Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لا ينمو معدل التوظيف بما يوازي الانتعاش الاقتصادي؟

تفسيرات مختلفة لارتفاع معدلات البطالة وسط عزوف الجيل الجديد عن العمل في الشركات

 باحثون عن العمل في أحد مراكز التوظيف بأميركا (رويترز)

على الرغم من قوة الانتعاش الاقتصادي بعد أزمة وباء كورونا حتى الآن نتيجة التوسع في استخدام اللقاحات للوقاية من فيروس كوفيد-19، فإن أرقام التوظيف في الاقتصادات الرئيسة التي تشهد تعافياً ليست جيدة. وتشكو بعض الشركات والأعمال في القطاعات التي عاودت النشاط بعد إغلاق الاقتصاد لفترات مختلفة من نقص العمالة المتاحة لزيادة نشاطها.وتتباين التفسيرات من قبل الاقتصاديين والمحللين في السوق وشركات الاستشارات في شأن بطء نمو التوظيف.

 الوظائف وعالم الوباء

من الاقتصاديين والمحللين من يرى أن الإنتاجية للعامل ارتفعت بما يعني عدم الحاجة لتوفير وظائف جديدة، كما أن الاستثمار في التكنولوجيا والتطوير الرقمي للشركات والأعمال الذي زاد بقوة في عام الوباء قلل من عدد الوظائف التي تحتاج إليها الشركات والأعمال، لكن هناك أيضاً عاملاً مهماً، وهو عدم رغبة العاطلين عن العمل في العودة إلى وظائف بدوام كامل نتيجة دخولهم سوق الاستثمار في أسواق الأسهم والعملات المشفرة. ويقدر البعض أن سوق العمل التي غالباً ما تتشكل من 4 أو 5 أجيال تكاد تفقد جيلاً كاملاً لا يريد العمل في وظيفة.وفي أوقات الركود التقليدية بنهاية الدورة الاقتصادية العادية، يستوعب أصحاب الأعمال تراجع إنتاجية الفرد للتقليل من معدل إلغاء الوظائف. وحين يحدث الانتعاش مع بداية دورة اقتصادية جديدة، تزيد إنتاجية العامل بما يجعل توفير وظائف جديدة بطيئاً أيضاً، لكن أزمة وباء كورونا غيرت الكثير من نماذج حركة الاقتصاد والأعمال بشكل تقليدي.

زيادة الإنتاجية

ويرى كثير من المحللين أن تطور استخدام التكنولوجيا في الشركات والأعمال في عام الوباء والتحول الرقمي الهائل في كثير من قطاعات الاقتصاد، أدى إلى إحلال برامج الكمبيوتر محل العامل البشري بنسبة كبيرة.وفي أكبر اقتصاد في العالم، أضاف الاقتصاد الأميركي 1.6 مليون وظيفة في الأشهر الثلاثة الماضية. ومنذ بداية العام حتى الآن ارتفع معدل التوظيف في الاقتصاد الأميركي بنسبة 1.7 في المئة، وهي نسبة جيدة في الأحوال العادية التي ينمو فيها الاقتصاد بمعدلات معقولة، لكن الاقتصاد ليس في "أحوال عادية"، ومعدلات النمو الاقتصادي عالية جداً مع التعافي من ركود عام الوباء. فحسب أرقام شركة "آي أتش أس" لتحليل المعلومات وصل النمو الاقتصادي الأميركي إلى نسبة 5.3 في المئة منذ بداية العام حتى شهر مايو (أيار) الماضي، ويعني ذلك أن الناتج المحلي الإجمالي توسع بشكل هائل، بينما التوظيف في قطاعات الاقتصاد يظل بطيئاً، ويتضح ذلك أيضاً من أرقام معدلات البطالة التي ما زالت قريبة من نسبة 6 في المئة.ويلاحظ ارتفاع معدلات الإنتاجية مع التعافي الاقتصادي، ففي الربع الأول من هذا العام ارتفعت الإنتاجية للفرد بنسبة تزيد على 4 في المئة. وعلى الرغم من أن ذلك يؤثر سلباً على أرقام التوظيف فإنه أمر جيد بشكل عام لأن زيادة الإنتاجية تنعكس في زيادة الرواتب، بالتالي تتحسن قدرة المستهلكين على استيعاب ارتفاع معدلات التضخم، كما أنه بالنسبة للشركات والأعمال لا تحتاج إلى رفع الأسعار بقوة، مما يخفف الضغط التضخمي في الاقتصاد بشكل عام.

