Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دمشق تطرق أبواب الهند بحثا عن القمح

سباق محموم لتأمين محصول هذا الموسم وملء المخازن بالحبوب

دمشق تسعى لاستيراد 200 ألف طن قمح من الهند  (اندبندنت عربية)

تتسارع حدة السباق العالمي نحو القمح بعد اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وتداعياتها بإشعال أزمة مستقبلية تتعلق بمخاوف تأمين المحصول، لا سيما أن الدولتين بالمراتب الأولى عالمياً في صادراته بالإضافة إلى الزيت النباتي، اللتين بدأتا تنفدان من الأسواق لكثرة الطلب عليهما، خصوصاً بعد تهافت الشركات التجارية بتخزينهما عقب التيقن من غلاء سعريهما عما قريب وفقدانهما من الأسواق.

الطريق إلى نيودلهي

في غضون ذلك، تنتاب دمشق الطمأنينة نتيجة تأكيدات روسية عن الوفاء بالتزاماتها حول إيصال صفقات القمح إلى سوريا عبر بيلاروس، يأتي ذلك بعد إعلان وزارة الزراعة الروسية في 14 مارس (آذار) الجاري حظر صادرات القمح والشعير والذرة حتى 30 يونيو (حزيران) المقبل، وفق ما نقلته وكالة "إنترفاكس" الروسية.

وأعلنت السلطات السورية وعلى رأسها وزير التجارة الداخلية، عمرو سالم استمرار وصول التوريدات والسفن من دون تضرر من الحرب الناشبة أخيراً، وأشار في حديث له نهاية فبراير (شباط) الماضي، إلى "استمرار شواطئ بلاده باستقبال سفن القمح بأعداد جيدة، ووجود جدول مستمر بالتوريدات حتى نهاية العام ولا توجد أي مخاوف".

في المقابل كشفت المؤسسة العامة للحبوب عبر مديرها العام، عبد اللطيف الأمين عن البحث مع الجانب الهندي لاستيراد 200 ألف طن من القمح كبديل في ظل تأكيدات حكومية وجود مخزون يصفه مسؤولون بـالكافي، إلا أن الاتجاه إلى الهند يفتح الكثير من التساؤلات والتكهنات حول إيجاد السلطة بديلاً عن القمح الروسي لأسباب تتعلق بالحرب الأخيرة. ويعتقد الباحث الأكاديمي والمتخصص بالاقتصاد السياسي، محمد حاج عثمان في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، "أنه قد تكون هذه الرغبة بالاتجاه نحو نيودلهي لإيجاد بدائل في حال حدوث أي تطور وتوقف التوريدات فهذا الأمر سيلحق بكارثة أقرب لمجاعة تحدق بالسوريين" بحسب قوله.

وأضاف، "تحتاج دمشق إلى ما يقارب 1.5 مليون طن من القمح ليكفي احتياجات العام الحالي، ومن المتوقع أن تتجه أيضاً إلى عدة دول للحصول على كميات إضافية، فالهند تعد في الترتيب الثاني بكميات الإنتاج للموسم الماضي 2021، إذ أنتجت ما يقارب 108 ملايين طن سبقتها الصين بإنتاج 134 مليون طن وسط ارتفاع في أسعار القمح عالمياً".

وعلى الرغم من حديث يسري في الشارع الاقتصادي تبثه الحكومة من عدم تخلي موسكو الحليفة الاستراتيجية لبلد يعيش أزمة انهيار اقتصادي، فإن التقارير تشير إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد إلى 400 دولار للطن الواحد لكنها ستبقى كما هي على السعر القديم كما أعلن مدير عام مؤسسة الحبوب في سوريا.

