نيسان) الحالي، ميلاً أكثر وضوحاً نحو الانخفاض، وفقاً لـ "بلومبرغ إيكونوميكس". وأظهر مسح خاص يوم الجمعة أن نشاط المصانع في الصين انخفض خلال في مارس إلى أسوأ مستوى منذ فبراير (شباط) 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب التجار، فإن معظم المستودعات في بودونغ ليس لديها الآن سوى عدد قليل من الموظفين الهيكليين في المواقع لحفظ الأمن. كما خفضت متطلبات اختبار "كوفيد-19" عدد سائقي الشاحنات الحاصلين على شهادات صالحة للنقل، ويبتعد العديد من السائقين عن شنغهاي وفقاً لتقرير نشر في منفذ الأخبار المالية المحلي كايتشين.
كما دخلت مدينة بوكسي، النصف الغربي من شنغهاي والتي تستضيف ثلثي سكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة، منطقة مغلقة في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة. وكان المشترون المحليون يكافحون بالفعل للحصول على المعادن من المستودعات هناك أيضاً، وقال الناس إن خدمات التوصيل تعطلت مما يجعل من المستحيل تقريباً إرسال المستندات الأصلية اللازمة لتسلم البضائع.
وتشهد الصين اليوم ارتفاعات كبيرة في حالات الإصابة بفيروس كورونا، مع وجود عشرات الملايين من الأشخاص في عزلة وشيكة أو يواجهونها. وعلى الصعيد الوطني تم الإبلاغ عن 7229 حالة يوم الخميس، وفقاً للجنة الصحة الوطنية الصينية.
وتعمل مدينة وكسي الصينية، وهي مركز لتجارة الألومنيوم والفولاذ المقاوم للصدأ بالقرب من شنغهاي، على تكثيف قيودها بما في ذلك إغلاق بعض الأحياء مع ارتفاع الحالات. وقال متعاملون إن هذا يزيد من أخطار تشديد المعروض من المعادن خلال الأسابيع المقبلة.
ويتعرض اقتصاد الصين لضغوط بسبب تفشي فيروس "كوفيد-19" المتصاعد، إذ حذر الاقتصاديون من تباطؤ أعمق إذا استمرت عمليات الإغلاق في شنغهاي وأماكن أخرى في التوسع.