التكنولوجيا والعمالة

لكن العامل الأهم في تقليل فرص العمل المتاحة على الرغم من النمو الاقتادي الكبير والسريع هو التحول التكنولوجي في عام الوباء. وتنقل صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها عن رئيس الأبحاث الدولية في "كارليل غروب" لإدارة الاستثمار، جايسون توماس، قوله إن قطاعات الخدمات كقطاع المعلومات والمالية والتجزئة وغيرها استثمرت بكثافة في التحول الرقمي. وفي الربع الأول من هذا العام زاد استثمار الشركات والأعمال في برامج الكمبيوتر والحوسبة السحابية بنسبة 10.5 في المئة.وعلى الرغم من أن التحول الرقمي غالباً ما يعني تقليل العمالة من البشر، فإن شركات التكنولوجيا التي تتوسع لتلبية طلب بقية الشركات والأعمال تضيف وظائف جديدة، لكن تلك الاضافة لا تكون بالقدر الذي يعوض النقص في التوظيف في القطاعات الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع ذلك، لا تفسر زيادة الإنتاجية للفرد في سوق العمل ولا التحول الرقمي الكبير للشركات والأعمال في عام الوباء، هذا التباين الواضح بين نمو التوظيف ونمو الناتج المحلي الاجمالي، وخاصة أن بعض الشركات والأعمال في قطاعات الترفيه كالمطاعم والمقاهي وغيرها تشكو من عدم توفر العمالة التي تحتاج إليها وهي تعاود نشاطها بقوة مع فتح الاقتصادات بعد إغلاقات كورونا. ولا يقتصر ذلك على الولايات المتحدة فقط، بل في بريطانيا وغيرها أيضاً.

بطالة اختيارية

وفي مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي، قالت إيرينا نوفوسلسكي، رئيس موقع التوظيف "كارير بيلدر"، إن هناك جيلاً كاملا ربما أصبح خارج سوق العمل باختياره، وليس نتيجة عدم توفر فرص العمل. وتوضح أن ذلك يرجع في الأغلب إلى أن الملايين تحولوا في عام الوباء غلى محاولة الحصول على دخل من المضاربة في أسواق الأسهم والعملات المشفرة.ويعزز ذلك تقرير حديث يشير إلى أن هناك 21.2 مليون أميركي، أي نسبة 14 في المئة من السكان البالغين الذين يمكن أن يكونوا في سوق العمل. ومعنى لجوء هؤلاء إلى التكسب من التعامل في الأسهم والمشفرات أنهم لا يضافون إلى أرقام العمالة، ما يرفع معدل البطالة، لكنها في الواقع لا تعكس عدم قدرة الاقتصاد على توفير فرص العمل.

سن التقاعد والتردد عن العمل

يضاف إلى ذلك أن كثيراً من الأبحاث والمسوح في الآونة الأخيرة تشير إلى أن من يقتربون من سن التقاعد يترددون في العودة للعمل بعد أزمة وباء كورونا. والأسباب متعددة، إما أنهم يرغبون في التقاعد المبكر واستكمال دخلهم بالاستثمار في السوق، وإما أن رواتب تقاعدهم تكفيهم بالفعل. لذا لوحظ، كما قالت نوفوسلسكي في مقابلتها التفزيونية، أن كثيراً من المتقدين لفرص العمل المتاحة هم ممن يعملون بالفعل ويرغبون في تغيير وظيفتهم، وليسوا من العاطلين تماماً عن العمل. وغالباً ما يرغب هؤلاء في تغيير الوظيفة لأنهم لا يريدون العمل بدوام كامل مثلاً، ويفضلون وظائف مرنة تسمح بالعمل من المنزل، أو أنهم يريدون الانتقال من مكان إلى آخر مع التحولات الديموغرافية التي سببها عام الوباء.