تواجه وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش ضغطاً كبيراً أخيراً، باتت تمثل تهديداً صريحاً لشخصها ومنصبها، الذي لم تكمل شهرها الثاني فيه، على خلفية تصريحاتها المتواصلة منذ مباشرة مهماتها بضرورة رحيل كافة القوات الأجنبية من ليبيا من دون استثناء، مما أثار غضب التيارات السياسية والتشكيلات المسلحة المقربة من أنقرة في العاصمة الليبية وغرب البلاد بشكل عام.
الخلافات بين المنقوش وهذه الأطراف السياسية والمسلحة، بدأت تأخذ منعطفاً جديداً وخطيراً في الأيام الماضية، منذ زيارة وزيرة الخارجية التركي إلى طرابلس، وحدوث تراشق بالتصريحات بين الطرفين، إذ طالبت الوزيرة الليبية نظيرها التركي بضرورة التعجيل بسحب قوات بلاده من ليبيا، وهو ما رفضه الأخير بشكل مبطن، مستنداً في شرعية هذا الحضور العسكري لبلاده، إلى الاتفاقية التي وقعتها مع الحكومة الليبية السابقة، بشقيها العسكري والاقتصادي.
التصريحات التي أشعلت الشرر
ودعت المنقوش خلال مؤتمر صحافي "تركيا للتعاون في ما يتعلق بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ومقررات مؤتمر برلين، بما في ذلك إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، في إطار دعم سيادة ليبيا".
ورد الوزير التركي الذي بدا أنه لم يعجبه حديث وزيرة الخارجية، بقوله إن "التدخل التركي هو من أوقف الحرب الليبية حتى تم التوصل لانتخاب مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة"، ما فسر بأنه رسالة مبطنة لوزيرة الخارجية الليبية بأن تركيا هي سبب وصولها لمنصبها.
وتجاهل أوغلو التعليق المباشر على دعوة المنقوش لخروج قوات بلاده من الأراضي الليبية، قائلاً إن "بلاده ستواصل دعم حكومة الوحدة الوطنية، في سبيل المحافظة على أمن واستقرار ليبيا"، وأضاف أن "لقاءه مع رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة تضمن نقاشاً حول مذكرة التفاهم البحرية واختصاصاتها، والخطوات المتخذة حيالها في المستقبل، وبحث الآلية المناسبة لعودة الشركات التركية لاستئناف اعمالها مع طرابلس".
حملة ضد المنقوش
من جهة ثانية، لم تستغ الكثير من التيارات والشخصيات السياسية المقربة من تركيا والداعمة لوجودها في ليبيا، في طرابلس ومصراتة والزاوية، مواقف الوزيرة المعلنة من أنقرة، فشنت حملة انتقادات عليها، قادها عدد من الوجوه البارزة في المشهد الليبي غرب البلاد، يتقدمهم رئيس مجلس الدولة خالد المشري ومفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري على تصريحات وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، بخصوص الاتفاقية الموقعة مع تركيا قائلاً" ليس من اختصاص هذه الحكومة إلغاء أية اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها، بحسب ما تنص عليه الفقرة العاشرة من المادة السادسة من خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي".
وأضاف بحسب مكتبه الإعلامي "بالإشارة إلى التصريحات المنسوبة لوزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، نؤكد على احترامنا للاتفاقية الموقعة مع الدولة التركية بشقيها، كما نحترم أية اتفاقيات سابقة في أي مجال وقعت مع دول أخرى".
وتابع، "بخصوص وجود قوات أجنبية على الأراضي الليبية، فهذا مبدأ مرفوض جملة وتفصيلاً، ولا يجب أن يكون محل نقاش أو مزايدة من أحد، غير أن الجميع يجب أن يعي جيداً الفرق بين المرتزقة وبين وجود قوات بناءً على هذه الاتفاقيات المبرمة".
دعم محلي ودولي للوزيرة
ويبدو أن وزيرة الخارجية الليبية لن تقف وحدها وسط العاصفة من الضغوط والانتقادات لتي تواجهها في طرابلس، حيث تلقت دعماً واسعاً شعبياً ورسمياً من داخل البلاد وخارجها.
وفي أبرز هذه المواقف الداعمة لوزيرة الخارجية أكد سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، تأييده الكامل لدعوة وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية بشأن خروج القوات الأجنبية من البلاد من أجل الحفاظ على سيادتها.
وقال نورلاند في تصريح نشرته السفارة الأميركية لدى ليبيا عبر حسابها على تويتر، "نؤيد تأييداً كاملاً دعوة وزير الخارجية نجلاء المنقوش الواضحة لخروج القوات الأجنبية من أجل سيادة ليبيا واستقرارها".
في المقابل، شن قطاع واسع من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا هجوماً على كل الرافضين لتصريحات وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش المطالبة بخروج جميع المرتزقة من ليبيا.
وأطلق رواد "تويتر" هاشتاغ بعنوان " #تركيا_تطلع_برا" للتعبير عن تضامنهم مع مطالبة وزيرة الخارجية بإنهاء الوجود العسكري الاجنبي في ليبيا.
سبب مباشر لاقتحام مقر الرئاسي
هذه الدعوة الصريحة التي وجهتها المنقوش، لوزير خارجية تركيا بسحب قوات بلاده من ليبيا، كانت من الأسباب المباشرة لاقتحام مقر المجلس الرئاسي الليبي قبل يومين، من قبل قادة كتائب عسكرية في الغرب الليبي، طالبوا خلالها صراحة بإقالة المنقوش من منصبها بسبب هذه التصريحات.
وصرح المتحدث باسم عملية "بركان الغضب" مصطفى المجعي، بعد الاجتماع، أن "قادة المحاور القتالية عقدوا اجتماعاً لتوحيد رؤاهم، ونقل مطالبهم إلى السلطات الليبية".
وأضاف، "التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، أثارت استياء القيادات العسكرية ببركان الغضب، وساوت بين مرتزقة فاغنر والجنجاويد الذين جلبهم حفتر إلى الأراضي الليبية بطريقة غير قانونية، وبين القوات التركية التي جاءت وفق اتفاقية رسمية أبرمت في وضح النهار"، بحسب قوله.
وتابع "لا يحق للسلطات الحالية متمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، إلغاء أي اتفاقيات رسمية سابقة، وفقا لبنود ملتقى الحوار الليبي الذي أنتج هذه السلطة".
سابقة في روما
التصريحات التي أطلقتها المنقوش، لم تكن الأولى من نوعها لها، حيث سبق أن أدلت بتصريحات مماثلة في روما الشهر الماضي، طالبت خلالها المجتمع الدولي بالضغط على كل القوات الأجنبية للخروج من ليبيا، وعلى رأسها تركيا، التي قالت إنها " أبدت تجاوباً مع هذا الطلب الليبي ".
وقالت وزيرة الخارجية الليبية وقتها، إن" السلطات الجديدة بدأت حواراً مع جميع القوى المتورطة في الصراع الأخير من أجل انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا ".
وأضافت خلال جلسة استماع بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الإيطالي، "بدأنا حواراً مع تركيا ودول أخرى، ونحن حازمون في نوايانا، نطلب من هذه الدول أن تكون متعاونة وأن تخرج كل القوات الأجنبية من الأراضي الليبية ".