تشارك الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، الاثنين 14 يونيو (حزيران)، في "قمة لم شمل" في بروكسل مع رغبة الرئيس الأميركي جو بايدن في "إحياء" التحالفات، لكن الأوروبيين حذرون ومنقسمون في شأن إعادة التوجيه الاستراتيجي التي يريدها الأميركيون.
وثمة نقطتان شائكتان: تمويل الدفاع والصين. وقد أقر الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، بأن "هناك تقاربات وهناك خلافات".
ستولتنبرغ: لا حرب باردة جديدة
وقال ستولتنبرغ للصحافيين في مقر الحلف قبل بدء وصول الزعماء للمشاركة في القمة، إنه يتعين على التحالف الغربي الرد على صعود الصين الاقتصادي والسياسي والعسكري، وإن بياناً ختامياً للقمة سيعزز استراتيجية جديدة تجاه بكين.
وأضاف، "الصين تقترب منا. نراهم في الفضاء الإلكتروني، ونرى الصين في أفريقيا، لكننا نرى الصين أيضاً تستثمر بكثافة في بنيتنا الأساسية الحيوية". وتابع، "نعلم أن الصين لا تشاركنا القيم... يتعين أن نرد معاً كحلف".
لكنه استطرد قائلاً، "نحن لن ندخل في حرب باردة جديدة، والصين ليست خصمنا، وليست عدونا"، مضيفاً "لكننا في حاجة إلى أن نواجه معاً، كحلفاء، التحديات التي يطرحها صعود الصين على أمننا".
التباين في شأن الصين
وتوجه الأمين العام للحلف الاثنين الماضي إلى واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة على بيان القمة الختامي، وكرر تركيز الولايات المتحدة على مسألة الصين.
وقال ستولتنبرغ في مقابلة مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية قبل القمة، "نلاحظ أن روسيا والصين تتعاونان بشكل متزايد أخيراً على الصعيدين السياسي والعسكري. وهذا بعد جديد وتحدٍ خطير لحلف شمال الأطلسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأفاد البيت الأبيض بأن بايدن يأمل في أن "يظهر التحدي الأمني الذي تمثله الصين في البيان".
لكن ذلك أثار استياء بعص الحلفاء. وقالت الرئاسة الفرنسية، "قلب حلف الأطلسي هو أمن المنطقة الأوروبية الأطلسية. الآن ليس الوقت المناسب لتخفيف جهدنا في هذا الإطار".
وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، الأحد، "لن تروا فقرات وفقرات حول الصين في بيان" الحلفاء، مضيفاً "اللغة لن تكون تحريضية، ستكون واضحة ومباشرة وصريحة".
التهديدات الجديدة وأفغانستان
وتبدأ القمة عند الساعة 13:00 (11:00 بتوقيت غرينتش)، الاثنين، على أن تستمر ثلاث ساعات. ومن المفترض أن تطلق مراجعة المفهوم الاستراتيجي للحلف الذي تم تبنيه في عام 2010 بهدف الاستعداد لمواجهة التهديدات الجديدة في الفضاء والفضاء الإلكتروني.
لكن يتوجب على حلف الأطلسي أيضاً أن يبلسم الجروح التي تسبب بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. فقد أدى الانسحاب من أفغانستان الذي تقرر من دون التشاور مع الحلفاء، إلى تشويه صدقية العمليات الخارجية للحلف.
من ناحية أخرى، أصبحت أوروبا أكثر عرضة للخطر بعد انسحاب الولايات المتحدة من معاهدات عدة أبرمت مع موسكو في شأن القوى النووية.
التوترات الأوروبية - التركية
وأخيراً، أدت عدم ثقة ترمب في الأوروبيين إلى تضرر القارة القديمة. وسبب رفضه تذكير تركيا بواجباتها، إلى تفاقم التوتر مع الاتحاد الأوروبي.
وفي مواجهة ذلك، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع التحالف بأنه "في حالة موت دماغي". وأكد عشية القمة أنه "يجب على حلف الأطلسي بناء قواعد للسلوك بين الحلفاء".
ومن المقرر أن يعقد بايدن لقاءً وجهاً لوجه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتناقش في هذا الموضوع.
لكن على الرئيس الأميركي أن يتجنب إثارة استياء الحليف التركي المستعد لتولي أمن مطار كابول، وهو أمر ضروري للحفاظ على وجود غربي في أفغانستان.
"الأولوية رقم واحد" ولكن
وستبقى روسيا "الأولوية رقم واحد"، إلا أن أعضاء الحلف مدعوون كذلك لمحاربة "أحصنة طروادة الصينية"، بحسب أليساندرو ماروني في تحليل نشره معهد "إنستيتوتو أفاري إنترناتسونالي".
وقال ستولتنبرغ لوكالة الصحافة الفرنسية، "الأمر لا يتعلق بنقل حلف الأطلسي إلى آسيا، بل مراعاة حقيقة أن الصين تقترب منا وتحاول السيطرة على البنى التحتية الاستراتيجية"، مضيفاً "يجب على الحلف أن يتشاور بوتيرة أكبر وأن يزيد استثماراته".
ويقول الأوروبيون إنهم مستعدون لذلك، لكنهم يريدون "اعترافاً كاملاً" بمساهمتهم في الأمن الجماعي، ويطلبون أن يكونوا شركاء في مفاوضات ضبط عملية التسلح، وفق الإليزيه.
الإنفاق العسكري
وقدر النائب الأوروبي أرنو دانجان، أن "بايدن سيبدي انفتاحه لتطوير الدفاع في أوروبا، لكن ذلك لن يكون مجانياً. سيكون الأميركيون أكثر تطلباً من الأوروبيين لضبط أولوياتهم في آسيا والمحيط الهادي".
وما زالت هناك حاجة إلى تصنيف الأوروبيين "أهلاً للثقة". هناك 21 بلداً من دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في حلف الأطلسي، لكن ثمانية فقط منها ملتزمة تخصيص 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري. فرنسا واحدة منها، بخلاف ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
ورحبت برلين باقتراح ستولتنبرغ منح التحالف وسائل مشتركة "من أجل إنفاق أكثر وأفضل"، لكن باريس رفضته، ويبقى الإجماع أمراً حتمياً لاتخاذ القرارات داخل الحلف.