بعد أيام من أمطار قياسية ومشاهد دراماتيكية من الفيضانات، تخرج تشنغتشو في مقاطعة هينان الصينية تدريجاً من الكارثة الطبيعية التي أودت بحياة 25 شخصاً على الأقل.
وتذكر كاو كيف خاطر بحياته للوصول إلى المنزل من مكتبه ليل الثلاثاء. فمكتبه يقع في مبنى مؤلف من 30 طابقاً في المركز الاقتصادي للمدينة، لكن المطر والفيضان المهدد للحياة تسبب بقطع الكهرباء والمياه عن المبنى.
وقال: "اضطررت إلى النزول على الدرج للوصول إلى الطابق الأول، وإذ حاولت مغادرة المبنى، رأيت سيارات كثيرة غارقة في المياه الموحلة وكانت أضواء المرور لا تعمل أيضاً. ودفع الفيضان كثيراً من السيارات الخاصة والحافلات معاً على الطريق وكانت المياه بعمق متر، ما جعل من المستحيل عليّ أن أعود إلى المنزل على دراجتي الهوائية."
وإذ تذكر كاو أنه شهد كمية مماثلة من المطر في بلدته الواقعة في الجزء الريفي من مقاطعة هينان وهو طفل، قال إنه لا يزال مصدوماً بدرجة الفيضان في تشنغتشو وهي عاصمة المقاطعة. وقال لـ"اندبندنت": "رأيت كثيراً من المياه تخرج من شبكة الصرف الواقعة تحت الأرض وكان التيار المائي قوياً إلى درجة أن أغطية الفتحات جُرِفت كلها."
وليس كاو الشخص الوحيد المصدوم بالمشاهد المرعبة التي رآها. فقد نشرت وانغ تشاولينغ، وهي زوجة المحامي البارز في مجال حقوق الإنسان، لي هيبينغ، فيديو على "تويتر" يظهرها جالسة في سيارة وهي تحاول قيادتها للخروج من المدينة. وكانت سيارات أخرى تحاول على نحو محموم ألا تجنح بسبب الفيضان، لكن بعض السيارات ببساطة توقفت عن التحرك في وسط الطريق.
وتبين فيديوهات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات السيارات المغمورة تماماً بالمياه الموحلة ومسافرين كثراً عالقين في قطار غمره الفيضان في مترو الأنفاق وقد وصلت المياه إلى أكتافهم. وفي مشهد دراماتيكي آخر التقطته الكاميرا، شُوهِدت امرأة تعاني للخروج من المياه الموحلة في حين حاول ثلاثة رجال إنقاذها عن طريق عرض عصا عليها. وتمكنت في نهاية المطاف من الإمساك بالعصا وأُخرِجت من المياه.
وبحلول صباح الأربعاء، كانت المياه تراجعت تدريجاً في القسم الشرقي من تشنغتشو الذي تأثر بشدة بالفيضان، وفق كاو. وقال كاو: "أصبح المطر أخف بكثير لكن نظام المواصلات بين تشنغتشو وأجزاء أخرى من الصين لم يعد إلى العمل تماماً."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما الذي سبب الفيضان؟
عزا البعض سبب الفيضان الدراماتيكي إلى كمية المطر القياسية التي تهطل على مدينة تشنغتشو منذ السبت. وسُجِّل حوالي 617.1 مليمتر من المطر، وهو يساوي تقريباً متوسطه السنوي البالغ 640.8 مليمتر.
ويزعم خبراء في الأرصاد الجوية بأن الإعصار يانهوا، الذي يقترب من مقاطعة فوجيان الجنوبية، وطوبوغرافيا المنطقة قد يكونان السبب الرئيسي وراء الكمية المفرطة من الأمطار.
وكتبت صحيفة "الغلوبال تايمز" تقول: "حين يضرب تدفق الهواء الجبال في هينان، يتقارب ويندفع إلى أعلى، ما يسبب تركز الأمطار في هذه المنطقة."
لكن آخرين يعتقدون أن نظام الصرف غير الفاعل في المدينة جعل الفيضان أشد مما كان يجب أن يكون عليه. وقال كاو إن هناك أنظمة صرف تحت كل منطقة، لكن كل مرة تشهد فيها المدينة مطراً غزيراً، تشهد مناطق كثيرة صعوبة في تصريف المياه بعدما يهدأ المطر.
وقال لـ"اندبندنت": "لدي بالتأكيد مخاوف في شأن نظام الصرف في تشنغتشو، لكن هذه الظاهرة شائعة بين المدن في الصين. ولدي تحفظات في شأن احتمال تحسين الحكومة المشكلات المتصلة بالصرف بأسرع ما يمكن، والسبب أن الحكومة زعمت في يناير (كانون الثاني) 2018 أن تشنغتشو "مدينة إسفنجية" لأن نظام الصرف الواقع تحت الأرض يستطيع امتصاص المياه كلها."
وأضاف كاو: "لكن حين تقع كارثة طبيعية جدية، لا تزال المدينة تشهد فيضاناً جدياً ولا يحل نظام الصرف أياً من المسائل."
وانتقد البعض الحكومة المحلية في تشنغتشو لفشلها في تحذير السكان في شكل كاف بعد إشارات التحذير الأربعة من عاصفة ممطرة التي أصدرتها محطة الأرصاد الجوية في تشنغتشو.
وقال محام آخر، اسم عائلته وانغ، إن السلطات المحلية كان يجب أن تعلق خدمات المترو وتتخذ إجراءات أخرى لمنع الناس من الانتقال إلى الأجزاء التي غمرتها الفيضانات بشدة في المدينة. وقال: "كان يمكن تجنب كثير من الأضرار التي أصابت المركبات وكثير من [الوفيات] لو أن الحكومة المحلية كانت واعية كفاية على صعيد فرض قواعد وقائية."
ويعتقد كاو بأن سكان تشنغتشو كان يجب أن يتجنبوا استقلال المترو في أيام ظروف الطقس القصوى وأن يحاولوا فرض الحماية الذاتية. وقال: "لا أعتقد بأن هذه المشكلات ستختفي في أي وقت قريب."
© The Independent