Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ابنة أول رئيس لبناني رسخت اسمها في الحركة الفنية العالمية

معرض استعادي في نيويورك لأعمال الرسامة هوغيت الخوري كالان يرسخ مدرستها الحديثة

الرسامة هوغيت الخوري كالان إبنة أول رئيس للجمهورية اللبنانية (الخدمة الإعلامية للمعرض)

يستضيف مركز الرسم في نيويورك حتى 19 من سبتمبر (أيلول) المقبل معرضاً لأعمال الفنانة اللبنانية هوغيت الخوري كالان تحت عنوان "هوغيت الخوري كالان وجهاً لوجه"، وهو معرض استثنائي يجمع عدداً كبيراً من أعمال الفنانة اللبنانية الراحلة، ويسلط الضوء على تجربتها الإبداعية كواحدة من الفنانات اللبنانيات البارزات، استطاعت حفر اسمها في تاريخ الفن العالمي الحديث. وتعد تجربة هوغيت الخوري ذات أهمية متزايدة في تاريخ الفن الحديث، إذ برز اسمها خلال السنوات الأخيرة وتم الاحتفاء بتجربتها في أكثر من محفل دولي، كبينالي لوس أنجليس عام 2016، وبينالي البندقية عام 2017، وبينالي الشارقة الأخير. توفيت الخوري في بيروت عام 2019 عن عمر يناهز الـ88 عاماً، وهي ابنة الرئيس اللبناني الراحل بشارة الخوري أول رئيس للبنان بعد استقلاله.

هذا المعرض الذي ينظم في مدينة نيويورك هو الأكثر شمولاً لأعمال الفنانة الراحلة في الولايات المتحدة الأميركية حتى الآن، وهو يغطي مسيرة خمسة عقود من تجربتها الفنية، بداية من وجودها في لبنان، حتى استقرارها في الولايات المتحدة، مروراً بإقامتها الطويلة في فرنسا، ثم عودتها مرة أخرى إلى لبنان حتى رحيلها عام 2019.

 

يضم المعرض أكثر من مئة عمل فني على القماش والورق، خلافاً للمنحوتات وتصاميمها المبتكرة للأزياء. ويشمل كتالوج المعرض مقتطفات من رسائل الخوري كالان إلى أصدقائها وأبنائها، وتعكس هذه الكتابات وجهة نظرها في الفن والحياة، وأسباب استخدامها الرسم كوسيلة للتعبير طوال حياتها المهنية.

تجربة إستثنائية

وتعد تجربة الخوري إحدى التجارب الملهمة والاستثنائية، فهي اتجهت إلى ممارسة الفن في الثالثة والثلاثين من عمرها، فالتحقت بدورة فنية في الجامعة الأميركية ببيروت، حيث أنجزت أولى محاولاتها في الرسم. وتميزت أعمال هوغيت الخوري كالان المبكرة بخطوطها السميكة والقوية التي شكلت بها عديداً من الموضوعات، بداية من المشاهد الطبيعية إلى الأشكال البسيطة والعلامات والرموز. هذه المحاولات الأولى لها مثلت أيضاً بداية تعلقها برسم الأجساد، وهو المنحى الذي لازمها لسنوات طويلة لاحقاً.

 

في بداية السبعينيات من القرن الماضي انتقلت الفنانة إلى باريس تاركة زوجها وأبناءها في بيروت، وخلال سنوات انغمست بجدية في التعبير عن الجسد، ليصبح هذا التوجه جزءاً لا يتجزأ من تجربتها خلال فترة السبعينيات والثمانينيات. رسمت الخوري في البداية رسومات خطية دقيقة لأجزاء متشابكة من الجسم، ثم انتقلت إلى نوعية من الأعمال أكثر تجريداً واختزالاً، لكنها حملت المعالجات الحسية نفسها التي خيمت على أعمالها ككل. رسمت أشكالاً رشيقة تشبه أعضاء الجسد الأنثوي في لقطات مقربة. وحين اتجهت إلى وضع تصاميم للأزياء زينتها بالخطوط نفسها التي ميزت رسوماتها، وقد لفتت هذه التصاميم حينها انتباه مصمم الأزياء الفرنسي الشهير بيار كاردان الذي تعاون معها على مدى عامين كاملين خلال السبعينيات من القرن الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في أواخر السبعينيات والثمانينيات شرعت الخوري كالان في تنفيذ سلسلة من الرسومات الملونة، استعارت خلالها أجواء أعمالها القديمة، بينما بدأت خطوطها في التسعينيات تبدو أكثر رسوخاً وقوة. وفي عام 1992 رسمت سلسلة من اللوحات تحت عنوان "تحية للشعر"، والتي نفذتها أثناء رحلة انتقالها بين البندقية وباريس وكاليفورنيا، وهي أعمال استكشفت خلالها الخوري أجزاءً وتفاصيل من الجسد الأنثوي، وصاغتها بقدر كبير من النعومة والاختزال مستخدمة في تنفيذها طريقتها الخطية المعتادة. إلا أن أسلوب تلوينها ومعالجتها للأجساد مثلت إرهاصات لأعمالها اللاحقة التي عملت عليها بداية من منتصف العقد الأول من القرن الحالي، وهي الأعمال التي استلهمت خلالها طرق التطريز الفلسطينية والزخارف البيزنطية، وهي أعمال منفذة على القماش وذات مساحات كبيرة نسبياً.

المشهد البصري

في هذه الأعمال الأخيرة بدت العلامات الخاصة بالفنانة أكثر بروزاً وحضوراً، كما بدا المشهد البصري لديها أكثر تعقيداً وتشابكاً. وكان للفنانة طريقتها الخاصة في تنفيذ هذه الأعمال، إذ كانت تبدأ بطيّ مساحة القماش ورسم أجزاء منها. وحين تنتهي تبدأ في رسم الأجزاء الأخرى من دون أن تكون على دراية بالصورة العامة للمساحة حتى اكتمالها، لذا بدت أعمالها تلك أشبه بالألحفة المرقعة أو كمشهد مرسوم بمنظور عين الطائر لتضاريس طبيعية شاسعة وممتدة.

 

في هذه الأعمال التي يضمها المعرض تعبر هوغيت الخوري كالان ببراعة عن حيوية الجسم البشري من خلال استخدامها السلس والصريح للرسم والمزج بين الخطوط الناعمة والقوية. وقد ظل اهتمامها بإبراز الخطوط وتأكيد حضورها في أعمالها المرسومة على الورق أو القماش أو حتى المنحوتات، تيمة ثابتة في معظم تجاربها المتنوعة، ليعكس انطلاقها وتمردها الدائم وعشقها للفن والحياة، أو كما قالت ذات مرة، "أنا أقدّر كل لحظة في حياتي، أعصرها مثل برتقالة، وآكل حتى القشور، فلا أريد أن يفوتني شيء".

يرافق المعرض كتاب يحتوي على صور الأعمال المرسومة بتقديم منسقة المعرض، كلير جيلمان، بالإضافة إلى دراسة تستكشف العلاقة بين الجسد والمكان في أعمال الفنانة، للناقدة والمؤرخة الفنية هانا فيلدمان.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة