بعد إغلاقه أكثر من عام، أعاد متنزه "ديزني لاند" في كاليفورنيا فتح أبوابه، وسرعان ما ثار جدال بسبب لعبته الجديدة "أمنية بياض الثلج المسحورة" التي تشمل دمى تعيد تصوير مشهد تقبيل الأمير "بياض الثلج" النائمة.
في مراجعة عن اللعبة الجديدة في موقع "إس إف غيت" SFGATE، جاءت من سان فرانسيسكو، كتبت المحررة كايتي دوود والمساهمة في الموقع جولي تريماين "ألم نتفق بالفعل على أن مسألة الموافقة [على الممارسات المتعلقة بالجنس] تشكّل معضلة كبيرة في أفلام ديزني القديمة؟ و[ألم نتفق أيضاً على] تعليم الأطفال بأن التقبيل في ظل عدم توضيح موافقة الطرفين عليه، ليس مقبولاً؟ من الصعب أن نفهم لماذا اختار ديزني لاند في 2021 أن يضيف مشهداً يحمل هذه الأفكار البالية عما يحقّ للرجل فعله بالمرأة".
واستطراداً، يبدو لي أن هذه المسألة تندرج في خانة القضايا التي تبدو ظاهرياً كأنها ردّ فعل مبالغ فيه جداً (أعني إن هذا النقاش ليس سوى حديث عن "بياض الثلج"!) لكنها من جانب آخر ليست مبالغة أبداً.
في ذلك الصدد، إن الكتّاب خير من يعلم بأنك لو أردت أن تثبت وجهة نظرك لأحدهم، عليك أن تجعله يراها بدل أن يستمع إليها. مهما تحدثت مع ابنتي عن كونها البطلة في حياتها، ومهما أخبرتها أن الفتيات متساويات مع الفتيان وأن لا شيء يفعله الفتيان، لا شيء أبداً!، تعجز هي عن فعله، أنا أعي أنه في كل مرة أدير التلفاز، سوف يريها اشتراكنا في قناة "ديزني بلاس" أمراً مختلفاً جداً.
وتالياً، ليست هذه المعلومات جديدة لكن الوقت مناسب دائماً لإعادة سردها للتذكير بأن سلوك "ديزني" تجاه النساء فيه تحقير وحط من قيمتهن، وهو مخيف ومزعج إلى حد كبير. وتتضمّن الأفلام الأولى التي صنعتها شركة "ديزني" أموراً كثيرة من النوع "غير المقبول" وفق دوود وتريماين. لكن لا بد من أن الأمور تحسنت، أليس كذلك؟ كلا، ليس كثيراً. لا يمكن للنساء في عالم "ديزني"، أن يفعلن أشياء ببساطة. واستطراداً، يجب أن تدور مغامراتهن حول إيجاد نهاية سعيدة، وهي بلا شك في الأخير، تتمثّل في علاقة حب مع الجنس الآخر.
فلنأخذ مثل بيل، في "الجميلة والوحش" (القصة التي أعيد إحياؤها في 2017 من بطولة إيما واتسون). إنها تغني وتشكو بأنه "لا بد من أن الحياة أكثر من العيش في القرية" قبل أن تلتقي الرجل الذي تحوّل وحشاً وخطف والدها. بعد أن حلّت محل والدها في القصر، يبدو أنها تستسلم لـ"متلازمة ستوكهولم" [يشير ذلك المصطلح إلى ظاهرة تعاطف المخطوفين مع خاطفيهم]. مسكينة بيل، إذ تضطر هذه الفتاة الذكية والطموحة والشجاعة والجميلة أن تعاني كي يستطيع شاب ثريّ يظن أن كل شيء من حقّه، التعامل مع مشكلاته الخاصة.
وماذا عن تيانا في فيلم "الأميرة والضفدع" الذي صُنِع في 2009؟ يتمثّل كل ما تريده المرأة المسكينة في أن تفتح مطعمها الخاص. ومع ذلك، تتعرّض للمضايقة مرّة تلو الأخرى بسبب رفضها الحب، إلى أن تستسلم في الأخير وتتزوج الأمير نافين الكسول والمزعج. وينتهي الفيلم بتأسيسهما مطعماً معاً. وآمل أن تكون تيانا أبرمت اتفاقاً محكماً قبل الزواج.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السياق ذاته، حتى أخيراً في فيلم "ملكة الثلج 2" (2 Frozen)، تقضي آنا معظم الفيلم مرتبكة بسبب كريستوف الذي قرر أن خوض صديقته الحميمة مغامرة من أجل إنقاذ مملكتها ليس سوى إشارة إلى أن هذه هي اللحظة المنشودة كي يطلب يدها للزواج. إنه مضحك، نعم، لكن فلنكن واضحين، إنه يعرض عليها الخاتم في النهاية وهي تقبل عرضه. ذكّرني ذلك بالرجل الذي عرض الزواج على صديقته الحميمة، فيما كانت تنتهي من الركض في "ماراثون نيويورك". طبعاً يا رجل، فلتكن أنت محور القصة.
في عالم "ديزني"، يكفي وجود شخصين من جنسين مغايرين في المساحة ذاتها لضمان اجتماعهما، وكذلك ضرورة أن يصبحا ثنائياً. انظروا إلى فيلم "تانغلد" (Tangled 2010)، الذي تتزوج فيه رابونزل يوجين، فيما هو حرفياً أول رجل تتعرف إليه. وكذلك شريط "لارفا" (2014) الذي يصوّر بركاناً قديماً يشعر بوحدة شديدة. ثم في اللحظة التي يوشك فيها على الانقراض، بووم، ها هي. وقد وُجدت لمجرد أن تمجده. (يضاف إلى ذلك أنه جبل عجوز ومتهالك، فيما هي تمثّل جبلاً كذلك لكنه جميل جداً. هل يلاحظ أحدكم موضوعاً معيناً هنا؟).
إذاً، نعم، ليست سوى أفلام. لكنها أيضاً الروايات الكبرى التي نقدّمها إلى أطفالنا في المرحلة ذاتها التي تحاول خلالها عقولهم الصغيرة فهم العالم. مرّة بعد أخرى، تخبرهم هذه القصص أن الفتيات وُجدن كمخلوقات مباحة. ويمكن تحويل الكراهية والخوف إلى حبّ بفضل المثابرة وحدها. وكذلك يجب أن يُغتفر السلوك مهما كان رهيباً، إذ ينتصر الحب على كل شيء، أليس كذلك؟
حسناً، كلا. وليس من المفروض أن ينتصر على كل شيء. هنا نعود إلى "بياض الثلج" فاقدة الوعي.
وكخلاصة، تستطيع شركة "ديزني" أن تزيل هذه القبلة بسهولة من لعبتها الجديدة. لكن، سواء قررت فعل ذلك أو لا، فإنه أمر لا يهم كثيراً، برأيي، إذ ترمز القبلة إلى مشكلة أشمل بكثير تعاني منها ثقافة رواية القصص في عملاق الترفيه هذا [شركة "ديزني"]، الذي يُحكم قبضته على المجتمع الغربي. وبينما تستمر شركة "والت ديزني" في جني الملايين، هل سيحدث تغيير حقيقي؟ أشكّ في ذلك كثيراً.
© The Independent