Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إفطار الفلسطينيين ممزوج بمرارة طعم المقاصة

الضفة الغربية تتمسك بالعادات الرمضانية القديمة ولم تتأثر قراها بالعولمة أو التطور التكنولوجي

ما إن حل شهر رمضان المبارك في الضفة الغربية، حتى انطلقوا فرحين بممارسة عاداتهم وتقاليدهم الخاصة بالشهر الفضيل والمتوارثة منذ مئات السنين، غير مكترثين بأوضاعهم الاقتصادية الصعبة التي منعت جزءًا كبيراً من المواطنين، من استقبال شهر الخير بقليل من كل شيء.

فانوس بلا فلوس

هو من أهم وأشهر عادات شهر رمضان لدى الفلسطينين، إذ أصبح الفانوس من ضرورات الشهر الفضيل وجزءًا لا يتجزأ من زينة ومظاهر الاحتفال، فلا يكاد بيت فلسطيني أو متجر تجاري يخلو منه أو من حبل الزينة المضيء. وفي هذا الشأن، يقول أمير مطر "أنا كبائع ألعاب، أستعد لشهر رمضان بالفوانيس والحبال المضيئة بكثرة، فهي لم تعد كماليات عند الناس، بل أصبحت من ضروريات كل منزل. فالفانوس مصدر بهجة للكبار والصغار ويخلق الفرح والسعادة لنا جميعاً في استقبال شهر رمضان، منا أنه غير مكلف، فيمكن شراء فانوس بدولار واحد، وقد يصل سعره إلى 100 دولار، ويتوفر منه عشرات الأشكال والأحجام والأنواع تعطي للفلسطينين خيارات متعددة".

يا نايم وحد الدايم

"المسحّراتي" كما هو معروف شعبياً يعمل على إيقاظ الناس في ليالي رمضان لتناول وجبة السحور. وفي الضفة الغربية، أصبح المسحر فرداً لا غنى عنه في رمضان، فقرع الطبول ليلاً كان ولا يزال من أبرز الطقوس التقليدية الممتدة لقرون طويلة.

"قوموا على سحوركم أجا رمضان يزوركم" و"يا نايم وحّد الدايم"، بهاتين الجملتين التقليديتين يجوب المسحراتي الكثير من شوارع المدن والقرى الفلسطينية، ليطلق بصوته الصباحي الأناشيد الرمضانية والأذكار، فيشعر المواطنون بروحانية رمضان الذي يعبق بالعبادات الدينية والعادات الاجتماعية.

ووفق العادات والتقاليد في الضفة الغربية، فإن المسحراتي الذي يقضي طوال شهر رمضان في إيقاظ النائمين، يخرج ليلة العيد أو أول أيام عيد الفطر، ليتلقى أجره من سكان المنطقة التي كان يوقظها للسحور خلال الشهر الفضيل.

يُذكر أن أول مسحراتي هو والي مصر عتبة بن إسحاق، الذي ظهر في العام 238 هجري، حين كان يطوف شوارع القاهرة ليلاً لإيقاظ الناس لتناول السحور، استعداداً ليوم صوم جديد.

أبيض ولا أخضر

الى الشمال من الضفة الغربية، مدينة عريقة اسمها نابلس لم يتأثر رمضانها في أية عولمة أو تطور تكنولوجي سريع، فثمة عادة خاصة بأهل المدينة، يُطلق عليها "أبيض ولا أخضر"، نسبة للمأكولات الرمضانية ذات اللون الأبيض كالمنسف والشيش برك والكبة اللبنية، أو ذات اللون الأخضر كالملوخية والسبانخ. وهذه العادة متوارثة في المدينة منذ مئات السنين. السيدة رفعت ياسين (55 عاماً) تقول "إنّها عادة رمزية لجلب البركة والخير، وتكون في أول يوم فقط بشهر رمضان وتلتزم غالبية العائلات النابلسية بها".

فقدة رمضان

هي من العادات الأصيلة المرتبطة بصلة الرحم، والمتوارثة عند الفلسطينين منذ زمن طويل، إذ يزور الأب شقيقاته وخالاته وعماته وبناته المتزوجات مقدماً لهن الهدايا.

يقول حافظ حميض (58 عاماً) "عندما يذهب الأب وأبناؤه والأعمام لزيارة البنات المتزوجات، يشعرن بالسعادة الغامرة لما تمثله هذه اللفتة من دلالة على حب وافتقاد العائلة لهن.

كثيرون لا يكترثون في هذه الأيام إلى عادة فقدة الولايا، فالأوضاع الاقتصادية صعبة والالتزامات المادية مرهقة، وأصبحت تقتصر الفقدة على الأقارب من الدرجة الأولى فقط".

