Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كارثة مستشفى الناصرية… أسر اختفت وأخرى تنتظر معرفة مصير أفرادها

العراق يعلن الحداد الوطني ومعظم الضحايا من مرافقي مرضى كورونا

حاول كاظم علي مع شقيقه فتح باب الطوارئ في مستشفى الناصرية التعليمي في العراق، لكنه كان مغلقاً بشكل محكم جعل من عملية إنقاذ والده من الحريق الذي اندلع، مساء أمس الاثنين، في مركز النقاء الملحق بالمستشفى والمخصص لعلاج المصابين بكورونا ضرباً من الخيال، فرأى بأم عينيه مشهداً مرعباً.

وعلى الرغم من مأساة علي فإنها قد تكون الأقل من بين مآسي أسر أخرى، لقي أفرادها مصرعهم بشكل شبه كامل أثناء وجودهم في المركز. فأسرة راشد، من سكنة قضاء الدواية في محافظة ذي قار، المكونة من ستة أشخاص، لم تكن تعلم أنها على موعد مع الموت ليس بسبب كورونا الذي أصاب عدداً من أفرادها، بل بالنار التي التهمت بعضهم والدخان الذي قضى على الباقين.

هذه الأسرة لم تكن وحدها ضحية ألسنة النار والدخان الذي حصل نتيجة احتراق الأسقف والجدران الحديدية ذات المادة العازلة الضعيفة، بل ذهب ضحيته العشرات بحسب إحصاءات رسمية، جزء كبير منهم أسر كاملة.

92 قتيلاً

وأعلنت دائرة صحة ذي قار أن حصيلة كارثة مستشفى الحسين بلغت 92 قتيلاً و100 مصاب، في حصيلة غير نهائية قد ترتفع في الساعات المقبلة بعد الكشف عن أسماء المتوفين، لكون العديد من الجثث قد اختفت بسبب احتراقها لساعات طويلة.

ولم يكن هذا الحريق الأول من نوعه في مراكز عزل المصابين بكورونا، إذ جاء بعد أقل من ثلاثة أشهر من حريق آخر اندلع ليل 24 أبريل (نيسان) الماضي في "مستشفى ابن الخطيب"، راح ضحيته 82 شخصاً و110 مصابين. 

فساد مستشرٍ 

واعتبرت الجهات الحكومية العراقية أن ما يجري من حرائق في المستشفيات هو نتيجة الفساد المستشري.

وقال رئيس الجمهورية، برهم صالح، في تغريدة له على "تويتر" إن "فاجعة مستشفى الحسين في ذي قار وقبلها مستشفى ابن الخطيب في بغداد نتاج الفساد المستحكم وسوء الإدارة الذي يستهين بأرواح العراقيين ويمنع إصلاح أداء المؤسسات".

وتابع صالح أن "التحقيق والمحاسبة العسيرة للمقصرين هو عزاء أبنائنا الشهداء وذويهم، ولا بد من مراجعة صارمة لأداء المؤسسات وحماية المواطنين".

كما دعا رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، إلى وضع حد "للفشل في حماية أرواح العراقيين". 

وقال الحلبوسي إن "فاجعة مستشفى الحسين دليل واضح على الفشل في حماية أرواح العراقيين، وقد آن الأوان لوضع حد لهذا الفشل الكارثي، والبرلمان سيحّول جلسة اليوم لتدارس الخيارات بخصوص ما جرى".

مسؤولية الصحة والدفاع

وحمّل المتحدث باسم محافظ ذي قار، ماجد السفاح، المؤسسة الصحية وفرق الدفاع المدني مسؤولية الحريق.

وقال السفاح إن "المحافظ أوعز بأن توجد فرق الدفاع المدني قرب المستشفيات بعد فاجعة كورونا لتلافي تلك الحادثة"، محملاً المؤسسة الصحية في الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية مسؤولية عدم نقل مستشفى الحسين إلى المستشفى التركي الجديد، لا سيما أنه متكامل ويحتوي على كل التجهيزات، فضلاً عن احتوائه على مدرج للطائرات.

وأضاف أن أغلب الضحايا والمصابين من المرافقين للمرضى، إذ إن عددهم مع كل مريض يتراوح بين أربعة وخمسة أشخاص.

عودة الاحتجاجات

وبنى المتظاهرون في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، السرادق (الخيم) استعداداً لاستئناف الاحتجاجات، فيما تظاهر آخرون أمام المستشفيات الأهلية، وذلك لعمل الكثير من الموظفين في تلك المستشفيات وعدم رغبتهم بالعمل في المستشفى التركي الجديد. 

