Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قاهرة الستينيات في مجسمات متناهية الصغر

مشروع فني يهدف إلى توثيق شكل الحياة في مصر بنماذج من أشهر أحيائها

كانت منطقة وسط القاهرة في الستينيات تعكس شكل الحياة ونمطها في مصر (اندبندنت عربية) 

يعتمد فن المصغرات على الجمع والتناغم بين فنون عدة من بينها الرسم والنحت، ويحاكي الواقع عبر مجسمات صغيرة شديدة الدقة قد يصل حجم بعضها إلى حجم عقلة الأصبع أو العملة المعدنية الصغيرة، لتكون دائماً قادرةً على إبهار كل من يراها بدقة التفاصيل ومهارة الفنان.

وللمصغرات (فن عالمي آخذ في الانتشار أخيراً في العالم العربي) استخدامات متعددة، يأتي على رأسها السينما، حيث تُستخدم في الخدع، أو في بناء الأماكن التي يصعب بناؤها بنسبها الطبيعية بشكل لا يجعل المشاهد يشعر بأي فرق.

وكشكل من أشكال التوثيق التاريخي لحقبة زمنية بعينها من تاريخ مصر، اعتمد فنان مصري فكرة إعادة إحياء مشاهد من الماضي لطابع معين كان يسود حياة المصريين بتفاصيله الدقيقة، مثل الملابس، والمباني، والسيارات، فنفذ مشهداً مصغراً من قلب القاهرة، وتحديداً من أمام سينما ميامي، التي تعد واحدة من أعرق دور العرض السينمائي في العالم العربي، ويعود إنشاؤها إلى العشرينيات من القرن الماضي لتشهد عرض أشهر أفلام السينما.

وعن فن المصغرات بشكل عام يقول الفنان سيف الدين خالد، "هو فن يعتمد على تصغير العناصر والمشاهد بدقه تكاد تحاكي الواقع، لكنها مصغرة، وقد يستخدم في المتاحف بغرض الشرح والتوضيح أو تصوير بعض المشاهد التي يستحيل أو يصعب إيجادها في الواقع بالحجم الطبيعي، ويستخدم في صناعة الأفلام السينمائية، وبخاصة في حال كانت تحتاج إلى وجود مشاهد معدة خصيصاً يصعب تنفيذها بحجمها الطبيعي، أو أحياناً في بعض أفلام الكرتون، كما قد تستخدم كقطعة ديكور فريدة من نوعها تعيد بعض الذكريات، أو لتضيف لمسه مختلفة من التراث للمكان الموجودة فيه".

ويضيف، "بدايتي مع فن المصغرات كانت منذ نحو 9 سنوات، عندما بدأت في تنفيذ محاكاة للوحة من اللوحات التي تصور كورنيش الإسكندرية لتنفيذ المصغر المستوحى من اللوحة بالفعل ليتطور الأمر مع تطور مهاراتي الفنية، سواء بالممارسة أو بالدراسة بكلية التربية الفنية، حيث أسهمت دراسة مختلف أنواع الفنون وتاريخها في صقل مهاراتي بشكل كبير".

مصر في حقبة الستينيات

لمحات متعددة من مصر خلال حقبة ستينيات القرن العشرين، نفذها سيف الدين خالد بمصغرات متناهية الدقة تعكس ملامح متنوعة من طبيعة المجتمع آنذاك، مثل اعتبار تلك الفترة هي قمة النشاط السينمائي وصناعة السينما في مصر وازدحام دور العرض التي تركز معظمها بمنطقة وسط القاهرة تحديداً، وكانت من المعالم الرئيسة للمنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول خالد، "نفذت مشروعات عدة تعود إلى حقب سابقة من تاريخ مصر من أهمها مصغر لمنطقة وسط البلد بالقاهرة، وتحديداً منطقة سينما ميامي في حقبه الستينيات، حيث العصر الذهبي للسينما، وتظهر سيارات الأجرة وسيارات (المرسيدس) و(البيتل) الكلاسيكية بشكلها المميز وأوتوبيسات النقل العام وأزياء الستينيات المميزة، وملصق فيلم (إشاعة حب) الذي كان يعرض آنذاك، ومن أهم المشروعات التي نفذتها مصغر لحي محرم بك بالإسكندرية بمزيج ما بين العصور من 1960، وحتى التسعينيات، وتظهر سيارات الأجرة بلونيها الأصفر والأسود المميزين بأكثر من موديل، والترام الشهير ذو اللون الأصفر المائل للبرتقالي وهو يمتزج بالحي كأحد أهم المعالم الخاصة به والمقهى الشعبي، حيث يعلو صوت الراديو وطلبات الزبائن وعربة الفول المزدحمة كل صباح".

يضيف، "اخترت تلك الفترات تحديداً لأنها ما زالت تحتل مساحة كبيرة من الذكريات لدى الكثير من الناس، وما زالت ترسم البسمة على وجوه الناس بمجرد تذكر تفاصيلها".

خامات متنوعة

وعن أبرز الخامات التي يتم الاعتماد عليها في تنفيذ المصغرات لتظهر بهذه الدقة ومدى توافرها والمراحل والفترة الزمنية التي يستغرقها المصغر ليظهر في صورته النهائية، يوضح الفنان المصري، "تتعدد الخامات ما بين مختلف أنواع الأخشاب والمعادن والأوراق، وحتى البلاستيك والطباعة ثلاثية الأبعاد، وفي الماضي كان كثير من الخامات غير متوافر بكثرة على عكس وقتنا الحالي، وعلى الرغم من استمرارية نقص بعض الخامات أو غلاء سعر البعض الآخر، فإن المهتمين بفن المصغرات، سواء كفنانين أو كجمهور لفن أصبح في تزايد ملحوظ".

ويرى خالد أن "الفترة الزمنية لإنجاز العمل تختلف من عمل إلى آخر، حيث يمر بمراحل متعددة، أولاها تحديد الفكرة، ومن ثم البدء في تخيلها، سواء برسم اسكتش، أو تجميع صور تكفي لتكوين مشهد، يليها مرحلة وضع الأسس وتنظيم مراحل التنفيذ من البداية، وحتى اللمسات الأخيرة وأدق التفاصيل التي توضع في آخر لحظة، وقد تمتد فتره التنفيذ إلى أشهر على حسب المساحة والتفاصيل وتوافر الخامات في الوقت المناسب".

مشروعات مستقبلية

وعن أهم المشروعات المستقبلية فيما يتعلق بتوثيق تراث القاهرة وأحيائها في عصور سابقة يقول فنان المصغرات، "مشروعي المقبل الذي شارفت على الانتهاء منه هو مصغر لمنطقة مصر الجديدة بمعالمها التاريخية، ويضم واحداً من أهم معالمها السابقة، وهو مترو مصر الجديدة الشهير في محاولة لحفظ بعض تراثها للأجيال المقبلة واسترجاع أجمل ذكريات الأجيال الحالية".

ويوضح خالد، أن "فن المصغرات في العالم العربي بشكل عام، بات له جمهور مهتم به، ولكنه يحتاج لمزيد من الاهتمام، وينقصه زيادة المعارض والفعاليات التي تهتم به، إضافة إلى التعريف به بشكل عام، بخاصة مع ازدياد عدد الفنانين المهتمين به".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة