Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من قبرص إلى السودان والخليج وأميركا... خريطة العزلة الدبلوماسية التركية تتسع

نظرية "تصفير المشكلات" انقلبت على أردوغان... والانتخابات المحلية تقصي أنقرة عن الاتحاد الأوروبي

تصاعدت نبرة التوتر التركي- الأوروبي مع إقدام أنقرة على تحركات تنتهك سيادة جمهورية قبرص (أ.ف.ب.)

يرى مراقبون أن علاقات تركيا الخارجية وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التوتر والأزمات، بصورة لم تترك دائرة للتحرك الخارجي لتركيا دون أزمة دبلوماسية مُعقّدة، مما جعل الدولة التي كانت منذ سنوات قليلة تتمتع بنشاط دبلوماسي مكثف ودور إقليمي حيوي، تعاني من عزلة إقليمية ودولية واسعة.

مع صعود نظام حزب "العدالة والتنمية" في تركيا في بداية الألفية الثالثة، ظهرت نظرية مهندس السياسة الخارجية التركية للنظام، البروفيسور ووزير الخارجية سابقا أحمد داوود أوغلو، القائمة على "تصفير المشكلات" مع دول الجوار، وتعزيز الحضور في "العمق الاستراتيجي" لتركيا ممثلا في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ربما كبديل عن فشل مساعي الانضمام للاتحاد الأوروبي، أو لتوسيع "الدور الوظيفي" لأنقرة بما يمنحها هامشا أوسع من الحركة والتحالفات مع الغرب وأصحاب المصلحة في المنطقة. لكن هذه النظرية تحوّلت عند التطبيق إلى "مشكلات مع الجميع" بدلا من تصفيرها، وضاق العمق الاستراتيجي ليتحول إلى عزلة دبلوماسية متنامية. وبغضّ النظر عن الأسباب التي دفعت داوود أوغلو، رئيس الحكومة التركية سابقا، للاستقالة في صيف 2016 وقبل أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة التي تزامنت مع ذروة ارتباك السياسة الخارجية التركية واستدارتها المفاجئة، فإن خروج الأكاديمي من المشهد بسبب تعاظم خلافاته مع أردوغان، قد مثّل علامة أساسية على أفول نجم النظام التركي خارجيا، بعد أن كان يُبشر بعودة زعامة تركيا على المنطقة وإحياء "العثمانية الجديدة".

مأزق العلاقات مع الحليف الأميركي

إذا كانت السياسة الخارجية في بعض الأحيان هي محض امتداد لديناميات السياسة المحلية، فإن هذه القاعدة النظرية تجد تطبيقا واسعا في حالة العلاقات الأميركية- التركية المأزومة، فقد انعكست التطورات الداخلية وأثّرت على مسار العلاقات بين أنقرة وواشنطن، كما أفرز التوتر في تلك العلاقات تداعيات داخلية خطيرة، ولا سيما مع تراجع مؤشرات الاقتصاد التركي وتهاوي قيمة العملة المحلية اتصالا بوصول حالة التوتر التي بدأت منذ الاتهامات التركية للولايات المتحدة بأنها العقل المُدبر لمحاولة الانقلاب العسكري الفاشل على حكومة أردوغان مساء 15 يوليو (تموز) 2016، إلى ذروتها مع فرض عقوبات على أنقرة الصيف الماضي، قبل أن تضطر الحكومة التركية إلى الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون، الذي تسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين.

وفي أحدث حلقات التوتر بين البلدين، أنهت الولايات المتحدة اتفاق المعاملة التجارية التفضيلية لتركيا، وفي الوقت الذي ترفض فيه أنقرة فرض العقوبات الأميركية على جارتها إيران، فقد ألغت واشنطن الاستثناء السابق لتركيا ودول أخرى من العقوبات المفروضة على النفط الإيراني مهددة بفرض عقوبات على الدول التي تواصل استيراد النفط من طهران، وتم تمرير مبدئي لمشروع قرار بالكونغرس يطالب بفرض عقوبات على تركيا بموجب "قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات"، المعروف اختصارا باسم "كاتسا"، لتمسكها بصفقة صواريخ "إس- 400" الروسية.

وبعد موجات من التوتر الموسمي في العلاقات الأميركية التركية، دفعت التطورات الأخيرة تلك العلاقات نحو "أسوأ مرحلة في تاريخها" بحسب مراقبين، فالتقارب والاعتماد العسكري التركي على روسيا ممثلا بالأساس في صفقة الحصول على منظومة الدفاع الصاروخي "إس- 400" الروسية يؤسس لقطيعة عسكرية بين الولايات المتحدة وتركيا، بما يتراوح بين فرض عقوبات قاسية تتضمن حرمان تركيا من السلاح الأميركي بداية من منع حصولها على طائرات "إف-35" الأميركية المتقدمة، والتلويح بخروج أنقرة من حلف الناتو الذي مثّل لعقود مظلة أمنية لا غنى عنها بالنسبة إلى تركيا. وتعقّدت الملفات السياسية في تلك العلاقات مع إعلان إدارة ترمب عزمها وضع جماعة الإخوان المسلمين على لوائح المنظمات الإرهابية الأجنبية، فبالإضافة إلى إمكانية اعتبار حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا فرعا لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي، فإن تركيا قد وفّرت ملاذا آمنا لعناصر جماعة الإخوان المُصنفة في مصر وعديد من الدول كمنظمة إرهابية، بعدما فروا من مصر في أعقاب إطاحة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي في مصر في صيف 2013، مما قد يعني فرض عقوبات على تركيا وإدانتها بإيواء ودعم تنظيم إرهابي، حسبما ذكر الباحث المصري محمد عبد القادر خليل، رئيس تحرير مجلة "مختارات تركية"، الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، معتبرا أن توظيف تركيا للإخوان وتنظيماتها يعد استنساخا لاستراتيجية إيران في رعاية الجماعات "الشيعية" التي تُستخدم في تهديد المصالح الأميركية وإشاعة الفوضى في المنطقة، ولفت "خليل" إلى أن لغة التهديدات المتبادلة التي أصبحت سائدة بين أميركا وتركيا تعكس منسوباً غير مسبوق من التوتر الذي غدت تعاني منه العلاقات التركية مع واشنطن.

واعتبرت دراسة حديثة لمركز "كارنيغي" أن هذه الخطوة قد تحمل في طياتها أيضاً رسالة للجهات الفاعلة الإقليمية في الشرق الأوسط، مفادها أن الولايات المتحدة لن تتساهل مع أي تكتيكات مخادعة قد يُقدم عليها الحلفاء، أو أعذار قد يلجأ إليها آخرون. فتركيا مثلاً، التي أقدمت على إدراج حزب العمال الكردستاني وحركة "غولن" على قائمة المنظمات الإرهابية، وتواصل في الوقت نفسه دعم حماس والإخوان المسلمين، ستدرك أن الولايات المتحدة لا تقبل بمثل هذه الازدواجية.

وبدوره، قال المحلل السياسي التركي جواد غوك، إن "العلاقات الأميركية التركية تمرّ بأسوأ نقطة في تاريخها، دفعت إدارة ترمب إلى تهديد تركيا وممارسة الضغوط الاقتصادية ضدها"، معتبرا أنه "كلما اقتربت أنقرة من حليفها الروسي الجديد، فإن علاقاتها بالولايات المتحدة تتأزم بصورة أكبر، ما جعل حكومة أردوغان تقف في مفترق طرق بين موسكو وواشنطن، كما أن سياسة أردوغان قد وضعته في مأزق أمام الولايات المتحدة في سوريا"، واصفا ذلك المأزق بأنه "أصعب معادلة في العالم"، نتيجة الاقتراب مع الجانب الروسي، متوقعا أن تتفاقم المشكلات بين البلدين على المستويين المتوسط والبعيد، ولا سيما مع التلويح بإخراج تركيا من عضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو" وغير ذلك من التهديدات.

تهديد عضو بالاتحاد الأوروبي

تصاعد نبرة التوتر التركي- الأوروبي مع إقدام تركيا على تحركات "استفزازية"، اعتبرت على نطاق واسع أنها تنتهك سيادة جمهورية قبرص العضو بالاتحاد الأوروبي وتعتدي على حقوقها الاقتصادية، بعد أن أعلنت أنقرة الشهر الحالي بدء أعمال حفر وتنقيب في منطقة بحرية غرب قبرص ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لنيقوسيا التي دخلت في تحالف مناوئ لأنقرة منذ العام 2013، حينما بدأت بترسيم حدودها البحرية مع مصر ودول الجوار واستغلال مواردها الهيدروكربونية بمساعدة شركة "إكسون موبيل" الأميركية و"توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية، والإسهام في تشكيل منتدى شرق المتوسط للغاز ومقره القاهرة، والذي يستهدف توفير إمدادات أوروبا من الطاقة، في خطوة دعمتها الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي على اعتبار أنها ستوفر بديلا للغاز الروسي الذي أخضع دولا أوروبية رئيسة، مثل ألمانيا، لنفوذ موسكو التي توفر لها نحو 70% من احتياجاتها من الطاقة، حسبما ذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في اجتماع سابق لحلف الناتو.

ويرى المحلل السياسي التركي جواد غوك أنه "بالنسبة إلى مشكلة جزيرة قبرص، طالما أن المسألة القبرصية لا زالت مستمرة فلا تستطيع تركيا أن تتحدث عن التنقيب عن الغاز أو تقسيم المناطق في البحر المتوسط"، مؤكدا أنه "على الحكومة التركية بداية أن تعالج هذه القضية المستمرة منذ أكثر من 45 عاما وإلا سوف تتفاقم الأزمة بين القبارصة الأتراك واليونانيين، بل وبين تركيا ودول الجوار حول القضية القبرصية"، في إشارة إلى تقسيم جزيرة قبرص وقيام الجيش التركي بـ"احتلال" الشطر الشمالي من الجزيرة عام 1974 وإعلان ما يسمى "جمهورية قبرص التركية"، التي لا تعترف بها أي دولة في العالم سوى تركيا.

وحذّر الاتحاد الأوروبي، تركيا من المضي قُدماً في أعمال التنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص، واصفاً الخطة بأنها غير قانونية، ومتعهداً "الرد بشكل مناسب وبتضامن كامل مع قبرص"، في الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة ومصر وروسيا عن قلقها وتحذيرها لتركيا من القيام بخطوات أحادية غير قانونية في شرق المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمثل منطقة شرق المتوسط ساحة جديدة وأكثر وضوحا للعزلة التركية، ففي الوقت الذي نجحت فيه اليونان وقبرص ومصر في إقامة تحالف ثلاثي استراتيجي، ليس ببعيد عن التعاون الوثيق بين أثينا وتل أبيب ونيقوسيا في مجال الغاز، والذي توجته أخيرا قمة عقدت بين زعماء الدول الثلاث بمشاركة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مارس (آذار) الماضي، حيث أكدوا جميعا التزامهم بالتعاون في مجال الطاقة والأمن، وتعهدوا التصدي للتأثيرات الخارجية الخبيثة في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط بشكل عام. وفي هذا الصدد بدت تركيا الدولة الوحيدة البعيدة عن دوائر التعاون الناشئة في شرق المتوسط، فيما دعا اثنان من كبار المسؤولين السابقين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى تحرك أميركي لمواجهة التهديدات التركية في شرق البحر المتوسط. مايكل ماكوفسكي الباحث بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمسؤول السابق في البنتاغون في إدارة جورج دبليو بوش، والرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (جينسا)، والجنرال المتقاعد تشارلز والد، نائب القائد السابق للقيادة العسكرية الأميركية الأوروبية، في مقالهما الأسبوع الماضي في "نيوزويك" دعيا إلى إيجاد استراتيجية أميركية تجاه شرق المتوسط تقوم بالأساس على تعزيز التحالف الأميركي مع كل من اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل، في مواجهة تركيا، التي أصبحت تمثل تهديدا للمصالح الأميركية، وطالبا بأن تتضمن الاستراتيجية الأميركية الجديدة ردا قويا على تجاوزات أردوغان، بما في ذلك تقليص الوجود العسكري الأميركي في تركيا مع زيادته في اليونان وجزيرة كريت تحديدا التي استضافت أخيرا مناورات حلف الناتو.

وفي ورقة تحليل سياسات لـ"سونر جاغايتاي"، والمنشورة قبل أسبوعين في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، اعتبر مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أن السر وراء تصعيد أردوغان لتهديداته لقبرص حاليا ينبع من الرغبة في حشد قاعدة الأصوات القومية من جديدة في انتخابات الإعادة بإسطنبول، والتي مثلت خسارتها هزيمة كبيرة لنظام "العدالة والتنمية"، وقال "إلى جانب وصف خصومه السياسيين بأنهم (أعداء الدولة)، قد يتخذ أردوغان من الأزمات الأمنية في الخارج ذريعة لترجيح الكفة لصالحه. فلنأخذ على سبيل المثال الأزمة التي تلوح في الأفق بين تركيا وقبرص حول التنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث قد تتحوّل الادعاءات المتضاربة بشأن الحدود إلى مواجهة تعزّز قاعدة أردوغان القومية بشكل أكبر. ومن شأن المواجهة بين القوات التركية وقوات نظام الأسد في سوريا أن تحقق غايات مماثلة".

لا يرتبط التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي بملف جزيرة قبرص فقط، بل تتسع الملفات الخلافية لتضع مستقبل أي تقارب بين الجانبين على المحك، وقال المحلل السياسي التركي البارز، بوراك بكديل، في مقال بمعهد "بيغن-السادات"، إن ارتباط تركيا بالاتحاد الأوروبي محكوم بالفشل، معتبرا أن نتائج الانتخابات المحلية التي جرت في تركيا قد وضعت حدا أكبر لمحادثات عضوية تركيا المتوقفة بالأساس مع الاتحاد الأوروبي، حيث أظهرت مدى ابتعاد تركيا عن مبادئ الديمقراطية ودولة القانون التي تمثل التزامات ضرورية وشروط مسبقة للحديث عن استئناف أي عملية للمحادثات المتوقفة حول عضوية تركيا بعيدة المنال في الاتحاد الأوروبي.

استمرار الرهانات الخاسرة في المنطقة العربية

في الوقت الذي اعتبرت فيه تحركات المجلس العسكري الانتقالي السوداني وزيارات قياداته الثلاثة الأولى نحو السعودية ومصر والإمارات، بمثابة اصطفاف مع المعسكر الخليجي- المصري، وانقلاب على إرث الرئيس المخلوع عمر البشير وتحالفه السابق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومقدمة لحرمانه من موطئ قدم على البحر الأحمر متمثلا في جزيرة سواكن التي كانت حكومة البشير قد منحت أنقرة حق إدارتها، فإن التهديدات الأخيرة التي وجهها القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لأنقرة بعد واقعة شحنة الأسحلة التركية الأخيرة التي كانت في طريقها لميليشيا داعمة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، قد كشفت أيضا عن العقبات أمام تحرك تركيا في ساحة عربية جديدة في ظل حالة التوتر التي تعاني منها مع مصر ومعظم دول الخليج، بحسب عز الدين عقيل رئيس "الائتلاف الجمهوري الليبي"، الذي أضاف أنه في الوقت الذي تدعم فيه إدارة ترمب ومصر والإمارات والسعودية وفرنسا وإيطاليا تحركات الجيش الوطني الليبي لاستعادة الدولة الليبية من سيطرة الميليشيات المسلحة، فإن تركيا لا تزال تراهن على ما وصفه بالطرف الخاسر الذي تآكلت شرعيته وانهارت نتيجة تحالفه مع الميليشات، في إشارة إلى فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من الأمم المتحدة.