ويقول الصحافي وسام السيد طاهر، وهو من المحافظة، إن متظاهري أكتوبر بدؤوا بنصب السرادق استعداداً لبدء الاحتجاجات، لافتاً إلى أن أهالي المحافظة يحملون الحكومتين الاتحادية والمحلية مسؤولية عدم إكمال بناء المستشفيات في المدينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف طاهر أن الدفاع المدني حذر من البناء السريع أو ما يسمى "سندويش بنل" (مادة مصنوعة من الصفيح تحتوي في وسطها مادة عازلة) لسرعة اشتعالها، ولأنها تولد غازات عند اشتعالها مما يؤدي إلى اختناق المرضى، مبيناً أن كثيراً من الوفيات كانت نتيجة الدخان المتصاعد من احتراقها. 

ويتابع أن المتظاهرين حملوا الكوادر الصحية والحكومية المحلية المسؤولية، واتجهوا إلى إغلاق المستشفيات الأهلية، التي يملكها الأطباء وبعض السياسيين، لكونها تتحكم بالوضع الصحي في المحافظة، مما أدى إلى تدني الوضع الصحي في ذي قار.

ويشير إلى أن المستشفى التركي الذي بُوشر ببنائه عام 2010 لم يدخل العمل الفعلي، على الرغم من افتتاحه الرسمي، قائلاً إن عدد الأسرَّة في المحافظة يبلغ ألف سرير في حين أن عدد سكانها يبلغ مليونين ونصف المليون.

إجراءات حكومية مركزية ومحلية

وأصدر القضاء العراقي مذكرات بالقبض والاستدعاء بحق 13 شخصاً من العاملين في القطاع الصحي في محافظة ذي قار، لوجود شبهات تحوم حول إهمالهم وتسببهم في هذه الكارثة.

كما أقيل مدير صحة ذي قار، صدام الطويل، من منصبه، وعين بدلاً منه سعدي الماجد، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي في المحافظة. كما قرر محافظ ذي قار إعلان الحداد العام بدءاً من اليوم لثلاثة أيام، وتحويل مستشفى الإمام الحسين التعليمي إلى مركز لعزل مصابي كورونا فوراً.

وأصدر قراراً بإغلاق جميع المراكز الكرفانية المخصصة لعزل مصابي كورونا والاستعانة بمراكز ومشافٍ مجهزة لهذا الغرض.

مرشح مقرب من مرجعية النجف

بدوره، أعلن رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، بعد سلسلة اجتماعات عقدها مع المسؤولين العراقيين أن التحقيق في هذه القضية سينتهي خلال أسبوع، مشيراً إلى أن الحادثة تمثل خللاً بنيوياً في الهيكلية الإدارية للدولة العراقية.

ودعا الكاظمي إلى فصل النفوذ السياسي عن العمل الإداري، في إشارة منه إلى التغلغل الكبير للأحزاب العراقية في عمل مؤسسات الدولة. وقرر اعتبار ضحايا الحادث شهداء، وإنجاز معاملاتهم فورياً، وتسفير الحالات الحرجة إلى خارج العراق.

وأعلن الكاظمي خلال جلسة مجلس الوزراء ترشيح مديرة مستشفى زين العابدين التابع للعتبة الحسينية، صفاء الحسيني، لتولي منصب وزير الصحة، ودعا البرلمان إلى التصويت عليه.

ويشرف وكلاء المرجع الديني الأعلى الشيعي، علي السيستاني، على إدارة جميع العتبات الدينية في كربلاء والنجف وسامراء وبغداد وعدد آخر من المدن العراقية، وتدار مؤسساتها الصحية والخدمية من قبل شخصيات ترشح من قبلهم.

وتبدو قرارات الحكومة العراقية وتصريحات رئيسها الذي وجه انتقادات لاذعة للكوادر العاملة في وزارة الصحة غير كافية لإقناع الجمهور بأن هناك جدية في محاسبة الجهات المقصرة التي تسببت بهذه الكارثة.

والمعروف أن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003، شكلت المئات من اللجان التحقيقية في قضايا كثيرة ولم تخرج بنتائج واضحة ومعلنة، بل أغلقت الكثير من الملفات الحساسة التي تتعلق بأعمال إرهابية واغتيالات لموظفي الدولة بمختلف دوائرها وملفات فساد كبرى وحتى اتهامات بتزوير الانتخابات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات