يطرح انسحاب كيانات سياسية مهمة من سباق الانتخابات العراقية أسئلة كثيرة عما إذا كانت الانتخابات ستُجرى أم ستؤجل، وعن حجم المشاركة فيها.
فبعد إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في 15 يوليو (تموز) الحالي مقاطعة الانتخابات البرلمانية، لكونها لن تؤدي إلى إصلاح حقيقي في البلاد، أعلن الحزب الشيوعي العراقي انسحابه، واعتبر أن الأجواء غير مُواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل السلاح المتفلت والمال السياسي.
وأضاف الحزب الشيوعي في بيان، أن "الأجواء المعقدة التي يعيشها العراق تجعل الحديث عن تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية غير مُجدٍ"، مشيراً إلى أن الانتخابات لن تكون ذات تأثير على الواقع الحالي.
وأعلن التجمع الجمهوري العراقي كذلك انسحابه من المشاركة في الانتخابات، وعزا قراره إلى اتساع دور الميليشيات وسلاحها المتفلت خارج إطار القانون وضياع هيبة الدولة واستخدام أساليب التضليل بمحاسبة رؤوس الفساد الصغيرة وترك الحيتان الكبيرة، ما يجعل الانتخابات المقبلة شبيهة بانتخابات عام 2018 لجهة النتائج والمضمون.
الانتخابات في وقتها
في المقابل، أكدت مفوضية الانتخابات العراقية أنها مستمرة بالاستعداد لتنظيم الانتخابات، وأنها صادقت على الإجراءات المتعلقة بمراكز عرض النتائج الأولية للانتخابات وفق المشروع المقترح من مكتب الأمم المتحدة في العراق (يونامي).
وأعلنت المفوضية، في بيان، أنها تعمل على وضع آلية جديدة لتبويب نتائج المصادقة على المرشحين والأرقام الانتخابية الخاص بهم كل بحسب محافظته ودائرته الانتخابية، ليتسنى للمهتمين بالشأن الانتخابي سهولة البحث في الموقع الإلكتروني الرسمي للمفوضية.
وانطلقت في الثامن من يوليو الحالي الدعاية الانتخابية للمرشحين إيذاناً ببدء سباق الانتخابات بين 3242 مرشحاً في جميع المناطق العراقية.
الانسحابات ومفاوضات للتأجيل
ويعتقد عضو مفوضية الانتخابات السابق، سعد كاكائي، أن "انسحاب عدد من الكتل السياسية لا يؤثر على شرعية الانتخابات"، مضيفاً أن "عاملين اثنين يوقفان العملية الانتخابية، وهما الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادي".
ويلفت كاكائي إلى أنه "لا يوجود قانون يفرض على المفوضية نسبة عدد الأحزاب السياسية التي تشارك في العملية السياسية، ومن الممكن أن يشارك حزبان فقط".
وتتحدث مصادر سياسية عراقية رفيعة عن عقد عدد من الكتل السياسية من توجهات مختلفة سلسلة اجتماعات خلال الأيام الماضية لدراسة الخروج باتفاق يفضي إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) المقبل.
وتضيف المصادر أن هذه الاجتماعات جاءت بعد دراسة واضحة للوضع العراقي وحجم المقاطعة الكبيرة للانتخابات، ما قد يتسبب في حال تنظيمها في احتجاجات كبيرة شبيهة بما حصل في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، مبينة أن هذه الاجتماعات ستستمر حتى التوصل إلى اتفاق في شأن التأجيل.
الأوضاع غير مهيأة
ويرى النائب حسن آلي أن البلد غير مهيأ لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، مشدداً على ضرورة تأجيلها إلى موعد جديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول آلي إن هناك بعض العوامل التي تشير إلى عدم القدرة على إجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ومن تلك العوامل الصراعات السياسية داخل الكتل نفسها وبين الكتل السياسية وانسحاب بعض الكتل السياسية من الانتخابات"، مشيراً إلى أن وضع العراق خطير وغير ملائم لإجراء الانتخابات في أكتوبر، وأن تأجيلها سيكون أفضل في هذه المرحلة.
ويلفت إلى أن تأجيل الانتخابات أمر طبيعي، لا سيما أن الدستور والقانون يشيران إلى أن الحكومة والبرلمان لهما الحق في أن يكملا مدتهما المقررة، وهي أربع سنوات.
ويعرب آلي عن مخاوفه من تزوير الانتخابات، مذكراً بعمليات تزوير حصلت في الانتخابات السابقة. ويطالب المجتمع الدولي والحكومة العراقية بأن تكون الانتخابات نزيهة.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه نظيره العراقي، فؤاد حسين، في واشنطن خلال الزيارة الحالية لحسين، إنه يعمل مع الكونغرس لتخصيص مبلغ 500 مليون دولار، لمساعدة مفوضية الانتخابات العراقية خلال الانتخابات المقبلة، وتقديم المشورة والتدريب، وتشجيع الشعب العراقي على المشاركة في الانتخابات.
التزوير
وتدعو آيات مظفر، عضو "ائتلاف النصر"، إلى إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، مشيرة إلى أن مقاطعة بعض الكتل السياسية لا تؤثر على إجراء الانتخابات في الموعد المحدد أو على شرعية الانتخابات.
وتقول مظفر، إن "الأمور تسير في مسارها الصحيح، ومقاطعة بعض الكتل السياسية لا تمنع إجراء الانتخابات في موعدها، ولا توجد نسبة معينة للمشاركة لتعطي شرعية للانتخابات".
وتشير إلى "وجود رغبة شعبية حقيقية ووعي جماهيري لإجراء الانتخابات، لا سيما أن الإجراءات تجري بالمسار الصحيح والمفوضية تعمل على تحديث المعلومات"، مضيفة أن الحكومة عازمة على إجراء هذه الانتخابات في موعدها وتعد خطة أمنية.
وتضيف مظفر، "لا توجد انتخابات مثالية، والانتخابات قد يشوبها بعض التزوير، إلا أنها في الوقت نفسه يجب أن تكون هناك مشاركة واسعة للحد من عمليات التزوير إن وُجدت"، مشددة على "ضرورة أن تكون هناك رقابة دولية للحد من عملية التزوير، مع ضرورة توفير الحماية الأمنية للمراكز الانتخابية".
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قالت في تصريح صحافي، إن الأوضاع الأمنية في العراق "مهزوزة جداً"، مشيرة إلى أنه لا يمكن توقع أن تُجرى الانتخابات من دون تزوير.