لم يكن بوسع والدي طفل في سن السادسة إلا مشاهدته وهو يموت من الألم بسبب إخفاق كل محاولاتهما المستميتة الحصول على مساعدة من الطبيب الممارس أو فريق الدعم الهاتفي للحالات الطبية الطارئة التابع لهيئة الخدمات الصحية في بريطانيا.
فقد ’سيباستيان هيبيرد’ حياته بسبب اضطراب معوي قابل للعلاج اعتُقد في البداية أنه جرثومة في المعدة لكنه في النهاية سبب سكتة قلبية مميتة، وفقاً لرواية ’راسل’ والد الصبي.
يجري التحقيق في موت سيباستيان بعد فشل خط المساعدة الهاتفية للحالات غير الطارئة التابع لهيئة خدمات الصحة الوطنية في تحديد خطورة الأعراض التي ظهرت على الطفل. يُعزى ذلك الأمر جزئياً إلى أن فريق المساعدة لا يرى في أعراض مثل القيء المُخاطي وأخضر اللون علامةً على أمر يستدعي الانتباه إلا إذا كان المريض دون سن السادسة.
تدهورت حالة الطفل خلال عطلة نهاية الأسبوع في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 ، فاتصل والداه بخط المساعدة الهاتفية صبيحة يوم الاثنين، إلا أن فريق الدعم نصحهما بالتواصل مع الطبيب الممارس.
عندما وُفق السيد ’هيبيرد’ إلى بلوغ الاستقبال هاتفيا، أخبرهم أن ابنه يهذي ويتقيأ، لكن وعدا بمكالمة من الطبيب لم يُنجز أبداً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الرغم من المحاولات العديدة للاتصال بعيادة طبيب الأسرة وفريق المساعدة الهاتفية، بدأ سيباستيان يتشنج بُعَيد الساعة الواحدة بعد الظهر، فنودي على سيارة الإسعاف.
على أية حال، كان الأوان قد فات حينها لإنقاذ حياته.
ستُعرض قصة السيد ’هيبيرد’ ضمن برنامج التحقيقات الذي تقدمه بي بي سي ’بانوراما’، في وقت كشف البحث أن عدد الأطباء العموميين ليس بما يكفي لتقديم العلاج على نحو مأمون.
وكان استطلاع أجرته مجلة ’پُلس‘ (Pulse – نبض) وشمل 1700 طبيب أسرة قد وجد أن واحداً من بين كل عشرة أطباء يرى 60 مريضاً في اليوم على أقل تقدير، بينما يكشف أطباء آخرون على أكثر من مئة شخص - ما يفوق بثلاثة أضعاف الحد المسموح به لتقديم العلاج المأمون وهو 30 مريضاً في اليوم.
أدى إلى هذا العناء أعدادُ الأطباء العموميين المنهارة، مع صدور تقرير آخر أظهر أن أعدادهم في هبوط حاد منذ عام 2010.
ويقول الكثير من الأطباء إن الحالات المرضية تفاقمت تعقيداً، وبالتالي ترفع هذه المعاناة احتمال الإخفاق في تحديد الحالات الخطيرة.
يقول السيد ’هيبيرد’ في برنامج بانوراما واصفاً صراعه كي يتمكن من التحدث إلى طبيب: "كنت أشد شعري ...قال الخبراء الذين تم استدعاؤهم إلى المحكمة لربما استطاع أي شخص لديه التدريب الطبي الكافي معرفة أن هناك مشكلة [و] أنه بحاجة للذهاب إلى المستشفى".
من ناحية ثانية، فإن التقرير يسلط الضوء أيضاً على أن الحِمل على الخدمات الصحية يكون في أوْجِهِ صباح يوم الاثنين عادة، وأن الأسرة تعتقد أن العملية كشفت عمق مشكلة التواصل بين الأقسام المختلفة من المنظومة الصحية في البلاد.
قال السيد ’هيبيرد’: "إنه أمر لا يصدّق أبداً ... تضيع حياة الناس بين الأرجل".
وتوصل البحث الذي أجرته ’مؤسسة الصحة’ الخيرية يوم الأربعاء أن هناك تعاظماً في عدد المرضى وتناقصاً في أعداد أطباء الأسرة. إذ يوجد طبيب عمومي واحد لكل 2160 معالجاً في إنجلترا - وهي زيادة بنسبة 8 في المئة خلال ثلاث سنوات. إنها المرة الأولى منذ ستينيات القرن الماضي التي يستمر فيها انخفاض أعداد أطباء الأسرة لفترة طويلة.
وبكل الأحوال، فإن أعداد الكوادر الطبية تقلصت بسرعة أكبر بخمسين في المئة في المناطق الأشد فقراً - والتي غالباً ما تحتوي على المرضى الذين يعانون من الحالات الأكثر تعقيداً.
بالمتوسط، فإن طبيب الأسرة الذي يعمل في البلديات الأكثر حرماناً مسؤول عن 370 مريضاً أكثر مقارنة بالبلديات الأغنى.
وقال بن غيرشليك، كبير الاقتصاديين في مؤسسة الصحة الخيرية: "إن الحلقة المفرغة المتمثلة في انخفاض أعداد الأطباء العموميين وزيادة حجم عملهم واضحة... ولو أضفنا على ذلك الزيادة السكانية سيصبح الوضع مقلقاً أكثر".
© The Independent