يتنقل روبوت في أرجاء مطعم في الموصل في شمال العراق، مقدماً أطباقاً متنوعة إلى رواد الموقع بفضل تكنولوجيا طورت جزئياً في هذه المدينة العراقية التي دفعت فاتورة باهظة بسبب الحرب.
ويرحب الروبوت الأبيض والأزرق بصوت آلي نسائي بزبائن دخلوا المطعم، قائلاً، "أهلاً وسهلاً بكم على الطاولة الثالثة"، و"أتمنى أن تستمتعوا بوقتكم في مطعمنا".
ويضيف الإنسان الآلي فيما تلمع عيناه بضوء أحمر، "لا تنسوا أن تعطوا آراءكم حول فكرة المطعم ومستوى الخدمة".
الابتعاد عن الأجواء السلبية
ويتنقل هذا الروبوت الذي يضع قبعة سوداء على رأسه ووشاحاً أنيقاً حول عنقه، ببطء على سكة حديدية تؤمن حركته على أرضية الصالة المزدحمة بالزبائن.
ويقول صاحب المطعم رامي عبدالرحمن (30 عاماً)، إن فكرة المشروع نشأت لديه خلال جائحة "كوفيد-19" إثر مشاهدة مقاطع مصورة تظهر روبوتات وموائد رقمية تعمل باللمس في مطاعم في الإمارات وإسبانيا واليابان.
وما زالت أجزاء من مدينة الموصل التي خضعت لسيطرة تنظيم "داعش" منذ صيف 2014 حتى نهاية 2017، تعاني آثار سنوات الحرب، لكن في إمكان سكان المدينة الابتعاد عن هذه الأجواء لفترة وجيزة من خلال تناول وجبة العشاء في مطعم.
وتعكس مشاهد تزين الجدران داخل المطعم، رائد فضاء يطفو في الفلك ومنظراً للأرض وكواكب أخرى كما لو أنها من نافذة مركبة فضائية.
لكن عنصر الإثارة الأكبر هما الروبوتان المغلفان بالبلاستيك اللذان يتنقلان لتقديم الطعام للزبائن الذين يعج بهم الموقع.
التكنولوجيا طاغية
وفي كل مرة يقترب الروبوت، يسارع الزبائن إلى إخراج هواتفهم الذكية لالتقاط الصور، كذلك يقف الأطفال ليأخذوا صوراً لهم بجانب الإنسان الآلي قبل مغادرة المطعم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشير عبدالرحمن، وهو طبيب أسنان، إلى أن الروبوتين مستوردان من خارج العراق، من دون الإفصاح عن تكلفة المشروع أو الجهة الممولة له.
وتطغى التكنولوجيا على المطعم، حتى إن الطاولات الـ15 تعمل بنظام رقمي يتيح للزبائن من خلال اللمس تصفح قائمة الطعام وإرسال الطلبيات. كما زودت الطاولات أجهزة شحن لا سلكية للهواتف.
ويلفت عبدالرحمن إلى أن البرمجة والنظام المستخدم في المطعم من تنفيذ مجموعة شباب من جامعة الموصل، "ساعدونا في ربط الطاولات والأنظمة وإنشاء برمجيات خاصة بالمطعم ووضع "سيرفر" (خادم معلوماتية) خاص بنا".
إثارة إعجاب الزبائن
ويؤكد عبدالرحمن الذي يأمل في توسيع خدمات مطعمه لتشمل وجبتي الإفطار والغداء، أن بعض زبائن المطعم يجتازون مسافات طويلة للمجيء إلى المكان من محافظات مجاورة مثل صلاح الدين وأربيل.
وعلى الرغم من المعدات الحديثة، يبقى هناك دور للإنسان، إذ يضع أربعة شبان الأطباق التي ينقلها الروبوت على الطاولات، وبالعكس.
ويبدو بشار البياتي (50 عاماً) الذي أتى لتناول العشاء مع زوجته، معجباً بهذا الأسلوب الحديث في المطعم، إذ يلتقط صوراً له مع الروبوت مراقباً عمله بابتسامة. ويقول، "هذا شيء جميل وحضاري في مدينة الموصل، سافرت إلى خارج العراق، لكني لم أجد مثل هذا لا في تركيا ولا الأردن ولا السعودية".
ويضيف، "أنا سعيد جداً بوجود هذه الخدمة في الموصل، سواء لناحية النظافة أو السرعة أو الأسعار، وأتمنى أن تعمم الفكرة في جميع المطاعم"، مؤكداً أن هذا المطعم سيكون "مطعمي المفضل في مدينة الموصل".