 

السوق نازل

تقليدٌ في رمضان اشتهرت به مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وظلت تُحافظ عليه منذ خمسينات القرن الماضي. يقول جهاد التكروري، أحد الناشطين في المدينة "هذه العادة الجميلة تقام في البلدة القديمة في نابلس حيث يتجمع الأطفال من كل مكان بعد صلاة المغرب، وهم يحملون الفوانيس ليرددوا مدائح وأناشيد خاصة بشهر رمضان، ومن ثم يحصلون على الهدايا والحلويات المجانية من الحاضرين الذين يضعونها لهم في كيس صغير".

 

أساسيات المائدة الرمضانية

مهما اختلفت أنواعها وطرق إعدادها وتقديمها، تبقى المشروبات الرمضانية من الطقوس التي اعتاد الفلسطينيون على وجودها يومياً في شهر رمضان. فلا تكاد مائدة إفطار تخلو من "التمر الهندي والخروب وعرق السوس"، وهي من أشهر المشروبات الرمضانية، إذ تُحضر من مواد طبيعية.

ومع حلول الشهر الفضيل، تنشط مهنة بيع العصائر الطبيعية، فهي مربحة جداً خلال هذا الوقت من العام، خصوصاً أن معظم البيوت الفلسطينية تضع على مائدتها العصائر الرمضانية التي تروي عطش الصائمين.

تقول كوثر رزق، وهي ربة منزل، "أعد العصائر الرمضانية على أنواعها في المنزل، وهي عنصر أساسي على مائدة الإفطار لزوجي وأولادي، فمذاقها لذيذ يروي الظّمأ، ويقضي على الشعورِ بالعطش. فشراب التمر الهندي مثلاً يحضر من منقوع ثمار هذه النّبتة، ويضاف إليه السُّكر ليقدّم بعد تبريده، وكذلك الحال مع شراب الخروب وعرق السوس والكركدية".

"وإن في البطن خلوة لا تملؤها إلا الحلوى" تقول رزق "فالحلويات أيضاً أساسية في معدة الصائم، إلا أن بعض الحلويات لها دور خاص في دغدغة شهيتهم خلال شهر رمضان، كحلوى العوامة (لقمة القاضي) والقطايف وأصابع زينب والفطير بالجبن (كلاج) والكنافة النابلسية الشهيرة".

وفي هذا الإطار يتحدث مجدي عرفات، وهو صانع حلويات، عن أهمية التنويع ليقول "أنا أصنع العوامة وأصابع زينب والطمرية منذ أكثر من 40 سنة، ورثت هذه المهنة عن أبي وأجدادي". ويضيف "تاريخ هذه الحلويات يرتبط بتاريخ الفترة الفاطمية في فلسطين، فمنذ ذلك الحين نتميز بصناعتها، ويكثر الطلب عليها في شهر رمضان، نظراً إلى سعرها المعقول والمتناسب مع جيب المواطن، فكيلو العوامة مثلاً لا يتعدى سعره 20 شيكلاً أي ما يعادل ستة دولارت".

 

ما أوحش الله منك يا رمضان

وما أن يشارف شهر الخير على الانتهاء، حتى تبدأ المساجد في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، دون غيرها من المدن الفلسطينية، بما يُعرف بـ "التوحش"، وهي فرق إنشادية من الشباب، ينشطون في المساجد فترة آذان الفجر، في العشر الأواخر من  شهر رمضان، مرددين أناشيد حزينة لوداع الشهر الفضيل.

 

نص راتب لا يسمن ولا يغني!

على الرغم من  مضي أيام على شهر رمضان، إلا أن حال من الركود تشهدها أسواق الضفة الغربية بصفة عامة. فالشراء ضعيف ومع غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة والظروف الاقتصادية التي تشهدها الضفة الغربية، بسبب الأوضاع السياسية، حدث تراجع كبير في معدلات الإقبال على المواد التموينية الرمضانية الأساسية،  كالأرز والزيت والطحين والسكر.

هذا، إضافة إلى صرف السلطة الفلسطينية 60 في المئة فقط من رواتب الموظفين الحكوميين، عشية شهر رمضان، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها السلطة منذ ثلاثة أشهر، نتيجة خصم إسرائيل من عائدات الضرائب التي تحولها للسلطة، وذلك على الرغم من طلب رئيس السلطة محمود عباس، قروضاً من الدول العربية، لتخطي الأزمة.

وبحسب أحد تجار مدينة نابلس هلال الحلبوني "المصدر الرئيس للقوة الشرائية في السوق الفلسطينية، هو رواتب الموظفين، خصوصاً من القطاع العام، ومع بداية شهر رمضان السوق شبه مشلول، ونصف الراتب بالكاد يكفي لشراء مواد أساسية. وهذه الأزمة إذا ما استمرت ستنعكس سلباً علينا كتجار في موسم عيد الفطر، وقد نُضطر إلى تخزين السلع في مخازن مستأجرة، وبعضها إما سيتلف أو سيصبح موضة قديمة، ما سيمثل خسائر فادحة لنا".

 

 

 

 

...

[Message clipped]  View entire message

المزيد من العالم العربي