Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أطلقت طهران نزار زكا تلبية لطلب لبناني أو أميركي؟

مصدر سياسي لا يستعبد ان تكون بادرة نحو نزع فتيل التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة

نزار زكا يلقي كلمة في الأردن العام 2013 (أ.ب)

في تطور مفاجئ في توقيته ومضمونه وأهدافه، كشفت طهران عن عزمها تلبية طلب الرئيس اللبناني ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل إطلاق رجل الأعمال اللبناني نزار زكا الموقوف منذ العام 2015 بتهمة التجسس لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية. 

وجاءت تطورات قضية زكا متسارعة، ووسط تكتم شديد قبل أن تعلن وكالة "مهر" الإيرانية عن عزم طهران إطلاقه، وأعقبها بيان صادر عن الخارجية اللبنانية يؤكد النبأ، ويتوجه بالشكر إلى القيادة الإيرانية على مبادرتها، ويحدد الخطوات اللاحقة لآلية الإفراج التي سيتولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي كان صلة الوصل شبه الوحيدة مع السلطات الإيرانية، ومع زكا تحديداً. 

وقد جاء إعلان الوكالة الإيرانية ووزارة الخارجية في وقت أبلغ فيه نجل زكا نديم المقيم في هيوستن شبكة NBC news أنه لم يكن على دراية بالتطورات الأخيرة التي يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن والده. 

في لبنان، وباستثناء الموقف الصادر عن الخارجية، لم يصدر أي تعليق رسمي آخر، كما لم يتم شرح حيثيات القرار الإيراني، علماً أن اللواء إبراهيم لم يتوقف عن متابعة الملف، خصوصاً بعدما أصدرت محكمة إيرانية عام 2017 قراراً بحبس زكا مدة 10 سنوات وتغريمه 4.5 مليون دولار بسبب تهم غير محددة بالتجسس. وقد أعلن في حينها مصدر في وزارة الخارجية أن هذه المسألة تتعلق بلبنان وإيران، ولا علاقة للولايات المتحدة بها، وإن كان زكا يحمل جواز سفر أميركياً.  

الدور السويسري

لكن المراقبين توقفوا أخيراً عند ما قاله وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، على هامش زيارة له إلى مدينة بيلينزونا السويسرية يوم الأحد، إذ نوه بالجهود السويسرية الرامية إلى "مساعدة المحتجزين الأميركيين في السجون الإيرانية". وقال إنه يقدر تقديراً عميقاً "مساعدة البلاد في التعامل مع حالات الرعايا الأميركيين المحتجزين في إيران. أنتم تقدمون خدمات قنصلية مهمة لمواطنينا هناك، وتتابعون حالات مواطنينا الأميركيين المفقودين أو المسجونين، وتزورونهم في السجون الإيرانية وتؤكدون لهم ولأسرهم أن بلادهم تبذل كل ما في وسعها لإعادتهم إلى الوطن". 

وهذا الموقف يتقاطع مع المعلومات التي كشفت أن إطلاق زكا يدخل ضمن إطار مساعٍ خارجية مع طهران لإطلاق معتقلين أميركيين، وقال مصدر سياسي لبناني رفض الكشف عن اسمه "أن خطوة مماثلة يمكن أن تشكل مدخلاً مهما لطهران يعبِّر عن حسن نية نحو نزع فتيل التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة الأميركية، خصوصاً في ظل المواقف الرئاسية الأميركية الأخيرة عن إمكان إحياء حوار أميركي - إيراني. علماً أن خطوة إيرانية مماثلة لا يمكن أن تتم من دون أن تقْدِم واشنطن على إرسال إشارات إيجابية في هذا الإطار". واستبعد المصدر أن تكون الخطوة الإيرانية محصورة بالبعد اللبناني، مشيراً إلى أن "الإيرانيين وضعوا القرار في إطار تلبية رغبة الرئيس اللبناني. وهذا في الظاهر، لكن في الواقع، لا تقدم طهران على خطوة مماثلة لو لم تكن تلبي مصالحها مع الولايات المتحدة، خصوصاً أن توقيف زكا في الأساس لم يكن على خلفيته اللبنانية، وهو لم يُدعَ أساساً إلى طهران على هذه الخلفية، بل على خلفية موقعه كأمين عام للمنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في واشنطن". 

وقد سعى زكا من خلال ترشحه للانتخابات النيابية في لبنان إلى حصد دعم السلطات اللبنانية والشعب اللبناني، للوصول إلى الندوة البرلمانية، بحيث تؤمن له الحصانة النيابية مقاربة مختلفة لتوقيفه، ترتكز على موقعه اللبناني وليس الأميركي. 

هدية الى الرئيس عون؟

ويعزّز كلام بومبيو في سويسرا نظرية الخلفية الأميركية لتوقيف زكا، علماً أن مركز حقوق الإنسان في طهران يقدّر عدد الأجانب أو الإيرانيين الذين يحملون جنسيات أجنبية والمعتقلين في إيران بما لا يقل عن 12، بمن فيهم نزار زكا الذي يحمل إلى جانب الجنسية اللبنانية، بطاقة الإقامة الخضراء الأميركية. وتبذل السلطات السويسرية جهوداً بدفع أميركي لتوفير شروط لائقة لاحتجازهم قبل تأمين وسائل إطلاقهم. 

في أي حال، أصبح إطلاق زكا مسألة أيام قليلة، ورهن تحرك اللواء إبراهيم فور انتهاء عطلة عيد الفطر، كما أفادت مصادر أمنية لبنانية. 

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية أعلنت في بيان بأنّه "بعد المساعي الطويلة والتي كانت مكثّفة مؤخراً، اتصل سفير إيران في بيروت بوزير الخارجية والمغتربين وأبلغه رسمياً بتجاوب السلطات الإيرانية المعنية مع طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى نظيره الإيراني حسن روحاني، ومع رسالة وزير الخارجية والمغتربين إلى نظيره الإيراني بخصوص العفو بمناسبة عيد الفطر عن اللبناني نزار زكا، كما أفاده عن استعداد السلطات في إيران لاستقبال أيّ وفد لبناني في أي وقت لتسليمه اللبناني المعفى عنه نزار زكا". 

وأضافت الوزارة في بيانها: "وعليه أبلغ وزير الخارجية والمغتربين فخامة الرئيس بالأمر، وقام فخامة الرئيس فوراً بالطلب إلى مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بالقيام بالمهمة بالتنسيق مع سفارة لبنان في طهران". وختمت: "تشكر وزارة الخارجية والمغتربين السلطات الإيرانية المعنية على إنهاء هذا الملف والمضي قدماً بالعلاقات الثنائية التي تربط بين البلدين للوصول إلى أفضلها والتي يريدها لبنان على أحسن ما تكون من تعاون واحترام متبادل لسيادة البلدين وتحقيق للمصالح المشتركة على أساس قواعد القانون الدولي وحسن العلاقات".

وأكد شقيق زكا، زياد زكا المعلومات عن قرب موعد الإفراج عن شقيقه، وأصدر مساء الثلاثاء بياناً قال فيه "باسم العائلة، أود التأكيد على التحرير الوشيك لشقيقي نزار زكا بعد 3 سنوات و9 أشهر في السجن الإيراني. أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر جميع أصدقائنا وجميع المواطنين اللبنانيين الشرفاء الذين آمنوا ببراءة نزار وساعدوا في إطلاق سراحه. وساعد دعمهم نزار خلال هذه المحنة بأكملها على التغلب على الأيام المظلمة التي قضاها في سجن إيفين وخصوصاً خلال إضراباته المتعددة عن الطعام.

نحن ممتنون للغاية في هذه العطلة ونشكر الله على هبة الحرية العظيمة، ونتقدم بأعمق الامتنان والشكر للرئيس ميشال عون والجنرال عباس إبراهيم اللذين تابعا قضية نزار عن كثب منذ اليوم الأول وعلى الجهود المتميزة التي بذلت لإعادته إلى منزله بسلام".

وكانت وكالة "مهر" الإيرانية كشفت أول من أمس أنّ السّلطات في البلاد تدرس إطلاق زكا، بناءً على طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ونقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بـ"المطّلعة" قولها إنّ "السلطات الإيرانية تدرس إطلاق زكا الذي عمل في خدمة أميركا، وذلك بناءً على طلب الرئيس اللبناني". 

وزكّا هو خبير لبناني في تكنولوجيا المعلومات ويشغل منصب الأمين العام للمنظمة العربية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في واشنطن، كان أوقف في 18 سبتمبر (أيلول) 2015 بعد حضوره مؤتمراً دعته إليه السلطات الإيرانية في طهران وجرى اتهامه بـ"التجسس" لمصلحة الولايات المتحدة الأميركية. 

ووجّه زكا العديد من الرسائل من معتقله، داعياً فيها الدولة اللبنانية إلى التدّخل لحلّ قضيّته، كما ترشّح إلى الانتخابات النيابية الفرعية التي جرت في مدينة طرابلس في إبريل (نيسان) الماضي، وجاء ترشحه بمثابة رسالة تذكير للسلطات اللبنانية بقضية اعتقاله، ومسعى إلى بلوغ الندوة البرلمانية لتغيير وجهة اعتقاله. 
وكان المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم قد زار زكا في سجنه في وقتٍ سابق. وحسَّن من شروط اعتقاله. 



 

المزيد من الشرق الأوسط