الأسواق العالمية

من جانبها، تسارع نيودلهي لاتخاذ خطوات سريعة بعد الحرب الأوكرانية لتصبح من أكبر مصدري القمح في العالم، ووفق صحيفة Mint الهندية ونقلاً عن مسؤولين في حكومة بلادها، "ترغب بالاستفادة من الوضع السائد، وخلال أسبوعين تقريباً ستعمد مختبرات بتنفيذ اختبارات على القمح للتصدير بشكل عاجل وقيام الموانئ بمنح أولوية له وتخصيص عربات سكك حديدية لنقل الحبوب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي هذا السياق أعلنت الهند أيضاً نيتها تصدير سبعة ملايين طن من القمح في السنة الحالية بنهاية مارس الجاري، يأتي هذا السباق المحموم لكسب الأسواق العالمية المتعطشة للقمح، بخاصة أن كييف وموسكو تشكلان معاً ثلث إمدادات العالم من المادة، وعلى إثر ذلك اندفعت أسعار العقود الآجلة المتداولة في بورصة "شيكاغو" لتبلغ في الثامن من الشهر الجاري 13.40 دولار لـ البوشل (وحدة قياس معتمدة للحبوب)، بينما في بورصة باريس بلغت 406 يورو للطن الواحد.

وإزاء ذلك يتوقع مراقبون "أن سوريا تسعى لتوسيع مخزونها من المادة والسباق لتكون أول المتعاقدين على صفقات مع كلا البلدين الصديقين (الصين والهند)"، ويرى الباحث الاقتصادي حاج عثمان "من المتوقع أنها خطوة احتياطية لأن التوريدات الروسية قد تتوقف في أي لحظة بسبب أجواء الحرب المفروضة في حين بلغت خطة وزارة الزراعة السورية لزراعة القمح نحو 1.2 مليون هكتار من أصل 1.5 مليون هكتار في مناطق سيطرة الحكومة وسط عزوف المزارعين عن استخدام الأراضي البعلية لعوامل القحط والجفاف مما ألحقت أضراراً بموسم القمح الماضي لم تشهده البلاد منذ سبعة عقود"، وفق بيانات أعلنتها منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو)، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار القمح. بالمقابل زادت تكاليف الإنتاج على أصحاب الأراضي والمزارعين نتيجة ارتفاع أسعار مواد المحروقات والأسمدة في المساحات المروية هبط معها إنتاج العام 2021 إلى مليون طن، بانخفاض حاد عن العام 2020 وصل إلى نصف الكمية.

السنابل في حقول النار

في غضون ذلك، تتعطش دمشق لأن تعود إلى مكانتها السابقة في مجال الاكتفاء الذاتي قبل عقود من الزمن، وسبق ذلك أن وصلت لما بعد عام 1996 بالدخول لمراحل التصدير، لكن ذلك اليوم غير ممكن بعد خروج أراضي شمال شرقي البلاد من يد السلطة، وخارج سيطرتها في حين تعد أراضي الجزيرة الأكثر وفرة وغلالاً بالقمح والشعير ومحاصيل القطن علاوة عن الثروات الباطنية المعدنية والنفطية، تمسك دفة إدارتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

يأتي ذلك في وقت يتفوق القمح السوري عن نظيره الروسي بزيادة الغلال الإنتاجية، وتنوع القمح السوري المناسب بدخوله بعدة استخدامات لصناعة البرغل وصناعة الخبز والمعكرونة عن نظيره من أنواع القمح العالمي ومنه الروسي، إلا أن الحرب والاشتباكات هجرت المزارعين من أراضيهم ومن تبقى يكابد للزراعة، ناهيك عن الحرائق التي تندلع بكثرة قبل الحصاد كنوع من الحرب الاقتصادية والضغط على الفلاحين، لتهجيرهم من أراضيهم.

وتقرع مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في سوريا، تانيا إيغانر جرس الإنذار حول التأثير المدمر للأوضاع المعيشية في سوريا، وبحسب تقرير بثته في 16 مارس الجاري، "ارتفعت أسعار القمح إلى مستويات قياسية زاد الضغط على الميزانيات المعيشية للأسر المثقلة حتى قبل وقوع الجفاف"، ودعت لجنة الإنقاذ إلى تقديم الدعم الكافي لخطة الاستجابة الإنسانية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي