مع إعلان أغلب الشركات بياناتها المالية للربع الأول، يتركز اهتمام الأسواق الأسبوع المقبل على أرقام الاقتصاد الكلي وبالتحديد أرقام التضخم. وكان المؤثر الأكبر في السوق خلال الأسبوع المنصرم هو أرقام التوظيف في أكبر اقتصاد في العالم. إذ جاءت أرقام الوظائف التي أضافها الاقتصاد الأميركي في شهر أبريل (نيسان) أقل كثيراً من توقعات السوق، ولم تزد إلا قليلاً عن ربع ما أضافه الاقتصاد من وظائف في شهر مارس (آذار).
وبلغ عدد الوظائف التي أضافها الاقتصاد الأميركي في أبريل 266 ألف وظيفة، مقابل ما يقارب مليون وظيفة في مارس، وكان من المتوقع أن تضيف السوق في أبريل الماضي مليون وظيفة. وأدى ذلك إلى تهدئة مخاوفها من زيادة الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي لتشديد السياسة النقدية (رفع سعر الفائدة وتقليص برنامج شراء الأصول).
وكانت الأسواق بدأت الأسبوع الماضي بتعاملات ضعيفة، لكن بمجرد إعلان أرقام الوظائف الأميركية نهاية الأسبوع، الجمعة، ارتفعت المؤشرات بقوة ما جعلها تنهي الأسبوع على ارتفاع. وكان الاستثناء هو مؤشر ناسداك لأسهم شركات التكنولوجيا الذي على الرغم من ارتفاعه بنحو نقطة مئوية، الجمعة، أنهى الأسبوع على تراجع بنسبة 1.5 في المئة في المتوسط. أما مؤشر "أس أند بي" للشركات الكبرى فأنهى الأسبوع مرتفعاً بنسبة 1.23 في المئة، بينما ارتفع مؤشر "داو جونز" للشركات الصناعية بنسبة 2.65 في المئة في المتوسط الأسبوعي.
مخاوف التضخم
وتنتظر الأسواق إعلان أرقام مؤشر أسعار المستهلكين نهاية الأسبوع المقبل، الذي إما يدفع باتجاه التفاؤل باستمرار السياسة النقدية الميسرة أو يعيد الأسواق لاضطراب مخاوف التضخم واحتمالات رفع أسعار الفائدة. والأكثر تأثراً عادة هي أسهم الشركات سريعة التحرك مثل شركات التكنولوجيا. لذا غالباً ما يكون مؤشر "ناسداك" الأكثر حساسية لتلك البيانات التي تشكل في الأغلب ضغطاً نزولياً على المؤشر.
لكن بشكل عام، يتوقع أغلب المحللين أن يستمر أداء الأسواق جيداً الأسبوع المقبل، بخاصة أن بيانات سوق العمل عززت وجهة نظر الاحتياطي الفيدرالي بأن الاقتصاد ما زال بحاجة للتوسع أكثر قبل أن يفكر في تغيير السياسة النقدية.
ويتوقع المحللون في السوق أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل بنسبة 0.2 في المئة فقط عن مارس. وكان المؤشر ارتفع في الشهر السابق بنسبة 0.6 في المئة. وبالطبع يتوقع أن يكون الارتفاع بمعدل سنوي كبيراً، بنسبة قد تصل إلى 3.6 في المئة، لكن ذلك لا يبدو مثيراً للقلق مقارنة مع ذلك الشهر من العام الماضي،فقد أدت أزمة وباء كورونا إلى ضغط هائل على كل المؤشرات عموماً.
أرباح الشركات
ومما يعزز نظرة التفاؤل الحذر للمستثمرين بالنسبة إلى أداء السوق الأسبوع المقبل،المحصلة شبه النهائية لموسم إفصاحات الشركات عن أداء الربع الأول. فمن بين الشركات الـ500 الكبرى على مؤشر "أس أند بي"، أعلنت 439 بالفعل نتائجها. وجاء 87.2 في المئة منها أعلى من تقديرات السوق، بل إن بعضها تجاوز تلك التقديرات بقوة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المتوسط، زاد دخل الشركات في الربع الأول بنسبة 50 في المئة بمعدل سنوي، وإن كان العائد لم يزد سوى بنسبة 13 في المئة بمعدل سنوي، لكن الخلاصة أن أداء الشركات في الربع الأول يؤشر على استمرار التعافي في الاقتصاد بعد أزمة وباء كورونا. ومع استمرار التوسع في اللقاحات وإمكانية السيطرة على الوباء أكثر، يعود النشاط الاقتصادي تدريجياً، وتأخذ الأسواق في التحرك على أساس تقليدي. وإذا كان النصف الثاني من العام تاريخياً، أداء السوق فيه أقل من النصف الأول إلا أن هذا العام قد يكسر هذه القاعدة، لأنه يأتي بعد عام الوباء وما خلفه من أزمة غير مسبوقة.
يلاحظ مثلاً أن صناديق الاستثمار المسجلة في البورصة واصلت الأسبوع الماضي تلقي تدفقات استثمارية بارتفاع للأسبوع الثالث عشر على التوالي. وخلال الأسبوع الماضي ضخ المستثمرون 10.7 مليارات دولار في تلك الصناديق. ويتوقع أن ينعكس ذلك في موجات شراء للأسهم والسندات تدفع المؤشرات للأعلى ما لم يحدث ما هو غير متوقع.
بلاك روك واستثمارات الدخل الثابت
مع احتفاظ أغلب المستثمرين بالنقد في عام الوباء، أخذت تلك الأموال تنساب أكثر إلى صناديق الاستثمار في الأسهم والمشتقات المسجلة في البورصة. ولعل أوضح مثال على ذلك أحد أكبر تلك الصناديق في العالم وهو صندوق "بلاك روك". فمع إعلان النتائج ربع السنوية للصندوق منتصف شهر أبريل الماضي، تجاوز حجم الأصول التي يديرها الصندوق 9 تريليونات دولار.
وحسب نتائج "بلاك روك" للربع الأول، أضاف الصندوق للمستثمرين فيه أرباحاً بمعدل سنوي بلغت 8 في المئة في المتوسط. وخلال الربع الأول من العام بلغ تدفق الاستثمارات على الصندوق 172 مليار دولار. وهي المرةالرابعة على التوالي يستقبل "بلاك روك" استثمارات بأكثر من 100 مليار دولار في ربع العام.
ويلاحظ من الأرقام والبيانات المالية التي أعلنها صندوق "بلاك روك" في الإفصاح ربع السنوي زيادة كبيرة في تدفقات استثمارات الدخل الثابت. فمن بين 133 مليار دولار تدفقات على الصندوق في الربع الأول من هذا العام، زادت الاستثمارات التي تستهدف الدخل الثابت على 60 مليار دولار، بينما الاستثمارات التي تستهدف الأسهم لم تصل إلى 50 ملياراً.
ويعني ذلك أن أغلب الاستثمارات في الصندوق طويلة الأجل، بالتالي تتنوع محافظها بقدر أكبر للاستثمار في السندات وغيرها من المشتقات التي توفر عائداً أقل، لكنه يمثل دخلاً ثابتاً للمستثمر. وما يحدث مع "بلاك روك" يتكرر مع أغلب الصناديق المسجلة في البورصة.
وجاء أداء "بلاك روك" في الربع الأول أفضل من توقعات السوق، مثلها مثل أكثر من ثلاثة أرباع الشركات المسجلة. إذ زادت عائدات الصندوق بمعدل سنوي في الربع الأول بنسبة 19 في المئة، لتصل إلى 4.4 مليار دولار مقابل توقعات السوق بعائدات تصل إلى 4.3 مليار دولار. وارتفع صافي الدخل لصندوق "بلاك روك" في الربع الأول بنسبة 16 في المئة ليصل إلى 1.2 مليار دولار.