على الرغم من احتواء غزة على أكثر من 150 معلماً سياحياً وأثرياً، فإنها تعاني حال شلل تام في السياحة، فخلال العام الحالي والماضي 2020، لم تستقبل المدينة أي زائر في مناطق جذبها، وباتت معالمها تعاني تراكم الغبار عليها، وتسجل في كل صباح خسارة جديدة، وصلت إلى أكثر من 115 مليون دولار خلال العامين الماضيين. الأمر الذي يرجع إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية فيها.
كورونا والقتال العسكري سببا ركود السياحة
ويتمثل العائق أمام الزائرين الدوليين في توتر الأوضاع الأمنية في غزة، التي تصنف على أنها أكثر المناطق سخونة في العالم، إلى جانب أن إسرائيل ترفض منحهم إذن زيارة للسائحين، في حين يدخل بعضهم القطاع كوفود قادمة لإنهاء مهمات عمل معينة.
أما السائحون المحليون فإن أسباب عزوفهم عن هذه الرحلات كثيرة، وتقول المرشدة السياحية هبة البيطار، "إن تفشي فيروس كورونا بين السكان وفرض إجراءات الحظر للوقاية منه أثرا بشكل كبير في حركة السياحة الداخلية التي توقفت لمدة عام، ثم تبع ذلك العملية العسكرية الأخيرة لإسرائيل التي انعكست آثارها على جميع مناحي الحياة، وأوقفت بشكل شبه كامل رحلات السياحة الداخلية".
وفي قتال مايو (أيار) العسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، تضرر نتيجة ضربات الأخيرة الجوية عدد من المناطق السياحية والأثرية، ووصلت نسبة الخسارة في هذا القطاع إلى نحو 25 مليون دولار، أما نتيجة الإغلاق وإجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا فإن الخسائر التي لحقت بالسياحة تزيد على 90 مليون دولار.
حملات توعية
وفي محاولة لإنقاذ الوضع وتحريك مياه السياحة الداخلية، قامت وزارة السياحة والآثار (مؤسسة حكومية) بتنظيم حملات توعية ودعاية إلى جانب إطلاق مبادرات ورحلات مجانية، من أجل إقناع السكان بزيارة مناطق الجذب، وتعريف المواطنين بالمناطق الأثرية من أجل الترويج للسياحة الداخلية.
ويقول المدير العام للإدارة العامة للسياحة بوزارة السياحة والآثار زكريا الهور، "إنهم أطلقوا مبادرة سياحية للمواطنين تشمل المناطق الأثرية التي لا تلقى رواجاً كبيراً، لجلب أكبر عدد منهم، وزيادة الثقافة لديهم وخصوصاً في السياحة الداخلية"، لافتاً إلى "أن توتر الوضع الأمني هو السبب الرئيس لضعف نشاط حركة الزوار على المناطق السياحية والأثرية، إلى جانب تدهور الوضع الاقتصادي للسكان".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويوجد في غزة نحو 150 معلماً سياحياً، ويضم قطاع الآثار 150 أثراً، و40 مسجداً و22 مبنى، ويوجد فيه عدد من المعالم الدينية المسيحية وأنقاض كنيستين وكنيسة قائمة، ودير القديس هيلاريون الذي يُصنف على قائمة التراث العالمي بأنه أول دير في التاريخ المسيحي.
الناس يفضلون شراء الغذاء عن القيام برحلات سياحية
ومن المفترض أن يقوم السكان بزيارة مناطقهم السياحية، لكنهم يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة بعد وصول نسبة البطالة إلى 75 في المئة، وارتفاع نسبة الفقراء إلى 55 في المئة، فضلاً عن سوء رواتب الموظفين الحكوميين الذين يتقاضون نصف رواتبهم منذ أكثر من خمسة أعوام.
ويقول المواطن خليل السكافي "إنه لا يستطيع الخروج في رحلة سياحية كلفتها تصل إلى 12 دولاراً للفرد الواحد، في حين أنه يعول خمسة أطفال ولا يقوى على توفير قوتهم اليومي". لكن المدير العام للسياحة زكريا الهور يقول "إن الرحلات التي تنظم الفترة الحالية لا تهدف للربح، وثمنها قريب من الكلفة نظراً للأوضاع الاقتصادية".
والأمر ليس مقتصراً على سوء حياة السكان فقط، بل إنهم مشغولون بالأوضاع السياسية ومراقبة الوضع الأمني المتوتر، وخلافاً لذلك فإن ثمة عراقيل أخرى تضعها الوزارة أمامهم، يشرحها السكافي "بأنه إذا فكر في زيارة معلم أثري فإن القائمين عليه يطلبون إذناً مسبقاً وتنسيقاً مع الوزارات المعنية قبل الدخول إليه كزائر، ويعد هذا تعقيداً لنشاط السياحة الداخلية".
وبالعادة تقتصر السياحة الداخلية على طلاب المدارس من طريق تنظيم رحلات ترفيهية لهم، وخلالها يزورون المناطق الأثرية، لكن نظام التعليم في غزة يفتقر إلى فكرة البحث من خلال الدراسة الميدانية، إذ لا تكلف المؤسسات التعليمية المدارس والجامعات طلابها بهذا، وهو ما من شأنه تعزيز المعلومات لديهم، ويجعلهم يؤثرون بشكل أو بآخر في أولياء أمورهم ويدفعهم لزيارة المناطق السياحية.
وتصنف الوزارات الحكومية المطاعم والمقاهي المنتشرة على طول شاطئ البحر بأنها سياحية، وتشهد هذه المناطق حركة توصف بالجيدة، لكن فقط من يزور هذه المناطق هم المقتدرون مالياً، لقضاء سهرات أو أوقات للتفريغ النفسي أكثر من الهدف السياحي.