Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استياء من الاعمال التلفزيونية الرمضانية في المغرب

دعوات لتغليب الإحساس بالمسؤولية في الإنتاجات الفنية عوض الإرتجالية

مشهد من أحد المسلسلات التي تعرض خلال شهر رمضان المبارك (القناة الأولى المغربية)

مع حلول كل رمضان يزداد استياء المغاربة من الأعمال التلفزيونية التي تُعرض على القنوات المحلية، ويشتكي معظمهم من ازدياد مستوى رداءة تلك الأعمال عاماً بعد عام. ومع توالي انحدار مستوى محتوى برامج رمضان، يزداد عدد المشاهدين الذين يقاطعون قنواتهم المحلية ويتجهون إلى القنوات الأجنبية، على الرغم من أنهم يفضلون مشاهدة أعمال محلية ذات مستوى جيد.

إزدياد مستوى الرداءة

يرى بعض النقاد الفنيين أن مستوى الأعمال الفنية الرمضانية آخد في الانحدار، وفي هذا الإطار يقول مصطفى الطالب الناقد الفني والسينمائي "يمكن القول إنه في هذه السنة، ازدادت الأعمال الرمضانية رداءة، خصوصاً على مستوى السيتكوم التي كنا نأمل أنها ستتحسن من حيث الكتابة والأداء، وستتعامل مع انتقادات الجمهور والمتتبعين للشأن التلفزيوني وللإنتاجات التلفزيونية بجدية ومسؤولية، محترمةً بذلك شعور وذكاء الجمهور المغربي. فالأعمال الدرامية لم تقدم شيئاً جديداً، وهي تدور دائماً في فلك الدراما الاجتماعية التي تكون أحياناً ناجحة وأحياناً أخرى غير موفقة".

الرداءة ليست مطلقة

في المقابل، دعت الممثلة المغربية هند سعديدي في حديث لـ "اندبندنت عربية" إلى عدم إطلاق الأحكام بشكل عام على الأعمال التلفزيونية، قائلة "لا يجب وضع كل الأعمال الفنية في سلة واحدة والحكم على مستواها بشكل عام. من المؤكد أن هناك أعمال رديئة، لكن بالمقابل هناك مسلسلات جيدة وأخرى فيها مستويات الجودة فيها أدنى، وبالتالي يجب الحكم على كل إنتاج فني على حدة".

وأضافت "يجب مشاهدة كل تلك الأعمال قبل الحكم عليها، فهناك من يرى جزءًا يسيراً منها، قد يكون مستواه رديئاً، وبالتالي يعمم حكمه السلبي على كل الأعمال". 

السرعة تسبب الرداءة

اعتبر هشام البريني مدير إحدى شركات الإنتاج الفني في المغرب أن "دفتر التحملات هو السبب الرئيس في التخبط الذي تعرفه الإنتاجات الفنية المغربية"، قائلاً في تصريح ل "اندبندنت عربية" "إن ضغط الآجال التي يحددها دفتر التحملات لا تساهم بتاتاً في تحضير سيناريو جيد، إذ يتم تقديم خمس حلقات من العمل الفني عند طلبات العروض، وفي حال قُبل المشروع، تُنفّذ الحلقات المتبقية بسرعة قياسية، ما ينتج منه ارتجالية وبالتالي تكون النتيجة رديئة".

وأضاف "أدى هذا النهج إلى عزوب عند كتاب السيناريو الجيدين الذين يرفضون العمل تحت ضغط عامل الوقت، وما يزيد الطين بلة التعاقد مع مخرجين غير مؤهلين وليست لديهم الخبرة، وبالتالي لن يكون العمل الفني الذي تجتمع فيه كل هذه المعطيات إلا فاشلاً".

هجرة تلفزيونية

عبّر العديد من المغاربة عن مقاطعتهم القنوات التلفزيونية المحلية بسبب المستوى الرديء لمحتواها، وخَلص مصطفى الطالب إلى أن "الأعمال الفنية هذه السنة تغرد خارج السرب وكأن منتجيها وكاتبيها وممثليها يعيشون في كوكب آخر غير مجتمعنا، الذي يتطلع إلى أن تتطرق الأعمال الفنية إلى  قضاياه المصيرية، فلا يمكن للتلفزيون أن يكون بمعزل عن ذلك وعن الظرفية الصعبة التي يمر بها العالم، وهذه من بين الأسباب التي تجعل المشاهد المغربي يهجر قنواته إلى قنوات أجنبية تقدم أعمالاً درامية مميزة على المستوى الفني. وأصبح اليوتيوب اليوم يستقطب كل المشاهدين الذين سئموا الرداءة والارتجالية، لكونه يقدم البديل على المستويات كافة من برامج ودراما وأفلام..."

مهزلة الكاميرا الخفية

أصبح الكل يعلم في المغرب أن مقالب "الكاميرا الخفية" التي تُعرض خلال شهر رمضان المبارك مفبركة، وذلك بعد تأكيد عدد من المشاهير أنه عُرضت عليهم مبالغ مالية مقابل مشاركتهم في تلك البرامج، التي تطلعهم مسبقا على المقلب، إضافة إلى عرض بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي دلائل بالصور، تشير إلى فبركة تلك البرامج، وما يزيد على عزوف الجمهور عن مشاهدة تلك البرامج، اعتماد بعضها على تخويف الضيوف.

في هذا الإطار، قال حميد الهاشمي أستاذ علم الاجتماع في الجامعة العالمية في لندن إن "أسخف أنواع الكاميرا الخفية هي تلك التي تعتمد إثارة الرعب وإرهاب الناس، ومثل تلك التي تستغفل البسطاء منهم. شتان ما بين كاميرا خفية تعتمد الطرافة والفن وتقنيات مبتكرة لإظهار المفارقة ورسم البسمة، لكن ليس على حساب إرهاب الناس أو استغفال البسطاء. أنا مع قانون يحاسب من يثير الرعب بداعي إنتاج حلقة في برامج الكاميرا الخفية، لأنها خالية من الابتكار وتهدد حياة ضحاياها".

المسؤولية والحلول

يُحمل الناقد الفني المغربي المسؤولية إلى القنوات التلفزيونية وبعض شركات الإنتاج (التي تستحوذ دائماً على صفقات العروض) وكتّابها ومخرجيها، في ما وصلت إليه الأعمال الرمضانية من مستوى متدن.

ورأى الطالب أن "الحل في يد كل هذه الجهات وخصوصاً المسؤولين عن الشأن التلفزيوني في المغرب، لا بد من إرادة للتغيير وجعل التلفزيون والإعلام بصفة عامة، وسيلة للرفع من الذوق العام وتغليب الإحساس بالمسؤولية في الإنتاجات الفنية، عوض الارتجالية والعبثية، ورفع تحدي المنافسة، بما ينفع بلدنا وأجياله الصاعدة، التي تعيش تحت تأثير العولمة وسقوط كل الحواجز الثقافية والجغرافية بسبب الثورة الرقمية، وهذا يهدد ذاكرتها وخصوصيتها الثقافية والاجتماعية. الوعي واجب إزاء كل هذه التحديات التي تواجهنا جميعاً، ويجب أن ندرك أن الفن يلعب دوراً مهماً في التوعية بكل هذه المعطيات والمتغيرات، خصوصاً عندما ينبع من مشروع ثقافي وطني، تنخرط فيه كل الفعاليات المدنية والسياسية".

   

المزيد من العالم العربي