"الدول العربية لن تحتمل سلطانا عثمانيا جديدا"، هكذا تحدث المحلل السياسي التركي جواد غوك حول جوهر التوتر في العلاقات بين تركيا وعدد من البلدان العربية، وفي مقدمها مصر والإمارات والسعودية والسلطات الجديدة في السودان، معتبرا أن رهانات الحكومة التركية قد سقطت بعد أن تحركت في المنطقة العربية من منطلق أيديولوجي يتمحور حول دعم الإخوان وليس من منطلق المصالح الوطنية التركية، ويتابع غوك "المشكلة الأساسية في قضية الخليج وعلاقات أردوغان المضطربة مع الدول العربية، هو أن الحكومة التركية تقف في القضايا العربية ضد العرب، بدلا من أن تكون معهم أو تلتزم بالحياد على أقل تقدير، بداية من قضية فلسطين والأزمة في سوريا والعلاقات مع مصر، وما جرى من خلاف داخل البيت الخليجي، فالمشكلة الأخيرة مشكلة عربية- عربية إن لم تكن خليجية بالأساس، والحكومة التركية بدلا من أن تقف على الحياد منها، مع الأسف الشديد تقف في هذه القضية الخليجية-العربية أمام الدول العربية، وهذا هو جوهر مشكلاتها مع دول الخليج، فعلى الحكومة التركية أن تحترم السعودية كبلد مهم في المنطقة وعليهم ألا يتدخلوا في الأقل، ولكنهم أرسلوا جنودا إلى قطر ولا ندري كمواطنين أتراك أين مصالحنا التي تقتضي إرسال جنود إلى قطر، ولهذا السبب نعتقد أن الحكومة التركية سوف تبقى فاشلة في سياستها الخارجية، بتخريب علاقاتنا مع مصر والسعودية والإمارات وحتى مع السودان وليبيا وسوريا والعراق، فتركيا عليها أن تبقى كجار للعرب، فالدول العربية لن تتحمل سلطان عثماني جديد، وعليهم أن ينظروا للجيران كجيران، وليس لتركيا حق تاريخي بالنسبة إلى البلاد العربية، فهذه البلدان لهم مشكلاتهم وقياداتهم وشعوبهم، وعلى الحكومة التركية أن تحترم مواقف الدول بشكل عام".

وعلى المستوى الشعبي، فإن تركيا التي نجحت لسنوات في جذب الجماهير العربية من خلال الدراما والسياحة ووسائل الإعلام الناطقة بالعربية وحتى وصفات الأطعمة الشعبية، قد تعرضت أخيرا لحملات تدعو للمقاطعة الشعبية، بعد أن تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والخليج وعدة وسائل إعلام خليجية، ما يتعرض له السياح والمستثمرون العرب في تركيا من تهديدات وعمليات نصب وابتزاز، مما دفع وزارة الخارجية السعودية إلى تحذير مواطنيها من السياح والمستثمرين من التعرض لعمليات نصب في تركيا، فيما حذر رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية السعودية، الأحد الماضي، المستثمرين في بلاده من مغبة الاستثمار في تركيا، بعد سيل من الشكاوى التي تلقتها الرياض من مواطنين.

وبدوره، أكد الدكتور فهد الشليمى، العقيد الركن المتقاعد، والمحلل السياسى الكويتي، ورئيس المنتدى الخليجى للأمن والسلام، أن تركيا خسرت العلاقات القوية مع السعودية والإمارات، بعدما راهنت رهانا خاسرا على علاقاتها مع الدوحة، معتبرا أن أنقرة عملت في نفس الوقت على اتباع سياسة "الابتزاز والمكايدة" مع دول الخليج، وصولا إلى تهديد الأمن الخليجي، من خلال قواتها الموجودة في الدوحة.

 وأشار الشليمي إلى أن السياسات الحالية للحكومة التركية قد وسعت خلافاتها لتتجاوز مستوى الخلاف مع الحكومات العربية والخليجية، إلى مستوى الخلاف مع الشعوب، لافتا في هذا الصدد إلى تهديد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو للسياح الخليجيين والعرب والمسلمين ممن ينتقدون تركيا على مواقع التواصل الاجتماعي بالاعتقال في المطارات التركية.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات