Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحراك يعري الطبقة السياسية الجزائرية

موالاة غائبة ومعارضة مرتبكة وقائد الأركان ينتقد النخب

من تظاهرة الجمعة 14 في العاصمة الجزائرية (أ.ب)

فضح الحراك الشعبي الطبقة السياسية في الجزائر، وكشف مستواها وأهدافها، بعد أن تجاوزتها الأحداث المتسارعة التي تعرفها البلاد منذ 22 فبراير (شباط) الماضي. وفي حين التصقت تهم الفساد بأحزاب الموالاة، باتت تهم التآمر والخيانة تلاحق المعارضة، بينما انعزل ما تبقى من حركات وأحزاب تخوفاً وترقباً أو ضعفاً، ما جعل المشهد السياسي العام في البلاد تسيطر عليه المؤسسة العسكرية، إثر انهيار الطبقة السياسية.

الحراك يسيّر النخب السياسية

وعلى الرغم من محاولات أحزاب المعارضة التحرك والظهور في سياق حراك الشارع، عبر اجتماعات "الأربعاء"، غير أنها لم تتمكن من حجز مكان لها في المشهد، بل حصل العكس، إذ اختفى بعضها بعد اعتقال وسجن الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وتوسع دائرة المتابعات القضائية إلى وزراء ورؤساء حكومات، وسارعت أخرى إلى مغازلة "الرجل القوي" قايد صالح، تطبيقاً لمقولة "مات الملك عاش الملك"، في حين رفضها الشارع وأدرجها ضمن سياق "رحيل النظام". ويعتبر الناشط السياسي كريم طابو، أن الحراك الشعبي أسس لجزائر جديدة، وأجبر النخب السياسية على أن تكون في مستوى الحدث. وقال إنه لا يمكن المعارضة أن تفكر وتنشط بأساليب السلطة، وعليها أن تقدم الدليل على أنها تتموقع جهة المجتمع ولا تمارس سياسات التواطؤ والمناورة، وعليها أيضاً أن تعيد كتابة تاريخها وبناء مصداقيتها أمام الشعب، وأن تجعل الشارع والمجتمع منبعها ومكانها ومصدر شرعيتها وإلهامها، مشدداً على أنه على النخب السياسية والأحزاب، التجند للتغيير والتنازل عن الحسابات السياسية الضيقة والتعبئة للحفاظ على هذا الحراك لتحقيق أهدافه وبلوغ نتائج مرضية.

الموالاة مرتبكة والمعارضة تتسول

في سياق متصل، كانت المعارضة تترقب اتصالات من "النظام المؤقت"، تحت شعار "التشاور حول معالجة الأزمة"، وهي التي دأبت على التواصل مع رؤوس النظام السابق من وراء حجاب. وتعيش الموالاة على وقع انتكاسة سياسية قوية، ودخلت في دوامة، بسبب ضياع مجدها وفشل مخططها مع ذهاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وسجن شقيقه سعيد، والجنرال توفيق، واللواء بشير، لتجد الطبقة السياسية نفسها تتصارع للخروج من المأزق، في معركة لا علاقة لها بالسياسة ودورها في رسم مستقبل الوطن، باعتبارها طرفاً مهماً تتفاعل معه السلطة لتحقيق التغيير المنشود وإنجاح الانتقال الديمقراطي.

نظام بوتفليقة يتحمل المسؤولية؟

في الوقت الذي يعتقد البعض أنه من المبكر الحكم على مصير الطبقة السياسية، على اعتبار أن المشهد السياسي في الجزائر لا يزال في حالة تحول قد تستمر وتطول، يرى آخرون أن الطبقة السياسية حكمت على نفسها بـ"التغيير" لإنقاذ نفسها، نظراً إلى أن الحزب السياسي يتكيّف بحسب الظروف، ويحمل مشروعاً سياسياً معيناً قد يصلح لمرحلة ما من دون أخرى، بينما يعتقد طرف ثالث أن النظام "الفاسد"، قام بـ"تصحير" الساحة السياسية وإفراغ السياسة من مهمتها الأصلية، أي خدمة للصالح العام، عبر تهميش جميع التيارات والشخصيات وتقزيمها، بحسب تصريح القيادي في حركة الحرية والعدالة الاجتماعية، أنور هدام لـ"اندبندنت عربية". في المقابل، وصف القيادي بحزب جبهة التحرير حسين خلدون، الإدارة المحلية ببؤرة الفساد وسبب تفشي المشاكل الاجتماعية، وهي من تقف خلف "قتل" الكفاءات والنخبة، وتمكين الانتهازيين والفاسدين من السيطرة على الشؤون العامة. وكتب على صفحته عبر فيسبوك "لن تسمح الإدارة أبداً، ببروز النخبة السياسية القادرة على إحداث التغيير المنشود، خوفاً من كشف ضعفها وخبثها في تسيير الشأن العام المحلي"، مشيراً إلى أن إجراء انتخابات شفافة ونزيهة يسمح ببروز قوى سياسية تعبر فعلاً عن انشغالات المواطنين.

اختفاء تشكيلات سياسية

من جهته، أبرز أستاذ العلوم السياسية بجامعة وهران، محمد لعروسي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن الطبقة السياسية أبانت محدوديتها في خضم الحراك الشعبي الحاصل، محملاً السلطة مسؤولية ذلك بسبب تهميشها وإضعافها، وتفتيت وتشتيت صفوفها وإقصائها أحياناً كثيرة، بخاصة أحزاب التيار الإسلامي. ولفت إلى أن أحزاب المعارضة لا تقف في صف واحد، فهناك معارضة موالية وأخرى حقيقية ووطنية، كما توجد من لديها علاقات مع الخارج. وتابع أن فئة من المعارضة تمثل عنصراً فاعلاً في الانتقال الديمقراطي في المستقبل، لأنها تتقاسم مع الشعب انشغالاته وهمومه ومشاكله، متوقعاً فتح "النظام المؤقت" قنوات اتصال مع جهات في المعارضة للتحاور حول مخرجات الوضع القائم. وتابع لعروسي، أن هناك تغييرات هامة ستحصل في الخريطة السياسية، مرجحاً اختفاء كل التشكيلات السياسية التي تورطت في الفساد، وظهور أخرى، قد تكون في واجهة المشهد بقربها من الشعب، أو مطيعة وديعة للنظام المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي